عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020
الكتاب: التعقبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان لمخلوفالمؤلف: محمد بن عبد الرحمن الخميسبسم الله الرحمن الرحيمملحوظات على كتاب «كلمات القرآن تفسير وبيان» للشيخ/ حسنين محمد مخلوف:أولاً: جاء في صفحة (88) الآية (54) من سورة «الأعراف»، وكذلك صفحة (112) وصفحة (134) وصفحة (177) وصفحة (211) وصفحة (236) وصفحة (277) وصفحة (323).في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.قال الشيخ «مخلوف»: (استوى بالمعنى اللائق به سبحانه).(1/7)* قلت: إن كان يريد بكلامه هذا تفويض كيفية الاستواء فهذا حق لأن الكيفية على الوجه اللائق به سبحانه، ولا يعلم ذلك إلا الله كما قال الإمام مالك: « ... والكيف مجهول»، وأما إن كان يريد بذلك أن معنى الاستواء نفسه مجهول فهذا فرار من إثبات صفة العلو والاستواء على العرش؛ لأن السلف ذكروا أن الاستواء معناه العلو والارتفاع والاستقرار (1)._________(1) انظر صحيح البخاري (4/ 387)، ومن أراد المزيد فليراجع كتاب «اجتمع الجيوش الإسلامية»، وكتاب «العلو».(1/8)وعبارة المؤلف مبهمة تحتمل كلا المعنيين، ولكن السلف لم يجهلوا معنى الاستواء كما قال الإمام مالك وغيره: «الاستواءمعلوم» (1) وورد في ألفاظ أخرى: «الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول»._________(1) الأثر: أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 138) من طريق عبد الله بن نافع عن مالك بن أنس، والصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص (17، 18)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 325، 326)؛ جميعهم من طريق جعفر بن عبد الله عن مالك. وأخرجه الصابوني في عقيدة السلف ص (17) من طريق جعفر بن ميمون عن مالك، والبيهقي في الأسماء والصفات ص (408) من طريق عبد الله بن وهب عن مالك. قال الحافظ في الفتح (13/ 406، 407): إسناده «جيد» وصححه الذهبي في العلو ص (103).(1/9)ثانيًا: جاء في صفحة (114) الآية (21) من سورة يونس.في قوله تعالى: {قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا}.قال الشيخ مخلوف: (أعجل جزاء وعقوبة).* قلت: حقيقة المكر تدبير محكم في إنزال العقوبة بالمجرم من حيث لا يشعر، فهو أخص من مطلق العقوبة والجزاء، لأنه عقوبة على وجه مخصوص.* * * *ثالثًا: جاء في صفحة (135) الآية (9) من سورة الرعد.(1/10)في قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}.قال الشيخ مخلوف: (المستعلي على كل شيء بقدرته).* قلت: هذا أحد معاني العلو الثابتة له سبحانه، فهو المتعالي على كل شيء بقهره، والمتعالي عن كل سوء ونقص بكماله، والمتعالي بذاته فوق خلقه.* * * *رابعًا: جاء في صفحة (235) الآية (27) من سورة لقمان.في قوله تعالى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ}.قال الشيخ مخلوف: (مقدوراته وعجائبه أو معلوماته).(1/11)* قلت: تفسير كلمات الله بمقدوراته أو بمعلوماته خلاف ما فهمه السلف منها، وهو بالتالي عدول عن ظاهر اللفظ، بل كلماته سبحانه هي كلامه وقوله الذي لا نفاد له؛ لأنه سبحانه أول بلا ابتداء، آخر بلا انتهاء، ولم يزل ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء، فلا حد لكلامه سبحانه فيما مضى ولا فيما يستقبل، وما يقدر من الأشجار والبحور لتكتب به كلمات الله لابد أن يفنى وينتهي، وكلام الله لا نفاد له، وتفسير كلمات الله بمقدوراته أو معلوماته تفسير لها بأمور وجودية وعدمية، وكلمات(1/12)الله تعالى الموصوفة بأنها لا تنفد هي أمور وجودية، وكأن هذا التفسير الذي ذكره المؤلف يرجع إلى مذهب الأشاعرة في كلام الله، وهو أن كلام الله معنى واحد نفسي قديم فلا يوصف بالتعدد وهو خلاف مذهب أهل السنة والجماعة، فإنهم يقولون: (لم يزل الله ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء وكيف شاء وكلماته لا نهاية لها، فيوصف تعالى بأنه قال ويقول ونادى وينادي كما أخبر بذلك تعالى عن نفسه وهو أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثًا من خلقه) (1)._________(1) انظر تفسير ابن جرير (21/ 80 - 82) وتفسير البغوي (6/ 292) وتفسير السعدي (6/ 166).(1/13)خامسًا: جاء في صفحة (248) الآية (10) من سورة فاطر.في قوله تعالى: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ}.قال الشيخ مخلوف: (يرفع الله العمل الصالح ويقبله).* قلت: هذا أحد القولين في تفسير الآية، والقول الثاني: أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب لأنه برهان صدق الإنسان في كلامه الطيب، فإذا صدق فعله قوله كان حقيقا وجديرا بأن يرفعه الله تعالى ويقبله، وهذه الآية من أعظم حجج أهل السنة على أهل(1/14)البدع في باب إثبات صفة العلو لله تعالى (1).* * * *سادسًا: جاء في صفحة (329) الآية (3) من سورة الحديد.في قوله تعالى: {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}.قال الشيخ مخلوف: (الظاهر بوجوده ومصنوعاته وتدبيره) (والباطن بكنه ذاته عن العقول).* قلت: الأولى تفسير هذين الاسمين: «الظاهر والباطن» بما_________(1) انظر تفسير ابن كثير (5/ 572 - 573).(1/15)فسرهما به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء»، فيكون اسمه الظاهر دالا على علوه على خلقه، واسمه الباطن دالا على إحاطة علمه وأنه لا يحجبه شيء، فسمعه واسع لجميع الأصوات، وبصره نافذ إلى جميع المخلوقات.سابعًا: جاء في صفحة (350) الآية (42) من سورة القلم.في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.(1/16)قال الشيخ «مخلوف»: (كناية عن شدة هول القيامة).* قلت: هذا أحد القولين في تفسير الآية، والقول الثاني: أن المراد يكشف الله عن ساقه، ويدل لهذا الحديث الثابت في الصحيح (1)، والسلف لم يختلفوا في إثبات صفة الساق كرجله ويده وإنما اختلفوا في تفسير هذه الآية._________(1) أخرجه البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (13/ 431 حديث رقم 7439، وأخرجه أيضا مسلم حديث 183 من طريق عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري).(1/17)فقال بعضهم: «المراد بالساق الله فالله يكشف عن ساقه فيسجد له المؤمنون حينئذ كما في الصحيحين» (1)._________(1) لفظه عند البخاري أن أبا سعيد الخدري قال: (قلنا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا؟»، قلنا: لا قال: «فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما»، ثم قال: «ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغيره من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرًا ابن الله، فيقال: كذبتم؛ لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم؛ لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديًا ينادي ليحلق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا ... ) الحديث.(1/18)وقال بعضهم: «إن المراد شدة الهول» فلم يجعلوها من آيات الصفات، ولكنهم لم ينفوا صفة الساق الثابتة في(1/19)السنة، فلم يثبتوا صفة الساق بنص القرآن، وإنما أثبتوها بالسنة ولا منافاة بين القولين، فالله يكشف عن ساقه يوم شدة الهول.بخلاف المعطلة فإنهم لا يؤمنون بصفة الساق ولا يثبتونها لا بالقرآن ولا بالسنة، بل حملوا الآية والحديث على شدة العذاب، وهذا وإن كان محتملا في الآية فإنه لا يحتمل في تفسير الحديث، لورود الساق مضافة إلى الضمير العائد على الله تعالى (1)._________(1) انظر تفسير ابن جرير (29 - 38 - 42)، وتفسير ابن كثير (7/ 90 - 91).(1/20)ثامنًا: جاء في صفحة (384) الآية (1) من سورة الأعلى.في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ}، ولم يذكر الأعلى وهي تمام الآية، ومعناه الأعلى من كل شيء فهو أفعل تفضيل دال على علوه تعالى بكل معاني العلو، فهو الأعلى قدرا ومنزلة، وهو الأعلى بالقهر والغلبة، وهو الأعلى بذاته فوق كل شيء وفي ذكر اسمه الأعلى في هذا الموضع بيان لموجب استحقاقه للتسبيح وهو التنزيه عن النقائص.(1/21)فهرس المراجع(1) تفسير ابن جرير الطبري «جامع البيان» طبعة مكة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الطبعة الثالثة (1388هـ).(2) تفسير البغوي المسمى «معالم التنزيل» للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي إعداد وتحقيق خالد عبد الرحمن ومروان سوار دار المعرفة ببيروت لبنان الطبعة الأولى (1406هـ).(3) تفسير ابن السعدي طبع المؤسسة السعدية.(4) العلو للعلي الغفار للحافظ الذهبي ط السلفية المدينة.(5) عقيدة السلف أصحاب الحديث لأبي إسماعيل الصابوني تحقيق وتخريج بدر البدر الدار السلفية الكويت.(1/23)(6) مجموع فتاوى ابن تيمية جمع وترتيب عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تصوير عن الطبعة الأولى (1398هـ).(1/24)
الكتاب: التعقبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان لمخلوفالمؤلف: محمد بن عبد الرحمن الخميسبسم الله الرحمن الرحيمملحوظات على كتاب «كلمات القرآن تفسير وبيان» للشيخ/ حسنين محمد مخلوف:أولاً: جاء في صفحة (88) الآية (54) من سورة «الأعراف»، وكذلك صفحة (112) وصفحة (134) وصفحة (177) وصفحة (211) وصفحة (236) وصفحة (277) وصفحة (323).في قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}.قال الشيخ «مخلوف»: (استوى بالمعنى اللائق به سبحانه).(1/7)* قلت: إن كان يريد بكلامه هذا تفويض كيفية الاستواء فهذا حق لأن الكيفية على الوجه اللائق به سبحانه، ولا يعلم ذلك إلا الله كما قال الإمام مالك: « ... والكيف مجهول»، وأما إن كان يريد بذلك أن معنى الاستواء نفسه مجهول فهذا فرار من إثبات صفة العلو والاستواء على العرش؛ لأن السلف ذكروا أن الاستواء معناه العلو والارتفاع والاستقرار (1)._________(1) انظر صحيح البخاري (4/ 387)، ومن أراد المزيد فليراجع كتاب «اجتمع الجيوش الإسلامية»، وكتاب «العلو».(1/8)وعبارة المؤلف مبهمة تحتمل كلا المعنيين، ولكن السلف لم يجهلوا معنى الاستواء كما قال الإمام مالك وغيره: «الاستواءمعلوم» (1) وورد في ألفاظ أخرى: «الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول»._________(1) الأثر: أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (7/ 138) من طريق عبد الله بن نافع عن مالك بن أنس، والصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص (17، 18)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 325، 326)؛ جميعهم من طريق جعفر بن عبد الله عن مالك. وأخرجه الصابوني في عقيدة السلف ص (17) من طريق جعفر بن ميمون عن مالك، والبيهقي في الأسماء والصفات ص (408) من طريق عبد الله بن وهب عن مالك. قال الحافظ في الفتح (13/ 406، 407): إسناده «جيد» وصححه الذهبي في العلو ص (103).(1/9)ثانيًا: جاء في صفحة (114) الآية (21) من سورة يونس.في قوله تعالى: {قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا}.قال الشيخ مخلوف: (أعجل جزاء وعقوبة).* قلت: حقيقة المكر تدبير محكم في إنزال العقوبة بالمجرم من حيث لا يشعر، فهو أخص من مطلق العقوبة والجزاء، لأنه عقوبة على وجه مخصوص.* * * *ثالثًا: جاء في صفحة (135) الآية (9) من سورة الرعد.(1/10)في قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}.قال الشيخ مخلوف: (المستعلي على كل شيء بقدرته).* قلت: هذا أحد معاني العلو الثابتة له سبحانه، فهو المتعالي على كل شيء بقهره، والمتعالي عن كل سوء ونقص بكماله، والمتعالي بذاته فوق خلقه.* * * *رابعًا: جاء في صفحة (235) الآية (27) من سورة لقمان.في قوله تعالى: {مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ}.قال الشيخ مخلوف: (مقدوراته وعجائبه أو معلوماته).(1/11)* قلت: تفسير كلمات الله بمقدوراته أو بمعلوماته خلاف ما فهمه السلف منها، وهو بالتالي عدول عن ظاهر اللفظ، بل كلماته سبحانه هي كلامه وقوله الذي لا نفاد له؛ لأنه سبحانه أول بلا ابتداء، آخر بلا انتهاء، ولم يزل ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء، فلا حد لكلامه سبحانه فيما مضى ولا فيما يستقبل، وما يقدر من الأشجار والبحور لتكتب به كلمات الله لابد أن يفنى وينتهي، وكلام الله لا نفاد له، وتفسير كلمات الله بمقدوراته أو معلوماته تفسير لها بأمور وجودية وعدمية، وكلمات(1/12)الله تعالى الموصوفة بأنها لا تنفد هي أمور وجودية، وكأن هذا التفسير الذي ذكره المؤلف يرجع إلى مذهب الأشاعرة في كلام الله، وهو أن كلام الله معنى واحد نفسي قديم فلا يوصف بالتعدد وهو خلاف مذهب أهل السنة والجماعة، فإنهم يقولون: (لم يزل الله ولا يزال يتكلم بما شاء إذا شاء وكيف شاء وكلماته لا نهاية لها، فيوصف تعالى بأنه قال ويقول ونادى وينادي كما أخبر بذلك تعالى عن نفسه وهو أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلا وأحسن حديثًا من خلقه) (1)._________(1) انظر تفسير ابن جرير (21/ 80 - 82) وتفسير البغوي (6/ 292) وتفسير السعدي (6/ 166).(1/13)خامسًا: جاء في صفحة (248) الآية (10) من سورة فاطر.في قوله تعالى: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ}.قال الشيخ مخلوف: (يرفع الله العمل الصالح ويقبله).