اختَلَف العلماءُ في حُكْمِ الصَّيدِ بالكلبِ الأَسْوَدِ البَهِيمِ، على قولين:القول الأوّل: يُباحُ الصَّيدُ بالكلبِ الأَسْوَدِ البَهِيمِ، وهو مذهبُ الجمهورِ [352] قال ابنُ رُشْدٍ: (وأمَّا الجمهورُ فعلى إجازةِ صَيْدِه إذا كان مُعَلَّمًا). ((بداية المجتهد)) (3/7). وقال ابن قُدامةَ: (وأَباحَ صَيْدَه أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعيُّ؛ لعمومِ الآيةِ والخبرِ، والقياسِ على غيرِه مِنَ الكلابِ). ((المغني)) (9/373). وقال ابن جُزَيٍّ: (وأمَّا الحيوانُ فيَجوزُ عند الجميعِ الصَّيدُ بالكلابِ والبازاتِ والصُّقورِ والعُقابِ وكلِّ ما يَقْبَلُ التَّعليمَ، حتَّى بالسِّنَّوْرِ. قاله ابن شعبانَ، خِلافًا لمَن مَنَعه بالكلبِ الأَسْوَدِ، وهو ابن حَنبَلٍ). ((القوانين الفقهية)) (ص: 118). وقال القُرْطُبيُّ: (فأمَّا عَوامُّ أهلِ العِلمِ بالمدينةِ والكوفةِ فيرَوْن جَوازَ صَيدِ كلِّ كلبٍ مُعَلَّمٍ). ((تفسير القُرطبي)) (6/67). : الحَنَفيَّةِ [353] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/205)، ((البناية)) للعَيْني (12/410)، ((حاشية ابن عابدين)) (6/463).   ، والمالِكيَّةِ [354] فقد أَطلَقوا جَوازَ الصَّيدِ بالكلبِ دُونَ استِثناءٍ، وبعضُهُم صَرَّح بجَوازِه. ((مواهب الجليل)) للحَطَّاب (4/322)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/422)، ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رُشْدٍ (3/7)، ((القوانين الفقهية)) لابن جُزَيٍّ (ص: 118).   ، والشَّافِعيَّةِ [355] ((المجموع)) للنَّووي (9/93).   ، وروايةٌ عن أحمدَ [356] (المبدع)) لابن مفلح (9/211)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/322).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُهُ تعالى: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة: 4].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ اللهَ أَباحَ صَيْدَ الكِلابِ المُعَلَّمةِ عمومًا، ولم يُفرِّقْ بيْن أَسْوَدَ وغيرِه [357] ((تفسير القرطبي)) (6/67).   .ثانيًا: مِنَ السُّنَّةقولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ((إذا أَرسَلْتَ كلبَكَ المُعَلَّمَ...)) [358] أخرجه البخاري (175)، ومسلم (1929) من حديث عدي بن حاتم رضيَ اللهُ عنه.   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَطلَقَ إباحةَ صَيدِ الكلبِ المُعَلَّمِ دُونَ قَيْدٍ بلَونٍ [359] ((شرح صحيح مسلم)) للنَّووي (13/74).   . ثالثًا: أنَّه لا فرقَ بيْن الكلبِ الأَسْوَدِ وغيرِه في القياسِ [360] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/373).   .القول الثاني: لا يَجوزُ الصَّيدُ بالكلبِ الأَسْوَدِ البَهِيمِ، وهو مذهبُ الحنابلةِ [361] ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (3/430)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/222).   ، ووجْهٌ للشَّافعيَّةِ [362] ((المجموع)) للنَّووي (9/95).   ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلفِ [363] قال النَّووي: (وقال الحَسنُ البصريُّ والنَّخَعيُّ وقَتادةُ وأحمدُ وإسحاقُ: يَجوزُ بذلك كلِّه، إلَّا الكلبَ الأَسْوَدَ البَهِيمَ). ((المجموع)) للنَّووي (9/93).   ، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ [364] قال ابن حَزْمٍ: (ولا يَحِلُّ إمساكُ كلبٍ أَسْوَدَ بَهيمٍ أو ذي نُقْطَتَيْنِ، لا لصَيدٍ ولا لغيرِه، ولا يَحِلُّ تعليمُه، ولا أكْلُ ما قَتَل مِنَ الصَّيدِ أصْلًا، إلَّا أنْ تُدرَكَ ذَكاتُه). ((المحلى)) (6/174).   ، واختارَه ابنُ عُثَيمين [365] قال ابن عثيمين: (والعلماءُ مُختلِفون في هذه المسألةِ: فمِنهم مَن قال: لا يَحِلُّ؛ لأنَّ الكلبَ الأَسْوَدَ شيطانٌ؛ ولأنَّ الأَسْوَدَ لا يَحِلُّ اقتِناؤُه، فلا يُرَخَّصُ بحِلِّ صَيدِه. ومِنهم مَن قال: يَحِلُّ صَيدُه؛ لعمومِ قولِه- تعالى-: وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ [المائدة: 4]. والقول الأوّلُ هو الأقربُ). ((الشرح الممتع)) (15/111).   .الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِقولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في معرضِ الأمرِ بقتلِ الكِلابِ: ((عليكُم بالأَسْوَدِ البَهيمِ ذي النُّقْطَتَيْنِ، فإنَّه شَيطانٌ)) [366] ((رواه مسلم) (1572).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّه لا يَحِلُّ صَيدُه؛ لأنَّه شَيطانٌ [367] ((شرح النَّووي على مسلم)) (10/237).   .ثانيًا: لأنَّه لا يَحِلُّ اقتِناؤُه؛ فلا يَحِلُّ صَيدُه [368] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/373).   . انظر أيضا: