المَوضُوعُ: شَهْرُ صَفَر.
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَبِذِكْرِهِ تَطِيبُ الحَيَاةُ، وَفِي عِبَادَتِهِ الفَوْزُ وَالنَّجَاةُ، وَفِي رِضَاهُ السَّعَادَةُ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ المَمَاتِ، فَسُبْحَانَ خَالِقِ جَمِيعِ الكَائِنَاتِ، وَرَبِّ البَرِيَّاتِ، وَالإِلَهِ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ»، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «وَلَا نَوْءَ»، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ، فَيَجِيءُ الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا؟ قَالَ: «فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعَهُنَّ النَّاسُ: النِّيَاحَةُ، وَالطَّعْنُ فِي الأَحْسَابِ، وَالعَدْوَى أَجْرَبَ بَعِيرٌ فَأَجْرَبَ مِائَةَ بَعِيرٍ، مَنْ أَجْرَبَ البَعِيرَ الأَوَّلَ، وَالأَنْوَاءُ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا وَكَذَا". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا»، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، البَعِيرُ أَجْرَبُ الْحَشَفَةِ نُدْبِنُهُ، فَتَجْرَبُ الْإِبِلُ كُلُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَمَنْ أَجْرَبَ الأَوَّلَ؟ لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ، خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ، وَكَتَبَ حَيَاتَهَا، وَرِزْقَهَا، وَمَصَائِبَهَا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ صُحِّحَ.
قَوْلُهُ: "لَا عَدْوَى ... إِلَى آخِرِهِ"، سَوَاءٌ كَانَتْ لَا نَافِيَةً أَوْ نَاهِيَةً، فَقَدْ أَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتِقَادَ الجَاهِلِيَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَأَجَابَ عَنِ اسْتِشْكَالِ الأَعْرَابِيِّ بِأَنَّ الأَوَّلَ مَرِضَ بِتَقْدِيرِ اللهِ ابْتِدَاءً دُونَ عَدْوَى، فَأَوْجَبَ ذَلِكَ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ، وَأَنَّ مَا قَدَّرَهُ اللهُ عَلَى العَبْدِ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ لَمْ يُوجَدِ السَّبَبُ، وَأَنَّ مَا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللهُ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ وَلَوْ وُجِدَ السَّبَبُ.
وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ مُعَلَّقًا، وَالإِمَامُ أَحْمَدُ مَوْصُولًا.
وَفِيهِ العَمَلُ بِالاحْتِرَازَاتِ، وَتَجَنُّبُ مُخَالَطَةِ المَرِيضِ مَعَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)؛ أَيْ: كَافِيهِ. وَلْيُوقِنِ المُسْلِمُ أَنَّ جَمِيعَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالنَّفْعِ وَالضُّرِّ بِيَدِ اللهِ - جَلَّ وَعَلَا -، قَالَ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).
وَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ).
وَقَدْ جَعَلَ اللهُ أَسْبَابًا كَوْنِيَّةً، لَكِنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ بِنَفْسِهَا، وَلَا تُوجِبُ مُسَبَّبَاتِهَا بِذَاتِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودٌ؛ فَاللهُ - جَلَّ وَعَلَا - هُوَ المُوجِدُ، وَالمُوجِبُ، وَمُسَبِّبُ الأَسْبَابِ.
وَمَا لَمْ يَجْعَلْهُ اللهُ سَبَبًا كَوْنِيًّا وَلَا شَرْعِيًّا لَا يَجُوزُ جَعْلُهُ سَبَبًا.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا عَدْوَى)؛ أَيْ: مُؤَثِّرَةٌ بِذَاتِهَا وَطَبْعِهَا كَمَا تَعْتَقِدُ ذَلِكَ الجَاهِلِيَّةُ، وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ بِتَقْدِيرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَطَةِ الصَّحِيحِ لِلسَّقِيمِ أَنَّهُ سَيُعْدِيهِ فَيُصَابُ وَلَا بُدَّ، فَقَدْ يُخَالِطُهُ وَلَا يُعْدِيهِ؛ لِأَنَّ المُدَبِّرَ هُوَ اللهُ - جَلَّ وَعَلَا -، وَلِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الأَثَرِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقْتَرِنُ بِالسَّبَبِ مَا يَدْفَعُ تَأْثِيرَهُ بِإِذْنِ اللهِ، كَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ، وَقَدْ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ، فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ، وَقَالَ: كُلْ، ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .. وَذَكَرَ أَنَّ المَوْقُوفَ عَلَى عُمَرَ أَصَحُّ".
وَالأَخْذُ بِالأَسْبَابِ فِعْلًا وَتَرْكًا مَطْلَبٌ شَرْعِيٌّ، كَالاحْتِرَازَاتِ القَدَرِيَّةِ، مِثْلِ تَجَنُّبِ مُخَالَطَةِ المَرِيضِ، وَالشَّرْعِيَّةِ، مِثْلِ الدُّعَاءِ، وَالأَذْكَارِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ.
فَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ نَفْسَهُ، وَيُعَوِّذُ سِبْطَيْهِ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ.
وَالَّذِي قَالَ: (لَا عَدْوَى)، هُوَ الَّذِي قَالَ: «لَا تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ دَلَّتِ الآيَاتُ القُرْآنِيَّةُ وَالأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ عَلَى أَنَّ العَمَلَ بِالأَسْبَابِ فِي الجُمْلَةِ دُونَ الاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، وَاعْتِقَادَ أَنَّ اللهَ هُوَ المُسَبِّبُ وَالمُدَبِّرُ وَالمُصَرِّفُ مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا طِيَرَةَ)؛ أَيْ: لَا تَشَاؤُمَ بِالشَّيْءِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ بِالسَّوَانِحِ وَالبَوَارِحِ، فَيُنَفِّرُونَ الظِّبَاءَ وَالطُّيُورَ، فَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ اليَمِينِ تَبَرَّكُوا بِهِ وَمَضَوْا فِي سَفَرِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ، وَإِنْ أَخَذَتْ ذَاتَ الشِّمَالِ رَجَعُوا عَنْ حَاجَتِهِمْ وَسَفَرِهِمْ وَتَشَاءَمُوا بِهِ، فَكَانَتْ تَصُدُّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَوْقَاتِ عَنْ مَصَالِحِهِمْ، فَنَفَى الشَّرْعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ وَنَهَى عَنْهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي نَفْعٍ وَلَا ضُرٍّ.
وَعَنِ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَوْمًا، فَبَرِحَ ظَبْيٌ فَمَالَ فِي شِقِّهِ فَاحْتَضَنْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ تَطَيَّرْتُ، قَالَ: إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ أَوْ رَدَّكَ". قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ فِي كِتَابِهِ "التَّيْسِيرُ": هَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ.
وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ، قَالَ: «فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ»، قَالَ: قُلْتُ: كُنَّا نَتَطَيَّرُ، قَالَ: «ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ».
وَالطِّيَرَةُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الشِّرْكِ مُنَافٍ لِأَصْلِ التَّوْحِيدِ أَوْ لِكَمَالِهِ الوَاجِبِ بِحَسَبِ الاعْتِقَادِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ - ثَلَاثًا -، وَمَا مِنَّا إِلَّا، وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَجَعَلَ آخِرَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَدْ أَبْطَلَ اللهُ الطِّيَرَةَ وَالتَّشَاؤُمَ، قَالَ تَعَالَى: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَٰذِهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ ۗ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)، وَقَالَ تعالى: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَٰذِهِ مِنْ عِندِكَ ۚ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۖ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا).
إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا يَا عِبَادَ اللهِ، فَاعْلَمُوا أَنَّ المَعَاصِيَ كَبِيرَهَا وَصَغِيرَهَا، كَثِيرَهَا وَقَلِيلَهَا، شُؤْمٌ عَلَى مُقْتَرِفِهَا وَعَلَى البِيْئَةِ مِنْ حَوْلِهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ)؛ أَيْ: أَثَرَ عَمَلِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، وَقَالَ تَعَالَى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)؛ أَيْ: بِذَنْبِكَ.
وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالدَّارِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَيُفَسِّرُهُ اللَّفْظُ الآخَرُ: «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ، فَفِي الْفَرَسِ، وَالْمَسْكَنِ، وَالْمَرْأَةِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي البَابِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ جَابِرٍ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَهُ. خَرَّجَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَالأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الإِنْكَارَ، وَالمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: (إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ ...)، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الطِّيَرَةَ الَّتِي نَفَاهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبْطَلَهَا.
فَقِيلَ: الحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ قَدْ تَكُونُ أَسْبَابَ ضَرَرٍ بِتَقْدِيرِ اللهِ.
وَقِيلَ: الشُّؤْمُ هُوَ سُوءُ الدَّارِ، وَسُوءُ خُلُقِ الفَرَسِ وَالمَرْأَةِ وَالخَادِمِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تَكُونُ شُؤْمًا عَلَى مَنْ تَشَاءَمَ مِنْهَا، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا طِيَرَةَ، وَالطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ، وَإِنْ تَكُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الحَدِيثِ: لَوْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ لَكَانَ فِي هَذِهِ الأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنْ لَا شُؤْمَ فِيهَا، وَهَذَا أَرْجَحُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَا رَوَى مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: "جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالعَدَدُ كَثِيرٌ وَالمَالُ وَافِرٌ، فَقَلَّ العَدَدَ وَذَهَبَ المَالُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعُوهَا ذَمِيمَةً". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ المُفْرَدِ عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ، وَقَدْ حُسِّنَ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنَ الطِّيَرَةِ المَنْهِيِّ عَنْهَا؛ بَلْ أَمَرَهُمْ بِالانْتِقَالِ لِأَنَّهُمُ اسْتَثْقَلُوهَا وَاسْتَوْحَشُوا مِنْهَا؛ لِمَا لَحِقَهُمْ فِيهَا.
