عدد الزوار 9 التاريخ Jun 15 2020 1:17AM
الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَهَذِهِ وَقْفَةٌ حَوْلَ الاهْتِمَامِ بِشَأْنِ الرُّؤْيَا.
الإِنْسَانُ العَاقِلُ لَا يَسْتَهِينُ بِأَمْرِ الرُّؤْيَا، وَلَا بِمَا تَضَمَّنَتْ مِنْ بِشَارَةٍ، أَوْ نِذَارَةٍ، أَوْ تَوْجِيهٍ، وَإِرْشَادٍ، لِمَاذَا؟؛ لِأَنَّهَا مِنَ اللهِ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى عَظِيمِ مَكَانَتِهَا، وَشَرَفِ مَنْزِلَتِهَا، وَعَلَى أَهَمِّيَّتِهَا وَالاهْتِمَامِ بِهَا، مِنْ كَوْنِهَا إِطْلَاعًا عَلَى غَيْبٍ، وَرُؤْيَةِ مُسْتَقْبَلٍ مَجْهُولٍ، لَا يُمْكِنُ الوُصُولُ إِلَيْهِ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ الرَّبَّانِيِّ.
مَا هِيَ الرُّؤْيَا التِي مِنَ اللهِ؟
جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: (الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنَ اللَّهِ).
وَفِي رِوَايَةٍ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ). [متفق عليه].
وَإِنْ سَأَلْتَ عَنِ الرُّؤْيَا التِي تُعْتَبَرُ مِنْ مَقَامَاتِ النُّبُوَّةِ، فَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ: (رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ). [متفق عليه].
وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - أَنَّهُ قَالَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ).
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: (الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ). [متفق عليه].
وَقَوْلُهُ: (مِنَ الرَّجُلِ): ذِكْرٌ لِلْغَالِبِ، وَإِلَّا فَإِنَّ المَرْأَةَ الصَّالِحَةَ كَذَلِكَ.
وَيُمْكِنُ - مِنْ قَبِيلِ الاجْتِهَادِ - تَصْنِيفُ الرُّؤَى إِلَى:
* رُؤيَا أَنْبِيَاءَ، كُلُّهَا صِدْقٌ.
* رُؤْيَا صَالِحِينَ، الأَغْلَبُ عَلَيْهَا الصِّدْقُ.
* رُؤْيَا فَسَقَةٍ، يَقِلُّ فِيهَا الصِّدْقُ.
* رُؤْيَا كُفَّارٍ، يَنْدُرُ فِيهَا الصِّدْقُ.
كَمَا يُمْكِنُ - مِنْ قَبِيلِ الاجْتِهَادِ - تَصْنِيفُ الرَّائِينَ إِلَى:
* مُؤْمِنٍ، رُؤْيَاهُ الصَّادِقَةُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ.
* فَاسِقٍ، رُؤْيَاهُ الصَّادِقَةُ، قِيلَ: لَا تُنْسَبُ إِلَى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَعَدَّهَا بَعْضُهُمْ مِنْ أَدْنَى أَجْزَائِهَا.
* كَافِرٍ، رُؤْيَاهُ الصَّادِقَةُ، قَالُوا: لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ.
> هَذَا وَالرُّؤْيَا تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُهَا مِنْ حَيْثُ الجُزْئِيَّةُ، وَمِنْ حَيْثُ الأَصْدَقِيَّةُ.
- فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الجُزْئِيَّةُ، فَأَعْلَاهَا: (جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ، أَوْ سِتَّةٍ، وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ)، وَأَدْنَاهَا: (جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ). وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ مُتَكَلَّمٌ فِيهَا.
وَأَصَحُّ الأَحَادِيثِ:
(جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ). [متفق عليه]
وَ(جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ). [رواه مسلم].
- وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الأَصْدَقِيَّةُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: (أَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا). [رواه مسلم].
وَبِاللهِ التَّوفِيقُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ!