الأدلة الصوارم على ما يجب ستره من المرأة عند النساء والمحارم
تأليف علي بن عبدالله النمي
تقديم
فضيلة الشيخ
عبدالله بن عبدالرحمن آل سعد
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، مَن يَهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد؛ فقد اطَّلعتُ على كتاب "الأدلة الصوارم على ما يجب سَتْره من المرأة عند النساء والمحارم" من تأليف أخينا الشيخ: علي بن عبدالله النمي، فوجدته كتابًا نفيسًا في بابه، عظيمًا في محتواه، وقد أجاد في عرض هذه المسألة، واستوفى الأدلة من الكتاب والسنَّة التي تُبيِّن هذه المسألة.
وقبل أن أذكر ما يتعلَّق بهذه المسألة أُبيِّن لباس المرأة عند الرجال الأجانب باختصار[1]، فأقول وبالله التوفيق:
لقد نهى الله - تبارك وتعالى - المرأة أن تبدي زينتها للرجال الأجانب، إلا ما ظهر منها، وأمَرَها بالاحتجاب عنهم.
ولا تكون المرأة مُحتجبة عن الرجال الأجانب إلا بأن تَستُر جميع جسمها، ومن ذلك الوجه، والأدلة على وجوب ذلك كثيرة؛ منها:
الدليل الأول:
قوله - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
وهذه الآية الكريمة وإن كانت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وسبب نزولها في ذلك؛ كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، إلا أنها عامة في جميع النساء، ويؤيد ذلك ما يلي:
1 - ما جاء في الآية من تعليل الحكم: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} فيُحمَل على العموم؛ لأنه حكمٌ مرتَّبٌ على وصفٍ مُناسب له، فيقتضي كون هذا الحكم مُعللاً بذلك الوصف، فوجب أن يَعُمَّ؛ لعموم العلة، كما هو مقرر في الأصول.
قال القاضي أبو يعلى: "إذا ورد النص بحكمٍ شرعي معللاً، وجب الحكم في غير المنصوص عليه، إذا وجدت فيه العلة المذكورة"[2]، وهذه المسألة محلُّ خلاف بين أهل العلم.
وصورتها: إنه عندما ينصُّ الله - عز وجل - على العلة في واقعة ما، وتحقَّقت هذه العلة بعينها في واقعة أخرى، فهل إلحاق هذه الواقعة الجديدة بالأولى المنصوص عليها، يكون من قبيل النص؛ فيكون الحكم عامًّا لغير محلِّ التنصيص؟ أم تكون مُلحَقة بها على سبيل القياس؟ قولان.
والأقرب في هذا التفصيل؛ حيث إن هذه المسألة على ثلاث صور:
الصورة الأولى:
أن تكون العلة في الواقعة الجديدة أكبر وأظهر منها في الواقعة الأولى، فلا شكَّ أن حُكْمها مثل الأولى، فيكون منصوصًا عليها، وليسَت مُلحَقة بها على سبيل القياس.
والخلاف في هذه الصورة ضعيف، وإنما يُخالِف في هذا أبو محمد بن حزم وأمثاله.
ومثال ذلك: أن الله - عز وجل - نهى الإنسان أن يقول لوالدَيه كلمة أفٍّ؛ كما في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] فمَن ضربَهما - والعياذ بالله - فيكون داخلاً في نصِّ النهي من باب أولى.
ومثاله أيضًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البول في الماء الراكد، فمَن تغوَّط فيه فإنه يكون داخلاً في نصِّ النهي من باب أولى.
وهذه المسألة التي معنا من هذه الصور، فإنه إذا كان في الحجاب طهارة لقلوب الصحابة رضي الله عنهم - وهم مَن هم في الفضل وعلوِّ المكانة - ولقلوب زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم - وهنَّ مَن هنَّ في الطهارة والعفة - فكيف بمن جاء بعدهم وبعدهنَّ، ممَّن هو دونهم ودونهن بكثير، فمن باب أولى أن يعمَّهم الحكم.
الصورة الثانية:
أن تكون العلَّة في الواقعة الجديدة مثلها في الواقعة الأولى، فهذه فيها الخلاف السابق.
وهو خلافٌ صوري؛ إذ نتيجة الحكم واحدة، وهو أن حكم الواقعة الجديدة كالأولى، إلا أن بعضهم يراه من قبيل العموم، وبعضهم يراه من قبيل القياس، والله أعلم.
الصورة الثالثة:
أن تكون العلة في الواقعة الجديدة أقل منها في الواقعة الأولى، فهذه لا تلحق بها في الحكم.
2 - إن الله تعالى لم يُفرِّق بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهنَّ، فقال - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59]، قال ابن جرير: "وإذا سألتم أزواج رسول الله، ونساء المؤمنين - اللواتي لسْنَ لكم بأزواج - متاعًا {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} يقول: من وراء سترٍ بينكم وبينهنَّ"[3].
وقال القرطبي: "ويَدخُل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمَّنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة"[4].
وإدناء الجلباب في لغة العرب مُستخدَم عادة في الوجه، يُقال - إذا زلَّ الثوب عن وجه المرأة -: أدنِ ثوبك على وجهكِ[5].
3 - ومما يؤكد عموم الحكم: ما جاء في قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 32، 33].
فهل يقول أحد: إن غير نساء النبي صلى الله عليه وسلم يجوز لهنَّ الخضوع بالقول - وغيره مما نُهين عنه - رضي الله عنهنَّ؟!
لم يقل بذلك أحدٌ من المسلمين.
الدليل الثاني:
رواه نافع - مولى ابن عمر رضي الله عنهما - عن صفية بنت أبي عبيد؛ أنها أخبرته عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت حين ذُكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله؟ قال: ((تُرخيه شبرًا))، قالت أم سلمة: إذًا ينكشف عنها، قال: ((فذراعًا، لا تزيد عليه)).
وفي لفظٍ عند أحمد: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذيول النساء؟ فقال: ((شِبرًا))، فقلت: إذًا تَخرج أقدامهن يا رسول الله! قال: ((فذراعٌ، لا تزدْن عليه))، وهذا حديثٌ صحيح؛ صحَّحه الترمذي وابن حبان، ووقع في إسناده اختلافٌ لا يَضُر[6].
ووجه الدلالة من هذا: أن قدم المرأة عورة يَجب ستره، وقد أباح الشارع للمرأة الإسبال - وهو مُحرَّم - وذلك لئلا تتكشَّف قدماها الواجب سَتْرها.
قال البيهقي عند هذا الحديث: "وفي هذا دليل على وجوب ستر قدمَيها"[7].
وقال ابن عبدالبر عند هذا الحديث أيضًا: "وفي ذلك دليل على أن ظهور قدم المرأة عورة لا يَجوز كشفه في الصلاة...وجرُّ ذَيل الحُرَّة معروف في السنَّة، مشهور عند الأمة؛ ألا ترى إلى قول عمر بن أبي ربيعة في أبيات له:
كُتبَ القتل والقتال علينا = وعلى المُحصَنات جرُّ الذُّيول"[8].
قلت: وليس معنى كلام ابن عبدالبر أن قدم المرأة عورة في الصلاة فقط، بل معناه - والله أعلم - أن هذا الحديث دليل على أن قدم المرأة عورة مطلقًا، وبالتالي لا يجوز كشفه في الصلاة.
فإذا تقرَّر هذا: فَسِترُ وجه المرأة من باب أولى؛ لأنه مَجمَع الزينة، ولا يتصوَّر من الشارع الحكيم أن يأمر المرأة بستر قدميها، ثم يُبيح لها كشف وجهها!
الدليل الثالث:
قوله - سبحانه وتعالى -: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31].
قال أبو الفداء ابن كثير: "كانت المرأة في الجاهلية إذا كانت تَمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوته ضربت برجلِها الأرض فيسمع الرجال طنينَه، فنهى الله المؤمنات عن مِثْل ذلك، وكذا إذا كان شيءٌ من زينتِها مستورًا فتحرَّكت بحركة لتُظهِر ما هو مخفيٌّ؛ دخل في هذا النهي"[9].
وقال أبو محمد ابن حزم في هذه الآية: "نصٌّ على أن الرِّجلَين والساقين مما يُخفى ولا يَحِلُّ إبداؤه"[10].
قلت: فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالرِّجل؛ لئلا تُعلم الزينة المَخفيَّة كالخلخال، فمن باب أولى ستر الوجه؛ لأنه مجمع الزينة كما تقدم، هو أعظم فتنة من الخلخال بالنسبة للرجال.
فهذه الأدلة وغيرها تدلُّ على وجوب ستر المرأة لجميع جسمها، ومنه الوجه.
وفي هذا الحكمة البالِغة، والمصلحة التامة، من صيانة المرأة والحفاظ عليها، وفيه الحفاظ على الرجال من الوقوع في الفتنة، وهذا بدَوره يؤدِّي إلى حفظ المجتمع وصيانته، فعلى المرأة التزام هذا والعمل به، وعلى وليِّها أَمرُها بذلك.
ثم أين هؤلاء الذين يُفتون بجواز كشف الوجه في هذا الوقت، من النظر في الواقع، والتأمُّل في تصرفات النساء اليوم من كشفهِنَّ لوجههنَّ، وتساهلِهنَّ بشروط ذلك.
وإذا أخذ العالم والمفتي في اعتباره مواطن الاتفاق التالية:
- أن تغطية الوجه هو الأفضل، فهو يدور بين الوجوب والاستحباب.
- إذا صاحب كشف الوجه فتنة، فإن كشف الوجه محرَّم، ومن الفتنة: كون المرأة شابة جميلة.
- عند فساد الزمان وكثرة الفُسَّاق، حرُم كشف الوجه.
- إذا صاحب كشف الوجه: تبرجٌ بزينة؛ حُرم.
- لا يجوز إخراج شيء غير حدود الوجه لغة، فالشَّعر والنحر لا يجوز كَشفُهما بحال.
فقد حكى ابن رسلان: اتفاق المسلمين على منع النساء أن يَخرُجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفُسَّاق[11].
أقول: إذا نظر العاقل في مواطن الاتفاق هذه، وتأمل واقع النساء اليوم، علم - ضرورةً - أن المنع من كشف وجه المرأة في هذا الوقت هو المتعيَّن؛ إذ إن النساء المتقيدات بهذه الشروط: نَدرة، وأحكام الشريعة تُناط بالأعمِّ الأغلب، والنادر يَنسحِب عليه حكم الغالب؛ مما يتعيَّن أمرها بتغطية وجهها.
وقريب من هذا ويُشبِهه ما ذكره أبو العباس ابن تيمية مراعيًا - في الفتيا - واقع الناس وأحوالهم، فقال: "وقد كان الإماء على عهد الصحابة رضي الله عنهم يَمشين في الطرقات مكشوفات الوجوه، ويَخدمن الرجال مع سلامة القلوب، فلو أراد الرجل أن يترك الإماء التركيات الحسان يَمشين بين الناس في هذه البلاد والأوقات لكان من باب الفساد"[12].
أما عن لباس المرأة عند محارمها والنساء: فللمرأة أن تكشفَ عند النساء وعند محارمها ما جرت العادة بكشفِه؛ كالوجه والشعر والكفَّين والقدمين، ودليل ذلك قول الله - سبحانه وتعالى -: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31]، وكذلك قوله - سبحانه وتعالى -: {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [الأحزاب: 55].
ووجه الدَّلالة من هذه الآية أن الله - سبحانه وتعالى - لم يُفرِّق في إظهار الزينة للمرأة بين ما تُظهره لمثيلاتها من النساء وما تُظهِره لمحارمها من الرجال، فدَلَّ هذا على أن حُكْمهما واحد، ومن المعلوم أن الذي يجوز للمرأة أن تُبديَه عند محارمها من الرجال ما جرت به العادة من الوجه والكفَّين والقدمين على ما تقدم، ودليل ذلك:
أولاً: ما رواه مسلم[13] بإسناده إلى صفية بنت شيبة، قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أيرجع الناس بأجرَين وأرجع بأجر؟ "فأمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن يَنطلِقَ بها إلى التنعيم"، قالت: فأردفني خلفه على جمل له، قالت: فجعلتُ أرفع خماري أحسرُه عن عنقي، فيضرب رجلي بعِلَّةِ الراحلة[14]، قلت له: وهل ترى من أحد؟ وقد بوَّب عليه النسائي في السنن الكُبرى: "النظر إلى شَعرِ ذي المحرم"[15]، ففيه جواز كشف الشَّعر والعنُق للمحرم.
ثانيًا: ما رواه مالك[16] عن ابن شهاب، أنه سُئل عن رضاعة الكبير؟ فقال: أخبرني عروة بن الزبير، وذكر حديث سالم مولى أبي حذيفة، وفيه أن سَهلة بنت سُهَيل وهي امرأة أبي حذيفة، جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، كنا نرى سالمًا ولدًا، وكان يدخل عليَّ، وأنا فضْل، وليس لنا إلا بيت واحد، فماذا ترى في شأنه؟[17]
قال ابن الأثير في النهاية: "أي متبذِّلة في ثياب مهنتي، يقال: تفضَّلت المرأة إذا لبست ثياب مهنتِها، أو كانت في ثوب واحد، فهي فضل، والرجل فضل أيضًا".
وقال امرؤ القيس:
فَجِئتُ وَقَد نَضت لنَومٍ ثيابَها = لَدَى الستر إلا لِبسَةَ الُمتَفَضَّلِ
قال ابن الأنباري [ت: 328هـ،] في شرح هذا البيت: "ليس عليها مِن الثياب إلا شعارها، وهو ثوبها الذي يَلي جسدها، وتقوم وتقعد فيه وتنام...والمتفضِّل الذي في ثوب واحد، وهو الفُضل"[18].
ثالثًا: ما رواه البخاري ح: 7214 بسنده عن عائشة قالت: "وما مسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأة إلا امرأة يَملِكها"، وقد بوَّب عليه النسائي: مُصافَحة ذي محرم، السنن الكبرى 8/ 291، فدلَّ على عدم مصافحة الأجانب، وأن المصافحة تكون للمحارم، وذلك يَستلزِم جواز كَشْف الكفِّ.
ولم يقل أحد من أهل العلم أن عورة المرأة عند المحارم ما بين السرة والركبة فقط، والقول بأن للمرأة أن تَكشِف ما فوق السرة وتحت الركبة عند النساء، ولا يجب عليها أن تستر إلا ما بين ذلك، قول غير صحيح، وما يستدل به على ذلك من حديث فإنه لا يصحُّ، وهذا ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين.
قال الطبري[19]: حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] إلى قوله: {عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31] قال: "الزينة التي يُبدينها لهؤلاء: قرطاها وقلادتها وسوارها"، ورجاله ثقات، ولكنه مُنقطِع ما بين علي بن أبي طلحة وابن عباس، وقيل بينهما مجاهد، وهذا ليس على إطلاقه، ومع ذلك فروايته عن ابن عباس مما يُعتبَر بها.
وأسند أيضًا عن إبراهيم النخعي، فقال: حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبدالرحمن، قال: ثنا سفيان، عن منصور، عن طلحة بن مصرف، عن إبراهيم: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] قال: "هذه ما فوق الذراع"، وهذا إسناد رجاله كلهم من المشاهير، ولكن رواه شعبة عن منصور عن رجل عن طلحة.
وروى عبدالرزاق[20] عن معمر، عن الزهري، قال: "لا بأس أن ينظر الرجل إلى قصَّة المرأة من تحت الخمار، إذا كان ذا محرَم، فأما أن تَسلُخ خمارها عنده فلا"، وهذا إسناده صحيح.
ويُشترَط ألا تكون هذه الثياب مما يَصِف حجمَ أعضاء المرأة؛ لحديث أسامة بن زيد عند أحمد[21] قال: حدثنا أبو عامر، حدثنا زهير - يعني: ابن محمد - عن عبدالله - يعني: ابن محمد بن عقيل - عن ابن أسامة بن زيد، أن أباه أسامة، قال: كساني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتُها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مالك لم تلبَس القبطية))؟ قلت: يا رسولَ الله، كسوتُها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرْها فلتجعل تحتها غلالة، إني أخاف أن تَصِف حجم عظامها)).
وفيه ضَعْف، ويشهَد له حديث دحية بن خليفة الكلبي عن أبي داود[22]، قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح، وأحمد بن سعيد الهمداني، قالا: أخبَرَنا ابن وهب، أخبرنا ابن لهيعة، عن موسى بن جبير، أن عبيدالله بن عباس، حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية، عن دحية بن خليفة الكلبي، أنه قال: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباطي فأعطاني منها قبطية، فقال: ((اصدَعها صدعين، فاقطع أحدهما قميصًا وأعطِ الآخر امرأتك تختمر به)) فلمَّا أدبر، قال: ((وأمرْ امرأتك أن تجعل تحته ثوبًا لا يصفها))، قال أبو داود: رواه يَحيى بن أيوب، فقال: عباس بن عبيدالله بن عباس اهـ، وفيه ضعف أيضًا، ولكن يُقوِّي أحدهما الآخر، ويشهد له حديث أبي هريرة عند مسلم[23]، قال: حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان من أهل النار لم أرَهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مُميلات، مائلات، رؤوسهنَّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدْنَ ريحها، وإن ريحها ليُوجَد من مسيرة كذا وكذا)).
وهذا من دلائل النبوة، فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، ومعنى: ((كاسيات عاريات)): إما أنهن يلبسْنَ ثيابًا قصيرة أو رقيقة تَصِف ما تحتها، فلتحذر المرأة المسلمة أن تكون داخلة تحت هذا الوعيد الشديد الذي جاء في هذا الحديث.
وروى البخاري من طريق هند بنت الحارث عن أمِّ سلَمَة، قالت: استَيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: ((لا إله إلا الله، ماذا أُنزل الليلة من الفتنة، ماذا أُنزل من الخزائن، مَن يوقظ صواحب الحجرات، كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة؟)) قال الزهري: ((وكانت هند لها أزرار في كمَّيها بين أصابعها))[24].
قال ابن حجر: "والمعنى أنها كانت تَخشى أن يبدو من جسدها شيء بسبب سعة كمَّيها، فكانت تُزرِّر ذلك لئلا يبدو منه شيء فتدخل في قوله: كاسية عارية"[25].
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "ولهذا أمرت المرأة أن تَختمِر في الصلاة، وأما وجهها ويداها وقدماها فهي إنما نُهيَت عن إبداء ذلك للأجانب، لم تُنهَ عن إبدائه للنساء ولا لذوي المحارم"، فعلم أنه ليس من جنس عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة التي نُهي عنها؛ لأجل الفحش وقبح كشف العورة، بل هذا من مقدمات الفاحشة، فكان النهي عن إبدائها نهيًا عن مقدمات الفاحشة؛ كما قال في الآية: {ذَلِكُم أَزكَى لَكُم} [البقرة: 232]، وقال في آية الحجاب: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53] فنَهى عن هذا؛ سدًّا للذريعة؛ لا أنه عورة مُطلقة لا في الصلاة ولا غيرها، فهذا هذا، وأمر المرأة في الصلاة بتغطية يديها بعيد جدًّا، واليدان يَسجُدان كما يسجد الوجه، والنساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لهنَّ قمُصٌ، وكنَّ يَصنعن الصنائع والقمصُ عليهنَّ، فتبدي المرأة يديها إذا عجنَت وطحنت وخبزت، ولو كان ستر اليدين في الصلاة واجبًا لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك القدمان وإنما أمر بالخمار فقط مع القميص، فكن يُصلِّين بقمُصهنَّ وخمرهن: "وأما الثوب التي كانت المرأة ترخيه وسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((شِبرًا))، فقلنَ: إذًا تبدو سوقهنَّ، فقال: ((ذراعًا لا يزدن عليه))، وقول عمر بن أبي ربيعة:
كُتِب القتلُ والقتال علينا = وعلى الغانيات جرُّ الذُّيولِ
فهذا كان إذا خرجْنَ من البيوت؛ ولهذا سُئل عن المرأة تجر ذيلها على المكان القذر فقال: "يُطهِّره ما بعده"، وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك، كما أن الخفاف اتخذها النساء بعد ذلك لستر السوق إذا خرجْنَ، وهنَّ لا يلبسنها في البيوت؛ ولهذا قلْن: إذًا تبدو سوقهن، فكان المقصود تغطية الساق؛ لأن الثوب إذا كان فوق الكعبين بدا الساق عند المشْي"[26].
أما لباس المرأة عند زوجها فليس بين المرأة وزوجها عورة ولا حجاب، وقد جاء من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قلتُ يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكَتْ يَمينك)) قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: ((إن استطعتَ ألا يرينَّها أحد فلا يرينها)) قال: قلتُ: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: ((الله أحق أن يَستحيا منه من الناس))؛ رواه أبو داود ح: 4017، وأحمد ح20030 وإسناده جيد.
وهذا، وقد استوفى الشيخ علي - وفَّقه الله - الأدلة على ما تقدَّم، وذكر المفاسِد المترتِّبة على لبس النساء للقصير والضيِّق والشفَّاف، ومن هذه المفاسد - بالإضافة لما ذكرَه - أن المرأة قد يَحصُل لها حادث فتَنكشِف عند الرجال الأجانب، وقد يتوفَّاها الله تعالى وهي على هذه الحالة.
ومن المفاسد أيضًا أن المرأة المُتعرية - ولو كانت في بيتِها وحدها - فقد يُؤذيها الشيطان بسبب ذلك، فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: كانت ابنة عوف بن عفراء مُستلقيَة على فراشها، فما شعرتُ إلا بزنجيٍّ قد وثَب على صدرِها ووضَع يده على حَلقِها، [قالت]: فإذا صحيفة تَهوي بين السماء والأرض، حتى وقعت على صدري، فأخذها فقرأها، فإذا فيها: من رب لُكَيْنَ إلى لُكَيْنَ، اجتنِب ابنة الصالح، فإنه لا سبيل لك عليها، فقام وأرسل يدَه من حلقي وضرَب بيده على ركبتي، فاستورمَت حتى صارت مثل رأس الشاة، قالت: فأتيتُ عائشة فذكرت ذلك لها، فقالت: يا ابنة أختي، إذا خفتِ فاجمعي عليك ثيابك، فإنه لا يضرُّك - إن شاء الله تعالى - قال: فحفظَها الله بأبيها، إنه كان قُتل يوم بدر شهيدًا[27]؛ لذا بيَّن الله تعالى أن التعري من الشيطان؛ قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 27]، كما أن التستُّر من الرحمن - جلَّ وعلا - قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].
وقد كنَّ النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يُرخين ذيولهنَّ تحقيقًا لأمر الله - عز وجل لهنَّ بالتستُّر - وقد جاء من طريق محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم، عن محمد بن إبراهيم، عن أم ولد لإبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، أنها سألت أمَّ سلَمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أُطيل ذَيلي، وأمشي في المكان القذر فقالت أم سلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطهره ما بعده))؛ كما رواه مالك (يَحيى 41، الزهري 57)، وأبو داود ح: 383 والترمذي ح: 143 وابن ماجه ح: 531 والنسائي في مسند مالك، ويشهد له ما جاء من طريق موسى بن عبدالله بن يَزيد، عن امرأة من بني عبدالأشهل قالت: قلتُ: يا رسول الله، إن لنا طريقًا إلى المسجد مُنتنة فكيف نفعل إذا مُطِرنا؟ قال: ((أليس بعدها طريق هي أطيَبُ منها؟)) قالت: قلتُ: بلى، قال: ((فهذه بهذه))؛ رواه أبو داود ح: 384، وابن ماجه ح: 533 وغيرهما، والحديثان قوَّاهُما ابن الجارود ح: 142، 143، والثاني منهما إسناده كلُّهم ثقات، وجهالة الصحابية لا تضرُّ.
وكذلك ما رواه البخاري ح: 5825 بسنده عن عكرمة: إن رفاعة طلَّق امرأته، فتزوجها عبدالرحمن بن الزبير القرظي، قالت عائشة: وعليها خمار أخضر، فشكت إليها، وأرتها خضرة بجلدها، ففيه دلالة على تستر النساء مع بعضهِنَّ، وأنه يجوز كشْفُ بعض الشيء عند الحاجة، كما أرتها هذا الموضِع من بدنها لأجل أن تُبيِّن أن زوجها ضربها ضربًا مبرحًا.
وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه
عبدالله بن عبدالرحمن آل سعد
4/ 11/ 1433هـ،
المقدمة
الحمد لله الذي له الأسماء الحسنى والصفات العليا، والصلاة والسلام على رسوله صاحب الخلُق العظيم والقلب السليم، المبعوث بتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسنِ الأفعال، وعلى آله وصحبه أجمل الناس علمًا وأصلحِهم عملاً.
أما بعد؛ فهذه رسالة بعنوان: "الأدلة الصوارم على ما يجب ستره من المرأة عند النساء والمحارم" كتبتُها نُصْحًا للأمة، وبراءةً للذمَّة، وإرغامًا للشيطان وأعوانه معاول الهدم، وعَتَل الحطم؛ الداعين للإباحية والفساد، المُغرمين بتعاظل الكلاب للسفاد، الساعين إلى أن تَنسلِخ المرأة من الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية؛ ليجعلوها عبوة ناسفة لاستقرار المجتمعات الإسلامية، ولغمًا مُزلزِلاً للإطاحة بمبادئها وقيَمِها وأخلاقها ودينها، لقد تفنَّن لصوص الفضيلة وقُطَّاع طرق الأخلاق الجميلة في أساليب الضر ووسائل الشرِّ، وعمِلوا على تشويه الحقائق، وتغيير الفِطَر، وانتكاس البصائر، وقَلْب المَفاهيم، ليرى الواقعون في شِباكهم المعروف مُنكرًا والمنكر معروفًا، والتخلُّف تمدنًا وتطورًا، والرجعية تقدمًا وتحضُّرًا، والهبوط رقيًّا وعلوًّا، والنقص تمامًا وكمالاً والمستقبَح حسنًا وجمالاً، طموحهم أن تُقلِّد المسلمة الكافرات في عريهنَّ وعُهرِهن، لينمحي الطابَع المميِّز لشخصيتِها، وتنطمس العلامة الفارقة لهُويتها.
إن من كيد شياطين الإنس والجن وإغوائهم العمل على فتنة بني آدم حتى يكشفوا عن عوراتهم؛ قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 27].
خطوة شيطانية:
لقد انتشرَت في الآونة الأخيرة ألبسة نسائية تشمئزُّ منها النفوس الزكية، روَّج تصاميمها المُغرضون، ثياب تزري بالفتيات حين يرتدينها، ويُعاب على أهلهن لذلك؛ فتَنَهنَّ الشيطان بها، وألقى في قلوبهن: هل أدلكنَّ على زي التحضر والتمدن؟ فانخدعن بتزيينه وغرَّهن بأباطيله، فبدأ معهن بأول خطوة استدراجية ناحٍ بهن إلى بؤرة التجرُّد والعري، لقد أمرهن - عدو الله تنفيذًا لخطته المحبوكة - بلبس القصير والشفاف والضيق عند النساء والمحارم؛ ليبدأ مشروعه "تبرج النساء" من هنا، فأطعْنه جهلاً أوتجاهلاً، وأدخل حبَّ تلك الثياب الفاضحة في أفئدتهن بلجاجته وتجنيد النفس الأمارة بالسوء؛ ليَنتهي بهن حيث يريد، فله خبرة سابقة وتجربة ناجحة مع بني إسرائيل، ففي الحديث: ((إنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النِّساء))[28].
أسلوب التدرُّج:
كان لوقت قريب لبْس النِّساء للقصير والشفاف والضيق مرفوضًا برمَّته دينًا ومروءة من قِبَل الفتاة وأهلها ومجتمعِها المحافظ، وحين سُلِّطَتْ عوامل التبرج بجهود مَصنوعة، وتخلَّلت الدعوات المضللة المجتمع الإسلامي، بدأت التنازلات، فلبسَت الفتاة الجريئة الثياب الضيقة، لكنها ثياب ساترة، ولا تُلبَس إلا في المنزل عند النساء والمَحارِمِ فقط، وإذا أرادت أن تَخرج لبست الجلباب "العباءة" فليس في نظرها ثمة مَحظور.
ومن ينهَ أهله عن ذلك ويتغيَّظ عليهم فخليق أن يقال عليه: متزمِّت.
ثم بدأ الثوب يتقلَّص من أطرافه قليلاً، وتلبسه الفتاة على استحياء عند النساء والمحارم فقط، ولا تلبسه ذات الحياء أمام مَن له هيبة من أقربائها، فإن فعلت خمَّرت صدرها بالخمار "الشيلة" وغطت عضديها بالملحفة "الجلال" ولا جرم؛ فالوالدان في عراك مع الواقع، لكنهما مُطمئنان؛ إذ يستحيل على ابنتهم أن تَخرُج به.
ثم تطوَّر التقلُّص، فشُمِّر الثوب أكثر وأكثر حتى أظهرت الفتاة مفاتنَها لكن عند النساء وبين المَحارم، وسرعان ما جرَّها التيار، ودفعتْها أيدي المكر، فخرجَت بثوب العري إلى حيث تَشاء، لكن الجلباب - الذي يحتاج إلى جلباب - فوقه حين تمرُّ بالرجال الأجانب، فإن احتشمَت عند النساء والمَحارم جعلت تحت الثوب القصير جدًّا سراويل طويلة رقيقة ضيِّقة، إلا أنها تسترُ لون البشرة، ولها أشكال و"مديلات" بعضها شرٌّ من بعض.
عندها نطق الشيطان على لسانها ولقَّنها حجَّتها: أليسَت عورة المرأة من السرة إلى الركبة؟ وهل يعني إذا خرجت المرأة بهذا الزيِّ أنها ستَبيع عرضها وتتخلى عن دينها وأخلاقها؟ ثم إن فلانة الصالحة أو ابنة العبد الصالح رُؤيت في الحفلة الفلانية لابسة كذا وكذا، وركن الوالدان إلى مراد ابنتهما ومالا إلى هواها، وهوَّنا على أنفسهما (هي أهوَنُ مِن غيرها).
علم من أعلام النبوة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه - ذكر الحديث وفيه -: ((إنَّ من أشراط الساعة أن يظهر الشحُّ، ويظهر ثياب يلبسها نساء كاسيات عاريات...))، "أكذاك يا عبدالله بن مسعود سمعته من حبِّي؟" قال: "نعم ورب الكعبة" [29].
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيكون في آخر أمتي رجال...نساؤهم كاسيات عاريات))؛ رواه أحمد[30]، وفيه الَعَلَمُ البيِّن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وكم له من الأعلام العظيمة؟!
حجة واهية: لقد تشبَّث غالب المفتونات بالتعري برأيٍ لبعض الفقهاء مرجوح، وهو أن عورة المرأة مع المرأة وأمام الأقارب المَحارم ما بين السرَّة والركبة، كعورة الرجل مع الرجل.
وهذا الرأي علاوة على أنه عارٍ عن الدليل من الكتاب والسنة، فليس فيه متعلِّق للمَفتونات؛ لأن أصحاب هذا الرأي لا يقولون: إنه يجوز للفتيات أن يلبسْنَ القصير والشفاف، ويُظهِرن صدورهن وظهورهن وبطونهن وسوقهن عند النساء والمحارم في بيوتهنَّ، فضلاً عن فعل ذلك في قاعات الاحتفالات وقصور الأفراح، فإن هذا لون، وتجوُّزهم في حد عورة المرأة حيث لم يعهدوا إلا نساءً محتشمات راعوا حاجتهنَّ وقت الأشغال المنزلية المرهِقة في لباس المهنة والبذلة لون آخر.
موضع فرقان:
لا أحسب أن أحدًا يُنازِع في التَّفرِقة بين مَن لبسَت الثياب القصيرة أو الشفافة في كامل الزينة والأبَّهة وتعمَّدت إبراز صدرها وظهرِها وعضدَيها وساقيها سخافة تَبتغي الحسن وتدعو إلى تقليدها، في ثياب باعثة على الشهوة حتى انجذب شابَّات إلى لبسه تقليدًا لهن، أو تحت ضغط الألسنة والأعيُن لسنتهنَّ السيئة، وبين من ظهر ساقها اضطرارًا لا اختيارًا لمُزاولتِها مهنة البيت في ثياب البذلة المنفِّرة؛ فالأولى: ملومة للبَجاحة، والثانية: معذورة للحاجة.
غلطة على العلماء:
لا يَخفى على من فهمَ أصول الشرع ومقاصده وتذوَّق محاسنَه، وما أتى به من درء المفاسد وجلب المصالح، أنه لا يجوز للفتيات ارتداء الثياب القصيرة والشفافة والضيِّقة المُظهِرة للمَفاتن عند المحارم والنساء، على الأقل لحَسمِ المادة وسدِّ الذريعة.
إنه لا يَنبغي أن يكون خلاف في تحريم لبس الفتاة الثوب القصير والشفاف، وخروجها في كامل زينتِها تهتكًا وقلة حياء، ومن قال: إنه جائز، واستند على ما ذكره بعض الفقهاء كضابط للعورة، فقد أخفقَ وغلط على العلماء وعلى الشريعة الإسلامية، وكيف يَستجيز من عرف احتياط العلماء ومقاصد الشريعة القول بذلك؟ فهل قال عالم من المتقدمين يعتدُّ بقوله: إنه يجوز للمرأة أن تستر ما بين سرتها وركبتها ثم تخرج بكامل زينتها إلى لحفلات النسائية، أو تحضر ولائم محارمها على هذه الحال {سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظيمٌ} [النور:16].
ومن سَبَر تاريخ الأمة المحمدية المديد، ونظر في اتساع رقعة دولة الإسلام وانتشار أهلها، وتأمل تستُّر المؤمنات واحتشامهن في تلك الأعصار والأمصار مع وجود هذا الضابط في كتب أهل العلم، فهمَ كلام العلماء، وعرف مرادَهم، إذ يُفسِّره عمل المؤمنات وما درجْن عليه قرنًا بعد قرن، فلم يكن يفهمْنَ من هذا الضابط مع قوة النظر ودقة الفهم غير المعنى الصحيح المراد به، ولكن لما خلف مَن بعدهنَّ مَن قلَّ ورعهن وساء فهمهنَّ وقَصدُهن، وضعفت مراقبة الله في صدورهن، تَحَذْلَقْنَ، وكأنهن أجلد رأيًا، وأثقب نظرًا، وأعمَقُ فهمًا، فزعمْنَ أن ذلك الضابط حجة لهن على سوء فعلهن، فجمعْنَ بين سوء قصدٍ، وسوء فهمٍ، وسوء فعلٍ، وسوء ظن بعلماء الأمة، وكان الواجب إمضاء هذا الضابط على ما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة.
هذا ولو أننا قلدنا بعض الفقهاء في آرائهم الضعيفة واستَندْنا على ظاهر عباراتهم المطاطة دون أن نردَّ بعضها إلى بعض، حتى يتكون عندنا فهم متكامل وتصور صحيح؛ لتحول مجتمعنا إلى مجتمع عراة رجالاً ونساءً - نعوذ بالله من ذلك - ولأصبح مجتمعُنا يُضاهي المجتمعات الغربية في تخلُّعها وعريها.
أقسام العورة:
عورة المرأة بالنسبة لنظر النساء والرجال المَحارم تنقسِم إلى ثلاثة أقسام:
1- مغلَّظة: وهي الفرجان: القبُل والدبُر، وما حولهما.
2 - متوسِّطة: وهي ما بين السرَّة والركبة.
3 - مخفَّفة: وهي ما عدا ذلك مما جرت العادة المُطردة والعرف المُعتبَر بسَتره في المنزل.
ما يجوز كشفُه:
ليس للمرأة أن تكشف عند محارمها وبين النساء إلا ما يظهر في بيتها غالبًا، ويُعبِّر عنه بعضهم بما جرت العادة بأنه لا يَستر في بيتها، ويعبر عنه آخرون بما لا يملك ظهوره، وهو: الوجه، والرأس، والعنق، والكف والساعد، والقدم، وطرف الساق أما ما سوى ذلك من سائر البدن فلا يجوز كشفه.
قال ابن قدامة - رحمه الله -: ويَجوز للرجل أن يَنظر من ذوات محارمه إلى ما يظهر غالبًا؛ كالرقبة والرأس والكفَّين والقدمين ونحو ذلك، وليس له النظر إلى ما يستُر غالبًا؛ كالصدر والظَّهر ونحوهما[31].
وبنحو هذا قال المالكية[32].
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - عن نظر المرأة للمرأة ونظر الرجل لذوات محارمه نسبًا ورضاعًا وصهرًا: يجوز من ذلك ما جرت به العادة واحتيج إليه[33].
الأدلة:
دلَّ النقل والعقل وتضافرَت النصوص من الكتاب والسنَّة على تحريم لبس الثياب النسائية القصيرة والشفَّافة والضيقة، المُبدية لمفاتن المرأة أمام محارمها وعند النساء، فمِن تلك الأدلة ما يلي:
1 - قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31].
روى عبدالرزاق بسنده عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: "علموا نساءَكم سورة النور".
قال مُقيِّدُه: لقد بيَّنتِ الآية أكمل البيان ما يَجوز إظهاره من الزينة للأجانب والأقارب:
- فالرجال الأجانب: لهم الزينة الظاهرة، وهي الثياب.
- والنساء والمَحارم الأقارب: لهم الزينة الباطنة وهي الحُليُّ ومواضِعُها.
وجْه الدلالة من الآية: أنَّ الله - جلَّ وعلا - نهى النساء عن إبداء الزينة الباطنة إلا لمَن استثنى، وتَختلف مراتبُهم والقدر الذي يُبدى لهم، وقد أطلقت الآية الزينة التي يَجوز إبداؤها للمَذكورين، فكان مَرجِع تحديدها إلى النصوص المُفسِّرة، وإلى فهم مَن نزل القرآن في عَصرِهم.
فأما النصوص: فوضَّحت القدر الذي يُبدَى لكل مذكور في الآية، وفرَّقت بين مَن له النظر واللذة، ومَن له النظر فقط؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ} [المؤمنون: 5، 6]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} [النور: 58]، حتى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59]، وبقية النصوص على هذه الجادَّة.
وأما فهم الصحابة، فيُعرَف من خلال تفسيرهم القولي والعمَليِّ:
أما التفسير القولي: فقد رُوي عن ابن مسعود والزبير رضي الله عنهما في تفسير الزينة بأنها: القُرط، والقلادة، والسوار، والخلخال[34]، أي: ومواضعها.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "الزينة التي يُبدينها لهؤلاء: قرطاها، وقلادتها وسوارها، فأما خلخالاها، ومعضداها، ونحرها، وشعرها، فإنه لا تُبديه إلا لزوجها"[35].
وعن إبراهيم في هذه {أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] قال: ينظرون إلى ما فوق الذراع والرأس والأذن[36].
وعن الزهري قال: لا بأس أن يَنظر الرجل إلى قصَّة المرأة من تحت الخمار إذا كان ذا محرَم، فأما أن تسلَخَ خمارها عنده فلا[37].
"وعن ابن طاووس، عن أبيه قال: ما كان أكرَهَ إليه مِن أن يرى عورةً مِن ذات محرم، قال: وكان يكره أن تسلَخَ خِمارها عنده[38]؛ أي تكشف عن شَعرِها، وعن ليث، عن طاووس: أنه كان يَكره أن يرى شَعر ابنتِه، قال ليث: وكان الشعبيُّ يكره من كل ذي ذات محرم"[39]، وقال ابن قدامة: منع الحسن، والشعبي، والضحاك النظر إلى شَعر ذوات المحارم، فرُوي عن هند ابنة المهلب قالت: قلتُ للحسن: ينظر الرجل إلى قرط أخته أو إلى عنقها؟ قال: لا، ولا كرامة[40].
هذا ما عليه السلف الصالح - رضي الله تعالى عنهم - من الاحتياط والحصانة وحماية الأعراض، والذين جاؤوا من بعدهم ممن اتصف بالصبغة والإيمان اتبعوهم بإحسان، ثم خلف من بعدهم خلف أضاعوا المقاصد الشرعية، واتبعوا الشهوات ودواعي الهوى.
وأما التفسير العمليُّ: فقد جرى عمل الصحابيات - رضي الله عنهن - في بيوتهن على ستر ما لا يظهَر عادةً وغالبًا، واقتصرْنَ على كشفِ ما يظهَر عادة وغالبًا، فيكشفْنَ عن الرأس، والعنق، واليدَين، والساعدَين، والقدمين، وبداية الساقين، وهو تأويل الآية، فإن الرأس موضِع القرط، والوجه موضع الكُحْل، والعنق موقع القلادة، والكفُّ موضع الخاتم، والذراع موضع السوار، والقدم موضِع الفَتَخِ، ومعقَّد الساق بالقدم موضِع الخُلخال.
زيُّ الصحابيات في بيوتهنَّ:
قال الشيخ محمد بن صالح العُثيمين - رحمه الله -: وقد ذكَر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يلبسْنَ القمُص اللاتي تَصِل إلى الكعبين في القدمين، وإلى الكفَّين في اليدَين[41].
مِن هذا المُنطَلق قال ابن قدامة - رحمه الله -: قال الأثرم: سألتُ أبا عبدالله عن رجل يَنظُر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه؟ فقال: هذا القرآن: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} إلا لكذا وكذا، قلت: فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها؟ قال: لا، ما يُعجِبني، ثم قال: أنا أكرَهُ أن يَنظُر من أمه وأخته إلى مثل هذا[42].
وقال ابن حزم - رحمه الله -: صحَّ عن إبراهيم ألا ينظر مِن ذات المحرَم إلا إلى ما فوق الصدر[43]، وكره الساقين[44].
2 - قال تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 60]، وقال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32]، وقال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} [النور: 31]...إلى غير ذلك من الآيات.
وجه الدلالة من الآيات: إن المتأمِّل لهذه الآيات بعيدًا عن المؤثِّرات الخارجية يجد مقاصد كلية جامعة، ويقف على حصانة منيعة وحِراسة محكمة لحدود العلاقة بين الجنسَين، لا يتصور معها إطلاقًا السماح لشابَّة حسناء وضيئة أن تُبرِز أعضاءها الساحرة الجميلة، وتتمشَّى بين محارمها ونسائها كاشفة ما فوق سُرتها وتحت ركبتها أيعقل هذا يا عباد الله! في شريعة جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد؟!
3 - قال تعالى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]، وقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعراف: 26].
وجه الدلالة من الآيتين: إن الله - جل وعلا - جعل كون نساء المؤمنين يُعرفْنَ باللباس الفارق أمرًا مقصودًا، فلِباس المرأة يُقصَد منه ما يلي:
- الاستِتار والاحتِشام.
- إظهار الفرْق بين النِّساء والرجال.
- إظهار الفَرْق بين المُسلِمات والكافرات.
- إظهار الفَرق بين العفيفات والعاهِرات.
إذا تقرَّر هذا فالملابس النسائية القصيرة والشفافة والضيقة تَخلو مِن روح هذه المقاصد الشرعية.
4 - قال تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33].
وجْه الدلالة من الآية: إن الله - جل وعلا - نهى نساءنا عن تبرُّج الجاهلية الأولى، فدلت الآية بمنطوقها على أنه يَحرُم على المؤمنات أن يلبسْنَ القصير أو الشفاف أو الضيِّق؛ لأن المرأة فيها متبرِّجة شرعًا وعرفًا ولغةً، والآية عامة لم تُفرِّق بين أن يكون التبرُّج عند قريب أو بعيد، فمَن حمَل الآية على البعيد دون القريب فقد تأولها على غير تأويلها، والتخصيص يَحتاج إلى دليل ممَّن جاءنا بالإسلام والإيمان والإحسان، ولا دليلَ هنا.
هذا، ولا ريب في تحريم مُشابهة الجاهليات في هيئتهنَّ وهديهن وزيِّهن، وهذه الثياب المَحظورة سمة لهنَّ؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تشبَّه بقوم فهو مِنهم))[45].
وقال علي - رضي الله عنه -: "مَن تزيَّا بزيِّ قوم فهو منهم".
5 - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المرأة عَورة، فإذا خرجَت استَشْرَفها الشيطان))[46].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المرأة عَورة))[47].
وجْه الدَّلالة من الحديث: إنه على وجازته صريح في كون المرأة عورة، هذا قول مَن أُعطي جوامع الكَلِم، فلا يَحِلُّ لنا أن نردَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونقول: إن ما فوق السرة وتحت الركبة ليس بعورة، إلا أن يكون معَنا منه دليل يصحُّ الاحتِجاج به، ولا دليل هنا.
وقد أخرج سعيد بن منصور والبَيهقي في سننه وابن المُنذِر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتَب إلى أبي عبيدة أما بعد؛ فإنه بلغَني أن نساء المسلمين يَدخلْنَ الحمَّامات مع نساء أهل الشرك، فإنه لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يَنظُر إلى عورتها إلا أهل ملَّتها[48]، فسمَّى بدن المرأة عورة؛ لأن ما بين السرة والرُّكبة لا يَحِلُّ لأحد غير الزوج أن ينظر إليه.
وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام قال: كلُّ شيء مِن المرأة عورة حتى ظفرها[49]، وروي مِثلُ ذلك عن الإمام أحمد[50]، وهو قول مالك[51].
وقال الإمام أحمد - على ما نقَله أبو طالب -: "ظُفر المرأة عورة، فإذا خرجَت مِن بيتِها فلا تُبِن منها شيئًا ولا خفَّها، فإن الخفَّ يَصِف القدَم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمِّها زرًّا عند يدِها، حتى لا يَبين منها شيء".
فثبَت بهذا الحديث وما في معناه: أن الأصل في المرأة أن كل شيء منها عورة، فلا يحلُّ إخراج شيء مِن هذا العموم حتى يقوم دليل صَحيح صريح على إخراجه، فمَن قال: إن ما فوق السرَّة وتحت الركبة ليس بعورة عند النساء والمَحارم، قيل له: أين الدليل على ذلك؟ ولا دليلَ هنا.
وثمَّة مِن جِهة النظر على طريقة الفقهاء ما يؤيد أن ما لا يظهَر غالبًا عورة، وهو أنه لا يلزم المرأة كشفُه في الإحرام، ولا يَجوز لها إظهاره في الصلاة، ولا يشقُّ سترُه، ولا تدعو الحاجة إلى ترك تغطيتِه، ويُوارى عادة.
6 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عَورة الرجل على الرجل كعورة المرأة على الرجل، وعورة المرأة على المرأة كعَورة المرأة على الرجل))[52].
وجْه الدلالة من الحديث: وجوب تَستُّر المرأة مع المرأة، وأنه لا يَجوز لها أن تتهاوَن فتَتكشَّف بحُجَّة أنها عند امرأة، وقد دلَّ الحديثُ على أن المرأة يجب عليها أن تستُرَ عند المرأة ما يُغطَّى عادة في بيتها؛ لأن المرأة لا يَجوز لها أن تتعرَّى عند محرمها مُكتفيةً بسَترِ ما بين السرة والركبة.
7 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "((مَن جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة))، فقالت أمُّ سلَمة: فكيف يصنَع النساء بذيولهنَّ؟ قال: ((يُرخين شِبرًا)) فقالت: إذًا تَنكشِف أقدامهنَّ، قال: ((فيُرخينه ذراعًا لا يَزدن عليه))[53]، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: ((إذًا تَخرُج سوقهنَّ))[54]، ورواه أحمد ولفظه: "إن نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألنه عن الذَّيل، فقال: ((اجعلنه شِبرًا))، فقلْن: إن شبرًا لا يستر من عورة، فقال: ((اجعلنه ذراعًا)).
وللبزار من حديث عمر - رضي الله عنه - قال: ((شِبرًا))، فقلن: شبر قليل، تخرُج منه العورة، قال: ((فذراعًا))، قلْن: تبدو أقدامهُنَّ، قال: ((ذراعًا لا يزدْن على ذلك))[55].
وجه الدلالة من الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر نساءه على قولهنَّ: إن شِبرًا لا يستر من عورة، وعَملُ كثير من الفتيات اليوم - هداهنَّ الله - مُناقض لعمل الصحابيات تمامًا، وذلك أنهنَّ يَخرجن للحفلات والسهرات وقصور الأفراح بالملابس المحظورة؛ كالقصيرة، والشفافة، والضيِّقة، ويستفاد من عمل الصحابيات رضي الله عنهنَّ في جر ذيولهنَّ ذراعًا أن المتعين على المرأة إذا خرجت من بيتها أن تستتِرَ سترًا شاملاً لا فتنة فيه.
إذا تقرَّر هذا فإن من المخالفات ما تفعله بعض الفتيات؛ حيث يلبسْنَ الثياب القصيرة التي تبلغ الركبتَين، وتلبس تحته السراويل الطويلة الضيقة المحجِّمة لسوقهن وأقدامهنَّ؛ لأنَّ هذا وإن ستر لون البشرة إلا أنه يُظهِر حجم الساق، وهذا يُنافي ملبوس المُحتشمات وعمل المسلمات قرنًا بعد قرن.
وقد نقل ابن تيميَّة حديث أم سلمة، ثم ذكَر أن هذا ليس معينًا للستر، فلو لبست المرأة خفًّا واسعًا صلبًا كالموق، وتدلَّى فوقه الجلباب بحيث لا يظهَر حجم القدم، لكان هذا مُحصِّلاً للمقصود[56].
وثمَّة توجُّس أن تكون لبسة النساء لهذه الملابس المحظورة من جنس الخُيلاء المنهي عنه؛ لأن جرَّ الثياب في حق الرجال من المخيلة، فحَسرُ الثياب في حق النساء لا يُستبعد أن يكون من المخيلة التي لا يُحبها الله، وكثيرًا ما يختال ضعيفات الإيمان ناقصات العقول بمثل هذه الملابس، ويُباهين به ليراه الناس، نعوذ بالله من انتِكاس الفِطَر.
8 - عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفةً كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتُها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مالك لم تلبس القبطية؟)) قلتُ: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرْها فلتجعل تحتها غلالةً؛ إني أخاف أن تَصِف حجم عظامها))[57].
قوله قبطية نسبة إلى القِبط، وهم أهل مصر، وهي ثوب رقيق لا يَستر البشرة عن رؤية الناظر بل يَصِفها، قوله غِلالة الغِلالة - بكسر الغين -: شِعار يُلبَس تحت الثوب، وعن دَِحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه أنه قال: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباطي، فأعطاني منها قبطية، فقال: ((اصدعها صدعين، فاقطع أحدهما قميصًا وأعطِ الآخر امرأتك تختمر به)) فلمَّا أدبر قال: ((وأمُر امرأتك أن تجعل تحته ثوبًا لا يَصفِها))[58].
ومِن مراسيل عبدالله بن أبي سلمة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كَسا الناس القباطي، ثم قال: لا تَدرعها نساؤكم فقال رجل: يا أمير المؤمنين، قد ألبستُها امرأتي، فأَقبلَتْ في البيت وأدبرَت، فلم أرَهُ يشفُّ، فقال عمر: "إن لم يكن يشفُّ فإنه يَصِف"[59].
وجْه الدَّلالة من الأحاديث: قد دلَّت الأحاديث على أنه يجب على المرأة أن تستر بدنها بثوب سابغ ساتر لا يُظهِر بدنها، ولا يصف بشرتها، ولا يحكي تقاطيع جسمها، وهذا في غير خلوتها مع زوجها.
قال ابن قدامة: قال أحمد في رواية جعفر بن محمد في المرأة تَقعُد بين يدي زوجها وفي بيتها مَكشوفة في ثياب رقاق: فلا بأسَ به[60].
وقال المِرداوي: "يُكرَه لبس ما يَصِف البشرة للرجل والمرأة، الحي والميِّت، ولو لامرأة في بيتها" نص عليه.
وقال أبو المعالي: لا يَجوز لبسه، وذكر جماعة: لا يُكره لمن لم يرها إلا زوج أو سيد...وأما لبسها ما يصف اللين والخشونة والحجم فيُكره[61]، وصحَّح ابن مفلح - رحمه الله - أنه يَحرم على المرأة لبس ثوب رقيق يَصِف البشَرة مع غير زوج وسيد[62].
9 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان من أهل النار لم أرَهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مُميلات مائلات، رؤوسهن كأسنِمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا))[63].
قال الهيتمي: وابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم: ((يكون في آخر أمتي رجال يَركبون على سروج كأشباه الرِّحال، يَنزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهنَّ كأسنِمة البُخت العِجاف، العنوهنَّ فإنهنَّ ملعونات))[64]، وعن المِسوَر بن مخرَمة رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمشوا عراةً))[65].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والتعرِّي، فإنَّ معكم مَن لا يُفارقكم إلا عند الغائط، وحين يُفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم))؛ حسَّنه السيوطي[66].
وعن ابن جريج، عن عطاء، قال: تُصلِّي المرأة في درعها وخمارها وإزارها، وأن تجعل الجلباب أحبُّ إلي، قلت: أرأيتَ إن كان درعها وخمارها رقيقًا أحدهما؟ قال: فالجِلباب إذًا على ذلك من أجل الملائكة أنها معها[67].
والأحاديث في الزجْر عن التعرِّي مُتضافِرة.
وجه الدلالة من الأحاديث: في هذه الأحاديث أوضح الدلائل وأقوى الحُجج في النهي عن التعرِّي؛ حيث وصَف صِنف النساء المتوعد عليهن بالوعيد الشديد والتهديد الأكيد بأنهن كاسيات عاريات، وتفسير ذلك:
أن تَكتسي ثيابًا لا تَسترها؛ لقِصَرها أو لخفَّتها أو لضيقها فهي كاسية لكنها في الواقع عارية، وإنما لباس المسلمة الطويل الساتر، الكثيف الصَّفيق الواسع الفضفاض.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: قوله كاسيات عاريات بأن تَكتسي ما لا يَسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية مِثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يَصِف بَشَرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يَسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها، لكونه كثيفًا واسعًا[68].
وقوله مُميلات مائلات يَنطبق على مَن تلبس القصير والشفاف والضيق؛ إذ هي مائلة عن طاعة الله وعن الحياء وعادة نسائها الحميدة، مميلة لغيرها إلى أن تلبس مِثلَ لبسها، وذلك إما بقولها أو بمَظهرها وبهرجتِها.
10 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لبس ثوب شُهرة ألبسَه الله يوم القيامة ثوبًا مثله))، ((ثمَّ تلهَّب فيه النار))[69].
وتفسير ثوب الشُّهرة: هو الثوب الخارج عن العادة، قال ابن عقيل: لا يَنبغي الخروج عن عادات الناس إلا في الحرام[70].
وجه الدلالة من الحديث: إن ثياب الشهرة حرام، والثياب القصيرة والشفافة والضيقة والبنطلونات وما في معناها خارجة عن عادة نسائنا مُخالِفة لملبوسهنَّ، فهي ثياب شُهرة، ويترتَّب على لبسها محاذير كثيرة تعود معرَّتُها على المرأة، وهي في غِنى عنها، حسبنا من ذلك ما يلي:
- تُخالف الشرع وتَستجلِب العقوبة.
- تُناقِض المروءة وتُنافي الحياء.
- تُعرِّض المرأةَ لقدح الناس وجرحهم؛ لكونها ثيابًا مذمومة.
- تَدعو إلى الرِّيبة والشكوك السيئة.
- تَقذف بالكرْه في قلوب الآخرين.
- تبعَث على الأخلاق السلبية كالعجب والزهو والخُيلاء والتكبُّر.
11 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تشبَّهوا باليهود ولا بالنصارى))[71].
((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس))3. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تشبَّهوا بالأعاجم))[72].
لقد استفاضت السنن بالنَّهي عن التشبه بالكفار؛ قال ابن تيمية: ولهذا لما فَهِم السلفُ كراهةَ التشبُّه بالمجوس، في هذا وغيره، كرهوا أشياء غير منصوصة بعينها عن النبي صلى الله عليه وسلم من هدي المجوس[73].
وجه الدَّلالة من الحديثَين: أننا نُهينا عن التشبُّه بالكفار على اختلاف مِلَلهم ونِحلهم، ومن لبسَت ثوبًا قصيرًا أو شفافًا أو ضيقًا عند غير زوجها فقد لبست ما يُنهى عنه من وجهين؛ أحدهما: كونه غير ساتر، والآخر لأن فيه تشبُّهًا بالكافرات في هيئتهنَّ وإظهار مفاتنهنَّ وقلة حيائهن، وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتَب: مُروا نساء أهل الذمة أن يرفعْن عن سوقِهنَّ حتى يُعرَف زيهنَّ مِن المسلمات[74].
وقد جاء الترهيب في حق مَن تشبَّه بالقومِ الكافرين في جُملة خصالهم أو في خصلة واحدة منها، فقد صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تشبَّه بقوم فهو منهم)).
قال ابن تيمية - رحمه الله -: هذا الحديث أقل أحواله أن يَقتضي تحريم التشبُّه بهم، وإن كان ظاهرُه يَقتضي كفر المتشبه بهم...وبكل حال: يقتضي تحريم التشبُّه؛ بعلة كونه تشبهًا، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه، وهو نادر، ومن تَبِع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذًا عن ذلك الغير[75].
12 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خالِفوا المشركين))[76] يُفيد العموم.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خالِفوا أهْل الكتاب))[77].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ((خَالِفُوا المجُوس))[78].
وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أنَّ مخالفة الكفار على اختلاف مِلَلهم ونِحَلهم أمر مقصود للشارع، ولهذا قالت اليهود: ما يُريد هذا الرجل - يعني: النبي صلى الله عليه وسلم - أن يدع مِن أَمرِنا شيئًا إلا خالَفَنا فيه[79].
ومَن لبسَت الثياب القصيرة أو الشفافة أو الضيقة لم تَستجِب لأمر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
بمخالفة هدْي الكافرات وسُننهن وشِعارهنَّ ومظهرهن، والاستجابة لأمره صلى الله عليه وسلم، واجبة، قال تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
بل إن المُرتدية لهذه الملابس المحظورة قد تغلغلت في تقليد الكافرات ومشابهتهن فضلاً عن موافقتهن.وكما نهينا عن مشابهتهم أمرنا بمخالفتهم وعدم موافقتهم.
وذكر ابن تيمية - رحمه الله - أن مَن فعَل الشيء واتَّفق أن الغير فعله أيضًا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، أنه قد يَنهى عن هذا؛ لئلا يكون ذريعة إلى التشبُّه[80].
13 - نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتِمال اليهود[81].
وعن أبي عُثمان قال: كتَب إلينا عمر ونحن بأذربيجان يا عُتبة بن فرقد! إياكم والتنعُّم، وزي أهل الشرك[82]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ذَروا التنعم، وزيَّ العجم[83]، وفي لفظ: إياكم وزي الأعاجم، وتنعُّمهم[84].
ودُعي حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إلى وليمة، فرأى شيئًا من زي العجم فخرَج، وقال: مَن تشبَّه بقوم فهو منهم[85].
قال ابن تيمية: مفارقة المسلم المشركَ في اللباس أمر مطلوب للشارع[86].
وفي رواية المروذي وقد سأل الإمام أحمد عن النعل السِّندي فقال: أما أنا فلا أَستعمِلُها، ونقل محمد بن أبي حرب عنه أنه قال: هو مِن زيِّ العجم[87].
وقال ابن رجب - رحمه الله -: لباس العرب المعهود بينهم أفضل مِن لباس العجم[88].
قال ابن تيمية: وبهذا احتجَّ غير واحد من العلماء على كراهة أشياء من زيِّ غير المسلمين[89].
وقد تكلم أصحاب أبي حنيفة في تكفير من شبَّه بالكفار في لباسهم[90].
وجه الدلالة من هذا: إن الملابس النسائية القصيرة والشفافة والضيقة حرام؛ لأنها من زيِّ أهل الشرك الذي نُهينا عنه وعن مُشابهتِهم فيه.
14 - عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبَين مُعصفَرَين فقال: ((إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها))[91].
وجه الدلالة من الحديث: إن ثياب الكفار لا تجوز، وهذه الثياب التي تعرِّي المرأة وتُظهر مفاتنها قصيرة كانت أو شفافة أو ضيقة من ثياب الكفار في تصاميمها ومواصفاتها صدَّروها إلى بلاد المسلمين في حين غَفلة من أهلها، واستورَدها أعوانهم وأنصارهم وروَّجوها، وقد تلقاها الجلب الفضولي الذي لا غَيرة عنده على محارم المسلمين، وسوَّقها عَبيد الدينار والدرهم، فهي دخيلة على مجتمعنا الإسلامي، طُفيلية نزلت غريبة على بيوت المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
15 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس مِنَّا مَن تشبَّه بغَيرنا))[92].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليس مِنَّا مَن عمل سنَّة غيرنا))[93].
وجْه الدلالة من الحديثَين: إن المرأة التي تَلبَس القصيرَ أو الشفَّاف أو الضيق قد تشبَّهت بأهل المجون والسخافة، وأهل القبح والوقاحة، فإن لبس المعاري سنَّتهن وزيهن وشعارهنَّ.
قال المناوي: صرَّح القرطبي فقال: لو خصَّ أهلُ الفسوق والمجون بلباس، مُنِع لبسه لغيرهم، فقد يظن به مَن لا يعرفه أنه منهم فيَظُن به ظن السوء[94].
إذا تقرَّر هذا، فإن التشبه بالجاهليات أو الكافرات أو العاهرات في الزِّي يُورث تناسبًا وتشابهًا ومشاكلة في الأخلاق والأعمال، فإن المشابهة في الأمور الظاهرة تجرُّ إلى المشابهة في الأمور الباطنة، وتؤثِّر تَناسُبًا وتشاكلاً، قال الحسن: قلَّما تشبَّه رجل بقوم إلا كان منهم، وقال عمر بن عامر البجلي: مَن تشبَّه بقوم لَحِق بهم؛ رواهما العسكريُّ في الأمثال.
وإذا كان اللباس العاري يكاد يكون علامة للسفيهات، فيُترك منابذة لهن، وكراهية للتشبه بهن وتكثير سوادهن، وإذا كان اللباس الساتر اليوم علامة للعاقلات الصالحات فيُلبَس لأجل ذلك.
16 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبِّهين من الرجال بالنساء، والمُتشبِّهات من النساء بالرجال[95].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبَس لبسة المرأة، والمرأة، تلبَس لبسة الرجل[96].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يَدخلون الجنة: العاقُّ لوالدَيه، والديوث، ورَجُلَةُ النساء))[97].
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخَل عليها وهي تختمر فقال: ((ليَّةً لا ليَّتَين)) قال أبو داود: معنى قوله: ((ليَّةً لا ليَّتين)) يقول: لا تعتَمُّ مثل الرجل، لا تُكرِّره طاقًا أو طاقتَين[98]، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يَصلُح للرجال وما يصلح للنساء، وهو ما يُناسب ما يؤمر به الرجال، وما تؤمر به النساء؛ فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور[99].
وقال في الخفِّ اللين الذي يُبدي حجم القدم: هذا من لباس الرجال[100].
وجه الدلالة من الأحاديث: أن تشبُّه المرأة بالرجل في هيئة لبسه حرام، ولا يُشترَط في التشبه أن تلبس المرأة ثوب الرجل بعينه، ولا أن تَقصِد التشبه به، فمتى لبست المرأة القصير فقد تشبَّهت بالرجل؛ لأن لباس الرجل من شأنه أن يكون قصيرًا، فإزرة المسلم ومثله قميصه إلى نصف الساق، ومتى تشبَّهت المرأة بالرجل في زيِّه تقمَّصت شخصيته، فلربما أصبحت ولاجة خرَّاجة برزة مُتبرِّجة تُزاحم الرجال في الطرقات وفي مقرِّ أعمالهم، وتتطاوَل على مناصبهم، وتُنازعهم القوامة التي هي حق لهم.
17 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعَن النبي صلى الله عليه وسلم المخنَّثين من الرجال، والمُترجِّلات من النساء[101].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّجُلةَ مِن النساء[102].
قال الهيتمي وأحمد بسند حسن: لعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم المُترجِّلات مِن النساء المُتشبِّهات بالرجال[103].والأحاديث في هذا مُتضافِرة.
وجه الدلالة من الأحاديث: إن المرأة المترجِّلة ملعونة - واللعن هو الطرد عن رحمة الله - فمتى لبست المرأة القصير فقد تشبهت بالرجال، ومتى تشبهت بهم تَذكَّرَتْ وترجَّلت وولَّت وجهها شطر طباعهم، فمُستقلة منها ومُستكثِرة، وهذا شيء معلوم بالمُشاهَدة والتجربة.
18 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَنظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يُفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تُفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد))، وفي رواية مكان "عورة": "عرية الرجل وعرية المرأة"[104].
وجه الدلالة من الحديث: إن المرأة كما نُهيت عن النظر إلى عورة المرأة، وهذا مَنطوق الحديث، فمَفهومه أمر المرأة بحِفظ عورتها عن نظر النساء، وقد تقدَّم حديث المرأة عورة، فإذا كشفَت عما تستره عادة عند النساء والمَحارم، فقد كشفت عن عورتها التي أُمِرت بحفظها.
هذا والأمر بستر العورة يُقصَد لأجل ما يلي:
أ- ما في كشفها من القبْح والفُحش؛ كما في هذا الحديث.
ب - ما في كشفِها من إثارة للشهوة؛ كما في سفور المرأة عند الأجانب.
ت - ما في كشفها من ترك للزينة المأمور بها؛ كما في اختمار المرأة للصلاة.
19 - عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قلت: يا نبي الله، عَوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)) قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضُهم في بعض؟ قال: ((إن استطعت ألا يراها أحد فلا يراها)) قال: قلت: يا نبي الله إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: ((فالله أحق أن يَستحيي منه الناس))[105].
وجه الدَّلالة من الحديث: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحفظ العورة، ومَن لبست ثوبًا قصيرًا أو شفَّافًا فمع مخالفتِها للنصوص الشرعية، فإن ثوبها مُعرَّض أن يرتفع بحكم حركة أو سقوط، فيرى عورتَها النساءُ والمحارم، وإن كانت خارج منزلها فربما تَعرَّضت للسقوط في الطريق أو لريح، أو بحكم حركة كرُكوب السيارة أو النزول منها، فيَنحسِر جلبابها (العباءة) فتَنكشِف ويرى عورتها الأجنبي، فتأثَم لتفريطها.
هذا، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إذا بدا خُفُّ المرأة بَدا ساقها[106].
وإذا بَدا ساقها بدا فخذُها، وإذا كانت الفتاة لا تلبس القصير والشفاف عند ذي هيبة من أهلها حياءً وخوفًا فالله أحق أن يُستحيا منه، وقال أهل العلم: يُكْره للرجل كشْف عورتِه لغير حاجة، وإن كان خاليًا، فإن الله أحق أن يُستحيا منه.
20 - عن أبي المَليح، قال: دخَل نِسوةٌ من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت: ممَّن أنتنَّ؟ قلن: من أهل الشام، قالت: لعلَّكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما مِن امرأة تخلَع ثيابها في غير بيتها إلا هتكَت ما بينها وبين الله))[107].
وجْه الدلالة من الحديث: إن ما يُباح للمرأة إظهاره في بيتها لا يَعني أنه يُباح لها ذلك في غير بيتها، وأمر آخَر؛ وهو أن المرأة إذا لبسَت الثياب القصيرة والشفافة في الحفلات وقصور الأفراح ونحوها فيُحتمَل دخولها تحت طائلة الحديث دخولاً كليًّا أو جزئيًّا.
21 - أخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا زوَّج أحدُكم عبدَه أمته فلا ينظر إلى عورتها))، وفي لفظ: ((إذا أنكَحَ أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظرنَّ إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته))[108] يُريد عورةَ الأمة.
وجه الدلالة من الحديث: إن بعض العلماء - وهم الجمهور - يرون - ورأيهم مرجوح - أن عورة الأمة مطلقًا ولو كانت تُراد للاستمتاع، أو الأمة المعدَّة للامتهان والخدمة لا للاستمتاع، كعورة الرجل من السرَّة إلى الركبة.
وقد تقرَّر أن الحرَّةَ تُطالَب في مسألة الحجاب بقدر زائد على ما تطالب به الأمَة، والجادة أيضًا أن المرأة أوفَى عورة مِن الرجل، فكانت أكثر منه سترة عند المَحارم؛ فالحديث يدلُّ على أن الحرة مأمورة بستر ما لا يَظهر غالبًا، فتُغطِّي الصدر والظهر والعضدين والساقين.
قال البيهقي: والصحيح أنها - أي الأمة - لا تُبدي لسيِّدها بعدما زوَّجها ولا الحرة لذوي محارمها إلا ما يَظهر منها في حال المِهنة[109].
22 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ))[110].
وجْه الدلالة من الحديث: إن لبس القصير والشفَّاف والضيِّق ليس عليه أمر الله ورسوله، ولا عمل الصحابيات، بل طريقتهنَّ وشأنهن - رضي الله عنهن - الاحتشام التام والتستر الكامل.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: وقد ذكر شيخ الإسلام أن لباس النساء في بيوتهن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما بين كعب القدم وكفِّ اليد؛ كل هذا مَستور، وهن في البيوت، أما إذا خرجْن إلى السوق فقد علم أن نساء الصحابة كن يلبسن ثيابًا ضافيات يسحبْن على الأرض، ورخَّص لهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرخينه إلى ذراع لا يزدن على ذلك[111].
23 - عن ابن الحنظلية رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أَصلِحوا لباسكم، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله تعالى لا يحبُّ الفُحش ولا التفحُّش"[112].
وجه الدلالة من الحديث: إن من لبست قصيرًا أو شفافًا أو ضيقًا لم تُصلِح لباسها؛ لمخالفتها المقاصد الشرعية والآداب الإسلامية، ولا هي أصلحت لباسها في نظر العلماء وأهل الصلاح والاستقامة أصحاب الفِطَر السليمة والقلوب النيِّرة فهي بذلك قد خالفت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والأصل في أمره الوجوب.
24 - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تباشِرِ المرأةُ المرأةَ، فتنعتها لزوجها كأنه يَنظُر إليها))[113].
قال القابسي: هذا أصل لمالك في سد الذرائع.وقال البغوي: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن وصف الشيء يجعله كالمعاينة.
وأخرَجَ ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الشعبي وعكرمة في هذه الآية: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] حتى فرغ منها، قال: لم يذكر العمَّ والخال؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما، فلا تضَع خمارها عند العمِّ والخال[114].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لا يحلُّ للمسلمة أن تراها يهودية أو نصرانية لئلا تصفَها لزوجها[115].
وجه الدلالة من الأحاديث: إن المرأة المتبرِّجة في الحفلات وقصور الأفراح وغيرها قد تصفها بعض الرائيات لها لزوجها أو لأخيها أو لابنها، وقد يوجد في قاعات الاحتفالات وقصور الأفراح والمحافل العامة الفاسقة والفاجرة ممن لا يؤمن جانبها، لا جرم أن مثل هذه الأندية تضمُّ الصالح والطالح، ولا تكاد تخلو من حضور خادمة أو وجود عاملة عاهرة أو كافرة.
25 - عن يعلى رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله حييٌّ ستِّير يحبُّ الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتِر))[116].
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في كتابه إلى عاملِه: ثم اعمد فيما ترى إلى أحبِّها إلى الله وأشبهِها بالحق.
وجه الدَّلالة من الأحاديث: إن الستر يُحبه الله، فالقول بأن المرأة يجب عليها أن تسترَ عند النساء والمحارم ما لا يظهَر غالبًا أقرب إلى الحياء والستر، فمُقتضى ذلك أن يكون أحب القولين إلى الله وأشبه بالحق.
26 - عن حسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سَفسافها))[117].
وجه الدلالة من الأحاديث: إن لبس المرأة للثياب القصيرة والشفافة والضيقة مخالِف للأخلاق الشرعية والآداب الدينية ومعالي الأمور الزكية التي يُحبها الله، وإنما هي من سَفساف الأمور ورذائلها ورديء الأخلاق ودنيئها مما يَكره الله، والمسلم مأمور بشرف النفس وارتقائها وصيانتها؛ قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10].
27 - ومِن جُملة ما يستدل به كل نص جاء في الكتاب أو السنَّة اقتضى التوجيه والإرشاد إلى التستُّر والحِشمة والعفَّة والحياء والطهارة، وإلى ترك التبرُّج والسفور والتكشُّف، وإلى غض البصر وحِفْظ الفرْج واتِّقاء الفتنة، ونحو ذلك.
28 - الثياب القصيرة والشفافة والضيِّقة خارمة للمروءة باعثة على الريبة والتهمة وإساءة الظن، فمَن لبستْها فقد خلعت جلباب الحياء وهتكت لِباسَ التقوى، وعرَّضت نفسَها للجرح والقدح، ووقعت في النقص والعيب والشَّين، قال بعض السلف: مَن عرَّض نفسَه للتهم فلا يلومنَّ مَن أساء الظنَّ به.
29 - انتشار أجهزة التصوير، حتى تساهل كثير من الناس في أمرها، وحسبُك بالجوال الذي أصبح بأيدي الصغار والسفيهات والمُغرِضات، فلا تؤمن مع هذه الأجهزة المتقدمة التقاط صور فاضحة للمُتعريات.
30 - التعري يُعرِّض الفتاة للعين؛ إذ قد ترى امرأة أو يرى قريبٌ مِن بدنها ما يعجبه فلا يُبرِّك فتُصاب بالنظرة، وإن من منافع الثياب الوقاية ودفْع الضرر والأعضاء التي يقصد سترها عادة عندما يُكشَف عنها تكون غالبًا محل أنظار الآخرين وإعجابهم.
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: مرَّ عامر بن ربيعة بسَهلِ بن حنيف وهو يَغتسِل، فقال: لم أرَ كاليوم ولا جلد مخبَّأة، فما لبث أن لبطَ به، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: أدرِك سهلاً صريعًا، قال: ((مَن تتَّهمون به)) قالوا: عامر بن ربيعة، قال: ((علامَ يَقتُل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدْعُ له بالبركة))، ثم دعا بماء فأمر عامرًا أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المِرفقَين وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصبَّ عليه، قال سفيان: قال معمر، عن الزهري: وأمره أن يكفأ الإناء من خلفِه[118].
31 - حسم المادة وسد الذريعة، ودرء المفاسد وإيصاد باب الفتنة، وقطع وسائل الشر، والقضاء على أسبابه...قواعد وأصول شرعية مُتظاهِرة مستمر العمل بها، فيجب مراعاتها واعتبارها، والثياب النسائية القصيرة والشفَّافة والضيقة المَمقوتة تفضي إلى الفساد، وتؤدي إلى الانحلال ويتطرَّق بها إلى ما لا يجوز فتمنع، إنها تجر إلى الخطر وتَجلِب الضرر من نواحٍ عديدة، فمن ذلك:
- إنها تجر إلى استمرائها واعتيادها، وربما استفحل الأمر وتطور إلى ما هو أعظم وأطمُّ.
ألم تر أن العين للقلب رائد = فما تألَفُ العينان فالقلب آلِفُ
وقد انفرط عقد التساهُل والتسامح الذي جرَّ إليه التميع وعدم الحزم في منع الفتيات من الملابس القصيرة والشفافة والضيقة، حتى أصبحَت تلك الثياب هي ثياب الخروج من المنزل للعيادات الطبية المختلطة والأسواق والمُنتزهات وغير ذلك، وتعتذر الفتاة المفتونة بذلك الزيِّ بأن عليها عباءة فوق تلك الثياب، متجاهلة واقعها فكم تظهر ثيابها المخالفة؛ لكون عباءتها لا تستر أو نتيجة حركة.
ومَن نظر بعين الاعتبار إلى المجتمعات الإسلامية التي بلغ بكثير من نسائها اليوم أن خرجْن بالثياب القصيرة والشفافة والضيقة، في الأسواق والمحافل الرجالية وعلى الشواطئ والتهتُّك في الطرُقات، وجد أن فتيلها التساهُل في البدايات ومرورها على المُتعالمين وتمريرها من قبَلِ المثقَّفين المتفتِّحين الذين يَزعمون أنهم ميسَّرون وواقعيون؛ لأن مشاريع الإفساد مهما كانت قوتها لا تنجَح إلا بعد ثورة التهيئة والتأهيل المركَّز والخطوات الأولية المكثَّفة تمهيدًا وتوطئة، والنار العظيمة بدايتها شرارة صغيرة، والفحش يتفاحش قبحه أكثر وأشد بالتوارث والاعتياد، قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28]، وقد نزلت في الذين يَطوفون بالبيت عُراةً.
- إن بعض الناظرات إلى المُتبرِّجة قد تبتلى بالداء العضال، وهو ما يُسمَّى بالإعجاب الذي له دبيب في صفوف الفتيات، وما يَنبني عليه مِن تداعيات سيئة.
- بعض مَن يُباح لهم الدخول على النساء ولا يجب الحجاب عنهم، لا يؤمَن جانبهم وردة فعلهم عند ما يرون فتاة أجنبية عنهم بهذا الزيِّ المُثير للإعجاب، خاصة وأن هناك تساهُلاً بل تفريطًا عند بعض النساء في إدخال الأبناء والإخوان ممَّن احتلم أو ناهز الاحتلام على النساء.
- قد يَحصُل من قريب المُتبرِّجة نظرة تلذُّذ، بل قد تثور غريزته الجنسية فيسقط في الفتنة، فكم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل، وقد جرى من مواقعة المحظور والفجور بسبب ذلك أمور كثيرة في هذا العصر، يعرف هذا أهل الاختصاص، كهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، وقد ذكر العلماء أنه يجب على المرأة أن تستر أطرافها عن محارمها إن خُشي لذة أو خوف فتنة، لا لكونه عورة.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: فقد بلَغَنا أنه تقع أشياء كثيرة بسبب التساهل، فقد تُفتَن المرأة ببعض محارمها، وقد يفتن بها في هذا الزمان الذي قل فيه العلم وضعف فيه الإيمان، فقد تُبتلى بأخيها، وقد تُبتلى بعمِّها وتُبتلى بخالها، وهم محارم، فينبغي لها الحذر، وأن تكون متحشمة، تستر كل شيء ما عدا وجهها وكفيها عند محارمها...إلخ[119].
وقال ابن قدامة - رحمه الله -: قال الأثرم: سألت أبا عبدالله عن رجل ينظر إلى شعر امرأة أبيه أو امرأة ابنه فقال: هذا في القرآن {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} إلا لكذا وكذا.
قلت: فينظر إلى ساق امرأة أبيه وصدرها قال: لا، ما يُعجبني.ثم قال: أنا أكره أن ينظر من أمه وأخته إلى مثل هذا، وإلى كل شيء لشهوة...وقال أبو بكر: كراهية أحمد النظر إلى ساق أمه وصدرها على التوقي؛ لأن ذلك يدعو إلى الشهوة[120].
وقال ابن قدامة: وما لا يظهَر غالبًا لا يُباح؛ لأن الحاجة لا تدعو إلى نظره، ولا تؤمن معه الشهوة ومواقعة المحظور، فحَرُم النظر إليه كما تحت السرَّة[121]، إلى غير ذلك من الأضرار والمفاسد المتوقَّعة، ومن القواعد أن الأصل في الضرر التحريم.
وبعد؛ فقد أوضحنا ما يجب على المرأة ستره، وما يجوز لها إظهاره أمام النساء والمحارم بضروب من الحجج والبراهين الواضحة من جهة الآثار والاعتبار فيتعين تقديمها، والعمل بها وعدم إهدارها، وهي تَرُدُّ على مَن تَمسَّكت بقول بعض الفقهاء في حد عورة المرأة مع المرأة وعند محرَمِها بأنها ما بين السرة والركبة، فلبست عندهم القصير أو الشفاف أو المشقوق، وكل دليل من هذه الأدلة يصحُّ الاستدلال به لوحده، وإذا ضُمَّ إلى غيره ازداد قوة ودلالة وتكاملية، رزقنا الله العلم النافع والعمل الصالح.
فتاوى حول الثياب المعاري عند النساء والمحارم
بيان من اللجنة الدائمة بشأن لباس المرأة عند محارمها:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ فقد كانت نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغْن الغاية في الطُّهر والعفة، والحياء والحشمة، ببركة الإيمان بالله ورسوله واتِّباع القرآن والسنَّة، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسْن الثياب الساترة، ولا يعرف عنهن التكشُّف والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرنًا بعد قرن إلى عهد قريب، فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق؛ لأسباب عديدة، ليس هذا موضعَ بسطِها ونظرًا لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حدود نظر المرأة إلى المرأة وما يلزمها من اللباس، فإن اللجنة تُبيِّن لعموم نساء المسلمين أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخُلقِ الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وشعبةً من شُعَبِه، ومن الحياء المأمور به شرعًا وعرفًا تستُّر المرأة واحتشامها، وتخلُّقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة، وقد دلَّ ظاهر القرآن على أن المرأة لا تُبدي للمرأة إلا ما تُبديه لمَحارمها مما جرَت العادة بكشفِه في البيت وحال المِهنة؛ كما قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31]...الآية، وإذا كان هذا هو نصُّ القرآن، وهو ما دلَّت عليه السنَّة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة ومَن اتبعهنَّ بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو: ما يظهَر من المرأة غالبًا في البيت وحال المهنة ويشقُّ عليها التحرُّز منه؛ كانكشاف الرأس واليدَين والعنق والقدمَين، وأما التوسُّع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدلَّ على جوازه دليل من كتاب أو سنَّة، هو أيضًا طريق لفتنة المرأة والافتِتان بها من بنات جِنسها، وهذا موجود بينهنَّ، وفيه أيضًا قدوة سيئة لغيرهن من النساء، كما أن في ذلك تشبُّهًا بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهنَّ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تشبه بقوم فهو منهم))؛ أخرجه الإمام أحمد وأبو داود.
وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين مُعصفرَين فقال: ((إن هذه مِن ثياب الكفار فلا تلبسْها)).
وفي صحيح مسلم أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدْن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
ومعنى ((كاسيات عاريات)): هو أن تَكتسي المرأة ما لا يسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية؛ مثل مَن تلبس الثوب الرقيق الذي يشفُّ بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يُبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يَستُر بعض أعضائها.
فالمُتعين على نساء المسلمين التزام الهَدْي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهنَّ ومن اتبعهن بإحسان من هذه الأمة، والحرص على التستر والاحتشام، فذلك أبعد عن أسباب الفتنة، وصيانة للنفس عما تُثيره دواعي الهوى الموقع في الفواحش، كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرَّمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تَشبُّه بالكافرات والعاهرات؛ طاعة لله ورسوله، ورجاء لثواب الله، وخوفًا من عقابه.
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمَن تحت ولايته من النساء، فلا يتركهنَّ يلبسْن ما حرَّمه الله ورسوله من الألبسة الخالعة والكاشفة والفاتنة، وليعلم أنه راعٍ ومسؤول عن رعيته يوم القيامة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يهدينا جميعًا سواء السبيل، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]
رئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ.
عضو: عبدالله بن عبدالرحمن الغديان.
عضو: بكر بن عبدالله أبو زيد.
عضو: صالح بن فوزان الفوزان.
[فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: 17/ 290 - 294]
* سُئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -:
ما حد عورة المرأة عند محارمها، هل هي عورة كلها أم من السرة إلى الركبة؟ وما حكم نِصف الكمِّ للمرأة عند المحارم؟ وما حكم لبس الثياب الشفافة؟ أرجو الإفادة بذلك.
الجواب: هذا فيه تفصيل عند أهل العلم، واختلاف بين أهل العلم؛ منهم من قال: إن العورة منها ما فوق السرة وتحت الركبة للمَحارم، ولكن هذا فيه نظر، والأقرب - والله أعلم - ما جرت العادة بكشفِه مثل الرأس، مثل: الرقبة، القرط في الأذن، مثل الذراعين واليد والكفَّين، القدمين، طرف الساق، شيء جرت العادة بكشفه بين المحارم وفي البيوت، وهذا هو الأقرب، والأفضل ستر ما سوى ذلك إلا عند الحاجة، مثل حاجة الرضاع إخراج ثديها عند الرضاع لا نعلم فيه بأسًا لإرضاع طفلِها.
[نور على الدرب: الموقع الرسمي للشيخ على الشبكة العنكبوتية - النِّت]
* سئل الشيخ صالح الفوزان - وفقه الله -:
- هل لبس الملابس الضيقة للنساء أمام النساء يدخل في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ((نساء كاسيات عاريات...)) إلى آخر الحديث؟
الجواب: لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيق الذي يبين مفاتن جسمها لا يَجوز إلا عند زوجها فقط، أما عند غير زوجها فلا يجوز حتى ولو كان بحضرة نساء...إلى أن قال: تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال؛ إلا ما جرت العادة بكشفه عند النساء، كالوجه واليدَين والقدمين مما تدعو الحاجة إلى كشفه.
[المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان: 3/ 307 - 308].
- وسئل الشيخ أيضًا: لديَّ أربعة أولاد، وأنا ألبس أمامهم القصير...فما حكم ذلك؟.
أجاب: لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها، ولا تكشف عندهم إلا ما جرَت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط.
[المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان: 3/ 308].
* سُئل الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - رحمه الله -:
لقد انتشر في الآونة الأخيرة لبس البنطلون بين النساء بأشكاله المختلفة، وإذا أُنكر عليهنَّ احتججن بأنهن بين النساء...إلخ؟
الجواب: لا يجوز هذا اللباس للمرأة ولو كانت في محيط النساء أو المحارم...إلى أن قال: والمرأة مأمورة بالتستُّر، ولبس الواسع من الثياب، فعلى أولياء الأمور المنع من هذا البنطلون، وقصر المرأة على اللباس المُعتاد بين المسلمين، دون هذه الأكسية المستوردة التي يقلدن فيها الكافرات من النصارى واليهود وأشباهِهم، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[النخبة من الفتاوى النسائية: ص24]
- وسئل الشيخ أيضًا عن حكم لبس الثياب الضيقة أو القصيرة أو المشقوقة من إحدى الجوانب أو القصيرة الأيدي أمام النساء أو المحارم؟
فأجاب: أما الثياب الضيقة التي تُبيِّن تفاصيل البدن فلا تَجوز للمرأة، فإن ظهورها بذلك يَلفِت الأنظار؛ حيث يتبيَّن حجم ثدْيها أو عظام صدرها أو إليتها أو بطنها أو ظهرها أو منكبيها أو نحو ذلك...إلى أن قال: وهكذا لبس القصير أو المشقوق الطرف؛ بحيث يبدو الساق أو القدم أو قصير الأكمام، ولا يُبرِّر ذلك كونها أمام المحارم أو النساء...إلخ.
[النخبة من الفتاوى النسائية: ص: 25 - 31].
شُبهة والجواب عنها:
أشكل على الكثيرين قول طائفة من العلماء: "إنَّ عورة المرأة مع المرأة وعند محرمها من السُّرةِ إلى الركبة".
يُجاب عن هذا بما يَلي:
1- قال الإمام الشافعي - رحمه الله - الحجَّة في كتاب الله، وسنَّة رسوله، واتفاق الأئمة.
