يُستحَبُّ للإمامِ والمأمومِ أمَّا المرأة فإذا كانت تتكشَّف عند تحويلِها الرداءَ، فإنَّها لا تفعل، وأمَّا إذا كانت لا تتكشَّف فحكمُها حكمُ الرَّجل في ذلك.  قال ابنُ بازٍ: (إذا كانت المرأةُ تتكشَّف عند تحويلِها للرداءِ في صلاةِ الاستسقاءِ، والرِّجالُ ينظرون إليها فإنَّها لا تفعل؛ لأنَّ قلب الرِّداء سنةٌ، والتكشُّف أمام الرِّجال فتنةٌ ومحرَّم، وأمَّا إذا كانت لا تتكشَّف فالظاهر أنَّ حكمها حكمُ الرجل؛ لأنَّ هذا هو الأصل، وهو تساوي الرِّجال والنِّساء في الأحكام، إلا ما دلَّ الدَّليلُ على الاختلافِ بينهما فيه). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/84). وقال ابنُ عثيمين: (بالنسبةِ لمَا يُقلب فالذي ورد هو قلبُ الرِّداء؛ لحديثِ عبد الله بن زيد «أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استسقى فقلب رداءَه» ومثلُه البشت والعباءةُ للمرأةِ، لكنَّ المرأةَ إذا كان المسجدُ مكشوفًا، وكان تحت العباءةِ ثيابٌ تلفتُ النَّظر، فأخشَى أنَّه في حال قيامها لتقلبَ العباءةَ تظهرُ هذه الثيابُ، وتكون مفسدةٌ أكبرُ مِن المصلحةِ، فلا تقلِب). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/351). تحويلُ الرِّداءِ قال ابن عثيمين: (الشماغ... لا يقلب فهو يشبه العمامة على الرأس). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/358). وقال أيضًا: (أما قلب الغترة والشماغ، فلا أظن هذا مشروعًا؛ لأنَّه لم يرد أن العمامة تُقلب، والغترة والشماغ بمنزلة العمامة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/352) وقيَّد بعض أهل العلم جواز ذلك بما إذا لم يكن عليه رداءٌ أو ما يشبهه. قال ابن باز: (والسنَّة أن يُحَولَ الرداء في أثناء الخطبة، عندما يستقبِلُ القبلة يُحَوِّل رداءَه فيجعل الأَيمنَ على الأيسَرِ، إذا كان رداءً، أو بشت إن كان بشت يَقْلِبُه. وإن كان ما عليه شيءٌ سوى غُترة يَقْلِبها، قال العلماء: تفاؤلًا بأنَّ الله يُحَوِّل القَحْطَ إلى الخِصْب، يحول الشِّدَّة إلى الرخاء). ((موقع الشيخ ابن باز)) ضمن الإجابة عن سؤال عن كيفية صلاة الاستسقاء. في الاستسقاءِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/596)، وينظر: ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/510)، ((المنتقى))‏ للباجي (1/331). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/103)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/94). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/72)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/322). ، واختاره داودُ الظاهريُّ قال النوويُّ: (مَذهبُنا استحبابُ تحويل الرِّداء في الخُطبة للإمامِ والمأمومين كما سبَق، وبه قال مالكٌ، وأحمد، وأبو ثورٍ، وداودُ) ((المجموع)) (5/103). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم قال ابنُ قُدامةَ: (ويُستحبُّ تحويلُ الرِّداء للإمام والمأموم، في قولِ أكثرِ أهل العِلم) ((المغني)) (2/322). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَرِّ: (ولا أعلم خِلافًا أنَّ الإمام يحوِّل رِداءَه وهو قائمٌ، ويُحوِّل الناسُ وهم جلوسٌ) ((الاستذكار)) (2/429). .الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّةعن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المصلَّى يَستسقي، فاستقبل القِبلَةَ، وحوَّلَ رِداءَه، وصلّى رَكعتينِ)) رواه البخاريُّ (1025)، ومسلم (894). . وَجْهُ الدَّلالَةِ: أنَّ ما فعله النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثبَت في حقِّ غيره، ما لم يَقُمْ على اختصاصه به دليلٌ ((المغني)) لابن قدامة (2/322) .ثانيًا: أنَّ في التحويلِ تفاؤلًا بالانتقالِ من حالٍ إلى حال؛ لعلَّ الله أنْ يَنقُلَهم من حالِ القحطِ إلى حالِ السَّعةِ والخَصْب ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/519). . انظر أيضا: المطلب الثاني: متى يُحَوِّلُ الرِّداءَ. المطلَبُ الثالث: صفةُ تحويلِ الرِّداءِ.

