المَوضُوعُ: الصَّلَاةُ.
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحَمْدُ للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، العَزِيزِ الغَفَّارِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُقَلِّبُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ المُخْتَارُ، الدَّاعِي إِلَى الجَنَّةِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ، وَأَصْحَابِهِ الأَبْرَارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍۢ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِنَّ الصَّلَاةَ شَأْنُهَا عَظِيمٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)، وَقَالَ تَعَالَى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
وَفَرَضَهَا اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوصِي بِهَا وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ المَوْتِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهَا وَأَهَمِّيَّتِهَا فِي الإِسْلَامِ، فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: "الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى مَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، قَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَحَسْبُنَا فِي شَرَفِهَا وَمَكَانَتِهَا أَنَّهَا عَمُودُ الإِسْلَامِ، وَلَا يَقُومُ الإِسْلَامُ بِلَا عَمُودِهِ، وَأَنَّهَا الفَيْصَلُ بَيْنَ إِسْلَامِ المَرْءِ وَكُفْرِهِ؛ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –، قَالَ: "رَأْسُ الأَمْرِ: الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ: الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ، وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَثَبَتَ عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقدْ كَفَرَ". رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَثَبَتَ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّابِعِيِّ، المُتَّفَقِ عَلَى جَلَالَتِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ: "كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ". رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، قَالَ النَّوَوِيُّ: بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ، فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإنْ فَسَدَتْ، فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيءٌ، قَالَ الرَّبُّ - عَزَّ وَجَلَّ -: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَيُكَمَّلُ مِنْهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ أَعْمَالِهِ عَلَى هَذَا". رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَوَّاهُ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: «لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَلِكَ».
وَيَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُقِيمُوا الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ فِي المَسْجِدِ مَعَ الإِمَامِ، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ وَقْفَهُ.
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الفَجْرِ الَّتِي تَسَاهَلَ فِي أَمْرِهَا كَثِيرٌ مِنَ الكَسُولِينَ، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، رُوِي: يَشْهَدُهُ اللهُ وَمَلَائِكَتُهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الآيَةِ، قَالَ: «تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: "الْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ مَعَهُمُ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ".
وَقَالَ تَعَالَى: (فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ).
وَعَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ: "قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ": لِصَلَاةِ الفَجْرِ، "وَقَبْلَ الْغُرُوبِ": لِصَلَاةِ العَصْرِ. فَهُمَا أَشْرَفُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَلِهَذَا قِيلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: إِنَّهَا الصَّلَاةُ الوُسْطَى.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «فَضْلُ صَلَاةِ الجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ». يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: "اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قَالَ - ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ -: فِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى عِظَمِ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ؛ لِكَوْنِهِمَا تَجْتَمِعُ فِيهِمَا الطَّائِفَتَانِ، وَفِي غَيْرِهِمَا طَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ ... وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الرِّزْقَ يُقَسَّمُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ وَصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
زَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: "فَاغْفِرْ لَهُمْ يَوْمَ الدِّينِ".
قَوْلُهُ: "كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟"، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: "وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ آخِرِ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِخَوَاتِيمِهَا".
فَعَزَاؤُنَا وَاللهِ لِمَنْ خَتَمَ عَمَلَهُ اليَوْمِيَّ بِإِضَاعَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي يَشْهَدُهَا الْحَارِسَانِ مِنَ المَلَائِكَةِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ أَعْلَى الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ عَنْهَا وَقَعَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ.
وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: «إنَّكُمْ سَتَرَونَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُونَ في رُؤْيَتهِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ مُسْلِمٌ: يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ.
وَهَاتَانِ الصَّلَاتَانِ لَهُمَا مَزِيدُ فَضْلٍ وَخُصُوصِيَّةٍ، فَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَ«البَرْدَانِ»: الصُّبْحُ والعَصْرُ.
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا» - يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ -، "فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ - قَالَ: نَعَمْ، قَالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدْ قِيلَ فِي مُنَاسَبَةِ الأَمْرِ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ عَقِيبَ ذِكْرِ الرُّؤْيَةِ: أَّنَ أَعْلَى مَا فِي الجَنَّةِ رُؤْيَةُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَأَشْرَفَ مَا فِي الدُّنْيَا مِنَ الأَعْمَالِ هَاتَانِ الصَّلَاتَانِ، فَالمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا يُرْجَى بِهَا دُخُولُ الجَنَّةِ وَرُؤْيَةُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهَا.
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَانْظُرْ يَا ابْنَ آدَمَ، لَا يَطْلُبَنَّكَ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ كَانَ فِي جِوَارِ اللهِ حَتَّى يُمْسِيَ). خَرَّجَهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ.
فَمَنْ كَانَ فِي جِوَارِ اللهِ وَضَمَانِهِ وَأَمَانِهِ، فَقَدْ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَحَفِظَهَا فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَحِرْزٍ مَتِينٍ، وَلَاذَ بِرُكْنٍ شَدِيدٍ، مِمَّا يَجْعَلُ القَلْبَ فِي طُمَأْنِينَةٍ، وَالفُؤَادَ فِي سَكِينَةٍ، وَمَفْهُومُ الحَدِيثِ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَلَيْسَ فِي ضَمَانِ اللهِ وَلَا أَمَانِهِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَخَطَرٌ أَنْ يَهْلِكَ فِي إِحْدَى المَهَالِكِ.
وَعَنْ بُريْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ العَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ: في أُذُنِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ: "نَامَ عَنِ الْفَرِيضَةِ".
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ، قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ بَوْلَهُ وَاللَّهِ لَثَقِيلٌ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، عَنْ ابن مَسْعُودٍ: "حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ وَالشَّرِّ، أَنْ يَنَامَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ". صَحَّحَ إِسْنَادَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: "وَاخْتُلِفَ فِي بَوْلِ الشَّيْطَانِ، فَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ، إِذْ لَا إِحَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ، فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَبُولَ ... وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ، حَتَّى اتَّخَذَهُ كَالْكَنِيفِ الْمُعَدِّ لِلْبَوْلِ، إِذْ مِنْ عَادَةِ الْمُسْتَخِفِّ بِالشَّيْءِ أَنْ يَبُولَ عَلَيْهِ".
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضَّأَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلَّا أَصْبحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فَقَدْ دَلَّ الحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَامَ حَتَّى أَصْبَحَ، بَقِيَتْ عُقَدُ الشَّيْطَانِ عَلَى مُؤَخَّرِ عُنُقِهِ لَمْ تَنْحَلَّ، فَأَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ، حُرِمَ النَّشَاطَ وَطِيبَ النَّفْسِ.
إِنَّ صَلَاةَ الفَجْرِ مِنْ أَعْظَمِ عَوَامِلِ النَّشَاطِ وَالصِّحَّةِ، وَالطَّاقَةِ الإِيجَابِيَّةِ وَالحَيَوِيَّةِ، وَطِيبِ النَّفْسِ وَانْشِرَاحِ الصَّدْرِ، وَطُمَأْنِينَةِ القَلْبِ، وَثَبَاتِ الفُؤَادِ، وَالقُوَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالبَدَنِيَّةِ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ، فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَهِدَ العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ لَهُ قِيَامُ نِصْفِ لَيلَةٍ، وَمَنْ صَلَّى العِشَاءَ وَالفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ، كَانَ لَهُ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ». قَالَ الترمذي: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
وَمَا يَعْقِلُ قَدْرَ هَذَا الثَّوَابِ إِلَّا أُولُوا الأَلْبَابِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: (وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الْمَرَافِقِ وَالرُّكَبِ).
وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «بَشِّرُوا المَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ». رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ، وَالتِّرمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ.
فَالجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وَعَنْ أَبِي مُوسَىٰ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ (وَفِي رِوَايَةِ: النَّارُ)، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَهَذَا الحَدِيثُ يَحْمِلُنَا عَلَى الحِرْصِ أَكْثَرَ عَلَى صَلَاةِ الفَجْرِ أَنْ تُؤَدَّى فِي وَقْتِهَا، وَفِي المَسْجِدِ مَعَ جَمَاعَةِ المُسْلِمِينَ، فَإِنَّ وَقْتَ الفَجْرِ زَمَنُ رَفْعِ العَمَلِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، فَهَلْ يَسْتَوِي مَنْ رُفِعَ عَمَلُهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِصَلَاةِ الفَجْرِ، وَمَنْ رُفِعَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي تَفْرِيطٍ وَوِزْرٍ، قَدْ ضَيَّعَ حَقَّ اللهِ، وَتَعَمَّدَ تَأْخِيرَ صَلَاةِ الفَجْرِ عَنْ وَقْتِهَا مَعَ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ؟ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: إِنَّهَا لَا تُقْضَى؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَى مَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ كُفْرٌ أَكْبَرُ، إِذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ، عِنْدَ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.
وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: "وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ حَدِيثَ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا نَامَ قَبْلَ العِشَاءِ، وَلَا سَمَرَ بَعْدَهَا. خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَدْ رُوِيَتْ كَرَاهَةُ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ عَنْ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِهِمْ".
لَقَدْ دَلَّ الحَدِيثُ عَلَى اسْتِحْبَابِ النَّوْمِ بَعْدَ صَلَاةِ العِشَاءِ، وَكَرَاهَةِ الحَدِيثِ بَعْدَهَا، وَيَحْرُمُ السَّهَرُ الاخْتِيَارِيُّ المُفْضِي إِلَى تَضْيِيعِ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَالقَاعِدَةُ أَنَّ مَا أَدَّى إِلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَمَا لَا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِّمْنِي سُنَّةَ الْأَذَانِ، فَعَلَّمَهُ، وَقَالَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
فَالخَيْرِيَّةُ فِي صَلَاةِ الفَجْرِ كُلَّ يَوْمٍ، لَا فِي العَجْزِ وَالنَّوْمِ، فَقَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ)، يَعْنِي خَيْرٌ لَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ، فَالصَّلَاةُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الرَّاحَةِ الصَّدْرِيَّةِ، وَالصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ، وَالقُوَّةِ البَدَنِيَّةِ، وَسَعَةِ الرِّزْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ قُلُوبَنَا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّ قُلُوبَنَا مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَطَايَانَا كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالمَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، وَالبُخْلِ، وَالهَرَمِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِّيُهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا.
رَبَّنَا اجْعَلْنَا مُقِيمِي الصَّلَاةِ وَذُرِّيَاتِنَا، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.