إذا تبيَّن هذا، فإن قول بعضِهم: "عورة المرأة مع المرأة وعند محرمها من السُّرَّةِ إلى الركبة" لا متعلِّق فيه للمُتبرجات؛ إذ ليس هو كلام الله، ولا لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عليه دليل من الكتاب أو السنَّة، ولما حكى ابن رجب اختلاف العلماء فيما يُباح للمحرَم أن يَنظره من محارمه من النساء، ذكَر أن قول من أباح للمحرَم أن ينظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة، قول ضعيف شاذ[122].
2- الحجَّة في الإجماع ولا إجماع هنا، وليس هو محل اتِّفاق، بل هو رأي مجرَّد عن الدليل مُقابَل برأي أقوى منه نقلاً وعقلاً، وقد ذكرنا من البراهين ما فيه كفاية، وقد قال أبو بكر بن عبدالرحمن، والإمام أحمد، والإمام مالك وغيرهم: إن المرأة كلها عورة حتى ظفرها، وإنما أجازوا لها أن تكشف عما يظهر عادة وحاجة عند محارمها وبين النساء لآية النور.
قال ابن قدامة: فأما ما يظهَر غالبًا سوى الوجه كالكفَّين والقدمين ونحو ذلك مما تُظهره المرأة في منزلها ففيه روايتان؛ إحداهما لا يُباح - أي للخاطب - النظر إليه لأنه عورة[123]، وعن أحمد: لا ينظر من ذوات محارمه إلى غير الوجه، وعنه: لا يَنظر منهن إلا إلى الوجه والكفَّين[124].
3- مَن قال من العلماء بهذا القول فإنما راعى حاجة النساء في بيوتهن، فقد تحتاج المرأة إلى إظهار بعض أطرافها في حال المِهنة وأشغالها المنزلية، فظهر بهذا أن ضابط الفقهاء أخصُّ من الدعوى، فليس لمن فُتنت بإظهار مفاتنها في الحفلات والسهرات أن تتشبَّث بقولهم.
4- مَن قال من العلماء بهذا القول فوجه قوله الحاجة، وهذا محل نظر، فإن الحاجة تندفع بكشف أقل من ذلك، وهو كشف ما يظهر غالبًا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: والنساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لهنَّ قمُص، وكنَّ يصنعْن الصنائع والقمص عليهنَّ، فتبدي المرأة يدَيها إذا عجنت وطحنت وخبزت[125].
وهذا، وقد صرَّح بعض أهل العلم بحرمة تزيُّن المرأة لمحرم غير زوج وسيد[126]، وهذه الملابس القصيرة والشفافة وما في معناها غاية في التزيُّن.
5- إن مصطلح الفقهاء وضابطهم في حدِّ العورة عائد إلى أحوال ومواضع، فقالوا: الوجه ليس بعورة بناءً على أنها مأمورة بكشفه حال الصلاة إذا لم يكن عندها رجال أجانب، وقالوا: الكفَّان ليستا بعورة، بناءً على أنها منهية عن لبس القفازين حال الإحرام، وقالوا: الوجه واليدان والقدمان والساقان ليست بعورة بناءً على نظر الخاطب؛ ولأنه يظهر غالبًا في منزلها، وقالوا: ما فوق السرَّة ودون الركبة ليس بعورة بناءً على حال المِهنة والحركة والحاجة في بيتها، ولهذا تجد كلامهم في عورة المرأة تحت هذه الأبواب لا تحت باب الوليمة وإجابة الدعوة، وإذا جاؤوا إلى كتاب اللباس والزينة ذكروا تحته الثياب المنهي عنها، والتي مِن ضمنِها الثياب العارية ونحوها.
وما كان يَطرأ على بالهم - جزمًا - أنه سيأتي زمان يتخلَّع فيه مسلمات بإظهار محاسنهنَّ، ويحاكين غير العَفيفات في هندامهنَّ ويتبعْنَ سنن الغربيات في زيِّهن ويَجعلن حجتهن على وقاحتِهنَّ وقلة حيائهن هذا الضابط.
6- إن هذا القول يُحمل على حالة خاصة، وهو أن ما فوق السرة وأسفل من الركبة معرَّض
للانكشاف بحكم حركة ومهنة لا عن قصد وتعمُّد.
فإذا قال الفقهاء في حد عورة المرأة بالنسبة للرؤية ما بين السرَّة والركبة فلا يعني أنه يجوز للشابة تعمُّد إبراز ما فوق السرة وتحت الركبة عند النساء والمحارم زينة وجمالاً؛ لكونه ليس بعورة، ولا أنه يحلُّ مسُّه وتعمد النظر إليه، فإن هذا ليس بلازم، على أنَّ لازم القول ليس قولاً.
وقد قالوا: المرأة كلها عورة إلا وجهها في الصلاة، ومُرادهم ما لم تكن بحضرة الرجال الأجانب، وقالوا: عورة الرجل ما بين السرَّة والركبة.
وقد صرَّح بعضهم - ومنهم الإمام أحمد في رواية - أنه: يُباح للمرأة النظر من الرجل إلى ما يظهر غالبًا فقط، وقيَّده البعض بوقت المِهنة والغَفلة، وقال آخرون، ومنهم الإمام أحمد في رواية: لا يُباح النظر إليه[127].
فالذي نَدين الله به أن قولهم مفسَّر بما إذا كانت المرأة في بيتها فُضُلاً في ثياب البِذْلَةِ وأثناء الخدمة وممارسة المهنة؛ إذ قد يَنحسِر الثوب عن بعض أطرافها اضطرارًا لا اختيارًا، ومَن تتبَّع كلامهم وجمعَ أقوالهم عرَف مرادهم.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، أي ما بين السرَّة والركبة، ولكن لا يعني أن النساء يلبسْن أمام النساء ثيابًا قصيرة لا تستُر إلا ما بين السرة والركبة، فإن هذا لم يَقلْه أحد من أهل العلم، ولكن معنى ذلك أن المرأة إذا كان عليها ثياب واسعة فضفاضة طويلة ثم حصل لها أن خرج شيء من ساقها أو من نحرها أو ما أشبه ذلك أمام الأخرى فإن هذا ليس فيه إثم[128].
وقال: هل يعقل الآن أن المرأة تَخرُج إلى النساء ليس عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة والركبة؟! هذا لا يقوله أحد، ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار...
والخُلاصة: إن اللباس شيء والنظر إلى العورة شيء آخر، أما اللباس فلباس المرأة مع المرأة مشروع فيه أن يَستُر ما بين كفِّ اليد إلى كعب الرجل، هذا هو المشروع، ولكن لو احتاجت المرأة إلى تَشمير ثوبها أن تشمِّر إلى الركبة، لو احتاجت أن تشمر ثوبها - لشُغل أو نحوه - فلها أن تشمِّر إلى الركبة، وكذلك لو احتاجت إلى تشمير الذراع إلى العضد فإنها تفعَل ذلك بقدر الحاجة فقط، وأما أن يكون هذا هو اللباس المُعتاد الذي تلبسُه فلا[129].
لبْس الصغيرات القصير وما في معناه:
الواجب على الآباء والأمهات تِجاه بناتهم الصغيرات تربيتهن على الحياء والحِشمة، وتعويدهن الثياب الساترة الطويلة الثخينة الواسعة لاعتيادها؛ فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الخير عادة، والشرُّ لَجاجة))[130]، وكما قيل:
ويَنشأ ناشئ الفِتيان فينا = على ما كان عوَّده أبوه
وقال شيخُنا عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - رحمه الله -: يجب تربية الأطفال على اللباس السابغ، فإن الطفلة إذا نشأت على شيء في الصغر ألفتْه في الكِبَر وصَعُب انفطامها عنه.
[فتاوى المرأة: ص179]
وسُئل شيخنا محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عن بعض النساء يُلبِسْن بناتهن الصغيرات ثيابًا قصيرة تكشِف عن الساقين؟
فأجاب: أرى أنه لا يَنبغي للإنسان أن يُلبس ابنته هذا اللباس وهي صغيرة؛ لأنها إذا اعتادته بقيَت عليه وهان عليها أمرُه، أما لو تعوَّدت الحشمة مِن صِغَرها بقيت على تلك الحال في كِبَرها، والذي أنصح به أخواتنا المسلمات أن يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين، وأن يُعوِّدن بناتهن على اللباس الساتر، وعلى الحياء فالحياء من الإيمان.[فتاوى المرأة: ص182].
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات
- هل أنت والد يَجهد لبناته وينصَح، أم غاشٌّ لهنَّ؛ عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما مِن عبدٍ استرعاه الله رعيةً، فلم يُحِطْها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنَّة))[131]، وفي رواية: ((ثم لا يَجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة))[132]، وفي رواية: ((ما مِن عبد يَسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرَّم الله عليه الجنَّة))[133].
فيا أيها الأب، ويا أيتها الأم! علينا تجاه بناتنا ألا تستميلنا العاطفة المذمومة، ولنتأمل قول الله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء: 74، 75].
إنَّ علينا أن نَثبُت في مضمار التربية على المبادئ والقيم الجميلة والآداب الإسلامية النبيلة، في حزم وعزم وقوة دون فتور أو ملل، ألا فلنأخذ على أيديهن ونأطرهن على الحق أطرًا، ونقصرهن على الحق قصرًا، ولا ندعهن فريسة الشيطان، وأسيرات الهوى، وإمعات يلهثْن خلف المائلات المميلات، فمَن فعل ذلك فهو يجهد لبناته في زيِّهنَّ وينصح، ومَن لم يفعل فهو غاش لهن، نسأل الله العافية.
وتدبَّر أيها الأب الصالح وأنت أيتها الأم الصالحة قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} [التغابن: 14] قال ابن زيد: يَعني على دينكم.
ليس عذرًا:
* العَجَبُ أن بعض الآباء راجت عليهم بعض الأفكار السيئة؛ مثل قولهم: دع الفتاة تلبس ما شاءت حتى لا تتعقَّد، أو حتى تتركه هي من نفسها، أو دعها تلبسه صغيرة؛ لئلا تلبسه كبيرة...ونحو هذا، ويظنون - لجَهلِهم - أن هذا مُقتضى الحكمة والسياسة والحُنكة في التربية، وما علم هؤلاء أن هذا المبدأ يعني الدمار الشامل وفوضوية الأخلاق، وأن الحالات النفسية إنما هي في طاعة الشيطان لا في طاعة الرحمن، وأن الحكمة وفنَّ التربية في الأخذ على أيديهنَّ وإنقاذهن من تلك الورطة الشيطانية الماسونية العلمانية التغريبية، وأن التربية على الأب والصلاح من الله، وأن الأسلوب الصحيح والأمثل في التربية هو في امتثال أمر الله وأمر رسوله صلى الله وعليه وسلم.
* وإن تعجب فعجب زعم بعض الأمهات أن الملابس الجميلة الساترة لا تتوفر في الأسواق، وتجعل هذا مبررًا أن تُلبِس ابنتها الملابس العارية.
والجواب: إنَّ هذا الزعم وإن كان له حظ من الواقعية، إلا أنه لا يُعتبر عذرًا ألبتة، ثم إن الأسواق ومعارض الأزياء يوجد بها ثياب ساترة وأنيقة، غير أنها قد تحتاج إلى بحث أكثر من غيرها.
كما أنه يمكن إجراء التعديل والتطوير على كثير من الملابس العارية؛ لتُصبح ساترة، وبالإمكان أيضًا أن يُعطى المشغل النسائي قماشًا لخياطته حسب المواصفات المطلوبة.
والحقيقة المؤلمة أننا نحن الذين شجَّعنا الباعة على عرض مثل هذه الأزياء المحرَّمة، فلو لم يكن الطلب عليها كثيرًا لعزَفوا عنها؛ لأن أصحاب المحلات التجارية إنما همُّهم بالدرجة الأولى الربح.
تأمل أيها الأب وأنت أيتها الأم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن دعا إلى هدًى، كان له من الأجر مثل أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقُص ذلك مِن آثامهم شيئًا))[134].
فيُستفاد من الحديث: أن ولي الصغيرة إذا رباها على الثياب الساترة، كان له مثل أجرِها وأجْر مَن اقتدى بها وتربى على يدها، وإذا ربَّاها على الثياب المَحظورة كالقصيرة والشفافة والضيِّقة كان عليه إثمُها وإثْم مَن اقتدى بها وتربَّى على يدها.
مسؤولية الآباء والأمهات:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، قال عليٌّ رضي الله عنه في الآية: أدِّبوهم وعلِّموهم.
وقال الهيتمي في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}: أي بتعليمهم وتأديبهم وأمرِهم بطاعة ربهم ونهيهم عن معصيته اهـ،.
فالواجب على الوالدين والإخوة والأزواج الأخذ على أيدي مَن تحت أيديهم من النساء، وذلك بمنعهنَّ من ارتداء الملابس الممنوعة والمُنافية للمروءة وتقديم النصيحة لهنَّ وقراءة الفتاوى المتعلقة بالزينة عليهنَّ، فإن ذلك من واجب المسؤولية وأداء الأمانة.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها، فكلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته))[135].
وعن عائشة رضي الله عنها: أن امرأة دخلَت عليها وعليها خمار رقيق يشفُّ جبينها، فأخذته عائشة فشقته ثم قالت: ألا تعلمين ما أنزل الله في سورة النور، فدعت لها بخمار فكستْها إياه[136].
وليحذر الزوج أن يَنجرِف مع هوى زوجته في ارتداء الملابس القصيرة أو الشفافة أو الضيقة، وعليه أن يمنعها منها، ولا يأذن لها في أن تُلَبِّسَ بناتها تلك الملابس القبيحة شرعًا وعقلاً، قال الحسن - رحمه الله -: "والله ما أصبح اليوم رجل يُطيع امرأته فيما تَهوى إلا كبَّه الله في النار"،
وقال ابن تيمية - رحمه الله -: الثياب التي تبدي مقاطع خلقها، والثوب الرقيق الذي لا يستر البشرة وغير ذلك، فإن المرأة تُنهى عنه، وعلى وليِّها - كأبيها وزوجها - أن ينهاها عن ذلك، والله أعلم[137].
الدين النصيحة:
قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71].
فينبغي عليك أيتها الأخت الصالحة أولاً: أن تُنافسي في الفضائل وتَسبقي إلى معالي الأمور كفُرَّاطِ القَطا يَسبقْن بالتبكير إلى الماء فيشربْن نهلاً.
وثانيًا: إذا رأيتِ على فتاة ثيابًا لا تليق بالمرأة المسلمة توجيهها برفق، وإسداء النصيحة لها، داعية إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، أو قدمي لها هذا الكتيب، أو أحرفًا محررة مشفوعة بفتوى أحد العلماء؛ لعلَّ الله أن يَجعل هدايتها على يدَيك فتحظى بالأجر العظيم.
المرأة المثالية:
* هي التي صاغت شخصيتها بالأحكام الشرعية، والآداب الإسلامية، وتحلَّت بأجمل الأخلاق وأكملها، وأتمِّها وأفضلها، فهي عنوان الحياء والعفة، وأنموذج الستر والاحتشام.
هي التي تعتز باتباع نبيها، وتقوم بشعائر دينها وعبادة ربها، وتعرف حق الله عليها فلا تتعدَّى حدوده، ولا تُضيِّع فرائضه ولا تنتهك محارمه، تتصاغر كل مفتونة أمام علوِّها وقوتها حتى تكون كالذباب.
هي التي أخذت على عاتقها صيانة دينها، وحماية فكرها من الدعوات المَلعونة، فهي في عافية من القاذورات الفكرية والتيارات الغربية، شُجاعة يستحيل على مائلة إمالتها وعلى من لها توجه سيء التأثير عليها، وكل همز ولمز تقيأته سخيفة فتحْتَ قدمَيها تدوسه بنعليها.
هي التي ثبتَت على الفضيلة ثبوت الجبال، شامخة لا تقبل الهزيمة فتجنَح إلى الرذيلة، كلها ثقة ويقين وعزة، تَشعُر بالنصر أمام المنهزمات المتخليات عن دينِهنَّ ومروءتهن.
وأخيرًا، تأملي أيتها الفتاة هذين الحديثين وتعقليهما جيدًا، وليتمضمض معناهما في عقلك وليتمحَّض في قلبك.
- حديثان عظيمان:
عن أسامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قمتُ على باب النار فإذا عامة مَن دخلها النساء))[138].
وعن عمران رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اطَّلعتُ في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء))[139]، وفي رواية: ((إن أقل ساكني الجنة النساء))[140]، ففي الحديثَين إشارة إلى أن النساء أكثر وأسرع وقوعًا في المحظور.
ملحق يتعلق بالرؤية وعورة النظر على القول الراجح والأحوَط:
1 - من جميع بدنِه ليس بعورة:
أ - الزوجة جميع بدنها ليس بعورة أمام زوجها، والزوج كذلك.
ب - أمَتُه القِنُّ وهي مِلْك يمينه التي تُباح له[141]، وأمُّ الولد، والمعلَّق عتقها بصفة، والمُكاتِبة، والمُدبرة، جميع بدنهن ليس بعورة أمام السيد.
ت - لا يجب على المرأة ولا الرجل التستر في شيء مِن الطفل الصغير غير المميز.
ث - الصغير دون سبع سنين، والطفلة الصغيرة ليس لعورته حكم.
2 - من عورته الفرجان فقط:
أ - عورة الصغير ابن سبع سنين إلى عشر، والطفلة قبل السبع الفرجان.
3 - من عورته ما بين السرة والركبة
أ - الرجل عورته ما بين السرة والركبة - نص عليه أحمد، وهو قول الثلاثة وأكثر الفقهاء - وكذلك هي عورة العبد المملوك والمُبعَّض، والمكاتب، ومن بلغ عشرًا، والخنثى المشكل.
ب - الطفل الصغير المميز الذي يعقل ويعرف سواء كان ذكرًا أم أنثى يَستُر الرجل منه ما دون السرة إلى الركبة.
ت - الأمة المُستامة وهي المطلوب شراؤها، فلمن أراد شراءها النظر إلى ما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل ينظر منها ما يباح نظره من المخطوبة.
4 - مَن عورته ما يُستَر غالبًا وعادة:
أ - المراهقة، والمميزة، والأمة القِن، وأم الولد، والمعلق عتقها بصفة، والمكاتبة، والمدبرة عورتهن أمام الرجال الأجانب، والطفل المميز الذي يعقل ما يستر غالبًا وعادة.
ب - المرأة، والمراهقة، والمميزة، والمعتق بعضها كل أبدانهن عورة إلا ما يظهر غالبًا وعادة في بيتها، وذلك أمام الرجال المَحارم، والنساء المسلمات، والنساء الكافرات، ومملوكها الخالص أو المشترك، والتابع غير أولي الأربة، وهو: مَن لا يكترث للنساء ولا يَشتهيهن قد ذهبت شهوته لكبر أو عُنَّةٍ، وكالأبله والأحمق الذي لا أرب له في النساء، ونحو ذلك.
ت - العجوز من القواعد، وهي التي لا تُشتهى فكلها عورة على الأجنبي إلا ما يظهر غالبًا وعادة، وفي معناها الشوهاء التي لا تُشتهى.
ث - قال بعض العلماء:
- حكم المرأة في النظر إلى محارمها حكمهم في النظر إليها؛ أي: إلى ما يَظهر غالبًا.
5 - وفي النظر إلى غير محارمها حكمهم في النظر إليها؛ أي: لا يباح النظر إليه، والأظهر أن المرأة تَنظُر - بلا تسديد - من الأجنبي إلى ما يظهَر غالبًا.
6 - مَن عورتها جميع بدنِها:
أ - الأمة الحسناء الجميلة يجب عليها أن تَحتجِب عن غير سيدها كما تَحتجِب الحرَّة.
ب - المُعتَق بعضها كالحُرَّة.
ت - المرأة، والمراهقة التامة الخلقة القريبة من البلوغ، والخُنثى المشكل، جميع أبدانهن عورة، ويدخل بالأولوية الوجه أمام الرجل والخنثى والخصي والمَجبوب من غير محارمها، لكن يجوز:
- للطبيب، ومن في معناه، كمَن ابتُليَ بخدمة مريض أو مريضة، أن ينظر من بدن المرأة وعورة الرجل إلى ما تدعو الحاجة إلى كشفه ومداواته حتى الفرْج.
- وللخاطب أن ينظر من الخطوبة إلى ما يدعوه إلى نكاحها مما يظهر غالبًا وعادة.
- وللشاهد أن ينظر إلى وجه المرأة إذا دعَتِ الحاجة.
- وللمُعامل - على ما ذكره بعض الفقهاء - أن ينظر إلى وجه مَن يعاملها في بَيع إذا دعت الحاجة إلى معرفتها وليس ثمَّ سبيل آخر، ما لم تكن شابَّة، والأظهر ترك مثل هذا، والله أعلم.
هذا، وقد أمر الله - جل وعلا - بغض البصر؛ قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 30، 31].
ويُشترَط في إباحة النظر - فيما تقدم كله - أن يكون بلا لذَّة وشهوة، ولا خوف فتنة، وكلما حقق العبد الحياء فستَرَ ما يُستحَبُّ سترُه فهو أفضل عند الله - جل وعلا.
والحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمَّ علينا النعمة، ورضيَ لنا الإسلام دينًا، وكان الفراغ منه في يوم الأحد النصف من شهر جمادى الثاني، سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] حالات المرأة من حيث الحِجاب على أقسام ثلاثة كما بين المؤلف - وفقه الله.
[2] العدة في أصول الفقه (4: 1372)، وينظر: المحصول (2: 602)، والبحر المحيط (4: 30).
([3]) جامع البيان (22: 39).
([4]) الجامع (14: 227).
([5]) الكشاف (3: 569)؛ للزمخشري.
([6]) هذا الحديث رواه نافع، ورواه عنه ستة؛ وقد اختلفوا عليه على الأوجه التالية:
الوجه الأول: رواه اثنان عنه عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة به، وهما:
1 - أيوب بن موسى: وهو ثقة خرَّج له الجماعة، وقال ابن عبدالبر: وكان حافظًا، أخرجه النسائي (5338)، والطبراني (13: 416 - 417)، وأبو يعلى (12: 316).
2 - ابن إسحاق: وهو صدوق لا بأس به له بعض الأوهام، وهو مدلِّس، ولم أقِفْ على تصريح له بالسماع في هذا الخبر، أخرجه النسائي في الكبرى (5: 495)، وأحمد (6: 295 - 309)، ومن طريقه ابن عبدالبر في التمهيد (24: 148)، والدارمي (2644)، والبيهقي في الكبرى (2: 233)، والطبراني (23: 358).
الوجه الثاني: رواه أبو بكر بن نافع - وهو صدوق - عن أبيه به... مرسلاً، وسيأتي تفصيل روايته.
الوجه الثالث: رواه عبيدالله بن عمر - وهو ثقة حافظ - موصولاً؛ أخرجه أحمد (6: 293، 315) وأبو داود (4118)، والنسائي (5339)، وابن ماجه (3580)، وابن أبي شيبة (12: 519)، والطبراني (23: 384)، والبيهقي في الشعب (6142)؛ ولكنه خالفهم في شيخ نافع، فقال: "عنه عن سليمان بن يسار عن أم سلمة به"، هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن الإسناد أينما دار فإنما يدور على ثقة؛ لأن سليمان بن يسار وصفية بنت أبي عبيد كلاهما من الثقات، ويحتمل أن نافعًا رواه عن كليهما؛ لأن كلا الوجهَين ثابت عن نافع، وأما من حيث الترجيح فرواية الجماعة أولى.
الوجه الرابع رواه يحيى بن أبي كثير - وهو ثقة مشهور - موصولاً بذكر أم سلمة، ولكنه منقطع؛ حيث أسقط الواسطة بينها وبين نافع، أخرجه النسائي (5337)؛ فقال: عن نافع عن أم سلمة، ورواية الجماعة أولى؛ لأنهم أكثر، وقد زادوا، والزيادة منهم مقبولة؛ لاجتماعهم.
الوجه الخامس رواه محمد بن عجلان - وهو صدوق له أوهام - عنه عن عبدالله بن عمر أن أم سلمة فذكره، أخرجه ابن عبدالبر في التمهيد (24: 148) من طريق: ابن لهيعة، وهذا خطأ كما أشار له ابن عبدالبر؛ لأمور:
- إن الراوي عنه ابن لهيعة وهو لا يُحتجُّ به.
- إنه مخالف لكل الروايات المتقدِّمة.
- إنه سلك الجادة في حديث نافع، وهم قد خالفوها، فيقدمون عليه؛ لأن معهم زيادة ضبط.
تنبيهات:
التنبيه الأول: تقدم أن أبا بكر بن نافع رواه عن أبيه عن صفية مرسلاً؛ ورواية الوصل أرجح؛ لأن أيوب بن موسى أوثق من أبي بكر بن نافع، وقد وصَله، وتابعه على ذلك محمد بن إسحاق، فيزداد الوصل قوة، وتابعَهما عبيدالله بن عمر على وصله بذكر أم سلمة في الإسناد، وإن كان خالفهما في شيخ نافع، وقد تقدم الكلام على ذلك، ويُمكِن أن نعتبر رواية يَحيى بن أبي كثير معضِّدة لروايتهم؛ لأنه اتفق معهم على ذكر أم سلمة في الإسناد وإن كان خالفهما من وجه آخر بإسقاط شيخ نافع، فتبيَّن مما تقدم أن هذا الحديث صحيح، وقد صحَّحه كبار الحفاظ؛ كأبي عيسى الترمذي (1734)، وأبي حاتم وابن حبان.
التنبيه الثاني: الراوي عن أبي بكر بن نافع في هذا الحديث هو مالك، وقد اختلف عليه:
فوصله: يَحيى الليثي (في الموطأ بروايته: 2658) عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفيَّة عن أم سلمة رضي الله عنها به موصولاً.
وخالفه الجماعة: عبدالله القعنبي (ومن طريقه أبو داود في سننه: 4117، والجوهري في مسند الموطأ: 843، والبيهقي في الشعب: 6143)، وأبو مصعب الزهري (في الموطأ بروايته: 1917، ومن طريقه: ابن حبان: 12: 265، والبغوي في شرح السنة: 12: 13)، وسويد بن سعيد (في الموطأ بروايته: 691)، ويَحيى بن بكير، وعبدالأعلى بن حماد - ومن طريقهما ابن عدي في الكامل (7: 298)، خمستهم رووه عن: مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد أن أم سلمة رضي الله عنها به، مُرسلاً.
والصواب عن مالكٍ الإرسالُ؛ لاجتماع هؤلاء الخمسة على ذلك، وفيهم ثقة حافظ مقدَّم في مالك؛ كالقعنبي، وأبي مصعب.
على أن صفية بنت أبي عبيد تابعية كبيرة، وقيل: إنها صحابية، والصحيح الأول.
وقد وقع خلاف: هل أدركت الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا؟ ذهب ابن منده إلى الأول، وذهب الدارقطني إلى الثاني.
وإدراكها لعهد النبوة محتمل احتمالاً كبيرًا، ويؤيد ذلك: ما رواه الواقدي عن موسى بن ضمرة بن سعيد المازني عن أبيه أنها تزوَّجت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما في خلافة أبيه عمر رضي الله عنه؛ التهذيب لابن حجر (4: 679)، وهذا يرجح كلام ابن منده - المتقدم - حيث يَغلب على الظن أنها حين تزوَّجت ابن عمر، كان عمرها نحو 15 سنة أقل أو أكثر بقليل، وخلافة الصديق رضي الله عنه سَنتان وأشهر، وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنوات، فإدراكها لعهد النبوة متجه، والله أعلم.
ونخلص من هذا إلى قوة هذا المرسل، وأنها أخذته من أم سلمة رضي الله عنها.
ويؤيد هذا: ما تقدم من رواية محمد بن إسحاق، وأيوب بن موسى، كلاهما عن نافع عن صفية عن أم سلمة موصولاً.
التنبيه الثالث: روى النسائي في الكبرى (5: 496) عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث عن عبيدالله عن نافع عن سليمان بن يسار أن أم سلمة.. مرسلاً، والصواب الوصل؛ فقد رواه جمع عن عبيدالله موصولاً كما تقدم.
([7]) الكبرى (2: 233).
([8]) التمهيد (24: 148 - 149).
([9]) تفسير القرآن العظيم (6: 49).
([10]) المحلى (3: 217).
([11]) ينظر: نيل الأوطار (6: 245).
([12]) مختصر الفتاوى المصرية (ص: 30)، الفتاوى (15: 418)، (21: 250).
([13]) في صحيحه (1211).
([14]) فيَضرِب رجلي بعِلَّة الراحلة: المعنى أنه يضرب رجل أخته بعود بيدِه عامدًا لها في صورة من يضرب الراحلة حين تكشف خمارها غيرة عليها؛ (المؤلف).
([15]) في عشرة النساء (8: 290).
([16]) في الموطأ (2: 605).
([17]) وصله عبدالرزاق وغيره، وينظر الاختلاف على مالك في التمهيد.
([18]) شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات (ص: 52).
([19]) جامع البيان (17: 264).
([20]) المصنف (12829).
([21]) في مسنده (ح: 21786).
([22]) السنن (4116).
([23]) في صحيحه (ح: 2128).
([24]) صحيح البخاري (ح: 5844).
([25]) فتح الباري 10: 303.
([26]) مجموع الفتاوى (22: 117 - 119).
([27]) أخرجه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان (ح: 8) (ص: 28) والبيهقي في الدلائل (7: 116) وقال ابن حجر: (بسند صحيح)؛ بذْل الماعون (ص: 152).
([28]) مسلم (2742) حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
([29]) روا الطبراني في المعجم الأوسط (752) قال الهيثمي (مجمع الزوائد: 7: 327) قلت: حديث أبي هريرة في الصحيح بعضه، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن الحارث بن سفيان، وهو ثقة.
([30]) أحمد (7083) وصحَّح إسناده الشيخ أحمد شاكر، والحاكم (4: 436)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، فتعقبه الذهبي بقوله: عبدالله - يعني القتباني - وإن كان قد احتج به مسلم فقد ضعَّفه أبو داود والنسائي، وقال الهيثمي (مجمع: 5: 137): رواه أحمد والطبراني في الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح.
([31]) ابن قدامة: المغني 9: 491 - 492.
([32]) الزحيلي: الفقه الإسلامي 1: 587، 595.
([33]) السعدي: إرشاد أولي البصائر (ص: 74).
([34]) الجصاص: أحكام القرآن 3: 462.
([35]) الطبري: جامع البيان 18: 120والبيهقي (السنن الكبرى: 7: 94).
([36]) عبدالرزاق (12834).
([37]) عبدالرزاق (12829).
([38]) عبدالرزاق (12831).
([39]) عبدالرزاق (12832).
([40]) ابن قدامة: المغني: 9: 491 - 492.
([41]) ابن عثيمين: فتاوى أركان الإسلام (ص: 294).
([42]) ابن قدامة: المغني: 9: 491 - 492.
([43]) ابن حزم: المحلى10: 32.
([44]) الجصاص: أحكام القرآن 3: 463.
([45]) حسن؛ للكلام في عبدالرحمن بن ثابت، وله شواهد؛ انظر: نصب الراية (4: 346 - 347) وطريق آخر جميعها لا تخلو من مقال، وقد أخرج الحديث أحمد (2: 50) وأبو داود (4031) وابن أبي شيبة (المصنف: 4:575) والبيهقي (الشعب: 2: 75) والطحاوي (مشكل: 1: 88) وغيرهم، قال ابن تيمية (الاقتضاء: 1: 240 - 241): هذا إسناد جيد، وقد احتجَّ الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث اهـ، وصحح إسناده العراقي؛ تخريج الإحياء: (797)، وانظر: (3639)، وصحَّحه ابن حبان (بلوغ: 1499)، وابن حجر (الفتح: 10: 274)، والبهوتي (الروض: ص 145)، والألباني (الإرواء: 2384)، وحسَّنه السيوطي في الجامع الصغير (الفيض: 6: 104)، وقال الذهبي (السير: 15: 509): إسناده صالح، وقال الهيثمي (مجمع: 5: 267): رواه الطبراني، وقال (مجمع: 6: 49): رواه أحمد، وفيه عبدالرحمن بن ثابت، وثَّقه ابن المديني وغيره، وضعَّفه أحمد وغيره، وبقية رجاله ثقات اهـ، وذكر المناوي في الفيض مَن ضعَّفه، وحسن إسناده في (التيسير: 2: 410) من حديث حذيفة، وقال ابن حجر (الفتح 6: 98): وله شاهد مُرسَل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة، وقال الصنعاني في سبل السلام: له شواهد تُخرِجه عن الضعف.
([46]) صحيح: الترمذي (1173) وغيره، قال الترمذي: حسن صحيح غريب، وصحَّحه ابن خزيمة وابن حبان، وقال ابن قدامة (المغني: 9: 491): حديث حسن، وقال ابن رجب (فتح الباري: 8: 52): إسناده كلهم ثقات، قال الدارقطني (العلل: 5: 314 - 315): رفْعُه صحيح من حديث قتادة، وقال الهيثمي (مجمع: 2116): رواه الطبراني في الكبير، ورجاله موثَّقون.
([47]) قال الهيثمي "مجمع الزوائد" (7671): رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
([48]) السيوطي: الدر المنثور (6: 183).
([49]) مصنف ابن أبي شيبة (18008).
([50]) ابن تيمية: الفتاوى (22: 115).
([51]) ابن تيمية: الفتاوى (22: 110).
([52]) ضعيف؛ لضعف إبراهيم بن علي الرافعي، قال البخاري: فيه نظر، وقال ابن عدي: هو وسط، وأخرج الحديث الحاكم "المستدرك" (4: 180)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، قال الذهبي: الرافعي ضعَّفوه، ورمز له السيوطي في الجامع الصغير (الفيض: 5642) بعلامة الحسن.
([53]) صحيح: عبدالرزاق (المصنف: 19984)، ومن طريقه الترمذي (1731) النسائي (الصغرى: 5336) (الكبرى: 9735) من طريق نافع، عن ابن عمر، وللنسائي (5337) عن نافع، عن أم سلمة.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصحَّح إسناده الساعاتي (الفتح الرباني: 17: 295 - 296)، وأخرجه مالك (الموطأ: 2: 915)، وأبو داود (4117)، والنسائي (5338)، وأبو يعلى (6855)، وابن حبان (الإحسان: 5451) من طريق نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة، والنسائي (5339)، وابن ماجه (3580) من طريق نافع عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة.
([54]) ضعيف؛ لضعف أبي المهزم؛ أخرجه أحمد (الفتح الرباني: 17: 296) ابن ماجه (3583)، وأعلَّه البوصيري (مصباح الزجاجة: 1252)، والساعاتي في الفتح بأبي المهزم.
([55]) أحمد (2:90) والنسائي (الكبرى: 9733) من طرق عن مطرف، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر، وعند النسائي عن ابن عمر عن عمر، وقال الهيثمي (مجمع الزوائد: 8542): رواه البزار، وفيه زيد بن الحواري العمي، وقد وثق، وضعَّفه أكثر الأئمة.
([56]) انظر: الفتاوى 22: 148.
([57]) حسن: أحمد (الفتح الرباني: 17: 300 - 301)، وابن أبي شيبة والبزار وابن سعد والروياني والبارودي والطبراني والبيهقي (نيل الأوطار: 2: 548)، وأخرجه الضياء في المختارة (1365) وقد التزم فيه الصحة، وقال الهيثمي (الفتح الرباني: 17: 301): "فيه عبدالله بن محمد بن عقيل، وحديثه حسن، وفيه ضَعف، وبقية رجاله ثقات" اهـ، وجود ابن كثير (التفسير: 1: 11 ذكر ما ورد في فضل الفاتحة) إسناد حديث من طريق عبدالله بن محمد بن عقيل، وقال: ابن عقيل هذا يَحتجُّ به الأئمة الكبار، اهـ، وقال ابن الملقن (البدر المنير: 2: 249): الترمذي تارة يُحسِّن حديثه وتارة يُصحِّحه.
([58]) ضعيف: أبو داود (4116) والحاكم (4: 187) وصحح إسناده، وتعقبه الذهبي فقال: فيه انقطاع، وقال الشوكاني (النيل: 2: 129 - 130): في إسناده ابن لهيعة، ولا يُحتج بحديثه، وقد تابع ابن لهيعة على روايته هذه أبو العباس يحيى بن أيوب المصري، وفيه مقال، وقد احتج به مسلم، واستشهد به البخاري.
([59]) أخرجه البيهقي (الكبرى: 2: 234 - 235) قال: ولمَعنى هذا المُرسَل شاهد بإسناد موصول.
([60]) ابن قدامة: المغني 9: 497.
([61]) الإنصاف: 1: 473.
([62]) ابن مفلح: الآداب الشرعية 3: 551.
([63]) مسلم: (2128).
([64]) الهيتمي: (الكبيرة الثامنة بعد المائة): لبس المرأة ثوبًا رقيقًا يَصِف بشرتها وميلها، وإمالتها، وتقدَّم الحديث.
([65]) مسلم (341) أبو داود (4016).
([66]) ضعيف؛ لضَعفِ ليث بن أبي سليم، أخرجه الترمذي (2800) قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال المباركفوري (تحفة الأحوذي: 8: 84) في سنده ليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط أخيرًا ولم يتميز حديثه، وقال البغوي (شرح السنة: 9: 25): إسناد غريب، وأما السيوطي فرمز له في الجامع الصغير (الفيض: 2911) بعلامة الحسن، وذكر المناوي في الفيض أن الترمذي قال: حسن غريب، قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يَصحُّ؛ وذلك لأن فيه ليث بن أبي سليم، والترمذي نفسه دائمًا يُضعِّفه ويُضعِّف به.
([67]) عبدالرزاق (5036).
([68]) ابن تيمية: الفتاوى 22: 146.
([69]) حسن؛ أحمد (شاكر: 5664)، أبو داود (4029) واللفظ له، وقد رواه من طريق أبي عوانة وشريك والسياق له، ابن ماجه (3607) أبو يعلى (5672) البغوي (السنة: 3116) قال الشوكاني (النيل: 2: 125): أخرَجه أيضًا النسائي، ورجال إسناده ثقات اهـ، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، وحسنه المنذري، والشيخ الألباني (صحيح الترغيب: 2089)، وله شاهد عن أبي ذر رضي الله عنه رواه ابن ماجه (3608)، قال البوصيري (مصباح الزجاجة: 1258): إسناده حسن.
([70]) حاشية الروض للعنقري: 1: 148 - 149.
([71]) إسناده حسن: أخرج أحمد (2:261) واللفظ له، وأخرجه الترمذي (1752) ابن سعد (الطبقات: 1: 338) البغوي (السنة: 3175) ابن حبان (الإحسان: 5473)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر (التعليق: 10477) وقال الساعاتي (الفتح: 17: 316): صحَّحه الحافظ السيوطي.
([72]) ضعيف؛ لضَعفِ رشدين بن كريب، وقال ابن عدي وقد أخرج الحديث (الكامل: 3: 148 - 149): أحاديثه مقاربة، لم أر فيها حديثًا مُنكَرًا جدًّا، وهو على ضعفه يكتب حديثه، وقال الهيثمي (مجمع: 5: 160): رواه البزار، وفيه رشدين بن كريب وهو ضعيف اهـ، وللحديث شاهد أخرجه الطبراني في الكبير (فتح الباري: 10: 354) من حديث عتبة بن عبد.
([73]) ابن تيمية: الاقتضاء 1: 182.
([74]) ابن تيمية: الاقتضاء 1: 328.
([75]) ابن تيمية: الاقتضاء 1: 241 - 242.
([76]) البخاري (5892) مسلم (259).
([77]) إسناده حسن: رواه أحمد (5: 264:265) والطبراني في الكبير (7924)، قال الهيثمي (مجمع الزوائد: 5: 160): "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وفي الصحيح طرف منه، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم، وهو ثقة وفيه كلام لا يضر" اهـ، وحسن إسناده ابن حجر (فتح الباري: 10: 354).
([78]) مسلم (260).
([79]) مسلم (302).
([80]) انظر: الاقتضاء 1: 242.
([81]) صحيح: رجاله رجال الصحيحين، رواه أبو داود (635) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصحح إسناده ابن تيمية (الاقتضاء:1:257).
([82]) مسلم (2069) والبخاري (مختصرًا: 5830) وغيرهما.
([83]) صحيح: أحمد (1: 43).
([84]) عبدالرزاق (19994) من طريق قتادة أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى وهذا منقطع، وأخرجه البغوي (السنة: 3117) من طريق قتادة سمعت أبا عثمان النهدي عن عمر بلفظ: "إيَّاكم والتنعم، وزي العجم".
([85]) ابن تيمية: الاقتضاء: 1: 345.
([86]) ابن تيمية: الاقتضاء: 1: 250.
([87]) اقتضاء الصراط المستقيم: 1: 244.
([88]) ابن رجب: فتح الباري 2: 393.
([89]) ابن تيمية: الاقتضاء 1: 243.
([90]) ابن تيمية: الاقتضاء 1: 354.
([91]) مسلم (2077) وغيره.
([92]) إسناده ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، أخرجه الترمذي (2695) وقال: هذا حديث إسناده ضعيف، وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعْه، وله طريق آخر عن عبدالله بن عمرو؛ رواه الطبراني في الأوسط (7376) قال الهيثمي (مجمع: 8: 38 - 39): وفيه مَن لم أعرِفْه، وقال ابن تيمية (الاقتضاء: 1: 248 - 249): وهذا وإن كان فيه ضعيف فقد تقدم الحديث المرفوع: ((من تشبه بقوم فهو منهم))، وهو محفوظ، قال: وحديث ابن لهيعة يصلح للاعتضاد، وقد حسنه الشيخ الألباني - رحمه الله - (صحيح الترغيب: 2723).
([93]) ضَعيف؛ لحال يوسف بن ميمون، أخرجه الطبراني في الأوسط (9422) قال الهيثمي (مجمع الزوائد: 5: 168 - 169): رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يوسف بن ميمون، ضعفه أحمد والبخاري وجماعة، ووثقه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات، وقال ابن عدي (الكامل: 7: 166) وقد ساق ليوسف أحاديث، قال: وهذه الأحاديث مع ما لم أذكرها ليوسف الصباغ ما أرى بها بأسًا.
([94]) المناوي: (فيض القدير 6: 104).
([95]) البخاري (5885) أحمد (المسند: 3151) أبو داود (4097)، الترمذي (2785) ابن ماجه (1904) وغيرهم، وعند بعضهم "لعن الله" بدل "لعن رسول الله".
([96]) صحيح؛ أحمد (المسند: 2: 325) أبو داود (4098)، صححه الحاكم على شرط مسلم (المستدرك: 4: 194)، وصحح إسناده النووي (رياض: ص760)، والذهبي (الكبائر: ص 102)، وقال الشوكاني (النيل: 591): أخرجه أيضًا النسائي، ولم يتكلم عليه أبو داود ولا المنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح.
([97]) صححه الهيثمي (الزواجر: الكبيرة السابعة بعد المائة) قال: رواه أحمد والنسائي والحاكم.
([98]) ضعيف؛ لجهالة وهب مولى أبي أحمد الراوي عن أم سلمة لكنه متقدم، لذلك ذكره ابن حبان في ثقاته، والحديث أخرجه أحمد (الفتح الرباني: 17: 301)، أبو داود (4115)، الطيالسي (1612)، عبدالرزاق (5050)، أبو يعلى (6935)، الطبراني في الكبير (705: ج23)، المزي (التهذيب: 6768)، الحاكم (المستدرك: 4: 194 - 195)، وصححه ووافقه الذهبي، قال الشوكاني (النيل: 2: 130)، الحديث رواه عن أم سلمة وهْب مولى أبي أحمد، قال المنذري: وهذا يُشبه المَجهول، وفي الخلاصة أنه وثَّقه ابن حبان.
([99]) ابن تيمية: الفتاوى 22: 148 - 149.
([100]) ابن تيمية: الفتاوى 22: 148.
([101]) البخاري (5886)، أبو داود (4930)، الترمذي (2785).
([102]) أبو داود (4099) قال الذهبي "الكبائر" (ص: 102): إسناد حسن.
([103]) الهيتمي: (الزواجر: الكبيرة السابعة بعد المائة): تشبه الرجال بالنساء فيما يختصصْن به عرفًا غالبًا من لباس أو كلام أو حركة أو نحوها وعكسه.
([104]) مسلم (338) أبو داود (4018) الترمذي (2793) ابن ماجه (661).
([105]) جيد؛ أحمد (5: 3 - 4) أبو داود (4017) الترمذي (2769 و2794) النسائي (الكبرى: 8972) ابن ماجه (1920) وغيرهم من طرق عن بهز بن حكيم به، قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم والذهبي (المستدرك: 4:179 - 180) وقال ابن حجر (الفتح: 1: 386): الإسناد إلى بهز صحيح، ولهذا جزم به البخاري.
([106]) عزاه في كنز العمال (19116) للفردوس.
([107]) حسن؛ للاختلاف في إسناده، وقد رجَّح الدارقطني رواية شعبة والثوري عن منصور، وله شاهد من حديث أم الدرداء وأم سلمة، والحديث أخرجه أحمد (الفتح: 2: 149)، وأبو داود (4010)، الترمذي (2803)، ابن ماجه (3750)، الطيالسي (1518)، الدارمي (2655)، الحاكم (4: 288 - 289)، البيهقي (7: 308)، وقد حسن الحديث الترمذي وصححه الذهبي في التلخيص على شرط الشيخين وقال الساعاتي: رجاله كلهم رجال الصحيح، وصحَّحه الهيتمي في الزواجر (الكبيرة الرابعة والسبعون: كشف العورة لغير ضرورة).
([108]) لابأس به؛ لحال سوَّارٍ أبي حمزة، وقد تابعه الليث بن أبي سليم عند ابن عدي والبيهقي، ولأبي داود من طريق الوليد عن الأوزاعي عن عمرو به، وهي طرُق ضعيفة، والحديث أخرجه أحمد (الفتح: 3: 83)، أبو داود (4113 و4114)، الدارقطني (السنن: 1: 230)، البيهقي (2: 229)، الخطيب البغدادي (التاريخ: 2: 278)، البغوي (شرح السنة: 2: 406 - 407)، أبو نعيم (الحلية: 10: 26)، قال الساعاتي: سنده جيد، وقال أبو الطيب (التعليق المغني - بذيل السنن): ورواه العقيلي في ضعفائه، ولين سوار بن داود، وقال صاحب التنقيح: وسوَّار بن داود أبو حمزة البصري، وثَّقه ابن معين وابن حبان، وقال أحمد: شيخ بَصري لا بأس به، وله طريق أخرى عند ابن عدي في الكامل... إلخ.
([109]) البيهقي: السنن الكبرى 7: 94.
([110]) مسلم (1718) وعلَّقه البخاري بعد حديث رقم (7349).
([111]) ابن عثيمين: فتوى عليها توقيعه في 20/ 11/ 1414هـ، فتاوى علماء البلد الحرام ص 1858 وفتاوى أركان الإسلام: ص294.
([112]) لا بأس به؛ قال الذهبي: قيس بن بشر [د] عن أبيه لا يعرفان، عن ابن الحنظلية تفرد عنه هشام بن سعد، له حديث: (نعم العبد خريم... الحديث)، قال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسًا، ما أعلم روى عنه غير هشام، وذكره ابن حبان في الثقات اهـ، قال مقيده: قال عنه هشام: رجل صدق، والحديث أخرجه أحمد (4: 179 - 180)، أبو داود (4089)، الطبراني في الكبير (5616)، البيهقي في الشعب (6204)، المزي (تهذيب: 4: 142 - 143)، الحاكم (المستدرك: 4: 183)، وصحح إسناده ووافقه الذهبي، وقال ابن المفلح (الآداب: 3: 551): رواه أبو داود بإسناد حسن، وقال النووي (رياض: ص 463): رواه أبو داود بإسناد حسن، إلا قيس بن بشر، فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه، وقد روى له مسلم.
([113]) البخاري (5240).
([114]) السيوطي: الدر المنثور 6: 182.
([115]) القرطبي: التفسير 12: 233.
([116]) حسن: أبو داود (4012)، النسائي (406)، أحمد (الفتح الرباني: 2: 123)، الطبراني في الكبير (22: 670)، البيهقي في السنن الكبرى (1: 198)، قال الساعاتي: رجال إسناده رجال الصحيح. وقال عن الإسناد الآخر: سنده جيد. اهـ، وحسنه السيوطي (الجامع الصغير: 1729)، وقال الشوكاني (النيل: 348): رجال إسناده رجال الصحيح. وحسن إسناده المناوي (التيسير: 1: 251)، وقال ابن رجب في الفتح (1: 334)، وقد قيل: إن في إسناده انقطاعًا، ووصله بعض الثقات، وأنكر وصله أحمد وأبو زرعة.
([117]) الطبراني (المعجم الكبير: 2894) وغيره، قال الهيثمي (مجمع: 8: 188): فيه خالد بن إلياس، ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي، وبقية رجاله ثقات، وقال العراقي (فيض القدير: 2: 296): رواه البيهقي متصلاً ومنفصلاً، ورجالهما ثقات، وحسنه السيوطي (الجامع الصغير: 1889)، وصححه الشيخ الألباني (صحيح الجامع الصغير: 1890)، وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه، قال الهيثمي (مجمع: 8: 188): طرواه الطبراني في الأوسط، وفيه من لم أعرفه"، وله شاهد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، قال الهيثمي (مجمع: 8: 188): رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الكبير ثقات.
([118]) صحيح: وظاهره الإرسال، سوى أن أبا أمامة سمع من أبيه، وعند أحمد وغيره ما يؤيد أنه سمعه من أبيه، والحديث أخرجه أحمد (3: 486) ابن ماجه (3509) وغيرهم، قال البوصيري (مصباح الزجاجة: 1225): رواه مالك في الموطأ من طريق محمد بن سهل بن حنيف، عن أبيه، به، [هكذا وفي الموطأ محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف]، ورواه النسائي في الطب وفي اليوم والليلة من طريق سفيان، عن الزهري، ورواه ابن حبان في (صحيحه) عن عمر بن سعيد بن سنان، عن أحمد بن أبي بكر، عن مالك، عن محمد بن أبي أمامة به، ورواه الحاكم في (المستدرك) من طريق عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد انتهى، ورواه أبو داود من حديث عائشة اهـ، وصحَّحه الهيثمي (الفتح الرباني: 17: 190).
([119]) ابن باز: حراسة الحجاب ص81.
([120]) ابن قدامة: المغني 9: 493.
([121]) ابن قدامة: المغني 9: 493.
([122]) ابن رجب: فتح الباري 1: 249 - 251.
([123]) ابن قدامة: المغني 9: 491.
([124]) انظر: الإنصاف (8: 20) معونة أولي النهى (9: 19).
([125]) ابن تيمية: الفتاوى: 22: 118.
([126]) انظر: معونة أولى النهى شرح المنتهى (9: 31).
([127]) انظر: الإنصاف 8: 25 - 26.
([128]) ابن عثيمين: مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 12: 267 - 268.
([129]) ابن عثيمين: فتوى عليها توقيعه في 20: 11: 1414هـ، فتاوى علماء البلد الحرام ص 1858 - 1859.
([130]) ابن ماجه (221) قال البوصيري في (مصباح الزجاجة: 82): رواه ابن حبان في صحيحه... ورواه صاحب مسند الشهاب القضاعي... إلخ.
([131]) البخاري (7150).
([132]) مسلم (142).
([133]) البخاري (7151) ومسلم (142) واللفظ له.
([134]) مسلم (2674).
([135]) البخاري (2409) ومسلم (1829).
([136]) عزاه السيوطي (الدر المنثور 6: 782) لسعيد بن منصور وابن مردويه.
([137]) ابن تيمية: الفتاوى: 22: 156.
([138]) البخاري (5196) مسلم (2736).
([139]) البخاري (5198).
([140]) مسلم (2738).
([141]) قال في كشاف القناع (1:265): خرج بالمباحة: المجوسية ونحوها، والمزوَّجة، والمعتدة، والمستبرأة من غيره، وقال في معونة أولي النهى (9:30 - 31): وينظر السيد من أمة مزوَّجة، وينظر مسلم من أمته الوثنية والمجوسية إلى غير عورة.