يُحَول الرداء في صلاةِ الاستسقاءِ أثناءَ الخُطبةِ، حين يستقبِلُ القبلة للدُّعاء، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/78)، وينظر: ((البيان)) للعمراني (2/683). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/208)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/322). ، وقول عند الحَنَفيَّة ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق للزيلعي)) (1/231). ، اختاره محمد وأبو يوسف من الحَنَفيَّة قال الكاساني: (وهل يقلِبُ الإمامُ رداءه؟ لا يقلب في قول أبي حنيفةَ، وعندهما يقلِبُ إذا مضى صَدْرٌ من خطبته) ((بدائع الصنائع)) (1/284). ، ورواية عن مالك اختارها أصبغ قال الباجي: (وقولُه: (حين استقبل القبلةَ) يقتضي أنَّ قلْبَ الرداء لا يكون إلا عند استقبالِ القبلة، وقد اختلف قولُ مالك في استقبال القبلة متى يكون؟ فروى عنه ابنُ القاسم أنَّه يفعل ذلك إذا فرَغَ من الخطبة، وقال عنه عليُّ بن زياد: يفعل ذلك في أثناء خطبته؛ يستقبل القبلةَ ويدعو ما شاء، ثم ينصرف فيستقبلُ النَّاس ويُتِمُّ خطبته، وروى ابن حبيب عن أصبغ أنَّه اختار ذلك) ((المنتقى))‏ (1/332). وقال ابن رشد: (وقال أبو يوسف: يحوِّلُ رداءه إذا مضى صَدْرٌ من الخطبة، وروي ذلك أيضًا عن مالك) ((بداية المجتهد)) (1/216). ، وهو اختيار ابن المنذر قال ابن المنذر: (ويخطب قبل الصلاة، يخطب الخطبة الأولى ويجلس، ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الأخرى ثم يستقبل القبلة، ويحول رداءه، ويحول الناس أرديتهم، يجعلون مَا عَلَى اليسار عَلَى اليمين، وما عَلَى اليمين عَلَى اليسار) ((الإقناع)) (1/126). ، والشوكاني قال الشوكاني: (وما ذكره من تحويل الرداء فقد ثبت عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه حول رداءه وحول أصحابه ولا وجه لتقييد ذلك بحال الرجوع فقد كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعله حال الدعاء والخطبة) ((السيل الجرار)) (ص: 199). ، وابن باز قال ابن باز: (الظاهر من الأحاديث الواردة عن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صلاة الاستسقاء أن الرداء يكون على حالته المعتادة، وإنما يقلب في أثناء الخطبة عندما يحول الإمام رداءه. أما أن يحول الرداء أو العباءة عن حالها قبل ذلك، فالأظهر أن ذلك غير مشروع ومخالف للسنة، وفق الله الجميع) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/83). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (قلبُ الرِّداء في الدُّعاء أثناءَ الاستسقاءِ يكونُ حالَ الخُطبة، كما ذكَر ذلك أهلُ العلم، والحكمةُ منه تحصيلُ ثلاثِ فوائدَ: الأُولى: الاقتداءُ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. الثانية: التفاؤُلُ على اللهِ عزَّ وجلَّ بأنْ يتحوَّل القحطُ إلى خصْبٍ ورَخاء. الثالثةُ: أنَّه إشارةٌ مِن المرءِ أن يقلب حالُه مِن الانصرافِ عن اللهِ عزَّ وجلَّ، والوقوعِ في معصيتِه، إلى الإقبالِ على اللهِ عزَّ وجلَّ والتزام طاعته) ((فتاوى أركان الإسلام)) (ص: 401). .الدَّليلُ مِنَ السنة:عبد الله بن زيد المازني يقول ((خرج رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المصلى فاستسقى وحوَّلَ رداءَه حين استقبَلَ القبلةَ)) [7137] رواه البخاري (1024)، ومسلم (894). .وَجْهُ الدَّلالَةِ:قولُه: (حين استقبَلَ القِبْلَةَ) أفاد أنَّ التَّحويلَ وَقَعَ في أثناءِ الخطبةِ عند إرادَةِ الدُّعاءِ ((شرح الزرقاني على الموطأ)) (1/646). . انظر أيضا: المطلبُ الأولُ: حُكمُ تحويلِ الرِّداءِ. المطلَبُ الثالث: صفةُ تحويلِ الرِّداءِ.

يكون تحويلُ الرِّداءِ في صلاةِ الاستسقاءِ بجَعْلِ اليمينِ مكانَ اليسارِ والعكس، وهذا مذهبُ الجمهورِ قال ابن رشد: (فالجمهور على أنه يجعل ما على يمينه على شماله وما على شماله على يمينه) ((بداية المجتهد)) (1/216). : المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/596)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/111)، ((الذخيرة)) للقرافي (2/435). ، والشافعية وزاد الشافعية أنه ينكس الرداء أيضا. يُنظر: ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/79)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (2/424). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (3/232)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/323). ، وهو قولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَف قال ابن قدامة: (وصفَةُ تقليبِ الرداءِ أن يجعَلَ ما على اليمينِ على اليسارِ، وما على اليسارِ على اليمينِ. رُوِيَ ذلك عن أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز، وهشام بن إسماعيل، وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومالك) ((المغني)) (2/323). .الدليل: مِنَ السُّنَّة:عن عبدِ الله بن زيد رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَوَّلَ رِداءَه، وجعل عِطافَه الأيمنَ على عاتِقِه الأيسَرِ، وجَعَل عِطافَه الأَيْسَرَ على عاتِقِه الأيمنِ)) [7144]- رواه أبو داود (1163)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (2521)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (6415) قال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) ( 4/37): رجال أبي داود رجال الصحيح، وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) (1163). . انظر أيضا: المطلبُ الأولُ: حُكمُ تحويلِ الرِّداءِ. المطلب الثاني: متى يُحَوِّلُ الرِّداءَ.