يُشترَطُ في آلةِ الصَّيْدِ أنْ تَكونَ مُحدَّدةً، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [250] ((مختصر القدوري)) (ص: 205)، ((الدر المختار وحاشية ابن عابدين)) (6/471).   ، والمالِكيَّةِ [251] ((شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (3/18)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/421).   ، والشَّافِعيَّةِ [252] ((المجموع)) للنَّووي (9/82).   ، والحنابلةِ [253] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/219)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحيباني (6/344).   .الأدلَّة:أولًا: مِنَ السُّنَّةِ1 - عن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه، قال: ((قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُرسِلُ كلْبي فيَأْخُذُ الصَّيْدَ، ولا أَجِدُ ما أُذَكِّيه به، فأُذَكِّيه بالمَروةِ [254] المَرْوة: حَجَرٌ أبيضُ بَرَّاقٌ يُجعَلُ منه كالسِّكِّينِ. يُنظر: ((غريب الحديث )) للقاسم بن سلام (2/58)، ((لسان العرب)) لابن منظور (15/276).   والعَصَا، قال: أَهْرِقِ الدَّمَ بما شِئْتَ، واذكُرِ اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ)) [255] أخرجه أبو داودَ (2824)، والنَّسائي (4303) واللَّفظ له، وابنُ ماجَهْ (3177)، وأحمدُ (18262). وأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (332)، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (7/452): ساقط، وصحَّحَه ابنُ المُلَقِّن في ((البدر المنير)) (9/251)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (4/1479): مدارُه على سِمَاكِ بنِ حرْبٍ. وصَحَّح إسنادَه الشَّوْكانيُّ في ((السَّيل الجَرَّار)) (4/67)، وصَحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (4303).   .وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَباحَ التَّذكيةَ بكلِّ ما أَنهَرَ الدَّمَ [256] ((شرح النَّووي لصحيح مسلم)) (13/127)، ((سُبُل السلام)) للصَّنْعاني (4/87).   .2 - عن نافعٍ، عن رَجُلٍ من بني سَلِمةَ أَخبَرَ عبدَ اللهِ: ((أنَّ جاريةً لكعبِ بنِ مالكٍ تَرْعَى غنمًا له بالجُبَيْلِ الَّذي بالسُّوقِ، وهو بسَلْعٍ، فأُصيبَتْ شاةٌ، فكَسَرَتْ حَجَرًا فذَبَحَتْها به، فذَكَروا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأَمَرَهُم بأكْلِها [257] أخرجه البخاري (5502).   .3 - عن رافعِ بنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه: ((قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا لاقُو العَدوِّ غدًا، وليس معنا مُدًى، فنُذَكِّي باللِّيطِ؟ [258] اللِّيطة- بكسر اللام وإسكان المثناة تحت وبطاء مهملة-، وهي: القِشرةُ الرَّقيقةُ للقَصَبةِ. وقيل: مُطْلَقُ قشرةِ القَصَبة، والجماعة: لِيطٌ. يُنظر: ((شرح صحيح مسلم)) للنَّووي (9/81).   قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أَعْجِلْ- أو: أَرْني- ما أَنهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسمُ اللهِ، فكُلْ، ليس السِّنَّ، والظُّفُرَ)) [259] أخرجه مسلم (1968).   .ثانيًا: أنَّه يَجوزُ بالحديدِ، والجوازُ ليس لكَوْنِه مِن جِنسِ الحديدِ؛ بل لوُجودِ معنَى الحديدِ؛ بدليلِ أنَّه لا يَجوزُ بالحديدِ الَّذي لا حَدَّ له، فإذا وُجِد معنَى الحَدِّ في المَروةِ واللِّيطةِ جازَ الذَّبحُ بهِما [260] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/42).   . انظر أيضا:  المطلب الثَّاني: أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه. المطلب الثَّالث: ألَّا تَكونَ آلَةُ الصَّيدِ مَسمومةً بما يَقتُلُ الصَّيدَ قبلَ الآلةِ. المطلب الرَّابع: اشتِراطُ أنْ يُصيبَ الرَّمْيُ الصَّيدَ مُباشرةً ولا يَعْدِلَ عن جِهَتِه. المطلب الخامس: حُكْمُ الصَّيدِ بآلةٍ مغصوبةٍ.

