المَوضُوعُ: شَهْرُ ذِي الحِجَّةِ.
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْن يَدَيْ السَّاعَةِ، مَنْ يُطِعْ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى. يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
أَمَّا بَعْدُ: "فإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ".
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ شَهْرَ ذِي الحِجَّةِ أَحَدُ الأَشْهُرِ الحُرُمِ الأَرْبَعَةِ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)؛ هِيَ: المُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)؛ أَيْ: بِالتَّفْرِيطِ وَالتَّقْصِيرِ، وَبِالتَّعَدِّي لِحُدُودِ اللهِ، وَتَضْيِيعِ فَرَائِضِهِ، وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِهِ، وَخَاصَّةً فِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ؛ فَإِنَّ الحَسَنَةَ وَالسَّيِّئَةَ تَعْظُمُ فِيهَا، وَشَهْرُ ذِي الحِجَّةِ أَعْظَمُ الأَشْهُرِ الحُرُمِ حُرْمَةً؛ فَعَنْ وَابِصَةَ، قَالَ: إِنِّي شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ شَهْرٍ أَحْرَمُ؟". قَالُوا: هَذَا. يَعْنِي ذَا الحِجَّةِ. قَالَ الهَيْثَمِيُّ: "رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ".
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا: "أَلَا وَإِنَّ أَحْرَمَ الشُّهُورِ شَهْرُكُمْ هَذَا"؛ يَعْنِي ذَا الحِجَّةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "مَا مِنَ الشُّهُورِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ ذِي الحِجَّةِ".
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَهْرَ ذِي الحِجَّةِ أَفْضَلُ الأَشْهُرِ الحُرُمِ، حَيْثُ كَانَ أَشَدَّهَا حُرْمَةً".
وَشَهْرُ ذِي الحِجَّةِ أَيْضًا أَحَدُ أَشْهُرِ الحَجِّ الثَّلَاثَةِ، قَالَ تَعَالَى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، وَهِيَ شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، أَوْ ذُو الحِجَّةِ كُلُّهُ.
وَشَهْرُ ذِي الحِجَّةِ خَاتِمَةُ أَشْهُرِ العَامِ، وَنِهَايَةُ السَّنَةِ الهِجْرِيَّةِ، وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
وَلِشَهْرِ ذِي الحِجَّةِ خَصَائِصُ امْتَازَ بِهَا؛ فَمِنْ جُمْلَتِهَا:
أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الذِّكْرِ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ مَوْسِمُ ذِكْرٍ، وَأَعْظَمُ النَّاسِ أَجْرًا أَكْثَرُهُمْ للهِ ذِكْرًا، قَالَ تَعَالَى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)؛ فَالمُرَادُ بِالأَيَّامِ المَعْلُومَاتِ عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ.
وَالمُرَادُ بِالذِّكْرِ ذِكْرُ القَلْبِ، وَذِكْرُ اللِّسَانِ، وَذِكْرُ الجَوَارِحِ.
فَأَعْمَالُ القُلُوبِ الصَّالِحَةُ ذِكْرٌ، وَأَقْوَالُ اللِّسَانِ الصَّالِحَةُ ذِكْرٌ، وَأَعْمَالُ الجَوَارِحِ الصَّالِحَةُ ذِكْرٌ؛ فَالتَّفَكُّرُ ذِكْرٌ، وَتِلَاوَةُ القُرْآنِ ذِكْرٌ، وَالصَّلَاةُ ذِكْرٌ، وَالصَّدَقَةُ ذِكْرٌ، وَالصِّيَامُ ذِكْرٌ، وَالحَجُّ ذِكْرٌ، وَالأُضْحِيَةُ ذِكْرٌ.
فَأَكْثِرُوا يَا عِبَادَ اللهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ»، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: يَا أَبَا حَفْصٍ، ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَجَلْ". قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ زَبَّانُ بْنُ فَائِدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ وُثِّقَ، وَكَذَلِكَ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ أَنَّهُ أَحَبُّ الأَشْهُرِ إِلَى اللهِ.
قَالَ كَعْبٌ: "اخْتَارَ اللهُ الزَّمَانَ، وَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللهِ الأَشْهُرُ الحُرُمُ، وَأَحَبُّ الأَشْهُرِ الحُرُمِ إِلَى اللهِ ذُو الحِجَّةِ، وَأَحَبُّ ذِي الحِجَّةِ إِلَى اللهِ العَشْرُ الأُوَلُ".
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ فَضْلُ العَشَرَةِ الأَيَّامِ الأُولَى؛ فَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا عَلَى الإِطْلَاقِ، فَعَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ - يَعْنِي عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ - الحَدِيثَ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّ العَمَلَ الصَّالِحَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ فِي غَيْرِهَا، حَتَّى مِنَ العَمَلِ فِي أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ قَالَ: (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلَا الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ). أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَاوِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ العَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ. رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، فَضْلُ اللَّيَالِي العَشْرِ الأَوَائِلِ مِنْهُ.
فَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ بِهَا، قَالَ تَعَالَى: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)؛ فَاللَّيَالِي العَشْرُ: المُرَادُ بِهَا عَشْرُ ذِي الحِجَّةِ الأُولَى، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجُمْهُورُ السَّلَفِ وَالخَلَفِ.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ العَشْرَ عَشْرُ الأَضْحَى، وَالوِتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعَ يَوْمُ النَّحْرِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ فِي التَّفْسِيرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ لَا بَأْسَ بِهِمْ، وَعِنْدِي أَنَّ المَتْنَ فِي رَفْعِهِ نَكَارَةٌ".
وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: "إِنَّ مَجْمُوعَ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ الأُولَى أَفْضَلُ مِنْ مَجْمُوعِ عَشْرِ لَيَالِي رَمَضَانَ الأَخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ لَيْلَةُ القَدْرِ الَّتِي لَا يَفْضُلُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مِنَ اللَّيَالِي".
