شرح الورقات في أصول الفقه المحلي

عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020

 
الكتاب: شرح الورقات في أصول الفقه
المؤلف: جلال الدين محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعي (المتوفى: 864هـ)
عدد الأجزاء: 1
 
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه
وسلم (1) وبعد (2).
هذه ورقات قليلة، تشتمل على معرفة (3) فصول (4) من أصول (5) الفقه، ينتفع بها المبتدئ وغيره.
_________
(1) هذه افتتاحية النسخة " أ "، وأما النسخة " ب " فتبدأ: (بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، قال الشيخ الإمام العالم العلامة علامة المحققين رحلة الفقهاء والأصوليين أبو عبد الله جلال الدين المحلي المصري الشافعي تغمده الله برحمته آمين).
وبداية النسخة " ج ": (بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين قال الشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن محمد بن أحمد الشافعي تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته آمين).
(2) ليست في " ب، ج ".
(3) ليست في " المطبوعة ".
(4) الفصول جمع فصل وهو كما قال الجرجاني في التعريفات ص 89 (قطعة من الباب مستقلة بنفسها منفصلة عما سواها). والتنوين في قوله: " فصولٍ " إما للتعظيم أو للتعميم لاحتواء هذه الورقات مع صغر حجمها على معظم مسائل علم أصول الفقه. التحقيقات ص87.
(5) ليست في "ج".
(1/65)
 
 
[تعريف أصول الفقه باعتباره مركباً إضافياً]
وذلك (1) أي لفظ أصول الفقه، مؤلف (2) من جزئين [أحدهما أصول والآخر الفقه] (3) مفردين (4) من الإفراد مقابل (5) التركيب (6) لا (7) التثنية (8) والجمع، والمؤلف يعرف بمعرفة ما ألف منه.
 
[تعريف الأصل]
فالأصل الذي هو [مفرد الجزء] (9) الأول ما يبنى (10) عليه غيره (11)
[كأصل الجدار أي أساسه وأصل الشجرة أي طرفها الثابت في الأرض.
_________
(1) ورد في " و" لفظ.
(2) مؤلف أي مركب. انظر شرح العبادي ص 6.
(3) ما بين المعكوفين ليس في " ب، هـ ".
(4) في " ج " مفردين الذي.
(5) في " هـ " المقابل.
(6) في " هـ " للتركيب.
(7) ليست في " ج ".
(8) ليست في " ب، هـ ".
(9) في " ب " الجزء مفرد وهو خطأ.
(10) في " ج، و، المطبوعة " بُنيَ.
(11) انظر تعريف الأصل في المعتمد 1/ 8، مختصر ابن الحاجب 1/ 25، فواتح الرحموت 1/ 8، البحر المحيط 1/ 15، شرح الكوكب المنير 1/ 38، بيان معاني البديع 1/ 1/92، إرشاد الفحول ص 3، الضياء اللامع 1/ 129، أصول الفقه لزهير 1/ 5، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 8 - 9.
(1/66)
 
 
[تعريف الفرع]
والفرع الذي (1) هو مقابل الأصل ما يبنى (2) على غيره] (3) كفروع (4) الشجرة لأصلها وفروع الفقه لأصوله (5).
_________
(1) ليست في " ج ".
(2) في " ج، و، المطبوعة " بُنيَ.
(3) ما بين المعكوفين ساقط من " ب ".
(4) في " ب " كفرع.
(5) في " ج " لأصله، وانظر تعريف الفرع في التعريفات ص89، التحقيقات ص 89، شرح العبادي ص 10، الحدود ص 71، المحصول 2/ 2/27، تيسير التحرير 3/ 276، شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 222، إرشاد الفحول ص 204.
(1/67)
 