يُشترَطُ في حِلِّ الصَّيْدِ أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه، لا بعَرْضِها ولا بثِقَلِها، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [261] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (11/189)، ((الهداية)) للمَرْغِيناني (4/123)، ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلعي (6/59)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيْم (8/260).   ، والمالِكيَّةِ [262] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/215)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/421).   ، والشَّافِعيَّةِ [263] ((المجموع)) للنَّووي (9/11)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/274).   ، والحنابلةِ [264] ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (9/206)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/315)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/219).   ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلفِ [265] قال ابن قُدامةَ: (وهذا قولُ عليٍّ، وعثمانَ، وعَمَّارٍ، وابنِ عبَّاسٍ. وبه قال النَّخَعيُّ، والحَكَمُ، ومالِكٌ، والثَّوْريُّ، والشَّافِعيُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ). ((المغني)) (9/383).   .الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتابقولُه تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ إلى قولِهِ: وَالْمَوْقُوذَةُ [المائدة: 3].وجهُ الدَّلالةِ:أنَّ الصَّيدَ المقتولَ بثِقَلِه وَقِيذٌ؛ فلا يَحِلُّ بنَصِّ الآيةِ [266] ((المبدع)) لابن مفلح (9/206).   . ثانيًا: مِنَ السُّنَّةعن عَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه، قال: ((قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أُرسِلُ كلْبي وأُسَمِّي... وسألْتُه عن صَيدِ المِعْراضِ [267] المِعْراض- كمِحْراب-: سهمٌ يُرمَى به بلا ريشٍ ولا نَصْلٍ. وقيل: هو مِن عِيدانٍ، دقيق الطَّرَفين، غليظُ الوَسَطِ، كهيئةِ العودِ الَّذي يُحْلَجُ به القُطنُ، فإذا رَمَى به الرَّامي ذَهَب مُستَويًا، ويُصيبُ بعَرْضِه دُونَ حَدِّه، وربَّما كانت إصابتُه بوسَطِه الغليظِ فكَسَرَ ما أَصابَه وهَشَمَه، فكان كالمَوْقوذةِ، وإنْ قَرُبَ الصَّيدُ منه أصابَه بموضعِ النَّصْلِ منه فجَرَحَه. يُنظر: ((تاج العروس)) للزَّبِيديِّ (18/414)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/383).   ، فقال: إذا أَصَبْتَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أَصَبْتَ بعَرْضِه [268] أي: بغيرِ طَرَفِه المُحدَّدِ. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (9/600).   فقَتَل فإنَّه وَقِيذٌ؛ فلا تَأكُلْ)) [269] أخرجه البخاري (5476)، ومسلم (1929).   . ثالثًا: أنَّ ما قَتَله بحَدِّه بمنزلةِ ما طَعَنه برُمْحِه، أو رماهُ بسهمِه، ولأنَّه مُحَدَّدٌ خَرَقَ وقَتَل بحَدِّه، وما قَتَلَ بعَرْضِه إنَّما يَقتُلُه بثِقَلِه، فهو مَوْقوذٌ، كالَّذي رماهُ بحَجَرٍ [270] ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/383).   .رابعًا: أنَّ عِلَّةَ الحِلِّ الجَرحُ، وحيث لم يوجَدْ لم يَحِلَّ الصَّيدُ [271] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/219).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: أنْ تَكونَ الآلةُ مُحدَّدةً. المطلب الثَّالث: ألَّا تَكونَ آلَةُ الصَّيدِ مَسمومةً بما يَقتُلُ الصَّيدَ قبلَ الآلةِ. المطلب الرَّابع: اشتِراطُ أنْ يُصيبَ الرَّمْيُ الصَّيدَ مُباشرةً ولا يَعْدِلَ عن جِهَتِه. المطلب الخامس: حُكْمُ الصَّيدِ بآلةٍ مغصوبةٍ.

يُشترَطُ في حِلِّ المَصِيدِ بآلةٍ مَسمومةٍ ألَّا يَقتُلَ السُّمُّ الصَّيدَ قبلَ الآلةِ [272] فإذا تَيقَّنَ أو ظَنَّ أنَّ السُّمَّ أَعان على قَتْلِ الصَّيْدِ أو احتُمِلَ ذلك حَرُمُ؛ لأنَّه اجتَمَع في قتْلِه مُبيحٌ ومُحَرِّمٌ، فغَلَب المُحَرِّمُ، كما لوِ اجتَمَع سهمُ مَجوسيِّ ومسْلمٍ في قتْلِ الحيوانِ. فإنْ لم يَحتمِلْ ذلك فلا يَحْرُمُ، ويَعرِفُ أنَّ السَّهمَ قتَله بما إذا نَفَذ فيه نُفوذًا يَقْتُلُ الصَّيدَ عادةً، وهذا فيما إذا لم يُدْرِكْه حَيًّا، فإنْ أَدرَكه حَيًّا وَجَبَتْ تَذكِيَتُه كغيرِه مِنَ الصَّيْدِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/424).   ، وألَّا يَترتَّبَ على وُجودِ السُّمِّ في لحمِ الصَّيْدِ مَضَرَّةٌ على آكِلِه [273] (قال الباجي: مَن رَمَى بسهمٍ مسمومٍ فلمالِكٍ لا يُؤْكَلُ؛ لعلَّ السُّمَ أَعان على قتْلِه، وأَخافُ على مَن أَكَله. وهذا عندي إذا لم يُنْفِذْ السَّهمُ مَقاتِلَه، فإنْ أَنفَذَ مَقاتِلَه فقد ذهبتْ عِلَّةُ خَوفِه أنْ يُعينَ على قتْلِه السُّمُّ. بَقِيَتْ عِلَّةُ الخَوفِ على آكِلِه، فإنْ كانت مِنَ السُّمومِ الَّتي يُؤْمَنُ على آكِلِها كالبَقْلةِ فقد ارتَفَعَتِ العِلَّتانِ وجازَ أكْلُه على قولِ ابنِ القاسمِ، وفيه نظرٌ على أصلِ ابنِ نافعٍ. انتهى). ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/217).   ، وهو مذهبُ الشَّافِعيَّةِ [274] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهَيْتَمي (9/327)، ((نهاية المحتاج)) للرَّمْلي (8/119).   ، والحنابلةِ [275] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/316، 317)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/220). ويُنظَر: ((الكافي)) لابن قُدامةَ (1/555)، ((المغني)) لابن قُدامةَ (9/424).   ، وقولٌ للمالِكيَّةِ [276] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (3/217)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/105)، ((مِنَح الجليل)) لعُلَيْش (2/425)، ويُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رُشْدٍ الجَدِّ (3/277).   ، واختاره ابنُ حَزْمٍ [277] قال ابن حَزْمٍ: (وكلُّ مَن رَمَى بسهمٍ مسمومٍ فوَجَد الصَّيْدَ مَيِّتًا لم يَحِلَّ أكْلُه إلَّا إنْ كان السَّهمُ أَنفَذَ مَقاتِلَه إنفاذًا، كأنْ يَموتَ منه لو لم يَكُنْ مسمومًا، لأنَّ ما قُتِل بالسُّمِّ فهو مَيْتةٌ؛ لأنَّه لم يأتِ نصٌّ بأنَّه ذَكاةٌ إلَّا أنْ تُدرَكَ فيه بقيَّةُ رُوحٍ فيُذكَّى، فيَحِلَّ). ((المحلى)) (6/172).   ؛ وذلك لأنَّ ما قُتِل بالسُّمِّ فهو مَيْتة [278] ((المحلى)) لابن حزم (6/172).   انظر أيضا: المطلب الأوَّل: أنْ تَكونَ الآلةُ مُحدَّدةً.  المطلب الثَّاني: أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه. المطلب الرَّابع: اشتِراطُ أنْ يُصيبَ الرَّمْيُ الصَّيدَ مُباشرةً ولا يَعْدِلَ عن جِهَتِه. المطلب الخامس: حُكْمُ الصَّيدِ بآلةٍ مغصوبةٍ.

يَحرُمُ الصَّيدُ بآلةٍ مغصوبةٍ، ويُباحُ أكْلُ ما صِيدَ بها [283] على اختلافٍ بيْن المذاهبِ فيمَن هو أَحقُّ بالصَّيْدِ بعد صَيْدِه.   ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [284] ((تبيين الحقائق للزَّيْلعي مع حاشية الشلبي)) (3/266)، و(5/227)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/61).   ، والمالِكيَّةِ [285] ((التاج والإكليل)) للموَّاق (5/282)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (3/449).   ، والشَّافِعيَّةِ [286] ((المجموع)) للنَّووي (9/110)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (7/151).   ،  والحنابلةِ [287] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (10/310)، ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (6/216).   .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الصَّيْدَ بآلةٍ مغصوبةٍ ليس بمَنْهيٍّ لمعنًى في عَيْنِه، بل هو مَنْهيٌّ لمعنًى في غيرِه مُجاوِرٍ له، فلا يُوجِبُ ذلك صَيْرورَتَه معصيةً لِذاتِه، وانتِفاءَ مَشروعيَّتِه، كالْوَطْءِ حالةَ الحَيضِ، والبَيعِ وقْتَ النِّداءِ، والاصطِيادِ بقَوْسِ الغيرِ [288] ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/61)، ((كشف الأسرار شرح أصول البزدوي)) لعلاء الدين البخاري (1/290).   .ثانيًا: أنَّه إنَّما حَرُمَ لِمَا فيه مِن ظُلْمِ الإنسانِ، وذلك يَزولُ بإعطاءِ المظلومِ حقَّه [289] ((مجموع الفتاوى)) لابن تيميَّةَ (29/286).   . انظر أيضا: المطلب الأوَّل: أنْ تَكونَ الآلةُ مُحدَّدةً.  المطلب الثَّاني: أنْ تُصِيبَ الآلةُ الصَّيْدَ بحَدِّها فتَجْرَحَه. المطلب الثَّالث: ألَّا تَكونَ آلَةُ الصَّيدِ مَسمومةً بما يَقتُلُ الصَّيدَ قبلَ الآلةِ. المطلب الرَّابع: اشتِراطُ أنْ يُصيبَ الرَّمْيُ الصَّيدَ مُباشرةً ولا يَعْدِلَ عن جِهَتِه.