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّ أُجُورَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِأَنْوَاعِهَا تُضَاعَفُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "قَدْ دَلَّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مُضَاعَفَةِ جَمِيعِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي العَشْرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا".
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، اسْتِحْبَابُ صَوْمِ تِسْعِ ذِي الحِجَّةِ.
فَعَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَدْ صُحِّحَ، وَقَدَّمَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَمِمَّنْ كَانَ يَصُومُ العَشْرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَقَتَادَةَ ذِكْرُ فَضْلِ صِيَامِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ العُلَمَاءِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ".
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، مَا جَاءَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَمَّا الحَاجُّ، فَالمَشْرُوعُ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ يَوْمَ عَرَفَةَ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى أَفْضَلِ أَيَّامِ الدُّنْيَا.
فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ". وَهُوَ اليَوْمُ الثَّانِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَدْ صُحِّحَ.
وَعَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "أَفْضَلُ الأَيَّامِ يَوْمُ عَرَفَةَ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّ العَشْرَ الأُولَى لَمَّا كَانَتْ أَعْظَمَ عِنْدَ اللهِ، وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا عَدَاهَا، أَحَبَّ الإِكْثَارَ فِيهَا مِنْ أَحَبِّ الكَلَامِ إِلَيْهِ.
فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّسْبِيحِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَالتَّحْمِيدِ، وَالتَّكْبِيرِ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: هُوَ فِي الصَّحِيحِ بِاخْتِصَارِ التَّسْبِيحِ، وَغَيْرِهِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، مَا رُوِي عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ - يَعْنِي تِسْعَ ذِي الحِجَّةِ – الدُّعَاءُ. خَرَّجَهُ جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّهُ مَوْسِمُ شَعِيرَةِ الحَجِّ، أَحَدِ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَمَبَانِيهِ العِظَامِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ).
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "العُمْرَةُ إِلَى العُمْرِة كَفَّارةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، أَنَّهُ مَوْسِمُ ذَبْحِ الأَضَاحِي.
قَالَ تَعَالَى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ).
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ الأُضْحِيَّةِ: أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالمُسْلِمُونَ»، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْقِلُ؟ «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالمُسْلِمُونَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، مَا جَاءَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ». رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ.
وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، وَهُوَ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ».
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ؛ فَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَرَبِيعَةُ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَلَيْسَ بِحِرَامٍ.
وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ تَرْكَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِمَنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ مُسْتَحَبٌّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّرْكَ وَاجِبٌ، وَالأَخْذَ حَرَامٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَلَا بَأْسَ بِغَسْلِ الشَّعْرِ وَمَشْطِهِ بِرِفْقٍ، وَإِزَالَةِ الظُّفْرِ المُنْكَسِرِ.
وَمَنْ لَمْ يَنْوِ الأُضْحِيَةَ، فَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ فِي العَشْرِ، ثُمَّ نَوَى الأُضْحِيَةَ: أَمْسَكَ، وَأُضْحِيَتُهُ كَامِلَةٌ.
وَالَّذِي يُمْسِكُ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ هُوَ مَالِكُ الأُضْحِيَةِ، لَا الوَكِيلُ، وَلَا مُنَفِّذُ الوَصِيَّةِ.
وَمَنْ أَرَادَ حَجَّ التَّمَتُّعِ؛ فَإِنَّ وُجُوبَ الهَدْيِ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ فِي العَشْرِ؛ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «فَتَلْتَ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
لَكِنْ إِنْ أَرَادَ الحَاجُّ أَنْ يُضَحِّيَ أَمْسَكَ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ، إِلَّا الحَلْقَ الوَاجِبَ لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، التَّعْرِيفُ بِالأَمْصَارِ، وَهُوَ المُكْثُ فِي المَسْجِدِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَكَانَ الإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَفْعَلُهُ وَلَا يُنْكِرُ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، مَا جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ يَوْمُ العِتْقِ مِنَ النَّارِ، فَيُعْتِقُ اللهُ مِنَ النَّارِ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَمَنْ لَمْ يَقِفْ بِهَا ... لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي العِتْقِ وَالمَغْفِرَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ".
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، فَضْلُ صَلَاةِ العِيدِ، وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ العِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ».
وَمِنْ خَصَائِصِ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، مَا جَاءَ عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ قَالَ البُخَارِيُّ: بَابُ فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ". وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا».
وَقَالَ البُخَارِيُّ: بَابُ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى، وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ.
وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا».
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا».
وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ: «تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ»، وَكُنَّ «النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ».
فَيُشْرَعُ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ، وَهُوَ التَّكْبِيرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ، وَالتَّكْبِيرُ المُقَيَّدُ، وَهُوَ التَّكْبِيرُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَالُ بَعْدَ الاسْتِغْفَارِ، وَقَوْلِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ.
وَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ المُطْلَقَ مِنْ بِدَايَةِ لَيْلَةِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ خُطْبَةُ صَلَاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: الصَّحِيحُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَيَبْتَدِئُ التَّكْبِيرُ المُقَيَّدُ مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، ولِلْمُحْرِم مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَيَجْتَمِعُ التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ وَالمُقَيَّدُ لِغَيْرِ الحَاجِّ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ خُطْبَةُ صَلَاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَمِنْ صِفَاتِ التَّكْبِيرِ: «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ».
أَوْ «اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ».
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنَا حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَينَا مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَهْلِنَا، وَمِنَ المَاءِ البَارِدِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ، وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنْتَ المُسْتَعَانُ، وَعَلَيْكَ البَلَاغُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً،
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.