المَعدِنُ لُغةً:المَعدِنُ لغةً مُشتَقٌّ مِن عَدَنَ في المكانِ: إذا أقامَ به، ومنه سُمِّيَ المَعدِن، وهو المكانُ الذي يَثْبُتُ فيه النَّاسُ؛ لأنَّ النَّاسَ يقيمونَ فيه الصَّيفَ والشِّتاءَ، أو لإنباتِ اللهِ فيه جوهَرَهما، وإثباتِه إيَّاه في الأرضِ.وأصلُ المعدِن: المكانُ بقَيدِ الاستقرارِ فيه، ثم اشتُهِرَ في نفْسِ الأجزاءِ المستقرَّةِ فيه ((الصحاح)) للجوهري (6/2162)، ((لسان العرب)) لابن منظور (13/279)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/287). .المَعدِنُ اصطلاحًا:المَعدِنُ هو: اسمٌ لكلِّ ما فيه شيءٌ مِن الخصائِصِ المنتفَعِ بها، كالذَّهَبِ والفِضَّةِ، والياقوتِ والزَّبَرجد، والصُّفْر، والزُّجاج والزِّئبق، والكُحل والقار، والنِّفط، وما أشْبَه ذلك ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (3/356)، ((المغني)) لابن قدامة (3/53). . انظر أيضا: المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ. المبحث الخامسُ: مقدارُ الواجِبِ في زكاةِ المعادِنِ.

المَعادِنُ- مِن ناحِيَةِ جِنسِها- ثلاثةُ أنواعٍ:النوع الأوَّل: جامِدٌ يذوبُ وينطبِعُ بالنَّارِ، كالنَّقدينِ- الذَّهَبِ والفِضة، والحديدِ والرَّصاصِ، والصُّفْرِ، وغيرِ ذلك، وهذا النَّوعُ يَقْبل الطَّرْقَ والسَّحبَ، فتُعمَلُ منه صفائحُ وأسلاكٌ، ونحوُها.النوع الثاني: جامِدٌ لا يَنطبِعُ بالنَّارِ كالجِصِّ والنُّورةِ والزِّرنيخ، وغير ذلك.النوع الثالث: ما ليس بجامدٍ، كالماءِ والقير، والنِّفط والزِّئبق ((المغني)) لابن قدامة (3/53)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (11/148، 38/193). .وتنقَسِمُ المعادِنُ مِن ناحِيَةِ استخراجِها إلى قِسمينِ:القسم الأوَّل: المَعدِنُ الظاهِرُ، وهو ما خرَج بلا علاجٍ، وإنَّما العِلاجُ في تحصيلِه كنِفطٍ وكبريت.القسم الثاني: المَعدِنُ الباطنيُّ، وهو ما لا يخرُجُ إلَّا بعلاجٍ، كذهبٍ وفِضَّةٍ، وحديدٍ ونُحاسٍ ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (38/194)، وينظر: ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/296). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ. المبحث الخامسُ: مقدارُ الواجِبِ في زكاةِ المعادِنِ.

يجِبُ إخراجُ زكاةِ المَعدِن في الجُملةِ.الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة: 267].ثانيا: مِنَ الإجماعِنقَل الإجماعَ على ذلك: النوويُّ قال النوويُّ: (قال أصحابُنا: أجمعتِ الأمَّةُ على وجوبِ الزَّكاةِ في المعدِنِ). ((المجموع)) (6/75). ، والقرافيُّ قال القرافيُّ: (وبعَدَمِ اشتراطِ الحَوْلِ قال الأئمَّة؛ لأنَّ المعدِنَ فيه حقٌّ، فلو اشترط الحَوْل لكان المأخوذُ حَقَّ العينِ، فيبطُلُ حقُّ المَعدِنِ، وهو خلافُ الإجماع). ((الذخيرة)) (3/64، 65). ، والعراقيُّ قال العراقيُّ: (اتَّفقوا على الإخراجِ منه في الجملةِ). ((طرح التثريب)) (4/25). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ. المبحث الخامسُ: مقدارُ الواجِبِ في زكاةِ المعادِنِ.

اختلف أهلُ العِلمِ في صِفَةِ المَعدِنِ الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ على أقوالٍ، أقواها:القول الأوّل: يُشترَطُ في المعدِنِ الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ أن يكونَ مِنَ الذَّهَبِ أو الفِضَّةِ، وهذا مذهبُ المالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/296، 298)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و((حاشية الدسوقي)) (1/486). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/75، 98)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/282). ، وقولٌ للحَنابِلَة ((المغني)) لابن قدامة (3/50). ، واختاره ابنُ حَزمٍ قال ابنُ حَزْم: (لا شيءَ في المعادِن, وهي فائدةٌ, لا خُمُسَ فيها، ولا زكاةَ معجَّلة, فإنْ بَقِيَ الذَّهَبُ والفضَّةُ عند مستخرِجِها حولًا قمريًّا, وكان ذلك مقدارَ ما تجب فيه الزَّكاة- زكَّاه, وإلَّا فلا) ((المحلى)) ( رقم 700). ، والألبانيُّ قال الألبانيُّ: (إنَّ إيجابَ الزَّكاةِ في جميعِ المعادن، ومجاوزةَ ذلك إلى صيدِ البَرِّ والبَحرِ، والمسك والحَطَب والحشيش - كما فعله كثيرٌ مِنَ المصنِّفين-: ليس بصوابٍ؛ لعدم وجودِ دليلٍ يدلُّ على ذلك، والأصلُ في أموالِ العِبادِ التي قد دخلتْ في أملاكِهم بوجهٍ مِنَ الوجوهِ المقتضِيَةِ للمِلكِ؛ هو الحُرمةُ، ولا يجوز أخْذُ شيءٍ منها إلَّا بِطِيبَةٍ مِن نفْسِ مالِكِها: ((لا يَحِلُّ مالُ امرئٍ مسلِمٍ إلَّا بطِيبةٍ مِن نفْسِه))، وإلا كان أكْلًا بالباطِلِ؛ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ والمتيقَّن وجوبُ الخُمُسِ في الغنيمةِ مِنَ القتال، وفي مَعدِنِ الذَّهَب والفضة؛ لِمَا أخرَجَه البيهقيُّ في حديثِ الرِّكازِ بزيادةِ: قيل: وما الرِّكازُ يا رسولَ الله؟! قال: ((الذَّهَبُ والفِضَّة التي خُلِقَتْ في الأرضِ يومَ خُلِقَتْ))، وهو - وإن كان في إسنادِه سعيدُ بن أبي سعيد المَقْبُري- فهو لا يقصُرُ عن صلاحيَّةِ حديثه للتفسيرِ؛ فليُعْلَمْ). ((التعليقات الرضية على الروضة الندية)) (1/562، 563). ، واستظهره الصنعانيُّ قال الصنعانيُّ: (المتيقَّنُ بالنصِّ الذَّهَبُ والفضة، وما عداهما الأصلُ فيه عدمُ الوُجوبِ حتى يقومَ الدَّليلُ، وقد كانت هذه الأشياءُ موجودةً في عصرِ النبوَّةِ، ولا يُعلَمُ أنَّه أخَذ فيها خُمُسًا، ولم يرِدْ إلَّا حديثُ الرِّكاز، وهو في الأظهَرِ في الذَّهَبِ والفِضَّة) ((سبل السلام)) (2/136). . وذلك للآتي:  أوَّلًا: أنه حقٌّ يتعلَّقُ بالمُستفادِ مِنَ الأرضِ، فاختصَّ بالأثمانِ، كحقِّ المَعدِن ((المجموع)) للنووي (6/98). .ثانيًا: أنَّ الأصلَ عدمُ الوُجوبِ، أمَّا الذَّهَبُ والفِضَّةُ فقد ثبتَتِ الزَّكاةُ فيهما بالإجماعِ ((المجموع)) للنووي (6/77). .ثالثًا: أنَّ الأصلَ في أموالِ العِبادِ التي قد دخَلَتْ في أملاكِهم بوجهٍ مِنَ الوُجوهِ المقتضِيَةِ للمِلك؛ هو الحُرمةُ، ولا يجوز أخْذُ شيءٍ منها إلَّا بطيِبَةٍ مِن نفسِ مَالِكِها ((التعليقات الرضية على الروضة الندية)) للألباني (1/562، 563). .القول الثاني: لا يُشتَرَطُ أن يكون المَعدِنُ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، بلْ هو يعمُّ كلَّ ما وُجِدَ مِمَّا له قِيمةٌ مِن جَوهرٍ، وذهَبٍ وفِضَّةٍ، ورصاصٍ ونُحاس، وحديدٍ، وكذلك المعادِنُ الجارِيَةُ، كالقار، والنِّفط، والكبريت، ونحو ذلك قال العراقي: (ذكر ابنُ حَزمٍ أنَّ الأمَّة مُجمِعةٌ على أنَّه لا زكاةَ في الصُّفْر والحديدِ، والرَّصاص والقصدير، وأنَّ طائفةً قالوا بوجوب الزَّكاةِ فيها عند امتزاجِها في المعدِنِ بالذَّهَبِ أو الفضة، وأسقطوا الزَّكاةَ عنها إذا كانت صِرفًا اهـ. وقد عرَفْتَ أن الحَنَفيَّةَ والحَنابِلَة أوجبوا الإخراجَ مِن سائِرِ المعادن، ولو كانت غيرَ ذَهَبٍ وفضة، إلَّا أنَّ الحَنَفيَّة أوجبوا الخُمُسَ وجعلوه فيئًا، والحَنابِلَة أوجبوا رُبُعَ العشر وجعلوه زكاةً). ((طرح التثريب)) (4/25). ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلَة ((كشَّاف القناع)) للبهوتي (2/222)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/52). ، وقولُ الشَّافعيِّ في القديمِ ((المجموع)) للنووي (6/98). ، واختارَه القَرَضاويُّ قال القَرَضاوي: (مذهب الحَنابِلَة ومَن وافَقَهم هنا هو الرَّاجِحُ، وهو الذي تؤيِّده اللُّغةُ في معنى "المَعدِن" كما يؤيِّده الاعتبارُ الصَّحيحُ؛ إذ لا فرْقَ في المعنى بين المَعدِن الجامِدِ والمعدِن السَّائل، ولا بيْن ما ينطبِعُ وما لا ينطَبِعُ: لا فرقَ بين الحديدِ والرَّصاص، وبين النِّفط والكبريت، فكلها أموالٌ ذات قِيمةٍ عند النَّاس، حتى لَيُسَمَّى النِّفطُ في عَصرِنا "الذَّهَب الأسود" ولو عاش أئِمَّتُنا رحَمِهَم الله حتى أدركوا قيمةَ المعادِنِ في عصرنا، وما تَجلِبُه مِن نَفعٍ، وما يترتَّبُ عليها من غِنَى الأُمَم وازدهارِها؛ لكان لهم موقفٌ آخَرُ فيما انتهى إليه اجتهادُهم الأوَّلُ مِن أحكامٍ). ((فقه الزَّكاة)) (1/439). ، واختاره احتياطًا ابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمِين: (هل تجِبُ في كلِّ المعادن، أو نقول: إنْ كان المعدِنُ ممَّا تجِبُ الزَّكاةُ في عينِه كالذَّهَبِ والفِضَّة ففيه الصَّدقة، وإنْ كان ممَّا لا تجِبُ في عينه كالنُّحاس والرصاص وما أشبَهَه؛ فإنْ قُصِدَ به التِّجارةُ فهو عُروضُ تِجارةٍ، وإلَّا فلا شيءَ فيه؛ اختلف العلماءُ في ذلك... والاحتياطُ أن يُخرِجَ الإنسانُ زكاةَ المَعدِن مُطلقًا). ((شرح بلوغ المرام)) (3/85). . الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكِتابِقولُ الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة: 267].وجْهُ الدَّلالةِ:عمومُ الآيةِ، فتجِبُ الزَّكاةُ ممَّا أخرَجَ اللهُ مِنَ الأرضِ، ولم يخُصَّ به نوعًا دونَ نَوعٍ ((المغني)) لابن قدامة (3/53). .ثانيًا: أنَّه مَعدِنٌ، فتعلَّقَتِ الزَّكاةُ بالخارِجِ منه، كالأثمانِ ((المغني)) لابن قدامة (3/53). .ثالثًا: أنَّه مالٌ لو غنِمه وجَبَ عليه خُمُسُه، فإذا أخرَجَه مِن مَعدِنٍ، وجبتْ فيه الزَّكاةُ كالذَّهَبِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/554)، ((المغني)) لابن قدامة (3/53). . رابعًا: أنَّه مالٌ يُقَوَّمُ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ، مُستفادٌ مِنَ الأرضِ، فتجِبُ فيه الزَّكاةُ، لا فَرْق في ذلك بين نوعٍ ونَوعٍ ((المغني)) لابن قدامة (3/53). .خامسًا: أنَّه لا فَرْقَ في المعنى بين المَعدِنِ الجامِدِ، والمعدِنِ السَّائِلِ، ولا بين ما ينطبِعُ وما لا ينطبِعُ؛ لا فَرْقَ بين الحديدِ والرَّصاصِ، وبين النِّفطِ والكبريت؛ فكلُّها أموالٌ ذاتُ قِيمةٍ عند النَّاسِ ((فقه الزَّكاة)) للقرضاوي (1/439). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الخامسُ: مقدارُ الواجِبِ في زكاةِ المعادِنِ.

الواجبُ في زكاةِ المعادِنِ رُبُع العُشْرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة قيَّد المالكيَّةُ ذلك بما استُخرِجَ مِنَ المعادِنِ بالكُلفةِ والعَمَلِ والمشقَّةِ، وأمَّا النُّدرةُ منه بغير مشقَّةٍ فهي رِكازٌ، وحُكمُها حُكمُ الرِّكازِ؛ فيها الخُمُسُ، وقد رُوِيَ عن مالك أن النُّدرةَ في المعدِنِ حُكمُها كحُكمِ ما يُتكلَّفُ فيه العمَلُ ممَّا يُستَخرجُ مِنَ المعدِنِ في الرِّكازِ؛ يقول ابن عَبدِ البَرِّ: (والأوَّل تحصيلُ مذهَبِه، وعليه فتوى جمهورِ الفقهاء؛ لأنَّ أصلَ الرِّكازِ ما ارتكزَ في المعدِن ممَّا لا يُنال بكبيرِ عَمَلٍ ولا كُلفةٍ). ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/296). وينظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/102)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/63)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 70). ، والشَّافعيَّةِ على الصَّحيحِ ((المجموع)) للنووي (6/79، 83)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/394). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/223)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/53). ، وهو قولُ الأكثرينَ قال العراقيُّ: (ذهَب الأئمَّةُ الثلاثةُ، والأكثرونَ، إلى أنَّ المعدِنَ لا يدخُل تحت اسم الرِّكازِ، ولا له حُكمُه، واتَّفقوا على الإخراجِ منه في الجملةِ، وأنَّ مَصرِفَ المُخرَجِ منه مَصرِفُ الزَّكاةِ، والمشهورُ من مذاهِبِهم اعتبارُ النِّصَابِ فيه دون الحَوْلِ، ثم اختلفَت تفاصيلُ مذاهِبِهم في ذلك). ((طرح التثريب)) (4/25). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: ((العَجْماءُ جُبَارٌ، والبِئر جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمُسُ)) رواه البخاري (1499)، ومسلم (171) .أَوْجهُ الدَّلالةِ:الوجهُ الأوَّلُ: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فرَّقَ بين المعدِنِ والرِّكازِ بواوِ العَطفِ، فصحَّ أنَ الرِّكازَ ليس بمَعدنٍ مِن جِهة الاسمِ، وأنَّهما مختلفانِ في المعنى، فدلَّ ذلك أنَّ الخُمُسَ في الرِّكازِ لا في المَعدِنِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/555)، ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (2/102)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/59). .الوجه الثاني: أنَّ الرِّكازَ مِنَ الرَّكْزِ، والمعدِنُ ثابتٌ وليس بمركوزٍ، فلم يدخلْ في حُكمِ الرِّكازِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/59). .2- عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (بعَثَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ إلى رَسُولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم بذَهيبةٍ في أديمٍ مقروظٍ لم تُحصَّلْ مِن ترابِها، فقَسَمَها بين أربعةِ نفَرٍ: عُيَينةَ بنِ بَدرٍ, والأقْرَعِ بنِ حابسٍ, وزَيدِ الخيرِ, وذكَر رابعًا, وهو عَلقمةُ بنُ عُلَاثةَ) رواه البخاري (4351)، ومسلم (1064) .وجْهُ الدَّلالةِ:أنَّه دفَعها إلى المؤلَّفةِ قُلوبُهم، وحقُّهم في الزَّكاةِ لا في الخُمُسِ، فتعيَّنَ أن يكون الواجِبُ رُبُعَ العُشْرِ ((المحلى)) (6/111 رقم 700). .ثانيًا: أنَّه حقٌّ يَحرُمُ على أغنياءِ ذَوي القُربى، فكان زكاةً، كالواجِبِ في الأثمانِ التي كانت مملوكةً له ((المغني)) لابن قدامة (3/53، 54). . ثالثًا: أنَّه زكاةٌ، فيجِبُ فيه رُبُع العُشْرِ ((المجموع)) للنووي (6/82). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ.

يُشتَرَطُ في وُجوبِ زكاةِ المَعدِن أن يبلُغَ نِصابَ الذَّهَبِ أو الفِضَّةِ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدِ البَرِّ (1/296)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/59، 60). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/75، 90)، ويُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/385). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/223)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/55). ، وهو قَولُ داودَ الظاهريِّ ((المجموع)) للنووي (6/90). .الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة1- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: ((ليسَ فيما دون خَمْسِ أواقٍ صَدَقةٌ)) رواه البخاري (1405)، ومسلم (979). .2- عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: ((فهاتُوا صَدَقةَ الرِّقَةِ الرِّقَة- بكسرِ الرَّاءِ، وفتْح القافِ وتَخفيفِها-: هي الفِضَّةُ والدَّراهمُ المضروبةُ منها، وأصل اللَّفظةِ الوَرِقُ، وهي الدَّراهِمُ المضروبةُ خاصَّةً، فحُذِفَتِ الواوُ، وعُوِّضَ منها الهاءُ. انظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/254). : مِن كلِّ أربعينَ درهمًا دِرهمًا، وليس في تِسعينَ ومئَةٍ شَيءٌ، فإذا بلغتْ مِئتينِ ففيها خَمْسةُ دراهمَ)) رواه أبو داود (1574)، والترمذي (620)، وأحمد (1/92) (711)، والدارمي (1/467) (1629)، صحَّحه البخاري كما في ((سنن الترمذي)) (620)، وابن حزم في ((المحلى)) (6/63)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (620)، وصحَّح إسنادَه ابن جرير الطبري في ((مسند عمر)) (2/945)، وأحمدُ شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (2/93). .وجْهُ الدَّلالةِ: عمومُ هذه النُّصوصِ في اشتراطِ بُلوغِ النِّصابِ ((المغني)) لابن قدامة (3/54). .ثانيًا: أنَّ زكاةَ المَعدِنِ وجَبتْ؛ مواساةً وشكرًا لنعمةِ الغِنى، فاعتُبِرَ لها النِّصَابُ، كسائِرِ الزَّكَواتِ ((المغني)) لابن قدامة (3/54). .ثالثًا: القياسُ على اشتراطِ النِّصابِ في زكاة النَّقدينِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/60)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/223). . انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ.

تجِبُ زكاةُ المَعدِنِ عند وجودِه، ولا يُشتَرَطُ مُضيُّ الحَوْلِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/288)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/255). ، والمالكيَّة ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبد البر (1/ 296)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/64)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 70). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/80، 90)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/394). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 224)، ويُنظر: ((اختلاف الأئمة العلماء)) للوزير ابن هبيرة (1/206)، ((المغني)) لابن قدامة (3/55). ، وبه قال عامَّة العُلَماءِ قال النوويُّ: (الصَّحيحُ المنصوصُ في مُعظمِ كتُبِ الشَّافعيِ، وبه قطَعَ جماعاتٌ، وصحَّحه الباقون، أنَّه لا يُشتَرَطُ، بل يجِبُ في الحال، وبه قال مالكٌ وأبو حنيفة، وعامَّة العلماءِ مِنَ السَّلَفِ والخَلَف) ((المجموع)) (6/81). .وذلك للآتي:أوَّلًا: أنَّ الحَوْلَ يرُادُ لكمالِ النَّماءِ، وبالوجودِ يتكامَل نماؤُه دَفعةً واحدةً، فلم يُعتبَرْ فيه الحَوْلُ ((المجموع)) للنووي (6/80)، ((المغني)) لابن قدامة (3/55). .ثانيًا: أنَّه مالٌ مُستفادٌ مِنَ الأرضِ، فلا يُعتبَرُ في وجوبِ حقِّه حَوْلٌ، كالزَّرعِ والثِّمارِ والرِّكازِ ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطَّال (3/555)، ((المغني)) لابن قدامة (3/55)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/177). .ثالثًا: أنَّ المعدِنَ فيه حقٌّ، فلو اشتُرِط الحَوْلُ، لكان المأخوذُ حقَّ العَينِ، فيَبطُلُ حَقُّ المعدِنِ، وهو خلافُ الإجماعِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/64، 65). .  انظر أيضا: المبحث الأوَّل: تعريفُ المَعدِن. المبحث الثاني: أنواعُ المعادن. المبحث الثالث: حُكمُ زكاةِ المَعدِن. المبحث الرابع: صِفَةُ المعدِن الذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ.