المَوْضُوعُ: سُورَةُ البُرُوجِ.
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
عِبَادَ اللهِ، عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَإِنَّهَا وَصِيَّتُهُ لِلْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، نَعِيشُ فِي هَذِهِ الدَّقَائِقِ مَعَ سُورَةٍ مَلِيئَةٍ بِالرَّقَائِقِ؛ لِنَتَأَمَّلَ مَا فِيهَا مِنَ الحَقَائِقِ.
هَذِهِ السُّورَةُ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بها". رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِهَا". أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: "حَدِيثٌ حَسَنٌ"، وَفِي نُسْخَةٍ: "حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
إِنَّهَا سُورَةُ البُرُوجِ، قَالَ تَعَالَى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ)؛ أَقْسَمَ اللهُ - جَلَّ وَعَلَا - بِالسَّمَاءِ وَبُرُوجِهَا، وَهِيَ النُّجُومُ العِظَامُ.
وَقِيلَ: هِيَ مَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا تَسِيرُ الشَّمْسُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَهْرًا، وَيَسِيرُ القَمَرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ يَوْمَيْنِ وَثُلُثًا، فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلَةً، وَيَسْتَسِرُّ لَيْلَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: هِيَ المَنَازِلُ لِلْكَوَاكِبِ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا لِاثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، وَهِيَ: "الحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالمِيزَانُ، وَالعَقْرَبُ، وَالقَوْسُ، وَالجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالحُوتُ".
قَالَ تَعَالَى: (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)؛ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الشَّاهِدُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، وَالمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالمَوْعُودُ يَوْمُ القِيَامَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مَشْهُودٌ، وَتَشْهَدُهُ الْمَلَائِكَةُ". أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، قَالَ البُوصِيرِيُّ: هَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ)؛ أَيْ: لُعِنَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ، وَهُوَ الحُفْرَةُ فِي الأَرْضِ، وَهَذَا خَبَرٌ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الكُفَّارِ، عَمَدُوا إِلَى مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِاللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، فَقَهَرُوهُمْ، وَأَرَادُوهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُمْ فِي الأَرْضِ أُخْدُودًا، وَأَجَّجُوا فِيهِ نَارًا، وَأَعَدُّوا لَهَا وَقُودًا يُسَعِّرُونَهَا بِهِ، ثُمَّ قَذَفُوهُمْ فِيهَا.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ)؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَعَدُوا عَلَى حَافَّةِ الأُخْدُودِ عِنْدَ النَّارِ يَعْرِضُونَ الكُفْرَ عَلَى المُؤْمِنِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ)؛ أَيْ: حَاضِرُونَ يُشَاهِدُونَ مَا يُفْعَلُ بِأُولَئِكَ المُؤْمِنِينَ مِنَ الإِحْرَاقِ بِالنَّارِ لِثَبَاتِهِمْ عَلَى دِينِهِمْ، فَمَا أَشْقَاهُمْ وَأَقْسَى قُلُوبَهُمْ! فَاسْتَحَقُّوا العَذَابَ الأَلِيمَ وَالحَرِيقَ المُقِيمَ، جَزَاءً وِفَاقًا.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)؛ أَيْ: وَمَا كَانَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ ذَنْبٌ إِلَّا إِيمَانَهُمْ بِاللهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ).
وَأَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّهُ (الْعَزِيزُ) يَعْنِي: الشَّدِيدُ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، (الْحَمِيدُ)؛ أَيِ: المَحْمُودُ لِكَمَالِهِ وَإِحْسَانِهِ.
قَالَ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ: (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ)؛ أَيْ: فَاللهُ وَحْدَهُ مَلِكُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، المَالِكُ لِكُلِّ شَيْءٍ، فَهُوَ الآمِرُ النَّاهِي، قَالَ تَعَالَى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
وَقَالَ تَعَالَى مُتَهَدِّدًا وَمُتَوَعِّدًا: (وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)؛ أَيْ: مُطَّلِعٌ عَلَى كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، يَسْمَعُ وَيَرَى، وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، يَرَى مَكَانَهُمْ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ)؛ أَيِ: امْتَحَنُوا المُؤْمِنِينَ عَلَى دِينِهِمْ لِيَرْجِعُوا عَنْهُ، فَحَرَقُوهُمْ بِالنِّيرَانِ لِيَرُدُّوهُمْ عَنِ الإِيمَانِ إِلَى الكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ، (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا)؛ أَيْ: أَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَجُرْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ وَعُدْوَانِهِمْ، فَلَمْ يُقْلِعُوا عَمَّا فَعَلُوا، وَيَنْدَمُوا عَلَى مَا أَسْلَفُوا.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الحَرِيقِ)، وَذَلِكَ أَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، وَهَذَا تَهْدِيدٌ أَكِيدٌ، وَوَعِيدٌ شَدِيدٌ، لَهُمْ وَلِكُلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهُمْ، وَصَنَعَ صَنِيعَهُمْ، وَأَصَرَّ مِثْلَهُمْ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) عِبْرَةٌ وَعِظَةٌ، قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "انْظُرُوا إِلَى هَذَا الكَرَمِ وَالجُودِ، قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالمَغْفِرَةِ".
وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ - إِلَى قَوْلِهِ - أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
وَهَذَا الكَرَمُ مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا لِكُلِّ تَائِبٍ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا تَابَ اللهُ علَيْهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي أَهْلِ هَذِهِ القِصَّةِ: مَنْ هُمْ؟
وَقَالَ صِدِّيق حَسَن خَان: "قَالَ مُقَاتِلٌ: كَانَتِ الأَخَادِيدُ ثَلَاثَةً؛ وَاحِدَةً بِنَجْرَانَ بِاليَمَنِ، وَأُخْرَى بِالشَّامِ، وَأُخْرَى بِفَارِس، حُرِّقَ أَصْحَابُهَا بِالنَّارِ؛ فَأَمَّا الَّتِي بِالشَّامِ فَهُوَ أَبْطَامُوسُ الرُّومِيُّ، وَأَمَّا الَّتِي بِفَارِسَ فَبُخْتُنَصَّرَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ دَانْيَالَ، وَأَمَّا الَّتِي بِاليَمَنِ فَذُو نُوَاسٍ.
فَأَمَّا الَّتِي بِالشَّامِ وَفَارِسَ؛ فَلَمْ يُنْزِلِ اللهُ فِيهِمْ قُرْآنًا، وَأَنْزَلَ فِي الَّتِي بِنَجْرَانِ اليَمَنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ القِصَّةَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ، فَذَكَرَهَا اللهُ تَعَالَى لِأَصْحَابِ رَسُولِهِ، يَحْمِلُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الصَّبْرِ وَتَحَمُّلِ المَكَارِهِ فِي الدِّينِ". انْتَهَى.
وَعَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: "كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ، إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللهِ دَعَوْتُ اللهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللهِ فَشَفَاهُ اللهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ – أَيْ: أَعْلَاهُ -، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمِ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ – أَيْ: سَفِينَةٍ -، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ خَبَّابِ بْنِ الأَرتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُو مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبةِ، فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَد كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ فَيُجْعلُ فِيهَا، ثمَّ يُؤْتَى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، مَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ البُرُوجِ: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ).
فَقَدْ أَخْبَرَ تَعَالَى مَا لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ مِنَ الخَيْرِ الكَثِيرِ وَالفَوْزِ الكَبِيرِ الَّذِي لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ،
وَكُلُّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا؛ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الوَعْدِ العَظِيمِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)؛ أَيِ: انْتِقَامُهُ عَظِيمٌ قَوِيٌّ مِنَ الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ، وَالجَبَابِرَةِ الظَّلَمَةِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)؛ أَيْ: وَمِنْ قُوَّتِهِ الكَامِلَةِ وَقُدْرَتِهِ الشَّامِلَةِ أَنَّهُ يَخْلُقُ الخَلْقَ أَوَّلًا وَهُمْ عَدَمٌ، فَيُوجِدُهُمْ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ يُمِيتُهُمْ، ثُمَّ يُحْيِيهِمْ فِي الآخِرَةِ، كَذَا قَالَ الجُمْهُورُ، قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)، وَقِيلَ: يُبْدِئُ لِلْكُفَّارِ عَذَابَ الحَرِيقِ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعِيدُهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُبْدِئُ العَذَابَ وَيُعِيدُهُ؛ يَعْنِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ)، وَكَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَفِيهِ: "كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ ... وَقَالَ: كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا ... الحَدِيثُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ: (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)؛ أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ - جَلَّ وَعَلَا - يَغْفِرُ ذَنْبَ التَّائِبِينَ، فَمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَخَضَعَ لَدَيْهِ غَفَرَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَنْبُهُ الشِّرْكَ بِاللهِ وَمُعَادَاةَ أَوْلِيَائِهِ وَإِيذَاءَ أَنْبِيَائِهِ.
