عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020
قَوْلُهُ: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 95]- نا سُفْيَانُ وَالْمُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُعَلَّى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُهَا: وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَفَسَّرَهَا فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ وَالْمُعَلَّى قَالَ: أَيْ وَجَبَ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا لِيُؤْمِنُوا.وَقَالَ سُفْيَانُ: وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنَّهْمُ لا يُؤْمِنُونَ.نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ: {أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 95] يَعْنِي: لا يَتُوبُونَ.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} [الأنبياء: 95] أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنَّهَا إِذَا هَلَكَتْ لا يَرْجِعُونَ إِلَى دُنْيَاهُمْ.قَالَ يَحْيَى: وَالْعَامَّةُ يَقْرَءُونَهَا: {وَحَرَامٌ} [الأنبياء: 95] وَتَفْسِيرُهَا عِنْدَهُمْ: حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ.وَهِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّفْسِيرِ: إِلَى التَّوْبَةِ وَإِلَى الدُّنْيَا.قَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [الأنبياء: 96] يَعْنِي: فَلَمَّا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ: يَمُوجُونَ فِي الأَرْضِ فَيُفْسِدُونَ فِيهَا.- نا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَعْدَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا فِي بَيْتِهِ فَاسْتَيْقَظَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ، فَقَالَ: «لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ثَلاثًا، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدِ اقْتَرَبَ، قَدْ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذَا» ، وَعَقَدَ يُونُسُ بِيَدِهِ تِسْعِينَ مَفْرَجَةً شَيْئًا.حَدَّثَنِي أَبُو أُمَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أَبِي الضَّيْفِ، عَنْ كَعْبٍ(1/341)1الأَحْبَارِ قَالَ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَنْقُرُونَ كُلَّ يَوْمٍ بِمَنَاقِرِهِمْ فِي السَّدِّ فَيُسْرِعُونَ فِيهِ، فَإِذَا أَمْسَوْا قَالُوا: نَرْجِعُ غَدًا فَنَفْرُغُ مِنْهُ.فَيُصْبِحُونَ وَقَدْ عَادَ كَمَا كَانَ.فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خُرُوجَهُمْ، قَذَفَ عَلَى أَلْسُنِ بَعْضِهِمُ الاسْتِثْنَاءَ فَقَالُوا: نَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَنَفْرُغُ مِنْهُ، فَيُصْبِحُونَ وَهُوَ كَمَا تَرَكُوهُ، فَيَنْقُرُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَلا يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ إِلا أَفْسَدُوهُ.فَيَمُرُّ أَوَّلُهُمْ عَلَى الْبُحَيْرَةِ فَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا، وَيَمُرُّ أَوْسَطُهُمْ فَيَلْحَسُونَ طِينَهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ هَاهُنَا مَاءٌ مَرَّةً فَيَقْهَرُونَ النَّاسَ، وَيَفِرُّ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ وَالْجِبَالِ.فَيَقُولُونَ: قَدْ قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ فَهَلَمُّوا إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ.فَيَرْمُونَ نِبَالَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ تَقْطُرُ دَمًا.فَيَقُولُونَ: قَدْ فَرَغْنَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ وَأَهْلِ السَّمَاءِ.فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَضْعَفَ خَلْقِهِ: النَّغَفَ وَهِيَ دُودٌ تَأْخُذُهُمْ فِي رِقَابِهِمْ فَتَقْتُلُهُمْ، حَتَّى تُنْتِنَ الأَرْضُ مِنْ جِيَفِهِمْ.وَيُرْسِلُ اللَّهُ الطَّيْرَ فَتَنْقُلُ جِيَفَهُمْ إِلَى الْبَحْرِ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى السَّمَاءَ فَتُطَهِّرُ الأَرْضَ.وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ: وَيَسْتَوْقِدِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّهِمْ، وَجِعَابِهِمْ، وَنِشَابِهِمْ، وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ.قَالَ كَعْبٌ: وَتُخْرِجُ الأَرْضُ زَهْرَتَهَا وَبَرَكَتَهَا، وَيَتَرَاجَعُ النَّاسُ، حَتَّى إِنَّ الرُّمَّانَةَ لَتُشْبِعُ السَّكْنَ.قِيلَ: وَمَا السَّكْنُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبَيْتِ.قَالَ: وَتَكُونُ سُلْوَةً مِنْ عَيْشٍ.فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمْ خَبَرٌ أَنَّ ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ صَاحِبَ الْجَيْشِ قَدْ غَزَا الْبَيْتَ.فَيَبْعَثُ الْمُسْلِمُونَ جَيْشًا، فَلا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَلا يَرْجِعُونَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رِيحًا طَيِّبَةً يَمَانِيَّةً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، فَتَكْفِتُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ.ثُمَّ لا أَجِدُ مَثَلَ السَّاعَةِ إِلا كَرَجُلٍ أَنْتَجَ مُهْرًا فَهُوَ يَنْتَظِرُ مَتَى يَرْكَبُهُ، فَمَنْ تَكَلَّفَ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ مَا وَرَاءَ هَذَا فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ.(1/342)1- نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَخْرِقُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا، فَسَتَخْرِقُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدَّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوافَسَتَخْرِقُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَخْرِقُونَهُ فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ، فَيَنْشِفُونَ الْمِيَاهَ وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ نِشَابَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرْجِعُ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دَوَابَّالأَرْضِ لَتَسْمَنُ وَتَشْكُرُ مِنْ لُحُومِهِمْ شَكَرًا ".- نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَحُجُّونَ، وَيَعْتَمِرُونَ وَيَغْرِسُونَ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.قَوْلُهُ: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: 96] نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ وَمِنْ كُلِّ نَجْوٍ يَنْسِلُونَ يَخْرُجُونَ.نا عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: جَمْعُ النَّاسِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ جَاءُوا مِنْهُ(1/343)1يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ حَدَبٌ.- نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الْمَلائِكَةَ، وَالْجِنَّ، وَالإِنْسَ فَجَزَّأَهُمْ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهَا الْمَلائِكَةُ، وَجُزْءٌ وَاحِدٌ الْجِنُّ وَالإِنْسُ.وَجَزَّأَ الْمَلائِكَةَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهُمُ الْكَرُوبِيُّونَ الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ، وَجُزْءٌ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لِرِسَالَتِهِ، وَلِخَزَائِنِهِ، وَمَا يَشَاءُ مِنْ أَمْرِهِ.وَجَزَّأَ الْجِنَّ وَالإِنْسَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهُمُ الْجِنُّ وَالإِنْسُ جُزْءٌ وَاحِدٌ، فَلا يُولَدُ مِنَ الإِنْسِ مَوْلُودٌ إِلا وُلِدَ مِنَ الْجِنِّ تِسْعَةٌ.وَجَزَّأَ الإِنْسَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهُمْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَسَائِرُهُمْ بَنُو آدَمَ.قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي مَا سِوَى يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ.وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: الإِنْسُ كُلُّهُمْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ وَلَدُ آدَمَ، وَالْجِنُّ كُلُّهُمْ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ وَلَدُ إِبْلِيسَ.- نا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي أَوِ ابْنِ أَخِي أَوِ ابْنِ عَمِّي قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ الأَذْرُعُ هُمْ أَمِ الأَشْبَارُ؟ فَقَالَ: يَابْنَ أَخِي مَا أَجِدُ مِنْ وَلَدِ آدَمَ بِأَعْظَمَ مِنْهُمْ وَلا أَطْوَلَ، وَلا يَمُوتُ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ حَتَّى يُولَدُ لَهُ أَلْفٌ فَصَاعِدًا.فَقُلْتُ: مَا طَعَامُهُمْ؟ قَالَ: هُمْ فِي مَاءٍ مَا شَرِبُوا، وَفِي شَجَرٍ مَا هَضَمُوا، وَفِي نِسَاءٍ مَا نَكَحُوا.حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلاءِ التُّرْكَ مِمَّا سَقَطَ مِنْ دُونِ الرَّدْمِ مِنْ وَلَدِ يَأْجُوجِ وَمَأْجُوجِ.(1/344)1قَوْلُهُ: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: 97] يَعْنِي النَّفْخَةَ الآخِرَةَ.{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] إِلَى إِجَابَةِ الدَّاعِي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ.{يَا وَيْلَنَا} [الأنبياء: 97] يَقُولُونَ: {قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا} [الأنبياء: 97] يَعْنُونَ تَكْذِيبَهُمْ بِالسَّاعَةِ.{بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 97] لأَنْفُسِنَا.قَوْلُهُ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98]نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْحَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَهُوَ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] حَطَبُ جَهَنَّمَ يَحْصَبُ بِهِمْ فِيهَا.{أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] دَاخِلُونَ.وَتَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَعْنِي الشَّيَاطِينَ الَّذِينَ دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، لأَنَّهُمْ بِعِبَادَتِهِمُ الأَوْثَانَ عَابِدُونَ لِلشَّيَاطِينِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60] وَفِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مُقَابِلَ بَابِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ، فَوَجِدَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْهَا وَجْدًا شَدِيدًا.فَقَالَ ابْنُ الزِّبْعَرَى: يَا مُحَمَّدُ، أَرَأَيْتَ الآيَةَ الَّتِي قَرَأْتُ آنِفًا، أَفِينَا وَفِي آلِهَتِنَا خَاصَّةً، أَمْ فِي الأُمَمِ وَآلِهَتِهِمْ مَعَنَا؟ فَقَالَ: لا، بَلْ فِيكُمْ، وَفِي آلِهَتِكُمْ، وَفِي الأُمَمِ، وَفِي آلِهَتِهِمْ.قَالَ: خَصَمْتُكَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ عِيسَى وَأُمَّهُ، وَأَنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ يَعْبُدُونَ الْمَلائِكَةَ، أَفَلَيْسَ هَؤُلاءِ مَعَ آلِهَتِنَا فِي النَّارِ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَضَحِكَتْ قُرَيْشٌ وَضَجُّوا.(1/345)1فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] يَعْنِي: يَضِجُّونَ.{وَقَالُوا} [الزخرف: 58] يَعْنِي قُرَيْشًا {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} [الزخرف: 58] قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] وقَالَ هَاهُنَا فِي هَذِهِ الآيَةِ فِي جَوَابِ قَوْلِهِمْ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وَهُمْ عِيسَى وَعُزَيْرٌ، وَالْمَلائِكَةُ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] عِيسَى، وَعُزَيْرٌ، وَالْمَلائِكَةُ.وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ عُزَيْرًا فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ عِيسَى فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ عُبِدَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] فَعِيسَى وَعُزَيْرٌ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ.وَمَا عُبِدُوا مِنَ الْحِجَارَةِ، وَالْخَشَبِ، وَمِنَ الْجِنِّ، وَعِبَادَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، فَهُمْ وَمَا عَبَدُوا حَصَبُ جَهَنَّمَ.- قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنِي أَبِي وَبَحْرُ بْنُ كُنَيْزٍ السَّقَّاءُ وَخَالِدُ وَدُرُسْتُ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ» .قَالَ دُرُسْتُ ثُمَّ قَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: أَلَسْتُمْ تَقْرَءُونَ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] قَالَ يَحْيَى: أَظُنُّهُمَا يُمَثَّلانِ لِمَنْ عَبَدَهُمَا فِي النَّارِ، يُوَبَّخُونَ بِذَلِكَ.قَالَ: {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] وَفِي كِتَابِ اللَّهِ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يَسْجُدَانِ لِلَّهِ.قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [الحج: 18](1/346)1- حَدَّثَنِي الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ، وَتَغِيبُ مِنْ حَيْثُ يَغِيبُ الْفَجْرُ، فَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُعَ تَقَاعَسَتْ حَتَّى تُضْرَبَ بِالْعمدِ وَتَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنِّي إِذَا طَلَعْتُ عُبِدْتُ دُونَكَ.فَتَطْلُعُ عَلَى وَلَدِ آدَمَ كُلِّهِمْ، فَتَجْرِي إِلَى الْمَغْرِبِ فَتَغْرُبُ، فَتُسَلِّمُ، فَيُرَدُّ عَلَيْهَا، وَتَسْجُدُ، فَيُنْظَرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ، فَيُؤْذَنُ لَهَا حَتَّى تَأْتِيَ الْمَشْرِقَ، وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ.حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا يَوْمٌ تَغْرُبُ فِيهِ فَتُسَلِّمُ فَلا يُرَدُّ عَلَيْهَا، وَتَسْجُدُ فَلا يُنْظَرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ تَسْتَأْذِنُ فَلا يُؤْذَنُ لَهَا.فَتَقُولُ: يَا رَبِّ إِنَّ الْمَشْرِقَ بَعِيدٌ وَلا أَبْلُغُهُ إِلا بِجَهْدٍ، فَتُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ الْقَمَرُ، فَيُسَلِّمُ فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِ، فَيَسْجُدُ فَلا يُنْظَرُ إِلَيْهِ، وَيَسْتَأْذِنُ فَلا يُؤْذَنُ لَهُ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمَا: ارِجْعَا مِنْ حَيْثُ جِئْتُمَا.فَيَطْلُعَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ كَالْبَعِيرَيْنِ الْمُقْتَرِنَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] وَهُوَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنَ الْمَغْرِبِ.قَالَ: {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: 99] يَعْنِي جَهَنَّمَ مَا دَخَلُوهَا، لامْتَنَعُوا بِآلِهَتِهِمْ.قَالَ: {وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99] الْعَابِدُونَ وَالْمَعْبُودُونَ.قَوْلُهُ: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} [الأنبياء: 100] قَالَ الْحَسَنُ: الزَّفِيرُ اللَّهَبُ، تَرْفَعُهُمْ بِلَهَبِهَا، حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي أَعْلاهَا ضُرِبُوا بِمَقَامِعِ الْحَدِيدِ فَهَوَوْا إِلَى أَسْفَلِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا.وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَدْعُونَ مَالِكًا فَيَذَرُهُمْ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ عَامًا لا يُجِيبُهُمْ ثُمَّ يَقُولُ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] ثُمَّ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ فَيَذَرُهُمْ قَدْرَ عُمُرِ الدُّنْيَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] قَالَ: فَمَا نَبَسُوا بَعْدَهَا بِكَلِمَةٍ، وَلا كَانَ إِلا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.فَشَبَّهَ أَصْوَاتَهُمْ بِأَصْوَاتِ الْحَمِيرِ، أَوَّلُهُ زَفِيرٌ وَآخِرُهُ شَهِيقٌ قَوْلُهُ: {وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ} [الأنبياء: 100](1/347)1- قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا خَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنَ النَّارِ وَبَقِيَ فِي النَّارِ مَنْ يَخْلُدُ فِيهَا جُعِلُوا فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ فِيهَا مَسَامِيرُ مِنْ نَارٍ، ثُمَّ جُعِلَتِ التَّوَابِيتُ فِي تَوَابِيتَ أُخَرَ، تِلْكَ التَّوَابِيتُ فِي تَوَابِيتَ أُخَرَ، فَلا يَرَوْنَ أَنَّ أَحَدًا يُعَذَّبُ فِي النَّارِ غَيْرَهُمْ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ} [الأنبياء: 100]قَالَ الْحَسَنُ: ذَهَبَ الزَّفِيرُ بِسَمْعِهِمْ فَلا يَسْمَعُونَ مَعَهُ شَيْئًا.قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] يَعْنِي الْجَنَّةَ.{أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] قَدْ فَسَّرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي أَمْرِ عِيسَى وَعُزَيْرٍ وَالْمَلائِكَةِ.قَوْلُهُ: {لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102] يَعْنِي صَوْتَهَا فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَسِيسَهَا: مَسَّهَا.قَالَ: وَلا صَوْتًا، وَإِنَّهَا تَلْتَظِي عَلَى أَهْلِهَا.قَوْلُهُ: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 102] قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَكُونُ الطَّعَامُ فِي فِي أَحَدِهِمْ فَيَخْطُرُ عَلَى قَلْبِهِ طَعَامٌ آخَرُ، فَيَتَحَوَّلُ فِي فِيهِ ذَلِكَ الطَّعَامُ الَّذِي اشْتَهَى.وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف: 71] قَوْلُهُ: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأنبياء: 103] قَالَ الْحَسَنُ: النَّفْخَةُ الآخِرَةُ.قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهُ إِذَا أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أُخْرِجَ فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا إِلا أَهْلُ الْخُلُودِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107] فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108] فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ أُطْبِقَتْ(1/348)1عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا أَحَدٌ.فَذَلِكَ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ.قَوْلُه: {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ} [الأنبياء: 103] قَالَ الْحَسَنُ: تَلْقَاهُمْ بِالْبِشَارَةِ حِينَ يُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ وَتَقُولُ: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] قَوْلُهُ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء: 104] سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَطَيِّ الصَّحِيفَةِ فِيهَا الْكِتَابُ.مَعْمَرُ بْنُ عِيسَى أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ: إِنَّ السَّمَاءَ إِنَّمَا تُطْوَى مِنْ أَعْلاهَا كَمَا يَطْوِي الْكِتَابُ الصَّحِيفَةَ مِنْ أَعْلاهَا إِذَا كُتِبَ.قَوْلُهُ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلا، غُلْفًا.وَفِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ الْمَوْتَى عَادَ النَّاسُ كُلُّهُمْ نُطَفًا، ثُمَّ عَلَقًا، ثُمَّ مُضَغًا، ثُمَّ عِظَامًا، ثُمَّ لَحْمًا، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ.فَكَذَلِكَ كَانَ بَدْؤُهُمْ.- قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: يُنَزِّلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَطَرًا مَنِيًّا كَمَنِيِّ الرِّجَالِ فَتَنْبُتُ بِهِ جُسْمَانُهُمْ وَلُحْمَانُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ، كَمَا تَنْبُتُ الأَرْضُ مِنَ الثَّرَى.قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ} [فاطر: 9] يَعْنِي الْبَعْثَ.قَوْلُهُ: {وَعْدًا عَلَيْنَا} [الأنبياء: 104] يَعْنِي: كَائِنًا، الْبَعْثَ.{إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 104] أَيْ نَحْنُ فَاعِلُونَ.قَوْلُهُ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي بِالزَّبُورِ الْكُتُبَ، التَّوْرَاةَ، وَالإِنْجِيلَ، وَالْقُرْآنَ، {مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] الْكِتَابُ عِنْدَ اللَّهِ(1/349)1الَّذِي فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ أَمُّ الْكِتَابِ.{أَنَّ الأَرْضَ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي أَرْضَ الْجَنَّةِ.{يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي زَبُورَ دَاوُدَ {مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] مِنْ بَعْدِ التَّوْرَاةِ {أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ.قَوْلُهُ: {إِنَّ فِي هَذَا} [الأنبياء: 106] الْقُرْآنِ.{لَبَلاغًا} [الأنبياء: 106] إِلَى الْجَنَّةِ.{لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 106] الَّذِي يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.وَفِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي: زَبُورَ دَاوُدَ، {مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، {أَنَّ الأَرْضَ} [الأنبياء: 105] يَعْنِي: أَرْضَ الْجَنَّةِ، {يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] وَكَتَبَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْقُرْآنِ فَقَالَ: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} [الأنبياء: 106] أَيْ عَامِلِينَ.قَوْلُهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] يَعْنِي لِمَنْ آمَنَ مِنَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ.وَهُوَ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ وَغَيْرِهِ.يَحْيَى، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ تَمَّتْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عُوفِيَ مِمَّا عُذِّبَتْ بِهِ الأمم، وله فِي الآخرة النار.قَالَ يَحْيَى: لأَنَّ تَفْسِيرَ النَّاسِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخَّرَ عَذَابَ كُفَّارِ هَذِهِ الأُمَّةِ(1/350)1بِالاسْتِئْصَالِ إِلَى النَّفْخَةِ الأُولَى بِهَا يَكُونُ هَلاكُهُمْ.قَوْلُهُ: {قُلْ إِنَّمَا} [الأنبياء: 108] أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.{يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [الأنبياء: 108] وَكَذَلِكَ جَاءَتِ الرُّسُلُ.قَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] ، لا تَعْبُدُوا غَيْرِي.قَوْلُهُ: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} [الأنبياء: 109] يَعْنِي كَفَرُوا.{فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: 109] يَعْنِي عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ.وَهُوَ تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.وَقَالَ قَتَادَةَ: عَلَى مَهَلٍ.وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ كَذَّبَ بِي فَهُوَ عِنْدِي سَوَاءٌ، أَيْ جِهَادُهُمْ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ عِنْدِي وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] أَيْ لِيَكُونَ حُكْمُكَ فِيهِمْ سَوَاءً: الْجِهَادُ وَالْقَتْلُ لَهُمْ أَوْ يُؤْمِنُوا.وَهَؤُلاءِ مُشْرِكُو الْعَرَبِ.وَيُقَاتِلُ أَهْلُ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُقِرُّوا بِالْجِزْيَةِ.وَجَمِيعُ الْمُشْرِكِينَ مَا خَلا الْعَرَبِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.وَأَمَّا نَصَارَى الْعَرَبِ فَقَدْ فَسَّرْنَا أَمْرَهُمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ السُّورَةِ.{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 109] يَعْنِي بِهِ السَّاعَةَ.قَوْلُهُ: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} [الأنبياء: 110] يَعْنِي مَا تُسِرُّونَ.وَفِي تَفْسِيرِ السُّدِّيِّ: إِنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْخَلْقِ وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ.قَوْلُهُ: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111] تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: لَعَلَّ مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا مِنَ السَّعَةِ وَالرَّخَاءِ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ زَائِلٌ.{فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111] يَعْنِي بَلِيَّةً لَكُمْ.{وَمَتَاعٌ} [الأنبياء: 111] تَسْتَمْتِعُونَ بِهِ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ.وَقَوْلُهُ: {إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111](1/351)1إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.تَفْسِيرُ الْحَسَنِ.وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَى الْمَوْتِ.قَوْلُهُ: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 112] سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ تَقُولُ: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف: 89] فَأَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَقُولَ: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 112] أَيِ: اقْضِ بِالْحَقِّ.وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، وَإِنَّ عَدُوَّهُ عَلَى الْبَاطِلِ، فَكَانَ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ يَقُولُ: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: 112] وَكَانَ النَّبِيُّ إِذَا سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ بِالْحَقِّ هَلَكُوا.وَقَالَ الْحَسَنُ: أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ أَنْ يَنْصُرَ أَوْلِيَاءَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ، فَنَصَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.قَوْلُهُ: {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 112] قَالَ قَتَادَةُ: عَلَى مَا تَكْذِبُونَ، يَعْنِي بِهِ الْمُشْرِكِينَ.(1/352)1سُورَةُ الْحَجِّسُورَةُ الْحَجِّ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ إِلا أَرْبَعَ آيَاتٍ مَكِّيَّاتٍقَوْلُهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52] إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55] فَإِنَّ هَذِهِ الأَرْبَعَ آيَاتٍ مَكِّيَّاتٍ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ السُّورَةِ فَهُوَ مَدَنِيٌّ.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] .{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ} [الحج: 2] يَعْنِي تُعْرِضُ.{كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2] وَهَذِهِ النَّفْخَةُ الآخِرَةُ.- أَبُو الأَشْهَبِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ لا يَقْصُرُ، إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1] حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: 2] فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَ نَبِيِّهِمُ اعْصَوْصَبُوا بِهِ فَتَلاهُمَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: " هَلْ تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ ذَاكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.قَالَ: " ذَاكُمْ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لآدَمَ: يَا آدَمُ قُمِ ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ.قَالَ: فَيَقُولُ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا إِلَى النَّارِ وَوَاحِدًا إِلَى الْجَنَّةِ ".فَلَمَّا سَمِعُوا مَا قَالَ نَبِيُّهُمْ أَبْلَسُوا حَتَّى مَا يُجْلَى أَحَدُهُمْ عَنْ وَاضِحَةٍ.فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَمَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلا كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ، أَوْ(1/353)1كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ، وَإِنَّكُمْ مَعَ خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ قَطُّ إِلا كَثَّرَتَاهُ، يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَمَنْ هَلَكَ، يَعْنِي وَمَنْ كَفَرَ مِنْ بَنِي إِبْلِيسَ، وَتُكْمَلُ الْعِدَّةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ» .- أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ فِي جُمُوعِ الْكُفَّارِ كَشَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَهْرَمُ الْكَبِيرُ، وَيَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا إِلَى آخِرِ الآيَةِ.قَالَ يَحْيَى: وَبَلَغَنِي أَنَّ الْكَبِيرَ يُحَطُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَيُرْفَعُ الصَّغِيرُ إِلَى ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةً.- الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا بِغَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا رَبُّكُمْ لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهَا مِثْلَهَا» .قَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الحج: 3] يَعْنِي الْمُشْرِكَ يَلْحَدُ فِي اللَّهِ فَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً.{بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الحج: 3] أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ.{وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: 3] مَرُدَ، يَعْنِي اجْتَرَأَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ.وَالشَّيَاطِينُ هِيَ الَّتِي أَمَرَتْهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ.قَوْلُهُ: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاهُ} [الحج: 4] تَوَلَّى الشَّيْطَانَ، اتَّبَعَهُ.{فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: 4] وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ.قَوْلُهُ: {يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} [الحج: 5] فِي شَكٍّ مِنَ الْبَعْثِ.{فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج: 5] وَهَذَا خَلْقُ آدَمَ.{ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} [الحج: 5] يَعْنِي نَسْلَ آدَمَ.{ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] قَالَ: هُوَ السِّقْطُ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمَا جَمِيعًا السِّقْطُ مُخَلَّقٌ وَغَيْرُ مُخَلَّقٍ.{وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} [الحج: 5] يَعْنِي التَّمَامَ.- يَحْيَى، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:(1/354)1قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، أَوْ يَكُونُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يُؤْمَرُ الْمَلَكُ أَوْ قَالَ: يَأْتِي الْمَلَكُ فَيُؤْمَرُ أَنْ يَكْتُبَ أَرْبَعًا: رِزْقُهُ، وَأَجَلُهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ".- حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ الْمَنِيَّ إِذَا مَكَثَ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، أَتَاهُ مَلَكُ النُّفُوسِ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي رَاحَتِهِ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، عَبْدُكَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي اللَّهُ مَا هُوَ قَاضٍ.أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فَيُكْتَبُ مَا هُوَ لاقٍ بَيْنَ عَيْنَيْهِ.ثُمَّ قَرَأَ أَبُو ذَرٍّ مِنْ فَاتِحَةِ سُورَةِ التَّغَابُنِ خَمْسَ آيَاتٍ.وَقَوْلُهُ: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} [الحج: 5] بُدُوُّ خَلْقِكُمْ.قَوْلُهُ: {وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ} [الحج: 5] أَرْحَامِ النِّسَاءِ.{مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 5] الْوَقْتِ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ.{ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} [الحج: 5] يَعْنِي الاحْتِلامَ.{وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى} [الحج: 5] وَفِيهَا إِضْمَارٌ: أَيْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْلُغَ أَرْذَلَ الْعُمُرِ.وَقَالَ فِي حم: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} [غافر: 67] أَنْ يَبْلُغَ أَرْذَلَ الْعُمُرِ.{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ} [الحج: 5] الْهَرَمُ.{لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5] يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ الَّذِي لا يَعْقِلُ شَيْئًا.قَوْلُهُ: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً} [الحج: 5] أَيْ: غَبْرَاءَ مُتَهَشِّمَةً.{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] وَفِيهَا تَقْدِيمٌ: رَبَتْ لِلنَّبَاتِ انْفَتَحَتْ وَاهْتَزَّتْ بِالنَّبَاتِ إِذَا أَنْبَتَتْ.قَالَ: {وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5] حَسَنٍ.وَكُلُّ مَا يَنْبُتُ فِي الأَرْضِ فَالْوَاحِدُ مِنْهَا زَوْجٌ.وَحُسْنُ ذَلِكَ النَّبَاتِ أَنَّهَا تُنْبِتُ أَلْوَانًا مِنْ صُفْرَةٍ، وَحُمْرَةٍ، وَخُضْرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَلْوَانِ.قَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} [الحج: 6] وَالْحَقُّ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ.(1/355)1{وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6] إِنَّ الَّذِي أَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ الْهَامِدَةِ الْمَيِّتَةِ مَا أَخْرَجَ مِنَ النَّبَاتِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى.قَالَ: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا} [الحج: 7] لا شَكَّ فِيهَا.{وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] قَوْلُه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الحج: 8] يَعْنِي الْمُشْرِكَ يَلْحَدُ فِي اللَّهِ فَيَجْعَلُ مَعَهُ الآلِهَةَ يَعْبُدُهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ أَتَاهُ مِنَ اللَّهِ.{وَلا هُدًى} [الحج: 8] أَتَاهُ مِنْهُ.{وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8] قَضَى بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ.{ثَانِيَ عِطْفِهِ} [الحج: 9] ثَانِي رَقَبَتِهِ، مُعْرِضٌ عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولِهِ، وَدِينِهِ.{لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [الحج: 9] الْقَتْلُ.{وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 9] عَذَابُ جَهَنَّمَ، يُحْرَقُ بِالنَّارِ.وَتَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ فَقُتِلَ، أَحْسَبُهُ قَالَ: يَوْمَ بَدْرٍ.قَالَ: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [الحج: 10] قَوْلُهُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج: 11] تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ: عَلَى شَكٍّ.{فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} [الحج: 11] يَقُولُ رَضِيَ بِهِ.{وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11] هَذَا الْمُنَافِقُ، يَعْنِي إِنْ رَأَى فِي الإِسْلامِ رَخَاءً وَطَمَأْنِينَةً طَابَتْ نَفْسُهُ بِمَا يُصِيبُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: أَنَا مِنْكُمْ وَمَعَكُمْ، وَإِنْ رَأَى فِي الإِسْلامِ شِدَّةً أَوْ بَلِيَّةً لَمْ يَصْبِرْ عَلَى مُصِيبَتِهَا أَوْ لَمْ يَرْجُ عَاقِبَتَهَا {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11] يَعْنِي كَافِرًا.تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ.قَالَ اللَّهُ: {خَسِرَ الدُّنْيَا} [الحج: 11] فَذَهَبَتْ عَنْهُ وَزَالَتْ.وخسر {وَالآخِرَةَ} [الحج: 11] فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ.وَقَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ إِنْ أَصَابَ خَصْبًا وَرَفَاغَةً فِي الْعَيْشِ وَمَا يَشْتَهِي اطْمَأَنَّ(1/356)1إِلَيْهِ وَقَالَ: أَنَا عَلَى حَقٍّ وَأَنَا أَعْرِفُ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11] أَيْ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَأَنْكَرَ مَعْرِفَتَهُ.{خَسِرَ الدُّنْيَا} [الحج: 11] يَعْنِي خَسِرَ دُنْيَاهُ الَّتِي كَانَ لَهَا عَمِلَ وَفِيهَا يَفْرَحُ، فَهِيَ هَمُّهُ وَطَلَبَتُهُ، ثُمَّ أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ.قَوْلُهُ: {ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج: 11] قَوْلُهُ: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُ وَمَا لا يَنْفَعُهُ} [الحج: 12] يَعْنِي الْوَثَنَ.{ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [الحج: 12] قَالَ: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} [الحج: 13] يَعْنِي الْوَثَنَ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَلٌّ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَتَوَلَّاهُ.يَقُولُ اللَّهُ: {لَبِئْسَ الْمَوْلَى} [الحج: 13] لَبِئْسَ الْوَلِيُّ.{وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} [الحج: 13] لَبِئْسَ الصَّاحِبُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْوَثَنَ.تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ.ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [الحج: 14] قَوْلُهُ: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15] يَعْنِي الْمُنَافِقَ، أَيْ إِنَّهُ يَائِسٌ مِنْ أَنْ يَنْصُرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا، لا يُصَدِّقُ بِمَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ نَصْرِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.وَنَصْرُهُ فِي الآخِرَةِ الْحُجَّةُ.قَالَ: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} [الحج: 15] بِحَبْلٍ {إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: 15] سَمَاءِ الْبَيْتِ، يَعْنِي سَقْفَ الْبَيْتِ، أَيْ فَلْيُعَلِّقْ حَبْلًا مِنْ سَقْفِ الْبَيْتِ فَلْيَخْتَنِقْ حَتَّى يَمُوتَ.يَعْنِي بِقَوْلِهِ: فـ {لِيَقْطَعْ} [الحج: 15] فَلْيَخْتَنِقْ.وَذَلِكَ كَيْدُهُ.قَالَ: {فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ} [الحج: 15] ذَلِكَ غَيْظُهُ: أَيْ إِنَّ ذَلِكَ لا يُذْهِبُ غَيْظَهُ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ} [الحج: 15] أَنْ لَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ.(1/357)1قَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ} [الحج: 16] الْقُرْآنُ.{آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحج: 16] الْحَلالُ وَالْحَرَامُ.{وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} [الحج: 16] قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} [الحج: 17] الْيَهُودُ.{وَالصَّابِئِينَ} [الحج: 17] هُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْمَلائِكَةَ وَيَقْرَءُونَ الزَّبُورَ.{وَالنَّصَارَى} [الحج: 17] تَنَصَّرُوا.وَإِنَّمَا سُمُّوا نَصَارَى لأَنَّهُمْ كَانُوا بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ.{وَالْمَجُوسَ} [الحج: 17] قَالَ قَتَادَةُ: وَهُمْ عَبَدَةُ الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، وَالنِّيرَانِ.{وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: 17] عَبَدَةُ الأَوْثَانِ.{إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الحج: 17] فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا، فَيُدْخِلُ الْمُؤْمِنَ الْجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ جَمِيعَ هَؤُلاءِ النَّارَ عَلَى مَا أَعَدَّ لِكُلِّ قَوْمٍ.وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي هَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44] قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17] شَاهِدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَشَاهِدٌ كُلِّ شَيْءٍ.قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} [الحج: 18] يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ السَّمَاءِ يُسَبِّحُونَ لَهُ وَبَعْضَ أَهْلِ الأَرْضِ، يَعْنِي الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ.وَكَانَ الْحَسَنُ لا يَعُدُّ السُّجُودَ إِلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلا يَعُدُّ ذَلِكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَسْجُدُ الْمُؤْمِنُ طَايِعًا، وَيَسْجُدُ الْكَافِرُ كَارِهًا.قَالَ: {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ} [الحج: 18] كُلُّهَا.{وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ} [الحج: 18] كُلُّهَا.{وَالدَّوَابُّ} [الحج: 18] ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ الإِنْسَانِ فَاسْتَثْنَى فِيهِ فَقَالَ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [الحج: 18] يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ.(1/358)1{وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18] يَعْنِي مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ.وَقَالَ {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ} [الحج: 18] فَيُدْخِلُهُ النَّارَ.{فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.{إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] قَوْلُهُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: اخْتَصَمَ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: نَبِيُّنَا قَبْلَ نَبِيِّكُمْ، وَكِتَابُنَا قَبْلَ كِتَابِكُمْ، وَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْكُمْ.وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: كِتَابُنَا يَقْضِي عَلَى الْكُتُبِ كُلِّهَا وَنَبِيُّنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَنَحْنُ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْكُمْ.فَأَفْلَجَ اللَّهُ أَهْلَ الإِسْلامِ فَقَالَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} [الحج: 23] إِلَى آخِرِ الآيَةِ.قَالَ يَحْيَى: وَكَذَلِكَ حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَسَنِ.وَقَوْلُهُ: {خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: 19] أَهْلُ الْكِتَابِ خَصْمٌ وَالْمُؤْمِنُونَ خَصْمٌ، اخْتَصَمُوا يَعْنِي جَمَاعَتَهُمْ.وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَدِ اخْتَصَمُوا فِي اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا فِي الدُّنْيَا قَطُّ لاخْتِلافِ الْمِلَّتَيْنِ.أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَوَحَّدَ اللَّهَ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ بِثَوَابِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَأَلْحَدَ فِي اللَّهِ، فَعَبَدَ غَيْرَهُ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ بِثَوَابِهِ.وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي ثَلاثَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَثَلاثَةٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ.فَأَمَّا الثَّلاثَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: فَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ.وَأَمَّا الثَّلاثَةُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: فَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ.قَوْلُهُ: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} [الحج: 19] وقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {سَرَابِيلُهُمْ} [إبراهيم: 50] أَيْ: قُمُصُهُمْ {مِنْ قَطِرَانٍ} [إبراهيم: 50] .قَالَ الْحَسَنُ: الْقَطِرَانُ الَّذِي يُطْلَى بِهِ الإِبِلُ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ صُفْرٍ.(1/359)1قَالَ الْحَسَنُ: وَهِيَ مِنْ نَارٍ.وَقَوْلُهُ: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19] وَهُوَ الْحَارُّ الشَّدِيدُ الْحَرِّ.{يُصْهَرُ بِهِ} [الحج: 20] يُحْرَقُ بِهِ.وَقَالَ الْحَسَنُ: يُقْطَعُ بِهِ.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُذَابُ بِهِ.وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يُنْضَحُ بِهِ.{مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج: 20] يَعْنِي وَتُحْرَقُ بِهِ الْجُلُودُ.وَهُوَ الَّذِي قَالَ الْحَسَنُ: تُقْطَعُ بِهِ.قَوْلُهُ: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: 21] يَعْنِي مِنْ نَارٍ، يُقْمَعُ رَأْسُهُ بِالْمِقْمَعَةِ، فَيَحْتَرِقُ رَأْسُهُ، فَيُصَبُّ فِي الْحَمِيمِ حَتَّى يَبْلُغَ جَوْفَهُ.حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ أَنَا أَبَا الْعَوَّامِ سَادِنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 30] فَقَالَ لِلْقَوْمِ: مَا تَقُولُونَ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفِ مَلَكٍ؟ فَقَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: هُمْ تِسْعَةُ عَشَرَ مَلَكًا، بِيَدِ كُلِّ مَلَكٍ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَهَا شُعْبَتَانِ، فَيَضْرِبُ بِهَا الضَّرْبَةَ فَتَهْوِي بِهَا سَبْعُونَ أَلْفًا، أَيْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.قَوْلُهُ: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 22] قَالَ: الْحَسَنُ: تَرْفَعُهُمْ بِلَهَبِهَا، فَإِذَا كَانُوا فِي أَعْلاهَا قَمَعَتْهُمُ الْمَلائِكَةُ بِمَقَامِعَ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ نَارٍ، فَيَهْوُونَ فِيهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا.قَالَ: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الحج: 22] قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} [الحج: 23] يَحْيَى، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَحَدٌ إِلا وَفِي يَدِهِ ثَلاثَةُ أَسْوِرَةٍ: سِوَارٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَسِوَارٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَسِوَارٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ.وَهُوَ قَوْلُهُ: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} [الحج: 23] أَمْ(1/360)1{وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: 21] قَالَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بَدَا إِسْوَارُهُ لَغَلَبَ عَلَى ضَوْءِ الشَّمْسِ» .قَوْلُهُ: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} [الكهف: 31] قَوْلُهُ: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} [الحج: 24] وَهُوَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ.وَتَفْسِيرُ الْحَسَنِ: الإِيمَانُ فِي الدُّنْيَا بِاللَّهِ.وَهُوَ وَاحِدٌ.قَوْلُهُ: {وَهُدُوا} [الحج: 24] يَعْنِي فِي الدُّنْيَا.{إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج: 24] وَهُوَ اللَّهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] أَيْ إِلَى الْجَنَّةِ: {صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 53] طَرِيقِ اللَّهِ الَّذِي هَدَى لَهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْجَنَّةِ.قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحج: 25] تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.{وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: 25] يَعْنِي الْهُدَى، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ.{وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الحج: 25] أَيْ: وَيَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.وَقَالَ السُّدِّيُّ: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: 25] يَعْنِي: وَيَمْنَعُونَ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللَّهِ الإِسْلامِ.قَالَ: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ} [الحج: 25] قِبْلَةً وَنُسُكًا.قَوْلُهُ: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ} [الحج: 25] السَّاكِنُ فِيهِ.(1/361)1{وَالْبَادِ} [الحج: 25] يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، هُمْ فِي بُيُوتِهَا شُرَّعٌ سَوَاءٌ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.وَقَالَ قَتَادَةُ: أَمَّا الْعَاكِفُ فِيهِ فَأَهْلُ مَكَّةَ، وَأَمَّا الْبَادِ فَمَنْ يَنْتَابُهُ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ.وَقَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ: {الْعَاكِفُ فِيهِ} [الحج: 25] السَّاكِنُ فِيهِ {وَالْبَادِ} [الحج: 25] الْجَانِبُ يَعْنِي مَنْ يَعْتَقِبُهُ، أَيِ الَّذِي يَنْتَابُهُ مِنَ النَّاسِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، سَوَاءٌ فِي حَرَمِهِ وَمَنَاسِكِهِ وَحُقُوقِهِ.قَوْلُهُ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [الحج: 25] أَيْ بِشِرْكٍ.{نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَنْ لَجَأَ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ لِيَعْبُدَ فِيهِ غَيْرَ اللَّهِ عَذَّبَهُ اللَّهُ.وَفِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ: الإِلْحَادُ، الْمَيْلُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ إِلَى الشِّرْكِ.نا الْمُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج: 25] يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ.قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: 26]- قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْعَثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ مَوْضِعُ الْبَيْتِ رَبْوَةً بَيْضَاءَ حَوْلَهَا(1/362)1حِجَارَةٌ مَرْسُومَةٌ حَوْلَهَا حَرَجَةٌ مِنْ سَمُرٍ نَابِتٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: 26] ، يَقُولُ: أَعْلَمْنَاهُ.قَوْلُهُ: {أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} [الحج: 26] مِنَ الأَوْثَانِ، يَعْنِي لا تَذَرْ حَوْلَهُ وَثَنًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيْ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَالشِّرْكِ، وَقَوْلِ الزُّورِ وَالْمَعَاصِي.- نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أُمِّ عَلْقَمَةَ مَوْلاةِ عَائِشَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كِسْوَةُ الْبَيْتِ عَلَى الأُمَرَاءِ وَلَكِنْ طَيِّبُوا الْبَيْتَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَطْهِيرِهِ.قَوْلُهُ: {لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26]نا الْمُعَلَّى بْنُ هِلالٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ قَالَ: الطَّائِفُونَ الَّذِينَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ، وَالرُّكَّعُ السُّجُودُ الَّذِينَ يُصَلُّونَ إِلَيْهِ.سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: يَعْنِي أَهْلَ الطَّوَافِ.قَوْلُهُ: {وَالْقَائِمِينَ} [الحج: 26] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْقَائِمُونَ أَهْلُ مَكَّةَ.{وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26] أَهْلِ الصَّلاةِ يُصَلُّونَ إِلَيْهِ.قَوْلُهُ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27]نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نَبَّئُونَا عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ(1/363)1الْمَخْزُومِيِّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ نَادَى: يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ لِلَّهِ بَيْتًا فَحُجُّوهُ، فَأَسْمَعَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ أَوِ الْمَشْرِقَيْنِ، وَأَقْبَلَ النَّاسُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.قَالَ يَحْيَى: بَلَغَنِي أَنَّهُ أَجَابَهُ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ حَاجًّا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.- نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عِنْدَ الْبَيْتِ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فَسَمِعَهُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ.- نا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ بَنَيَا الْبَيْتَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، فَجَعَلَ لا يَمُرُّ بِأَحَدٍ إِلا قَالَ: يَأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ بُنِيَ لَكُمْ بَيْتٌ فَحُجُّوهُ.فَجَعَلَ لا يَسْمَعُهُ حَجَرٌ وَلا شَجَرٌ إِلا أَجَابَهُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.- نا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَتِ التَّلْبِيَةُ؟ قُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَتْ؟ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ خَفَضَتِ الْجِبَالُ رُءُوسَهَا وَرُفِعَتْ لَهُ الْقُرَى، فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ.قَوْلُهُ: {يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: 27] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مُشَاةً.ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: حَجَّ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ مَاشِيَيْنِ.قَوْلُهُ: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيْ لا تَبْلُغُهُ الْمَطِيُّ حَتَّى تَضْمُرَ.(1/364)1قَوْلُهُ: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] يَعْنِي بَعِيدٍ.نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: عَمْقُ مَا بَيْنَ تِهَامَةَ وَالْعِرَاقِ وَيُؤْتَى مِنْ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ.قَوْلُهُ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28] أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: الأَجْرُ فِي الآخِرَةِ وَالتِّجَارَةُ فِي الدُّنْيَا.قَالَ يَحْيَى: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ فِي الْمَوْسِمِ، وَكَانَتْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ.قَالَ يَحْيَى: وَقَدْ قَالَ قَتَادَةُ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] يَعْنِي فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ.- قَوْلُهُ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] نا أَشْعَثُ، عَنْ حَفْصِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ....عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَهِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ آخِرُهَا يَوْمُ النَّحْرِ.قَوْلُهُ: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28] يُسَمِّي إِذَا نَحَرَ أَوْ ذَبَحَ.وَالأَضْحَى ثَلاثَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ.وَيَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُهَا.(1/365)1قَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الضَّعِيفُ الْفَقِيرُ.وَقَالَ قَتَادَةُ: الْفَقِيرُ الَّذِي بِهِ زَمَانَةٌ.إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أُطْعِمُ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُلُثًا، وَأُطْعِمُ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ثُلُثًا، وَأُطْعِمُ أَهْلِي ثُلُثًا.- نا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ بَعَثَ بِهَدْيٍ مَعَ عَلْقَمَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُلُثًا، وَأَنْ يَبْعَثَ إِلَى أَهْلِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ثُلُثًا وَأَنْ يُطْعِمَ الْمَسَاكِينَ ثُلُثًا.نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: لَيْسَ لِصَاحِبِ الْبَدَنَةِ مِنْهَا إِلا رُبْعُهَا.يَحْيَى قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لا يُطْعَمُ مِنَ الأُضْحِيَةِ أَقَلُّ مِنَ الرُّبْعِ.- نا عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُطْعِمُ مِنْ بُدْنِهِ....يَأْكُلُ لا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.يَقُولُ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28] وَأَطْعِمُوا مِنْهَا وَكُلُوا مِنْهَا، هُمَا سَوَاءٌ لا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُطْعِمَ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ.- ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ نَاعِمٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهُ حَضَرَ عَلِيًّا بِالْكُوفَةِ يَوْمَ أَضْحَى، فَخَطَبَ ثُمَّ نَزَلَ، فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَعَا بِتَيْسٍ فَذَبَحَهُ، فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ آلِ عَلِيٍّ، ثُمَّ لَمْ يَبْرَحْ حَتَّى قَسَّمَ لَحْمَهُ فَفَضِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَبَعَثَهُ إِلَى أَهْلِهِ.(1/366)1الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هِيَ مُقَدَّمَةٌ مُؤَخَّرَةٌ {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28] وَأَطْعِمُوا مِنْهَا وَكُلُوا، لا بَأْسَ أَنْ يَطْعَمَ مِنْهَا قَبْل أَنْ يَأْكُلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا.- قَالَ: ونا عُثْمَانُ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَاهَا كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بَدَنَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُطْعِمَ.- نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبِضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَ هُوَ وَعَلِيٌّ مِنْ لَحْمِهَا، وَحَسَوْا مِنْ مَرَقَتِهَا.قَوْلُهُ: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَلْقُ الرُّءُوسِ.قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: التَّفَثُ: حَلْقُ الشَّعْرِ وَقَطْعُ الأَظْفَارِ.حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: التَّفَثُ: حَلْقُ الرُّءُوسِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ.نا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: التَّفَثُ ذَا الشَّعَثِ وَذَا التَّقَشُّفِ.(1/367)1وَفِي تَفْسِيرِ عَمْرٍو عَنِ الْحَسَنِ {تَفَثَهُمْ} [الحج: 29] تَقَشُّفُ الإِحْرَامِ بِرَمْيِهِمُ الْجِمَارَ يَوْمَ النَّحْرِ.فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّسَاءِ.- نا عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: مَنْ رَمَى الْجِمَارَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ وَالطِّيبَ.قَوْلُه: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيَّامٌ عَظَّمَهَا اللَّهُ تُحْلَقُ فِيهَا الأَشْعَارُ، وَيُوَفَّى فِيهَا بِالنَّذْرِ وَتُذْبَحُ فِيهَا الذَّبَائِحُ.قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: نَذَرَ الْحَجَّ وَالْهَدْيَ، وَمَا نَذَرَ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْحَجِّ.قَوْلُهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ.كَمْ مِنْ جَبَّارٍ مُتْرَفٍ قَدْ صَارَ إِلَيْهِ يُرِيدُ أَنْ يَهْدِمَهُ فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ.نا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ لِمَ سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ؟ قَالَ: لَمْ يُرِدِ الْبَيْتَ أَحَدٌ بِسُوءٍ إِلا هَلَكَ.ونا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْبَيْتُ الْعَتِيقُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ.نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] قَالَ: هُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ.قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ(1/368)1الطَّوَافَ الْوَاجِبَ بِاللَّيْلِ.وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: هُوَ طَوَافُ يَوْمِ النَّحْرِ.قَالَ سُفْيَانُ: وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ.- وَحَدَّثَنِي مَنْدَلُ بْنُ عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَفَاضُوا نَهَارًا يَوْمَ النَّحْرِ وَأَفَاضَ هُوَ لَيْلًا مَكَانَ نِسَاءٍ كُنَّ مَعَهُ.قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ فِي رَكْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْحَجِّ فَمَا أَفَاضَ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى كَانَ النَّفْرُ الآخَرُ.- نا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَقْرَأُ سُورَةَ الْحَجِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.قَالَ فَإِنَّ آخِرَ الْمَنَاسِكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ.ثُمَّ قَرَأَ: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]- نا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ اللَّهُ: {ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] فَآخِرُ الْمَنَاسِكِ الطَّوَافُ.قَوْلُهُ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ الْحُرُمَاتُ: مَكَّةُ، وَالْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ، وَمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيهِ كُلِّهَا.(1/369)1قَوْلُهُ: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [الحج: 30] فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ مِنَ: {الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3] .وَقَدْ فَسَّرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ.قَالَ: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] وَقَدْ فَسَّرْتُ ذَلِكَ فِي الْمَائِدَةِ.قَوْلُهُ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30] اجْتَنِبُوا الأَوْثَانَ فَإِنَّهَا رِجْسٌ.قَوْلُهُ: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] يَعْنِي اجْتَنِبُوا الأَوْثَانَ فَإِنَّهَا رِجْسٌ، وَقَوْلُ الزُّورِ: الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ يَعْنِي الشِّرْكَ.حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ حَكِيمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ: الْكَذِبُ.قَوْلُهُ: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ} [الحج: 31] مُخْلِصِينَ لِلَّهِ.وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُجَّاجًا، أَيْ: لِلَّهِ مُخْلِصِينَ.{غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 31] قَوْلُهُ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} [الحج: 31] فِي الْبُعْدِ مِنَ اللَّهِ.{فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ} [الحج: 31] يَعْنِي تَذْهَبُ بِهِ الرِّيحُ.{فِي مَكَانٍ} [الحج: 31] يَعْنِي تَذْهَبُ بِهِ الرِّيحُ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.{سَحِيقٍ} [الحج: 31] قَالَ مُجَاهِدٌ: بَعِيدٌ.(1/370)1وَقَالَ الْحَسَنُ: شَبَّهَ اللَّهُ أَعْمَالَ الْمُشْرِكِينَ بِالشَّيْءِ يَخِرُّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ، فَلا يَصِلُ إِلَى الأَرْضِ.أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ، يَعْنِي بَعِيدٍ فَيَذْهَبُ فَلا يُوجَدُ لَهُ أَصْلٌ، وَلا يُرَى لَهُ أَثَرٌ.يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لأَعْمَالِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ اللَّهِ قَرَارٌ لَهُمْ بِهِ عِنْدَهُ خَيْرٌ فِي الآخِرَةِ.قَوْلُهُ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] يَعْنِي مِنْ إِخْلاصِ الْقُلُوبِ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.وَتَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا وَاسْتِسْمَانُهَا.- قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْفُرَاتُ بْنُ سَلْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيُّ الشَّعَائِرِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتَ مِنْهُ؟ هَذَا أَعْظَمُ الشَّعَائِرِ، يَعْنِي الْبَيْتَ.وَتَفْسِيرُ الْحَسَنِ: شَعَائِرُ اللَّهِ، دِينُ اللَّهِ كُلُّهُ.قَوْلُهُ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33]- حَدَّثَنِي يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُعَلَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الأَجَلُ الْمُسَمَّى إِلَى أَنْ تُقَلَّدَ وَتُشْعَرَ.هِيَ الْبُدْنُ يُنْتَفَعُ بِظُهُورِهَا وَيُسْتَعَانُ بِهَا.{ثُمَّ مَحِلُّهَا} [الحج: 33] إِذَا قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ.{إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَقَالَ السُّدِّيُّ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33] يَقُولُ: إِلَى أَنْ تُقَلَّدَ فَإِذَا قُلِّدَتْ لَمْ تُرْكَبْ لَهَا ظُهُورٌ، وَلَمْ يُشْرَبْ لَهَا لَبَنٌ.نا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هِيَ الْبُدْنُ يُنْتَفَعُ بِهَا حَتَّى تُقَلَّدَ.(1/371)1- نا هِشَامٌ وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ: " ارْكَبْهَا، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا، قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا وَيْلَكَ أَوْ وَيْحَكَ ".- نا خِدَاشٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً قَدْ جَهَدَهُ الْمَشْيُ....ارْكَبْهَا.قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ.قَالَ: ارْكَبْهَا وَإِنْ كَانَتْ ".نا الْمُعَلَّى، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ.- نا نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ عَلَى بُدْنِهِ الرَّجُلَ الْعَقِبَ.- نا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سُئِلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رُكُوبِ الْبَدَنَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا» .حَدَّثَنِي حَمَّادٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: الْبَدَنَةُ، إِنِ احْتَاجَ سَائِقُهَا فَإِنَّهُ يَرْكَبُهَا غَيْرَ فَادِحٍ، وَيَشْرَبُ مِنْ فَضْلِ رَيِّ فَصِيلِهَا.- حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ الأَعْرَجِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَدَنَةٍ عِنْدَ صَلاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ دَعَا بِنَعْلٍ فَقَلَّدَهَا، ثُمَّ أَشْعَرَهَا فِي جَانِبِ سَنَامِهَا الأَيْمَنِ، ثُمَّ سَلَتَ عَنْهَا الدَّمَ، ثُمَّ صَلَّى صَلاةَ الظُّهْرِ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءُ أَهَلَّ.(1/372)1- وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَشْعَرَ بَدَنَتَهُ أَشْعَرَهَا مِنْ جَانِبِ السَّنَامِ الأَيْسَرِ إِلا الْقَلُوصَيْنِ الصَّعْبَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ يَطْعَنُهُمَا بِالْحَرْبَةِ هَذَا مِنَ الأَيْمَنِ وَهَذَا مِنَ الأَيْسَرِ يَقْرِنُهُمَا، فَيَطْعَنُ بِالْحَرْبَةِ هَذَا هَكَذَا وَهَذَا هَكَذَا وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا الْقِبْلَةَ وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ إِذَا أَشْعَرَهُمَا.- نا عُثْمَانُ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَاهَا كَانَ يُقَلِّدُ نَعْلًا.- نا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ لا يُوقَفُ بِهِ بِعَرَفَةَ فَهُوَ أُضْحِيَةٌ.- نا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ بِالْبُدْنِ بِعَرَفَةَ.قَوْلُهُ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]نا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ دَخَلَ الْحَرَمَ ثُمَّ عَطَفَ فَقَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ إِلا هَدْيَ الْمُتْعَةِ فَإِنَّهُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُهْرِيقَ دَمًا يَوْمَ النَّحْرِ.نا الرَّبِيعُ بْنُ صُبَيْحٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ قَدِمَ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَنْحَرُهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ مَكَّةَ إِلا هَدْيَ الْمُتْعَةِ فَإِنْ نَحَرَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِنْ قَدِمَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْحَرُهُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ إِلا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَعْطَبَ فَيَنْحَرُهُ وَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ، إِلا هَدْيَ الْمُتْعَةِ وَهَدْيَ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ.- نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا أَعْطَبَتِ الْبَدَنَةُ فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُبْدِلْهَا إِلا نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ.وَعَطِبَتْ بَدَنَةٌ لابْنِ عُمَرَ فَأَكَلَ مِنْهَا.(1/373)1- نا حَمَّادٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِذَا عَطِبَ الْهَدْيُ فَكُلُوهُ وَلا تَدَعُوهُ لِلْكِلابِ وَالسِّبَاعِ.فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَاهْدُوا مَكَانَهُ هَدْيًا آخَرَ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَإِنْ شِئْتُمْ فَاهْدُوا، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلا تَهْدُوا.- نا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِالْبُدْنِ مَعَ رَجُلٍ وَأَمَرَهُ فِيهَا بِأَمْرٍ.فَلَمَّا قَفَّى رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِمَا أَزْحَفَ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ: انْحَرْهَا وَاصْبِغْ نِعَالَهَا فِي دِمَائِهَا ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا الْيُمْنَى، رُبَّمَا قَالَ حَمَّادٌ: الْيُمْنَى وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْ، وَلا تَأْكُلْ مِنْهَا أَنْتَ وَلا أَهْلُ رُفْقَتِكَ وَحُلْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَأْكُلُونَهَا.قَالَ يَحْيَى: وَهَذَا فِي التَّطَوُّعِ.- وَكَذَلِكَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي الْبَدَنَةِ التَّطَوُّعُ إِذَا أُصِيبَتْ يَنْحَرُهَا، وَيَجْعَلُ أَخْفَافَهَا فِي دَمِهَا، وَلا يَأْكُلْ مِنْهَا.- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إِذَا أَكَلْتَ مِنَ التَّطَوُّعِ فَأَبْدِلْ.قَوْلُهُ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ} [الحج: 34] يَعْنِي: وَلِكُلِّ قَوْمٍ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ.{جَعَلْنَا مَنْسَكًا} [الحج: 67] نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَيْ حَجًّا وَذَبْحًا.قَوْلُهُ: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي الآيَةِ الأُولَى.(1/374)1قَوْلُهُ: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا} [الحج: 34] يَقُولُهُ لِلْمُشْرِكِينَ.قَوْلُهُ: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] يَعْنِي بِالْجَنَّةِ.تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: أَنَّ الْمُخْبِتِينَ الْخَاشِعِينَ الْخَائِفِينَ.وَالْخُشُوعُ الْمَخَافَةُ الثَّابِتَةُ فِي الْقَلْبِ.وَبَعْضُكُمْ يَقُولُ: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج: 34] يَعْنِي الْمُطْمَئِنِّينَ بِالإِيمَانِ.قَالَ: {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 54] فَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ قُلُوبُهُمْ.وَقَالَ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28] قَوْلُهُ: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحج: 35] يَعْنِي خَافَتْ قُلُوبُهُمْ.{وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} [الحج: 35] الْمَفْرُوضَةِ، الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يُحَافِظُونَ عَلَى وُضُوئِهَا، وَمَوَاقِيتِهَا، وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا.{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الحج: 35] يَعْنِي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ.قَوْلُهُ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] يَعْنِي أَجْرٌ فِي نَحْرِهَا وَالصَّدَقَةِ مِنْهَا تَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللَّهِ.تَفْسِيرُ السُّدِّيِّ: {لَكُمْ فِيهَا} [الحج: 36] يَعْنِي فِي الْبُدْنِ أَجْرٌ.نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: 36] قَالَ: الْبَدَنَةُ.إِنِ احْتَاجَ رَكِبَ وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى اللَّبَنِ شَرِبَ.(1/375)1قَوْلُهُ: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافٍ نا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مُخْلِصِينَ لِلَّهِ.قَالَ يَحْيَى: مَقْرَأُهَا عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ غَيْرُ مُثَقَّلَةٍ صَوَافٍ.نا الْمُعَلَّى، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مُعَقَّلَةً قِيَامًا.- حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] قَالَ: قَائِمَةً.حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مُعَقَّلَةً خَالِصَةً لِلَّهِ.- عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُهَا الْقَبَاطِيَّ إِذَا رَاحَ إِلَى مِنًى فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهَا اسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَنْزِعُ عَنْهَا جِلالَهَا لِكَيْ لا يَخْتَضِبَ بِالدَّمِ، وَيَتَصَدَّقُ بِجِلالِهَا، وَيَلِي نَحْرَهَا بِنَفْسِهِ.هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هُوَ بَعْدَ حَدِيثِ عُثْمَانَ عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ.- نا عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْحَرُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ يَصُفُّ بَيْنَ أَيْدِيهَا بِالْقُيُودِ.وَكَانَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] قَالَ يَحْيَى: هِيَ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ غَيْرُ خَفِيفَةٍ: {صَوَافَّ} [الحج: 36](1/376)1نا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: مَصْفُوفَةٌ بِالْحِبَالِ، مَعْقُولَةٌ يَدُهَا الْيُمْنَى وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى ثَلاثٍ.كَذَلِكَ يَنْحَرُهَا مَنْ نَحَرَهَا فِي دَارِ الْمَنْحَرِ بِمِنًى.وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: صَوَافِنَ.قَالَ يَحْيَى: هِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} [ص: 31] الْفَرَسُ إِذَا صَفَنَ رُفِعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ فَقَامَ عَلَى طَرْفِ الْحَافِرِ.- نا أَشْعَثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَنْحَرُ بَدَنَتَهُ وَقَدْ ثَنَّى يَدَهَا وَهِيَ عَلَى ثَلاثٍ.وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هُوَ قَوْلُ اللَّهِ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]نا أَشْعَثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْعَرَ أَوْجَرَهَا الْحَرْبَةَ وَهِيَ قَائِمَةٌ.- نا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَنْحَرُ الْبُدْنَ وَهِيَ بَارِكَةٌ وَرَجُلٌ يُعِينُهُ.- نا عُثْمَانُ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَاهَا كَانَ يَنْحَرُ الْبُدْنَ وَهِيَ مُبَارَكَةٌ.- نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ مِنْ بُدْنِهِ بِيَدِهِ ثَلاثًا وَسِتِّينَ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا الْحَرْبَةَ فَنَحَرَ مَا بَقِيَ.- نا عُثْمَانُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُهَا الْقَبَاطِيَّ إِذَا رَاحَ إِلَى مِنًى،(1/377)1فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهَا اسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَنْزِعُ عَنْهَا جِلالَهَا لِكَيْ لا تَخْتَضِبَ بِالدَّمِ.وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَلِيَ إِشْعَارَهَا.وَكَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ نَحْرِهَا تَصَدَّقَ بِجِلالِهَا، وَيَلِي نَحْرَهَا بِنَفْسِهِ.قَوْلُهُ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36]نا الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا نُحِرَتْ فَسَقَطَتْ جُنُوبَهَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ بُرُوكٍ.{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 36]حَدَّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهَا يَصُفُّ بَيْنَ يَدَيْهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ، وَيُمْسِكُ رَجُلٌ بِخِطَامِهَا وَرَجُلٌ بِذَنَبِهَا، ثُمَّ يَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ ثُمَّ يَجْبِذَانِهَا حَتَّى يَصْرَعَاهَا.وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ تُعَرْقَبَ.قَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الْقَانِعُ الْفَقِيرُ الْمُتَعَفِّفُ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ لا يَسْأَلُ، وَالْمُعْتَرَّ الَّذِي يَعْتَرِيكَ يَسْأَلُكَ فِي كَفِّهِ.وَلِكُلٍّ عَلَيْكَ حَقٌّ.نا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَ: الْقَانِعُ السَّائِلُ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَتَعَرَّضُ لَكَ وَلا يَسْأَلُكَ.(1/378)1نا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْمُعَلَّى، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْقَانِعُ السَّائِلُ الَّذِي يَقْنَعُ بِمَا أُعْطِيَ، وَالْمُعْتَرُّ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ اعْتَرَاهُ.وَقَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي إِطْعَامِهِمَا فِي الآيَةِ الأُولَى فِي الْبَائِسِ الْفَقِيرِ.قَوْلُهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج: 36] الأَنْعَامَ.{لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج: 36] لِكَيْ تَشْكُرُوا.قَوْلُهُ: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا} [الحج: 37] يَقُولُ: لا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا.وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَذْبَحُونَ لآلِهَتِهِمْ ثُمَّ يَنْضَحُونَ دِمَاءَهَا حَوْلَ الْبَيْتِ.قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37] يَصْعَدُ إِلَيْهِ التَّقْوَى مِنْكُمْ.يَعْنِي مَنْ آمَنَ.{كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ} [الحج: 37] الأَنْعَامَ.{لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحج: 37] .وقَالَ فِي الآيَةِ الأُولَى {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34] إِذَا ذَبَحُوا.فَالسُّنَّةُ إِذَا ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ.