عدد الزوار 200 التاريخ 23-02-2020
مِن أسماءِ هذه السُّورةِ [1] وذُكر للسُّورةِ أسماء أُخرَى، يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (2/230)، ((الإتقان)) للسيوطي (1/192). : التَّوبةُ [2] وَجهُ تَسمِيَتِها بالتَّوبةِ: ذِكرُ لَفظِ التَّوبةِ فيها أكثَرَ مِن مَرَّةٍ، ولأنَّها ذَكَرَت توبةَ اللهِ تعالى على الثَّلاثةِ الذين خُلِّفوا عن غَزوةِ تَبوك. يُنظَر: ((تفسير الزمخشري)) (2/241)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/227)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/95). ، وبراءةُ [3] وَجهُ تَسمِيَتِها ببراءة: ذِكرُ لَفظِ بَرَاءَةٌ في أوَّلِها، ولأنَّها ذَكَرَت البراءةَ مِن المُشرِكينَ وعُهودِهم. يُنظَر: ((تفسير الزمخشري)) (2/241)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/227)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/95). ، والفاضِحةُ [4] ووجهُ تسميتِها بالفاضحةِ أنَّها فضَحت المنافقين، وأنبأتْ بما في قلوبِهم مِن الكفرِ وسوءِ النِّيَّاتِ. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (3/54)، ((تفسير ابن الجوزي)) (2/230)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/131). .
فعن سعيدِ بن ِجُبَيرٍ، قال: (قُلتُ لابنِ عبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عنهما: سورةُ التَّوبةِ؟ قال: التَّوبةُ: الفاضِحةُ) [5] أخرجه البخاري (4882)، ومسلم (3031). .
وعن البَراءِ رَضِيَ الله عنه، قال: (آخِرُ سُورةٍ نَزَلت سورةُ بَراءة) [6] أخرجه البخاري (4364)، ومسلم (4364). .
وعن زيدِ بنِ ثابتٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (فتتَبَّعْتُ القُرآنَ حتى وجَدْتُ آخِرَ سُورةِ التَّوبةِ مع أبي خُزيمةَ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ حتى خاتِمةِ سُورةِ البراءةِ) [7] أخرجه البخاري (7425). .
1- حَثُّ الصَّحابةِ على تعَلُّمِها:
كتب عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ الله عنه: (تعلَّمُوا سورةَ براءة، وعَلِّمُوا نساءَكم سُورةَ النُّور) [8] أخرجه سعيد بن منصور في ((التفسير)) (1003). وثَّق رجالَه الألبانيُّ في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (8/337). .
2- أنَّها مِن أواخِرِ ما نزَلَ من القرآنِ:
عن البَراءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (آخِرُ سُورةٍ أُنزِلَت: براءة) [9] تقدَّم تخريجُه. .
3- لا يُبدأُ فيها بـ(بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ) نقَل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ [10] ممن نقَل الإجماعَ على ذلك: مكِّي، وأبو طاهرٍ المقرئُ ، وابن الباذِش، وابنُ الجزري، والشِّربيني. يُنظر: ((التبصرة)) لمكي (ص 248)، ((العنوان في القراءات السبع)) للمقرئ (ص: 65)، ((الإقناع في القراءات السبع)) لابن الباذش (ص: 53)، ((النشر في القراءات العشر)) لابن الجزري (1/264)، ((تفسير الشربيني)) (1/5). ونقَل ابنُ الباذشِ أنَّه رُوي عن أبي بكرٍ عن عاصمٍ أنَّه كان يكتبُ بينَ الأنفالِ والتوبةِ التَّسميةَ، وأنَّه يُروى ذلك عن زرٍّ عن ابنِ مسعودٍ، وأنَّه أثْبَته في مصحفِه، ثم قال: (ولا يُؤخَذُ بهذا). فائدة: قال ابنُ كثيرٍ: (وإنَّما لا يُبسمَلُ في أوَّلِها؛ لأنَّ الصَّحابةَ لم يكتُبوا البَسملةَ في أوَّلِها في المُصحَفِ الإمامِ، والاقتداءُ في ذلك بأميرِ المُؤمِنينَ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللهُ عنه وأرضاه). ((تفسير ابن كثير)) (4/101). ويُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/314)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (20/277). .
سُورةُ التَّوبةِ مَدَنيَّةٌ، ونقَلَ غيرُ واحدٍ الإجماعَ على ذلك [11] ممَّن نقَلَ الإجماعَ على ذلك القرطبيُّ، والفيروزآبادي، والبِقاعي، والقاسميُّ، ومحمد رشيد رضا. يُنظَر: ((تفسير القرطبي)) (8/61)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/227)، ((مصاعد النظر)) للبقاعي (2/151)، ((تفسير القاسمي)) (5/342)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (10/131). لكن قال ابنُ الجوزي؛ قال: (هي مدنيَّةٌ بإجماعِهم، سوى الآيتينِ اللَّتينِ في آخِرِها لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فإنَّها نزَلَت بمكَّةَ). ((تفسير ابن الجوزي)) (2/230). وقيل: إنَّها مَدَنيَّةٌ إلَّا قَولَه: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا .... يُنظَر: ((تفسير الزمخشري)) (2/241)، ((تفسير ابن عطية)) (3/3)، ((تفسير الرازي)) (15/521)، ((الإتقان)) للسيوطي (1/88). .
مِن أهَمِّ مَقاصِدِ سُورةِ التَّوبةِ:
1- رسمُ المنهاجِ الذي يجبُ أن يسلكَه المؤمنون في علاقاتِهم مع المشركينَ، ومعَ أهلِ الكتابِ، ومعَ المنافقينَ [12] يُنظر: ((في ظلال القرآن)) لسيد قطب (3/1565، 1566، 1567)، ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (6/191)). .
2- كشفُ الغطاءِ عن المنافقينَ وأصنافِهم وأوصافِهم، وفضحُ أفاعيلِهم في المجتمعِ المسلمِ [13] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (7/466) (28/437)، ((في ظلال القرآن )) لسيد قطب (3/1567)، ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (6/191). .
3- بيانُ كثيرٍ مِن الأحكامِ والإرشاداتِ التي تحتاجُ إليها الدولةُ الناشئةُ [14] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (6/193). .
مِن أهمِّ الموضوعاتِ التي تناولتْها سُورةُ التَّوبةِ:
1- البَراءةُ مِن المُشرِكينَ، والأمرُ بقِتالِهم، ونبذُ عُهودِهم، ومَنعُهم من دخولِ المَسجِدِ الحرامِ، والنَّهيُ عن مُوالاتِهم، ولو كانوا ذَوي قُربى.
2- الإشارةُ إلى وَقعةِ حَربِ حُنَينٍ، وتربيةُ نُفوسِ المؤمنينَ بِصِدقِ التَّوكُّلِ على اللهِ تعالى.
3- إعلانُ الحَربِ على أهلِ الكِتابِ مِن العَرَبِ؛ حتى يُعطُوا الجِزيةَ، وأنَّهم ليسُوا بَعيدًا مِن أهلِ الشِّركِ، وأنَّ الجَميعَ لا تنفَعُهم قُوَّتُهم ولا أموالُهم، وتقبيحُ قَولِ اليَهودِ والنَّصارى في حَقِّ عُزَيرٍ وعِيسى عليهما السَّلامُ، وتأكيدُ رِسالةِ الرَّسولِ الصَّادِقِ المُحِقِّ، وعيبُ أحبارِ اليَهودِ في أكْلِهم الأموالَ بالباطِلِ.
4- حُرمةُ الأشهُرِ الحُرُمِ، وضَبطُ السَّنَةِ الشَّرعيَّةِ، وإبطالُ النَّسيءِ الذي كان عند الجاهليَّةِ.
5- الحَثُّ على الجِهادِ والنَّفيرِ العامِّ في سبيلِ اللهِ بالأموالِ والأنفُسِ، وعَدَمُ الرُّكونِ إلى الدُّنيا وزِينَتِها.
6- نُصرةُ الله سبحانه وتعالى لنبِيِّه مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصاحِبِه الصِّدِّيقِ، وحِفظُه لهما مِن أعيُنِ الكُفَّارِ.
7- ذِكرُ أوصافِ المُنافِقينَ، ودسائسِهم الماكِرةِ، وذِكرُ أذاهُم للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالقَولِ والفِعلِ، وأيمانِهم الكاذِبةِ، وأمرِهم بالمُنكَر ونَهيِهم عن المَعروفِ، وكَذِبِهم في عُهودِهم وسُخرَيتِهم بضُعَفاءِ المُؤمِنينَ، والأمر بجِهادِهم، والنَّهي عن الاستعانةِ بهم، ونَهْي النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الاستغفارِ لأحيائِهم، وعن الصَّلاةِ على أمواتِهم، وعَيب المُقَصِّرينَ على اعتذارِهم بالأعذارِ الباطلةِ.
8- ذَمُّ الأعرابِ في صلابَتِهم، وتمسُّكِهم بالدِّينِ الباطِلِ، ومَدحُ بَعضِهم بصَلابَتِهم في دِينِ الحَقِّ.
9- ذِكرُ السَّابِقينَ مِن المهاجِرينَ والأنصارِ، وفَضلِهم، وذِكرُ المُعتَرفِينَ بِتَقصيرِهم، وقَبولِ الصَّدَقاتِ مِن الفُقَراءِ، وقَبول تَوبةِ التَّائبينَ.
10- ذِكرُ بِناءِ مَسجِدِ الضِّرارِ للغَرَضِ الفاسِدِ، ومَكرِ المُنافِقينَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابِه.
11- ذِكرُ بناءِ مَسجِدِ قُباءٍ على الطَّاعةِ والتَّقوى، وأنَّه أولى أن يقومَ فيه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
12- مُبايعةُ الحَقِّ تعالى عَبيدَه باشتِراءِ أنفُسِهم وأموالِهم، ومُعاوَضتهم عن ذلك بالجنَّةِ.
13- النَّهيُ عن الاستغفارِ للمُشرِكينَ.
14- قَبولُ تَوبةِ المُتخَلِّفينَ عن غَزوةِ تَبوك.
15- النَّفيرُ لِطَلَبِ العِلمِ والتَّفقُّهِ في دينِ الله تعالى، وتَبليغِ الدِّينِ.
16- الامتنانُ على المسلمينَ بأن أرسَلَ فيهم رسولًا منهم، جَبَلَه على صِفاتٍ فيها كلُّ خَيرٍ لهم، وأمْرُ اللهِ نَبِيَّه بالتوكُّلِ عليه في جَميعِ أحوالِه.