* قلت: هذا أحد القولين في تفسير الآية، والقول الثاني: أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب لأنه برهان صدق الإنسان في كلامه الطيب، فإذا صدق فعله قوله كان حقيقا وجديرا بأن يرفعه الله تعالى ويقبله، وهذه الآية من أعظم حجج أهل السنة على أهل(1/14)البدع في باب إثبات صفة العلو لله تعالى (1).* * * *سادسًا: جاء في صفحة (329) الآية (3) من سورة الحديد.في قوله تعالى: {وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}.قال الشيخ مخلوف: (الظاهر بوجوده ومصنوعاته وتدبيره) (والباطن بكنه ذاته عن العقول).* قلت: الأولى تفسير هذين الاسمين: «الظاهر والباطن» بما_________(1) انظر تفسير ابن كثير (5/ 572 - 573).(1/15)فسرهما به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء»، فيكون اسمه الظاهر دالا على علوه على خلقه، واسمه الباطن دالا على إحاطة علمه وأنه لا يحجبه شيء، فسمعه واسع لجميع الأصوات، وبصره نافذ إلى جميع المخلوقات.سابعًا: جاء في صفحة (350) الآية (42) من سورة القلم.في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.(1/16)قال الشيخ «مخلوف»: (كناية عن شدة هول القيامة).* قلت: هذا أحد القولين في تفسير الآية، والقول الثاني: أن المراد يكشف الله عن ساقه، ويدل لهذا الحديث الثابت في الصحيح (1)، والسلف لم يختلفوا في إثبات صفة الساق كرجله ويده وإنما اختلفوا في تفسير هذه الآية._________(1) أخرجه البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (13/ 431 حديث رقم 7439، وأخرجه أيضا مسلم حديث 183 من طريق عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري).(1/17)فقال بعضهم: «المراد بالساق الله فالله يكشف عن ساقه فيسجد له المؤمنون حينئذ كما في الصحيحين» (1)._________(1) لفظه عند البخاري أن أبا سعيد الخدري قال: (قلنا يا رسول الله: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا؟»، قلنا: لا قال: «فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما»، ثم قال: «ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغيره من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرًا ابن الله، فيقال: كذبتم؛ لم يكن لله صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم؛ لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديًا ينادي ليحلق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا ... ) الحديث.(1/18)وقال بعضهم: «إن المراد شدة الهول» فلم يجعلوها من آيات الصفات، ولكنهم لم ينفوا صفة الساق الثابتة في(1/19)السنة، فلم يثبتوا صفة الساق بنص القرآن، وإنما أثبتوها بالسنة ولا منافاة بين القولين، فالله يكشف عن ساقه يوم شدة الهول.بخلاف المعطلة فإنهم لا يؤمنون بصفة الساق ولا يثبتونها لا بالقرآن ولا بالسنة، بل حملوا الآية والحديث على شدة العذاب، وهذا وإن كان محتملا في الآية فإنه لا يحتمل في تفسير الحديث، لورود الساق مضافة إلى الضمير العائد على الله تعالى (1)._________(1) انظر تفسير ابن جرير (29 - 38 - 42)، وتفسير ابن كثير (7/ 90 - 91).(1/20)ثامنًا: جاء في صفحة (384) الآية (1) من سورة الأعلى.في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ}، ولم يذكر الأعلى وهي تمام الآية، ومعناه الأعلى من كل شيء فهو أفعل تفضيل دال على علوه تعالى بكل معاني العلو، فهو الأعلى قدرا ومنزلة، وهو الأعلى بالقهر والغلبة، وهو الأعلى بذاته فوق كل شيء وفي ذكر اسمه الأعلى في هذا الموضع بيان لموجب استحقاقه للتسبيح وهو التنزيه عن النقائص.(1/21)فهرس المراجع(1) تفسير ابن جرير الطبري «جامع البيان» طبعة مكة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الطبعة الثالثة (1388هـ).(2) تفسير البغوي المسمى «معالم التنزيل» للإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي إعداد وتحقيق خالد عبد الرحمن ومروان سوار دار المعرفة ببيروت لبنان الطبعة الأولى (1406هـ).(3) تفسير ابن السعدي طبع المؤسسة السعدية.(4) العلو للعلي الغفار للحافظ الذهبي ط السلفية المدينة.(5) عقيدة السلف أصحاب الحديث لأبي إسماعيل الصابوني تحقيق وتخريج بدر البدر الدار السلفية الكويت.(1/23)(6) مجموع فتاوى ابن تيمية جمع وترتيب عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تصوير عن الطبعة الأولى (1398هـ).(1/24)