يَحرُمُ على المُظاهِرِ الوَطءُ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان تكفيرُه بالعِتقِ أو الصِّيامِ.الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقَولُه تعالى في العِتقِ والصِّيامِ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3، 4.وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّه إن وَطِئَ قبل التَّكفيرِ فقد عصى رَبَّه؛ لِمُخالفةِ أمْرِه [578]     ((المغني)) لابن قدامة (8/41). .ثانيًا: مِنَ الإجماعِنَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ [579]     قال ابنُ رشد: (اتَّفقوا على أنَّ المظاهِرَ يَحرُمُ عليه الوَطءُ). ((بداية المجتهد)) (3/127). ، وابنُ قُدامةَ [580]     قال ابنُ قدامة: (المظاهِرُ يَحرُمُ عليه وَطءُ امرأتِه قبل أن يُكَفِّرَ، وليس في ذلك اختلافٌ إذا كانت الكفَّارةُ عِتقًا أو صَومًا؛ لِقَولِ الله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة: 3]، وقَولِه سبحانه: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة: 4]). ((المغني)) (8/11). . انظر أيضا: المَطلَبُ الثَّاني: حكم الوَطءِ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان التَّكفيرُ بالإطعامِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: ما يلزَمُ مَن وَطِئَ قبل أداءِ الكفَّارةِ.

يَحرُمُ على المُظاهِرِ الوَطءُ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان تكفيرُه بالإطعامِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [581]     ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/13)، ((العناية)) للبابرتي (4/272)، ((البناية)) للعيني (5/542). ، والمالِكيَّةِ [582]     ((التاج والإكليل)) للمواق (4/122)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (5/439)، ((منح الجليل)) لعليش (4/239). ، والشَّافِعيَّةِ [583]     ((روضة الطالبين)) للنووي (8/268)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/185). ، والحَنابِلةِ [584]     ((المبدع)) لابن مفلح (8/37)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/148). ، وهو قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ [585]     قال ابنُ قدامة: (أكثَرُ أهلِ العِلمِ على أنَّ التَّكفيرَ بالإطعامِ مِثلُ ذلك، وأنَّه يَحرُمُ وَطؤهُا قبل التكفيرِ؛ منهم عطاء، والزهري، والشافعي). ((المغني)) (8/12). .الأدِلَّةُ:أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِعن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه: ((أنَّ رَجُلًا أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد ظاهَرَ مِن امرأتِه فوقَعَ عليها، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي قد ظاهَرْتُ مِن زَوجتي فوقَعْتُ عليها قبل أن أُكَفِّرَ، فقال: وما حمَلَك على ذلك يرحَمُك اللهُ؟! قال: رأيتُ خَلْخالَها في ضَوءِ القَمَرِ، قال: فلا تَقرَبْها حتى تفعَلَ ما أمَرَك اللهُ به)) [586]     أخرجه الترمذي (1199) واللَّفظُ له، والنَّسائي (3457). قال الترمذي: حسَنٌ غريبٌ صَحيحٌ. وقال ابنُ العربيِّ في ((عارضة الأحوذي)) (3/144): ليس في الظِّهارِ حديثٌ صحيحٌ. وقال محمَّدُ بن عبد الهادي في ((المحرر)) (376): قد رُوِيَ مُرسَلًا، وهو أَولى بالصَّوابِ مِن المُسنَدِ، قاله النسائي. وصَحَّح الحديثَ ابنُ القيِّمِ في ((أعلام الموقعين)) (4/291)، وقال الزيلعي في ((نصب الراية)) (3/246): له طريقٌ آخر. وقال ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (2/208): مُرسَلٌ. وقال الصَّنعانيُّ في ((سبل السلام)) (3/291): لا يَضُرُّ إرسالُه بل يزيدُ قُوَّةً. وحَسَّنه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1199)، وذكَرَ الوادعي في ((أحاديث مُعلَّة)) (216) أنَّ فيه مَعمَرَ بنَ راشدٍ: يُعتبرُ شاذًّا. .وَجهُ الدَّلالةِ:هذا نصٌّ على أنَّه ليس له أن يَغشاها قبل التَّكفيرِ، سواءٌ كانت كفَّارتُه بالإطعامِ أو بالصِّيامِ [587]     ((المبسوط)) للسرخسي (3/79). .ثانيًا: أنَّه مُظاهِرٌ لم يُكَفِّرْ، فحَرُمَ عليه جِماعُها، كما لو كانت كفَّارتُه العِتقَ أو الصِّيامَ، وتَركُ النصِّ عليها لا يمنَعُ قياسَها على المنصوصِ الذي في مَعناها [588]     ((المغني)) لابن قدامة (8/12). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: حكم الوَطءِ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان التَّكفيرُ بالعِتقِ أو الصِّيامِ. المَطلَبُ الثَّالِثُ: ما يلزَمُ مَن وَطِئَ قبل أداءِ الكفَّارةِ.

مَن جامَعَ قبلَ أن يُكَفِّرَ لم تلزَمْه إلَّا كفَّارةٌ واحِدةٌ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّةِ [589]     ((مختصر القدوري)) (ص: 165)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (5/534). ، والمالِكيَّةِ [590]     ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (2/606)، ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (4/299)، ((كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي)) (2/106). ، والشَّافِعيَّةِ [591]     ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (8/185). ويُنظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (10/357)، ((بحر المَذهَب)) للروياني (10/265). ، والحَنابِلةِ [592]     ((شرح منتهى الإرادات )) للبهوتي (3/169)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (5/514). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [593]     قال ابنُ القيم: (الكفَّارةُ لا تَسقُطُ بالوَطءِ قبلَ التَّكفيرِ، ولا تتضاعَفُ... قال الصلتُ بنُ دينارٍ: سألتُ عَشَرةً مِن الفُقهاءِ عن المُظاهِرِ يجامِعُ قبل أن يُكَفِّرَ؟ فقالوا: كفَّارةً واحدةً. قال: وهم الحَسَنُ، وابنُ سيرين، ومَسروقٌ، وبكرٌ، وقتادةُ، وعطاءٌ، وطاوسٌ، ومجاهِدٌ، وعِكرمةُ. قال: والعاشِرُ أُراه نافِعًا، وهذا قَولُ الأئمَّةِ الأربعةِ). ((زاد المعاد)) (5/310). .الدَّليلُ مِنَ السُّنَّةِ: عن سَلَمةَ بنِ صَخرٍ البَياضيِّ رضي اللهُ عنه قال: ((كنتُ امرأً أستكثِرُ مِن النِّساءِ، لا أُرى رجُلًا كان يُصيبُ مِن ذلك ما أُصيبُ، فلمَّا دخل رمضانُ ظاهَرْتُ مِن امرأتي حتى يَنسَلِخَ رَمضانُ، فبينما هي تحدِّثُني ذاتَ ليلةٍ انكشَفَ لي منها شيءٌ، فوثَبْتُ عليها فواقَعْتُها، فلمَّا أصبحتُ غَدَوتُ على قومي فأخبَرْتُهم خَبري، وقلتُ لهم: سلُوا لي رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: ما كنَّا نَفعَلُ؛ إذَنْ يُنزِلَ اللهُ فينا كِتابًا، أو يكونَ فينا مِن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولٌ، فيَبقى علينا عارُه! ولكنْ سوف نُسْلِمُك بجريرتِك، اذهَبْ أنتَ فاذكُرْ شأنَك لِرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. قال: فخرَجْتُ حتى جِئتُه فأخبَرْتُه الخبَرَ، فقال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنتَ بذاك؟! فقلتُ: أنا بذاك، وها أنا يا رَسولَ اللهِ صابِرٌ لحُكمِ اللهِ علَيَّ، قال: فأعتِقْ رَقبةً. قال: قلتُ: والذي بعَثَك بالحَقِّ، ما أصبحْتُ أملِكُ إلَّا رقَبتي هذه! قال: فصُمْ شَهرينِ مُتتابِعَينِ. قال: قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، وهل دخَلَ عليَّ ما دخَلَ مِن البَلاءِ إلَّا بالصَّومِ؟! قال: فتصَدَّقْ، أو أطعِمْ سِتِّينَ مِسكينًا. قال: قلتُ: والذي بعَثَك بالحَقِّ، لقد بِتْنا ليلَتَنا هذه ما لنا عَشاءٌ! قال: فاذهَبْ إلى صاحِبِ صَدَقةِ بني زُرَيقٍ، فقُلْ له، فلْيَدْفَعْها إليك، وأطعِمْ سِتِّينَ مِسكينًا، وانتَفِعْ ببقيَّتِها)). وفي رواية: ((عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المُظاهِرِ يُواقِعُ قبل أن يُكَفِّرَ، قال: كفَّارةٌ واحِدةٌ)) [594]     أخرجه الترمذي (3299)، وابن ماجه (2062) واللفظ له، وأحمد (16421). حسَّنه الترمذي، وقال: وقال البخاري: سليمان بن يَسارٍ لم يسمَعْ مِن سَلَمة. وجَوَّده ابنُ الملقِّن في ((البدر المنير)) (8/151)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (7/50): في إسناده محمدُ بن إسحاق. وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2062). . وَجهُ الدَّلالةِ:أنَّ سَلَمةَ بنَ صَخرٍ جامَعَ بعد ظِهارِه قبل أن يُكَفِّرَ، ولم يأمُرْه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا بكفَّارةٍ واحدةٍ؛ فدَلَّ هذا على عَدَمِ تعدد الكفارة [595]     ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 444). . انظر أيضا: المَطلَبُ الأوَّلُ: حكم الوَطءِ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان التَّكفيرُ بالعِتقِ أو الصِّيامِ. المَطلَبُ الثَّاني: حكم الوَطءِ قبلَ أداءِ الكفَّارةِ إذا كان التَّكفيرُ بالإطعامِ.