كِتَابُ الطَّهَارَةِ
المَاءُ طَهُورٌ يَرْفَعُ الحَدَثَ وَيُزِيلُ النَّجَسَ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ رِيحُهُ، بِنَجَاسَةٍ وَقَعْتَ فِيهِ؛ كَالبَوْلِ، أَوِ الغَائِطِ، أَوِ المَيْتَةِ، أَوِ الدَّمِ المَسْفُوحِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِنَّ المَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ». أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا: «المَاءُ طَاهِرٌ، إِلَّا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ لَوْنُهُ؛ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ». وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ بِالاتِّفَاقِ، وَمَعْنَاهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
بَابُ الآنِيَةِ
يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ آنِيَةٍ طَاهِرَةٍ، إِلَّا آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - ﷺ -: «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكُلُّ جِلْدِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ - وَلَوْ مَيْتَةً – دُبِغَ؛ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ لِمَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
بَابُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ
الأَرْجَحُ - لِظَاهِرِ الأَدِلَّةِ - أَنَّ كُلَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِ الإِنْسَانِ نَجِسٌ، إِلَّا المَنِيَّ وَرُطُوبَةَ فَرْجِ المَرْأَةِ.
وَالمَذْيُ وَبَوْلُ الغُلَامِ يَكْفِي فِيهِمَا النَّضْحُ، وَإِذَا وَلَغَ الكَلْبُ فِي الإِنَاءِ؛ يُغْسَلُ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَالأَصْلُ فِي أَبْوَالِ وَعُذْرَةِ وَلُعَابِ وَلَحْمِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ؛ النَّجَاسَةُ، وَتُرَاعَى المَشَقَّةُ، وَمَا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى؛ كَعَرَقِ وَسُؤْرِ الهِرَّةِ وَالحِمَارِ، وَمَا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ فَهُوَ طَاهِرٌ؛ كَالذُّبَابِ.
بَابُ الوُضُوءِ
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ).
هَذَا هُوَ الوُضُوءُ الوَاجِبُ مَعَ النِّيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ وَالمُوَالَاةِ، وَيَدْخُلُ فِي الوَجْهِ: المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ، وَفِي الرَّأْسِ: مَسْحُ الأُذُنَيْنِ، وَالسُّنَّةُ: البَسْمَلَةُ عِنْدَ الوُضُوءِ، وَغَسْلُ كُلِّ عُضْوٍ ثَلَاثًا، إِلَّا الرَّأْسَ؛ فَيُمْسَحُ مَرَّةً وَاحِدَةً، يُقْبِلُ بِيَدَيْهِ وَيُدْبِرُ.
وَعَنْ حُمْرَانَ: أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - دَعَا بِوَضُوءٍ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ، وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى المِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلَى الكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
بَابُ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ وَالعِمَامَةِ
إِذَا لَبِسَ الخُفَّيْنِ أَوِ الجَوْرَبَيْنِ بَعْدَ رَفْعِ الحَدَثِ بِالمَاءِ؛ فَلَهُ المَسْحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا، وَلَا يَنْزِعُهُمَا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ أَوِ انْقِضَاءِ المُدَّةِ، فَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ - ﷺ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ.
يَعْنِي: فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
أَمَّا العَمَائِمُ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا طَهَارَةٌ سَابِقَةٌ، وَلَا تَوْقِيتٌ، وَمِثْلُهَا الجَبِيرَةُ؛ فَعَنْ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - سَرِيَّةً، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى العَصَائِبِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوءِ
يَجِبُ الوُضُوءُ مِنَ الخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ، وَزَوَالِ العَقْلِ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَكْلِ لَحْمِ الإِبِلِ؛ لِمَا جَاءَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنْ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - قَالَ: (وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، وَبَوْلٍ، وَنَوْمٍ). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَاهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - ﷺ -: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟، قَالَ: «نَعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
بَابُ الاسْتِنْجَاءِ وَالاسْتِجْمَارِ
يَجِبُ إِزَالَةُ الخَارِجِ مِنَ القُبُلِ وَالدُّبُرِ، بِاسْتِنْجَاءٍ أَوِ اسْتِجْمَارٍ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَسْتَنْجِي بِالمَاءِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللهِ - ﷺ - أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
بَابُ الغُسْلِ
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا).
وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ).
فَيَجِبُ غُسْلُ جَمِيعِ الجَسَدِ مَعَ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ، مِنَ الإِنْزَالِ، أَوِ الإِيلَاجِ، أَوْ رُؤْيَةِ المَنِيِّ بَعْدَ الاسْتِيقَاظِ، وَبَعْدَ الطُّهْرِ مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ مُسْلِمٌ: «وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ».
وَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ عَلَى المَرْأَةِ الغُسْلُ إِذَا احْتَلَمَتْ؟، قَالَ: «نَعَمْ. إِذَا رَأَتِ المَاءَ». الحَدِيث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ: يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَأْخُذُ المَاءَ، فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفْنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
بَابُ التَّيَمُّمِ
قَالَ تَعَالَى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ).
وَكَذَلِكَ لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ فِي طَهَارَةِ الحَدَثِ أَوِ الجَنَابَةِ؛ تَيَمَّمَ بِالتُّرَابِ.
وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - ﷺ -: «يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا»، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
بَابُ الحَيْضِ
عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِنَّ دَمَ الحَيْضِ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
وَالحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ؛ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَإِذَا طَهُرَتَا قَضَتَا الصَّوْمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالكُدْرَةُ المُتَّصِلَةُ بِالحَيْضِ تُعْتَبَرُ حَيْضًا، فَإِنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ، ثُمَّ رَأَتْ كُدْرَةً فَلَا تَعُدُّهَا حَيْضًا؛ لِمَا جَاءَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَقْعُدُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ. رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ.
فَالأَرْبَعُونَ حَدٌّ أَقْصَى لِلنِّفَاسِ، وَلَوْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ تَمَامِ الأَرْبَعِينَ صَلَّتْ وَصَامَتْ.
بَابُ الاسْتِحَاضَةِ
وَهِيَ نَزِيفُ عِرْقٍ بِالمَرْأَةِ، لَا يُعْتَبَرُ حَيْضًا بَلِ اسْتِحَاضَةٌ تُصَلِّي مَعَهُ إِذَا تَوَضَّأَتْ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «فَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِي، وَصَلِّي». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالحَاكِمُ، وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
فَمَنْ عَرَفَتْ حَيْضَهَا فَمَيَّزَتْهُ بِوَصْفِهِ أَوْ زَمَنِهِ؛ عَمِلَتْ بِمَعْرِفَتِهَا، فَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ - ﷺ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟، قَالَ: «لَا. إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ، ثُمَّ صَلِّي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ حَيْضَهَا، وَلَمْ تُمَيِّزْهُ بِوَصْفِهِ وَلَا زَمَنِهِ، وَلَكِنْ لَهَا عَادَةٌ لَا تَعْرِفُ زَمَنَهَا، أَخَذَتْ بِمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، «أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدِّمَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ: لِتَنْظُرْ عِدَّةَ الأَيَّامِ وَاللَّيَالِي التِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لِتُصَلِّ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ وَلَا عَادَةٌ، فَتَأْخُذُ بِمَا جَاءَ عَنْ حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ: كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَبِيرَةً شَدِيدَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - ﷺ - أَسْتَفْتِيهِ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ، أَوْ سَبْعَةً، ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي العَصْرَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ حِينَ تَطْهُرِينَ، وَتُصَلِّينَ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ المَغْرِبَ وَتُعَجِّلينَ العِشَاءَ، ثُمَّ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَافْعَلِي. وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الصُّبْحِ وَتُصَلِّينَ». قَالَ: «وَهُوَ أَعْجَبُ الأَمْرَيْنِ إِلَيَّ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ البُخَارِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: وَتَتَوَضَّأُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ. حَسَّنَهُ المُنْذِرِيُّ.
فَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِلْجَمْعِ؛ عَمِلَتْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: «وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ». وَهِيَ لِأَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَلَهُ شَاهِدٌ يُقَوِّيهِ.
وَمِثْلُ المُسْتَحَاضَةِ: صَاحِبُ السَّلَسِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ؛ يَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ.
كِتَابُ الصَّلَاةِ
قَالَ تَعَالَى: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا). أَيْ: فَأَدُّوهَا كَامِلَةً تَامَّةً، وَحَافِظُوا عَلَى أَوْقَاتِهَا، وَشُرُوطِهَا، وَأَرْكَانِهَا، وَوَاجِبَاتِهَا، وَسُنَنِهَا، وَآدَابِهَا؛ فَهِيَ عَمُودُ الإِسْلَامِ، لَا يَقُومُ إِسْلَامُ عَبْدٍ بِدُونِهَا، فَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - ﷺ - يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ: تَرْكَ الصَّلَاةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَثَبَتَ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - قَالَ: العَهْدُ الذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ). رَوَاهُ الخَمْسَةُ.
وَثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ العُقَيْلِيِّ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - ﷺ - لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالعِرَاقِيُّ وَالسَّخَاوِيُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرٌ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ لَدُنِ النَّبِيِّ - ﷺ - إِلَى يَوْمِنَا هَذَا؛ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى يَذْهَبَ وَقْتُهَا كَافِرٌ.
بَابُ أَوْقَاتِ النَّهْيِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَالنَّهْيُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، لَا بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ، فَلَفْظُ مُسْلِمٍ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ».
وَالرَّاجِحُ أَنَّ ذَوَاتِ الأَسْبَابِ مُسْتَثْنَاةٌ، فَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهَارٍ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ.
وَأَشَدُّ نَهْيًا مِنْ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ: مَا جَاءَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَتَضَيَّفَ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ الصَّادِقِ لَيْسَ وَقْتًا لِلتَّطَوُّعِ المُطْلَقِ؛ لِمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - قَالَ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ». أَخْرَجَهُ الخَمْسَةُ، إِلَّا النَّسَائِيَّ.
وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيِ الفَجْرِ».
بَابُ الأَذَانِ
وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً؛ لِمَا ثَبَتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: طَافَ بِي - وَأَنَا نَائِمٌ - رَجُلٌ فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَتَقُولُ إذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ، فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ، فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ". أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَلَهُ أَصْلٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
وَزَادَ أَحْمَدُ فِي أَذَانِ الفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ».
وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (مِنَ السُّنَّةِ إِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ فِي الفَجْرِ: حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، قَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ). مَرَّتَيْنِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي مَحْذُورَةَ، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وَجَاءَتْ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِلْأَذَانِ، فَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - عَلَّمَهُ الأَذَانَ، فَذَكَرَ فِيهِ التَّرْجِيعَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالخَمْسَةُ.
وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى بِلَالًا يُؤَذِّنُ. قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ، هَاهُنَا وَهَاهُنَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَبِي دَاوُدَ: لَوَى عُنُقَهُ، لَمَّا بَلَغَ: «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ»، يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ. وَفِي رِوَايَةٍ: (وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَيَتَرَسَّلُ فِي الأَذَانِ، وَيَحْدُرُ الإِقَامَةَ، مُسْتَقْبِلًا القِبْلَةَ.
بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ
وَهِيَ سِتَّةٌ: أَحَدُهَا: الطَّهَارَةُ مِنَ الحَدَثِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».
الثَّانِي: الوَقْتُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا).
الثَّالِثُ: سَتْرُ العَوْرَةِ بِمَا لَا يَصِفُ البَشْرَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَالمَرْأَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ إِلَّا وَجْهَهَا فِي الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ تُصَلِّيَ بِحَضْرَةِ رَجُلٍ غَيْرِ مُحْرِمٍ فَتُغَطِّيهِ، وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ حَائِضٍ (أَيْ: بَالِغٍ) إِلَّا بِخِمَارٍ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ».
الرَّابِعُ: الطَّهَارَةُ مِنَ النَّجَاسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ وَمَوْضِعِ صَلَاتِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ). وَقَالَ تَعَالَى: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ نَاسِيًا النَّجَاسَةَ.
وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: «لَا تُصَلُّوا إِلَى القُبُورِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَقُولُ: (لَا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَلَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فِيهِ قَبْرٌ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - قَالَ: (أُصَلِّي فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ؟ قَالَ: لَا).
الخَامِسُ: اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ). إِلَّا فِي النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ، فَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ البُخَارِيُّ: (يُومِئُ بِرَأْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْنَعُهُ فِي المَكْتُوبَةِ).
وَفِي حَالِ العَجْزِ كَمَرَضٍ أَوْ حَالِ شِدَّةِ الخَوْفِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
الشَّرْطُ السَّادِسُ: النِّيَّةُ؛ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، قَالَ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
بَابُ المَسَاجِدِ
حَقُّ المَسَاجِدِ: الاحْتِرَامُ وَالتَّطْهِيرُ، وَإِقَامَةُ ذِكْرِ اللهِ وَمَا وَالَاهُ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - يَسْتُرُنِي، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
بَابُ صِفَةِ الصَّلَاة
عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي». رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: (فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يُصَلِّيهَا الإِنْسَانُ سِتُّ مِائَةِ سُنَّةٍ عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ -، أَخْرَجْنَاهَا بِفُصُولِهَا فِي كِتَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ).
وَأَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ - ﷺ - يُصَلِّي الفَجْرَ رَكْعَتَيْنِ، وَالمَغْرِبَ ثَلَاًثا، وَالظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ، كُلُّ فَرْضٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ.
وَكَانَ يَطْمَئِنُّ فِي كُلِّ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الذِي رَوَاهُ الجَمَاعَةُ.
وَكَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ، إِلَّا فِي الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - ﷺ - إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، - قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّر لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، «وَإِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ) -، قَالَ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ: «ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ». (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسِائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ)، «عَلَى صَدْرِهِ». (أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ)، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً، قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الخَمْسَةِ: «اسْتَفْتَحَ ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «فَقَرَأَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ القُرْآنِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ: وَلَا الضَّالِّينَ، قَالَ: آمِينَ». (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ). وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ فِي الأُولَيَيْنِ بِأُمِّ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وَهَكَذَا فِي العَصْرِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَقَالَ عُبَادَةُ: قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَعَنْ حُذَيْفَةَ: «فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثُمَّ يَقُولُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ - اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضَهُمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ القِبْلَةَ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا، قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ – وَاليَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَثَبَتَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: «فَسَجَدَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ أُذُنَيْهِ». (رَوَاهُ أَحْمَدُ). وَعَنْ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ. وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي». رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: «التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - كَانَ إِذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اليُسْرَى، وَاليُمْنَى عَلَى اليُمْنَى، وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِالتِي تَلِي الإِبْهَامَ.
وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ، قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ).
«وَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ). قَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَرَنَا اللهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). قَالَتْ عَائِشَةُ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَيَدْعُو». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ -: «إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ». (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنَ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ».
قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ». (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الأَيْمَنِ، وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الأَيْسَرِ». (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ).
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ - ﷺ -: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». (رواه البخاري).
وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ النَّبِيَّ - ﷺ - قَالَ: أَوْمِئْ إِيمَاءً، وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ». (رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ، وَلَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ).
مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ
صَحَّ عَنْهُ ﷺ فِي الصَّلَاةِ: النَّهْيُ عَنِ الكَلَامِ، وَاشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ، وَالاخْتِصَارِ، وَمَسْحِ الحَصَى، وَالالْتِفَاتِ، وَأَنْ يَبْزُقَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ، وَرَفْعِ البَصَرِ، وَالإِقْعَاءِ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَافْتِرَاشِ الذِّرَاعَيْنِ، وَقِرَاءَةِ القُرْءَانِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، وَالإِيمَاءِ بِاليَدِ عِنْدَ السَّلَامِ، وَنَقْرِ الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَبْرُكَ بُرُوكَ البَعِيرِ لِلسُّجُودِ، وَكَفِّ الشَّعْرِ وَالثَّوْبِ، وَعَمَّا يَشْغَلُ.
بَابُ الْمَوَاقِيتِ
لَا يَجُوزُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، كَالجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ، وَغَلَبَةِ النَّوْمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ، وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَبِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ العَصْرِ وَالعِشَاءِ: فَالمَذْكُورُ هُوَ وَقْتُ الاختِيَارِ الوَاجِبِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ الجَائِزُ؛ فَالعَصْرُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالعِشَاءُ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا: (إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الأُخْرَى). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.