اكتفوا بأربعة أشواط لعمرة التمتع ثم سعوا بناء على فتوى بعضهم فماذا يلزمهم ؟
عدد الزوار
86
التاريخ
01/01/2021
السؤال :
سئل فضيلة الشيخ - رحمه الله تعالى - : رجل يقول: أديت فريضة الحج في عام مضى ولكن حينما دخلنا الحرم بقصد الطواف والسعي للعمرة كان معنا أحد إخواننا ممن سبقونا بأداء
الفريضة وبعد أن طفنا أربعة أشواط اعترض طريقنا، وقال: يكفي هذا الطواف. فقلت له: الذي أعرف أن الطواف سبعة أشواط.
فقال: الطواف حول الكعبة أربعة أشواط والباقي في المسعى وفعلاً اتجهنا إلى المسعى وسعينا سبعة أشواط وأكملنا بقية مناسك الحج فما الحكم في عملنا هذا وهل يلزمنا شيء لتصحيحه الآن ؟
الإجابة :
هذه الفتوى التي أفتاكم بها هذا الرجل فتوى غلط وخطأ، وهو بهذا آثم؛ لأنه قال على الله ما لا يعلمه، ولا أدري كيف يجرؤ هذا على مثل هذه الفتيا بدون علم ولا برهان ؟! أن يتوب إلى الله من هذا الأمر، وأن لا يفتي إلا عن علم بإدراكه لكتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إن كان أهلاً لذلك، وإما بتقرير من يثق به من العلماء، وأما الفتوى هكذا فلا ينبغي بل لا يجوز أن يفتي بغير علم لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[الأعراف: 33] ، وقال سبحانه وبحمده: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء: 36] . وما أكثر الذين يفتون فتاوى بغير علم ولا سيما في الحج، ولكن عليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن لا يتجرؤوا على الفتوى إلا بعلم؛ لأن المفتي يعبر عن حكم الله عز وجل ويقول على الله وفي دينه فعليه أن يتقي الله تعالى في نفسه، وفي عباد الله، وفي دين الله تبارك وتعالى، وينبغي لكم أنتم- أيها السائل ومن معه - حين قال لكم: إن أربعة أشواط تكفي أن لا تعتدوا بقوله، وقد كان عندكم شبهة؛ لأنه لابد من سبعة أشواط، ولو أنكم سألتم في ذلك الوقت لأخبرتم بالصواب، ولكن مع الأسف إن كثيراً من الناس يتهاون في هذه الأمور، ثم إذا مضى الوقت وانفلت الأمر جاء يسأل.
وأما الجواب عن مسألتكم هذه: فإن عمرتكم لم تصح؛ لأنكم لم تكملوا الواجب في طوافها، فيكون حلكم منها في غير محله وإحرامكم للحج يكون إحراماً بحج قبل تمام العمرة، وتكونون في هذا الحال قارنين، بمعنى أن حكمكم حكم القارن؛ لأنكم أدخلتم الحج على العمرة، وإن كان إدخالكم هذا بعد الشروع في الطواف لكن هذا الطواف لم يكن صحيحاً حينما قطعتموه قبل إكماله، فيكون حجكم حج قران بعد أن أردتم التمتع، ويكون الهدي الذي ذبحتموه هدياً عن القرآن لا عن التمتع، ويكون عملكم هذا مجزئاً ومؤدياً للفريضة فريضة الحج وفريضة العمرة، وأما ما فعلتموه بعد التحلل من العمرة فإنه لا شيء عليكم فيه، لأنكم فعلتموه عن جهل، والجاهل لا شيء عليه إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام؛ لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾[البقرة: 286] ولقوله عز وجل: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾[الأحزاب: 5] إلا أنني ألومكم حيث قصرتم في عدم السؤال في حينه ولو أنكم سألتم حين أنهيتم أعمال العمرة حتى يتبين لكان هذا هو الواجب عليكم.
المصدر :
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(22/320)