وَأَمَّا حَدِيثُ اللِّقْحَةِ لَمَّا مَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرْبًا وَمُرَّةَ مِنْ حَلْبِهَا، وَأَذِنَ لِيَعِيشَ، فَرَوَاهُ مَالِكٌ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ ابْنَ عَبْدِ البَرِّ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ طَلَبِ الفَأْلِ الحَسَنِ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي "جَامِعِهِ" مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الحَدِيثِ: "فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: أَتَكَلَّمُ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ أَصْمُتُ؟ فَقَالَ: بَلِ اصْمُتْ، وَأُخْبِرُكَ بِمَا أَرَدْتَ، ظَنَنْتَ يَا عُمَرُ أَنَّهَا طِيَرَةٌ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُهُ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُهُ، وَلَكِنْ أُحِبُّ الفَأْلَ الحَسَنَ".
وَقَوْلُهُ: (لَا هَامَةَ)، قِيلَ: إِنَّهَا البُومَةُ، وَقِيلَ: غَيْرُهَا، كَانُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ يَتَشَاءَمُونَ مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ: (لَا نَوْءَ)، النَّوْءُ هُوَ النَّجْمُ، فَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ الشَّوْلَةِ مَثَلًا، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَلَقَ المَطَرَ، فَهَذَا كُفْرٌ أَكْبَرُ إِجْمَاعًا.
وَأَمَّا إِنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَبَبٌ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٌ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ سَبَبًا لَمْ يُثْبِتْهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا فِي نَوْءِ كَذَا، مَثَلًا فِي سَعْدِ السُّعُودِ؛ أَيْ: فِي وَقْتِهِ؛ فَجَائِزٌ، فَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: صلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُديْبِيَةِ في إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْل، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ "قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: "قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤمِنٌ بِي، وَكَافِرٌ، فأَمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمتِهِ، فَذلِكَ مُؤمِنٌ بِي كَافِرٌ بالْكَوْاكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذلكَ كَافِرٌ بِي مُؤمِنٌ بالْكَوْكَبِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ: (لَا غُولَ)، هُوَ جِنْسٌ مِنَ الجِنِّ الشَّيَاطِينِ، كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ فَتُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُهْلِكُهُمْ، فَنَفَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ أَبْطَلَ مُعْتَقَدَهُمْ فِيهَا.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا فَهَدَانَا، وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا، أَمَّا بَعْدُ: فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلَا صَفْرَ).
اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي المُرَادِ بِصَفَرٍ، فَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ، وَلَا غُولَ»، فَقِيلَ لِجَابِرٍ: كَيْفَ؟ قَالَ: كَانَ يُقَالُ دَوَابُّ الْبَطْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ رُؤْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ: هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي البَطْنِ تُصِيبُ المَاشِيَةَ وَالنَّاسَ، وَهِيَ أَعْدَى مِنَ الجَرَبِ عِنْدَ العَرَبِ. وَقَالَ آخَرُونَ: المُرَادُ بِهِ شَهْرُ صَفَرٍ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَمَّنْ سَمِعَهُ يَقُولُ: إِنَّ أَهْلَ الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرٍ، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ شَهْرٌ مَشْؤُومٌ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَلَعَلَّ هَذَا القَوْلَ أَشْبَهُ الأَقْوَالِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ»، قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ: فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِهَا: فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهَا وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَحَسَّنَ ابْنُ حَجَرٍ إِسْنَادَهُ.
وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ لَا الطِّيَرَةِ؛ فَالِاسْمُ الحَسَنُ يَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ، وَالاسْمُ السَّيِّئُ يَضِيقُ لَهُ الصَّدْرُ فِطْرَةً، دُونَ اعْتِقَادِ نَفْعٍ أَوْ ضُرٍّ.
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: "أَحْسَنُهَا الفَأْلُ، وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ، وَقَدْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «يَقُولُ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ». قَالَ الهَيْثَمِيُّ: "رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ"، وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنا مِنْهُ وَمَا لَمْ نعْلَمْ، وَنسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنسْتَعِيذُكَ مِمَّا اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَنسْأَلُكَ مَا قَضَيْتَ لَنَا مِنْ أَمْرٍ أَنْ تَجْعَلَ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا.
وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.