وَ(الْوَدُودُ): قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ الحَبِيبُ.
قَالَ تَعَالَى: (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)؛ أَيْ: صَاحِبُ العَرْشِ العَظِيمُ العَالِي عَلَى جَمِيعِ الخَلَائِقِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ المُسْتَحِقُّ لِلتَّمْجِيدِ، فَـ (المَجِيدُ) صِفَةٌ لِلرَّبِّ - عَزَّ وَجَلَّ - كَمَا أَنَّهَا صِفَةٌ لِلْعَرْشِ أَيْضًا؛ فَالمَجْدُ هُوَ النِّهَايَةُ فِي الفَضْلِ وَالشَّرَفِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)؛ أَيْ: مَهْمَا أَرَادَ فِعْلَهُ فَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ؛ لِعَظَمَتِهِ وَقَهْرِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ)؛ أَيْ: هَلْ بَلَغَكَ مَا أَحَلَّ اللهُ بِجُمُوعِهِمْ مِنَ البَطْشِ الشَّدِيدِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَأْسِ وَالنِّقْمَةِ الَّتِي لَمْ يَرُدَّهَا عَنْهُمْ أَحَدٌ؟ قَالَ تَعَالَى: (فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ).
وَقَالَ تَعَالَى: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ)؛ أَيْ: فِي جُحُودٍ وَشَكٍّ وَرَيْبٍ وَعِنَادٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ)؛ أَيْ: وَاللهُ قَادِرٌ عَلَيْهِمْ، قَاهِرٌ لَهُمْ، لَا يَفُوتُونَهُ وَلَا يُعْجِزُونَهُ، وَالإِحَاطَةُ: الحَصْرُ لِلشَّيْءِ مِنْ جَمِيعِ الجَوَانِبِ.
قَالَ تَعَالَى: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ)؛ خَتَمَ اللهُ السُّورَةَ بِوَصْفِ القُرْآنِ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ مُتَنَاهٍ فِي الشَّرَفِ وَالكَرَمِ وَالبَرَكَةِ وَالنَّفْعِ، مُعْجِزٌ بِنَظْمِهِ وَلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ؛ فَكَيْفَ تَزْعُمُونَ كَذِبًا أَنَّهُ شِعْرٌ وَسَجْعٌ؟!
وَقَدْ أَثْبَتَ اللهُ القُرْآنَ فِي أُمِّ الكِتَابِ، وَحَفِظَ اللَّوْحَ فِي المَلَأِ الأَعْلَى؛ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَزِيدَ فِيهِ وَلَا يَنْقُصَ مِنْهُ وَلَا يُحَرِّفَ وَلَا يُبَدِّلَ.
اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا، وَذُرِّيَّاتِنَا، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا وَارْحَمْنَا، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعَمِكَ، مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَيْنَا.
رَبَّنَا أَعِنَّا وَلَا تُعِنْ عَلَيْنَا، وَانْصُرْنَا وَلَا تَنْصُرْ عَلَيْنَا، وَامْكُرْ لَنَا وَلَا تَمْكُرْ عَلَيْنَا، وَاهْدِنَا وَيَسِّرْ لَنَا الهُدَى، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، رَبَّنَا اجْعَلْنَا لَكَ شَكَّارِينَ، لَكَ ذَكَّارِينَ، لَكَ رَهَّابِينَ، لَكَ مِطْوَاعِينَ، لَكَ مُخْبِتِينَ، إِلَيْكَ أَوَّاهِينَ مُنِيبِينَ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ تَوْبَتَنَا، وَاغْسِلْ حَوْبَتَنَا، وَأَجِبْ دَعْوَتَنَا، وَثَبِّتْ حُجَّتَنَا، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا، وَاهْدِ قُلُوبَنَا، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صُدُورِنَا،
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.