 
[تعريف الفقه لغةً واصطلاحاً]
والفقه الذي هو الجزء الثاني، له معنى لغوي وهو الفهم (1).
ومعنى شرعي وهو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد (2)، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة (3)، (4) وأن الوتر مندوب (5)، ...
_________
(1) تعريف الفقه لغة: بالفهم هو رأي أكثر الأصوليين. قاله الآمدي وابن قدامة والشوكاني وغيرهم، وعرفه أبو الحسين البصري والإمام الرازي بأنه فهم غرض المتكلم من كلامه، وعرفه إمام الحرمين والجرجاني بأنه العلم، وهنالك تعريفات أخرى للفقه لغة، انظر التلخيص 1/ 105، الإحكام 1/ 6، روضة الناظر 2/ 7، إرشاد الفحول ص 3، المعتمد 1/ 8، المحصول 1/ 1/92، المصباح المنير 2/ 479، التعريفات ص 90، الإبهاج 1/ 28، البحر المحيط 1/ 19.
(2) عرّف إمام الحرمين الفقه اصطلاحا في البرهان 1/ 85 بأنه (العلم بأحكام التكليف). وعرّفه في التلخيص 1/ 105 (بأنه العلم بالأحكام الشرعية). وعرّفه في الورقات بما هو مذكور أعلاه وهو أجودها. انظر تعريف الفقه اصطلاحاً في: المعتمد 1/ 8، المستصفى 1/ 4، شرح العضد 1/ 25، المحصول 1/ 1/92، الإحكام 1/ 6، فواتح الرحموت 1/ 10، الحدود ص 35، بيان معاني البديع 1/ 1/96، نهاية الوصول 1/ 7، إرشاد الفحول ص 3.
(3) وهو مذهب جمهور الفقهاء وأما الحنفية فالنية عندهم سنة انظر المجموع 1/ 312، المغني 1/ 84، الذخيرة 1/ 240 - 241، جامع الأمهات ص 44، الاختيار 1/ 9.
(4) ورد في "ب" (في الحلي) وزيادتها خطأ، ولعل الناسخ انتقل بصره إلى كلمة واجبة الآتية عند قوله وغير واجبة في الحلي فنقل العبارة.
(5) وهو مذهب جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة، وقال أبو حنيفة: الوتر واجب. انظر بلغة السالك 1/ 137، جامع الأمهات ص 133، الحاوي الكبير 2/ 278، الفروع 1/ 537، الاختيار 1/ 54، بدائع الصنائع، 1/ 605 - 606. ...
(1/68)
 
 
وأن النية من الليل شرط في (1) صوم رمضان (2)، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي (3)، وغير (4) واجبة في الحلي المباح (5)، وأن القتل بمثقل يوجب القصاص (6)، ونحو ذلك من مسائل الخلاف، بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد، كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنا محرم، ونحو ذلك من المسائل (7) * القطعية (8) فلا يسمى فقهاً (9) فالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن (10).
_________
(1) ورد في " ب " كلمة (صحة).
(2) وهذا باتفاق الفقهاء. انظر بدائع الصنائع 2/ 229، الاختيار 1/ 127، جامع الأمهات ص 171، الشرح الكبير 1/ 520، مغني المحتاج 2/ 148 - 149، الحاوي الكبير 3/ 397، الإنصاف 1/ 293، التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح 1/ 450.
(3) وهو مذهب الجمهور وأما الحنفية فقالوا بعدم وجوب الزكاة في مال الصبي. انظر بداية المجتهد 1/ 225، مغني المحتاج 1/ 123، الفروع 2/ 318، بدائع الصنائع 2/ 79.
(4) في " ب " غير.
(5) وهو قول المالكية والشافعية في القول المعتمد عندهم وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة، وأما الحنفية فأوجبوا الزكاة في الحلي المباح وهو قول في مذهب الشافعية ورواية في مذهب الحنابلة. انظر المغني 3/ 41 - 42، بداية المجتهد 1/ 230، الشرح الكبير 1/ 460، المجموع 6/ 35 - 36، بدائع الصنائع 2/ 101، مغني المحتاج 2/ 95، جامع الأمهات ص 144.
(6) وهو مذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يجب القصاص بالقتل بمثقّل إلا مثقّل الحديد ونحوه، انظر بدائع الصنائع 6/ 272، فتح باب العناية 3/ 314، المغني 8/ 261، القوانين الفقهية ص 226، الشرح الكبير 4/ 242، مغني المحتاج 5/ 212.
(7) في " ج " مسائل.
* نهاية 2/أمن النسخة " أ ".
(8) في " ب " المعطفية وهو خطأ. والمقصود بالمسائل القطعية هي مسائل العلم الضروري الذي يشترك به العام والخاص وليس بحاجة إلى استدلال.
(9) لأن الفقه يكون عن نظرٍ واستدلال، انظر الأنجم الزاهرات ص 83.
(10) المراد بالظن هنا هو الظن الراجح، انظر شرح العبادي ص 16، حاشية الدمياطي ص 3.
(1/69)
 
 
[أقسام الحكم الشرعي]
والأحكام المرادة فيما ذكر سبعة (1): الواجب والمندوب والمباح والمحظور والمكروه والصحيح والباطل (2).
فالفقه العلم بالواجب والمندوب (3) إلى آخر السبعة.
أي بأن هذا الفعل واجب [وهذا مندوب] (4) وهذا مباح وهكذا إلى آخر جزيئات (5) السبعة.
_________
(1) ذكر إمام الحرمين في البرهان 1/ 308 أن الأحكام خمسة، ولم يذكر منها الصحيح ولا الباطل كما فعل هنا، وهو مذهب أكثر الأصوليين، ولعله أراد بقوله (الأحكام) ما يعم الحكمين التكليفي والوضعي، لأن الصحة والبطلان من الحكم الوضعي كما هو قول أكثر الأصوليين. انظر المستصفى 1/ 94، الإحكام 1/ 130، فواتح الرحموت 1/ 121، بيان معاني البديع 1/ 1/563، شرح الكوكب المنير 1/ 464، نزهة الخاطر 1/ 90، الضياء اللامع 1/ 180، أصول الفقه لأبي زهرة ص 64، الحكم الوضعي عند الأصوليين ص 172_ 174، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 57 فما بعدها.
(2) في " أ، ب، ج، هـ، ط " الفاسد وكذا وردت في شرح العبادي والمثبت هو الصواب وكذا ورد في المطبوعة وفي " و" وهو الموافق لشرحي التحقيقات والأنجم الزاهرات وهو الموافق لما سيأتي في كلام الشارح ص
(3) ورد في " ج " وهذا وهي زائدة.
(4) ما بين المعكوفين ليس في " ب ".
(5) ليست في " هـ ".
(1/70)
 
 
[تعريف الواجب]
فالواجب (1) * من حيث وصفه بالوجوب ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه (2).
ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره (3).
ويجوز أن يريد (4) ويترتب العقاب على تركه كما عبر به غيره فلا ينافي العفو (5).
_________
(1) الواجب لغةً بمعنى الساقط والثابت. انظر الصحاح 1/ 231، المصباح المنير 2/ 648.
* نهاية 1/أمن "ب".
(2) قوله: ما يثاب على فعله أخرج الحرام والمكروه والمباح فلا ثواب لفاعلها، وقوله: يعاقب على تركه أخرج المندوب فإن فاعله يثاب وتاركه لا يعاقب.
وقد عرّف إمام الحرمين الواجب في البرهان 1/ 310 بقوله أنه (الفعل المقتضي من الشارع الذي يلام تاركه شرعاً)، ونقض عدة تعريفات للواجب.
وعرّفه في التلخيص 1/ 163 بقوله (كل ما ورد الشرع بالذم بتركه من حيث هو ترك له).
وانظر في تعريف الواجب اصطلاحاً المعتمد 1/ 368، المستصفى 1/ 65 - 66، الإحكام 1/ 97، المحصول 1/ 1/117، شرح العضد 1/ 225، فواتح الرحموت 1/ 61، إرشاد الفحول ص 6، مذكرة أصول الفقه ص 9، الحكم التكليفي ص92، شرح مختصر الروضه 1/ 265، منتهى السول ص 23.
(3) قول الشارح (ويكفي في صدق ... عن غيره) جواب عن الاعتراض على تعريف الواجب بأنه غير جامع لخروج الواجب المعفو عن تركه، انظر شرح العبادي ص 24.
(4) أي المصنف - إمام الحرمين -.
(5) هذا هو الجواب الثاني عن الاعتراض على تعريف الواجب بأنه غير مانع. انظر شرح العبادي ص 25.
(1/71)
 
 
[تعريف المندوب]
والمندوب (1) من * حيث وصفه (2) بالندب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه (3).
_________
(1) المندوب لغة من الندب وهو الدعاء لأمر مهم ومنه قول الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
قال الفيومي: المندوب في الشرع والأصل المندوب إليه لكن حذفت الصلة منه لفهم المعنى. المصباح المنير 2/ 597، وانظر الصحاح 1/ 223، تاج العروس 2/ 424 - 427.
* نهاية 2/أمن " ج ".
(2) في " ب " وصف.
(3) قوله (ما يثاب على فعله) خرج بهذا القيد الممحظور والمكروه والمباح، فلا ثواب على فعلها. وقوله (ولا يعاقب على تركه) خرج بهذا القيد الواجب، فإن تاركه يعاقب. انظر الأنجم الزاهرات ص 89. ويسمى المندوب أيضاً نافلةً وسنةً ومستحباً وتطوعاً ومرغباً فيه. انظر شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 89، شرح الكوكب المنير 1/ 403، التحقيقات ص 105، الأنجم الزاهرات ص 89، إرشاد الفحول ص 6.
وقد عرّف إمام الحرمين المندوب في البرهان 1/ 310 بقوله (هو الفعل المقتضَى شرعاً من غير لوم على تركه).
وعرّفه في التلخيص 1/ 162 بقوله (هو الفعل المأمور به الذي لا يلحق الذم والمأثم شرعاً على تركه من حيث هو ترك له).
وانظر تعريف المندوب اصطلاحاً في أصول السرخسي 1/ 115، كشف الأسرار 2/ 311، تيسير التحرير 2/ 231، المحصول 1/ 1/128، الإحكام 1/ 119، شرح العضد 1/ 225، شرح تنقيح الفصول ص 71، شرح الكوكب المنير 1/ 402، شرح مختصر الروضه 1/ 353.
(1/72)
 
 
[تعريف المباح]
والمباح (1) من حيث وصفه (2) بالإباحة (3) ما لا يثاب على فعله (4) وتركه، ولا يعاقب على تركه (5)
وفعله (6) أي ما لا يتعلق بكل من فعله وتركه ثواب ولا عقاب (7).
_________
(1) المباح لغة من الإباحة يقال: باح الرجل ماله، أذن في الأخذ والترك وجعله مطلق الطرفين، المصباح المنير 1/ 65 وانظر لسان العرب 1/ 534، تاج العروس 4/ 17 - 18.
(2) ليست في " ج " وفي " ب " وصف.
(3) في " ب " بالمباح وهو خطأ.
(4) قوله (ما لا يثاب على فعله) خرج بهذا القيد الواجب والمندوب، لأن فاعلهما يثاب على فعلهما، وكذلك خرج الحرام والمكروه، لأن فاعلهما لا يثاب على فعلهما. انظر الأنجم الزاهرات ص 91، شرح العبادي ص 26.
(5) قوله (ولا يعاقب على تركه) خرج بهذا القيد الواجب فإن تاركه يعاقب. وقد عرّف إمام الحرمين المباح في البرهان 1/ 313 بقوله (هو ما خير الشارع فيه بين الفعل والترك من غير اقتضاء ولا زجر). وعرّفه في التلخيص 1/ 161 بقوله (ما ورد الإذن من الله في فعله وتركه من حيث هو ترك له من غير تخصيص أحدهما باقتضاء ذم أو مدح)، ثم قال (فهذا حدّ سديد إن شاء الله تعالى يميز المباح عن المحرمات والواجبات والمندوبات والمكروهات ويميزه أيضاً من الأفعال قبل ورود الشرائع). وانظر في تعريف المباح اصطلاحاً المستصفى 1/ 66، المحصول 1/ 1/128، المسودة ص 577، شرح تنقيح الفصول ص 71، فواتح الرحموت 1/ 113، الإحكام 1/ 175، التقرير والتحبير 2/ 143، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 107، أصول الفقه لشعبان ص 201.
(6) ليست في " أ ".
(7) قال الشارح: ذلك لرد ما قيل إن كلاً من الإثابة والمعاقبة على كل من فعل المباح وتركه أمر جائز، إذ له تعالى أن يفعل ما يشاء، حتى إثابة العاصي وتعذيب الطائع، فلا يصح نفي واحدة من الإثابة والمعاقبة. حاشية الدمياطي ص 4.
(1/73)
 
 
[تعريف المحظور]
والمحظور (1) من حيث (2) وصفه (3) بالحظر أي الحرمة ما يثاب على تركه (4) امتثالاً (5) ويعاقب على فعله (6).
_________
(1) المحظور مأخوذ من الحظر وهو المنع، والمحظور هو الحرام الذي هو ضد الحلال. لسان العرب 3/ 136، المصباح المنير 1/ 131 - 132.
(2) في " ج " هو.
(3) في " ب " وصف.
(4) قوله (ما يثاب على تركه) خرج بهذا القيد الواجب والمندوب والمباح، فلا يثاب تاركها انظر الأنجم الزاهرات ص 92، التحقيقات ص 110.
(5) قوله (امتثالاً) أي إذا تركه المكلف امتثالاً لنهي الشارع، وليس لأي داع آخر كأن يتركه لخوف مخلوق أو حياءً منه أو لعجز فلا يثاب على تركه لذلك، كما هو مذهب جمهور الأصوليين. انظر المستصفى 1/ 90، حاشية الدمياطي ص 4، التحقيقات ص 110، شرح العبادي ص 28.
(6) قوله (ويعاقب على فعله) خرج بهذا القيد الواجب والمندوب والمباح والمكروه، فإنه لا عقاب على فاعلها، وقد انطبق التعريف على المحظور لتحقق الصفتين وهما وجود الثواب على تركه ووجود العقاب على فعله. الأنجم الزاهرات ص 92.
وقد عرّف إمام الحرمين المحظور في البرهان 1/ 313 بقوله (فهو ما زجر الشارع عنه ولام على الإقدام عليه). وانظر في تعريف المحظور - الحرام - اصطلاحاً المستصفى 1/ 76، المحصول 1/ 1/127، الإحكام 1/ 113، البحر المحيط 1/ 255، الإبهاج 1/ 58، المنخول ص 137، شرح الكوكب المنير 1/ 386، روضة الناظر2/ 41، مرآة الأصول ص 281، الوجيز في أصول الفقه ص 41.
(1/74)
 
 
[ويكفي في صدق (1) العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره.
ويجوز أن يريد ويترتب العقاب على فعله كما عبر به غيره (2) فلا ينافي العفو] (3).
_________
(1) في " ج " ذلك.
(2) ليست في " ج ".
(3) ما بين المعكوفين ليس في " هـ، ط ".
قال العبادي: (وأورد على هذا التعريف أن العفو جائز واقع فيخرج عن التعريف الحرام المعفو عن فعله فلا يكون جامعاً وأجاب الشارح بجوابين: أحدهما: أنه يكفي صدق العقاب وتحققه على فعله وجوده لواحد مثلاً من العصاة بفعله مع العفو عن غيره منهم ولا ينافيه أن الفعل مفرد مضاف لمعرفة لما تقدم في نظيره ووجوده لواحد من العصاة لا يتخلف على ما تقدم.
والثاني: أنه يجوز أي يصح أن يريد المصنف بقوله ويعاقب على فعله وإن كان ظاهراً في وجود العقاب بالفعل معنى ويترتب العقاب أي استحقاقه، أو أراد بالترتب الاستحقاق على فعله بأن ينتهض فعله سبباً للعقاب كما أي حال كون هذا المعنى المراد مماثلاً لمعنى ما عبّر به أو حالة كون هذا اللفظ الذي أراد معناه مماثلاً للفظ الذي عبّر به غيره أي غير المصنف فلا ينافي حينئذ قوله ويعاقب على فعله العفو عن فاعله) شرح العبادي ص28 - 29.
(1/75)
 
 
[تعريف المكروه]
والمكروه (1) من حيث وصفه (2) بالكراهة، ما يثاب على * تركه (3) امتثالاً (4) ولا يعاقب على فعله (5).
_________
(1) المكروه لغة: مأخوذ من الكراهة وقيل من الكريهة وهي الشدة في الحرب والمكروه ضد المحبوب. لسان العرب 12/ 80، المصباح المنير 2/ 532.
(2) في "ب" وصف.
* نهاية 2/ب من " أ "
(3) قوله (ما يثاب على تركه) خرج بهذا القيد الواجب والمندوب والمباح، فلا يثاب تاركها انظر شرح العبادي ص 29، الأنجم الزاهرات ص 93.
(4) انظر تعليق رقم (5) من الصفحة قبل السابقة.
(5) قوله (ولا يعاقب على فعله) خرج بهذا القيد الحرام لأن فاعله يعاقب.
وتعريف المكروه بما ذكره إمام الحرمين يشمل ما كان طلب تركه بنهي مخصوص وما كان بنهي غير مخصوص كالنهي عن ترك المندوبات المستفاد من أوامرها وهو أصل الاصطلاح الأصولي وإن خالف بعض متأخري الفقهاء كالشارح فخصوا المكروه بالأول وسموا الثاني خلاف الأولى. انظر شرح العبادي ص 29 - 30.
وقد عرّف إمام الحرمين المكروه في البرهان 1/ 313 بقوله (ما زجر عنه ولم يلم على الإقدام عليه).
وأما في التلخيص فقد أبطل إمام الحرمين عدة تعريفات للمكروه عند الأصوليين ولم يرتضها ثم قال (فإذا بطلت هذه الأقسام لم يبق بعد بطلانها إلا المصير إلى أنه مندوب إلى تركه ومأمور بتركه غير ملوم على فعله). التلخيص 1/ 168 - 170.
وانظر تعريف المكروه اصطلاحاً في المستصفى 1/ 67، المحصول 1/ 1/131، الإحكام 1/ 122، الإبهاج 1/ 59، شرح الكوكب المنير 1/ 413، إرشاد الفحول ص 3، شرح العضد 1/ 225، البحر المحيط 1/ 296، الأنجم الزاهرات ص 93، التحقيقات ص 112.
(1/76)
 
 
[تعريف الصحيح]
والصحيح (1) من حيث (2) وصفه (3) بالصحة، ما يتعلق به النفوذ ويعتد به (4)، بأن استجمع ما يعتبر (5) فيه شرعاً، عقداً (6) كان أو عبادة (7).
_________
(1) الصحيح في اللغة مأخوذ من الصحة وهي ضد السقم. انظر تاج العروس 4/ 165، المصباح المنير 1/ 333.
(2) في " ج " هو.
(3) في " ب " وصف.
(4) قوله (ما يتعلق به النفوذ) النفوذ من نفذ السهم إذا بلغ المقصود من الرمي فالنفوذ من فعل المكلف. وقوله (ويعتد به) أي يوصف بالاعتداد والاعتداد من فعل الشارع. انظر شرح العبادي ص 30، التحقيقات ص 115، شرح الكوكب المنير 1/ 474 - 475.
وانظر تعريف الصحيح في الإحكام 1/ 130، المحصول 1/ 1/142، فواتح الرحموت 1/ 122، تيسير التحرير 2/ 235، شرح الكوكب المنير 1/ 465، شرح تنقيح الفصول ص 76، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 100، التلخيص 1/ 171.
(5) في " ج " يقرب.
(6) ليست في " ب ".
(7) الصحة في العبادات تعني الإجزاء وإسقاط القضاء. والصحة في المعاملات تعني ترتب أحكامها المقصودة بها عليها. انظر شرح الكوكب المنير 1/ 465، 467، الإحكام 1/ 130، فواتح الرحموت 1/ 122، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 100، شرح تنقيح الفصول ص76، تيسير التحرير 2/ 235، الحكم الوضعي عند الأصوليين ص 166، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 155.
(1/77)
 
 
[تعريف الباطل]
والباطل (1) من حيث وصفه (2) بالبطلان ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به (3)، بأن لم يستجمع ما يعتبر فيه شرعاً، عقداً كان أو عبادة (4).
والعقد يتصف بالنفوذ والاعتداد (5).
والعبادة تتصف (6) بالاعتداد (7) فقط (8) اصطلاحاً (9) *.
_________
(1) الباطل في اللغة من البطلان بمعنى فسد وسقط حكمه فهو باطل. الصحاح 4/ 1635، تاج العروس 14/ 56، المصباح المنير 1/ 52.
(2) في " ب " وصف.
(3) الباطل مقابل للصحيح بكل معانيه وانظر في تعريف الباطل اصطلاحاً المستصفى 1/ 95، المحصول 1/ 1/143، الإحكام 1/ 131، شرح العضد 2/ 7، شرح الكوكب المنير 1/ 473، شرح تنقيح الفصول ص 76، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 105.
(4) جمهور الأصوليين لم يفرقوا بين الباطل والفاسد سواء كان ذلك في العبادات أو في المعاملات، وأما الحنفية ففرقوا بينهما في المعاملات فالباطل ما لم يشرع بأصله ووصفه، والفاسد ما شرع بأصله دون وصفه، وأما في العبادات فوافق الحنفية الجمهور في عدم التفريق بين الباطل والفاسد. انظر تيسير التحرير 2/ 236، التوضيح 2/ 123، التقرير والتحبير 2/ 154، أصول السرخسي 1/ 86، البحر المحيط 1/ 320، شرح الكوكب المنير 1/ 473، التمهيد للإسنوي ص 59، الإحكام 1/ 131، الحكم الوضعي عند الأصوليين ص 184.
(5) فيقال عقد نافذ معتد به كعقد البيع إذا استجمع شروطه وانتفت موانعه.
(6) ليست في " ب ".
(7) فيقال عبادة معتدٌ بها ولا يقال عبادة نافذة.
(8) في " ب " فقد.
(9) قوله (اصطلاحاً) أي بحسب اصطلاح أهل الشرع أو بعضهم، شرح العبادي ص 31.
* نهاية 1/ب من " ب ".
(1/78)
 
 
[الفرق بين الفقه والعلم]
والفقه (1) بالمعنى الشرعي أخص من العلم (2) لصدق العلم بالنحو وغيره، فكل فقه علم، وليس كل علم فقهاً (3).
 
[تعريف العلم]
والعلم (4) معرفة المعلوم، أي إدراك ما من شأنه أن يعلم على ما
_________
(1) سبق تعريف الفقه لغةً واصطلاحاً ص 62 من هذا الكتاب.
(2) العلم لغةً اليقين ويأتي بمعنى المعرفة أيضاً وهو نقيض الجهل. لسان العرب 9/ 371، المصباح المنير 2/ 427.
(3) قوله (فكل فقه علم، وليس كل علم فقهاً) أي أن النسبة بين الفقه والعلم العموم والخصوص المطلق كما بين الإنسان والحيوان.
ويقال أيضاً كل فقيه عالم، وليس كل عالم فقيهاً، إذ القاعدة أنه كلما وجد الأخص وجد الأعم ولا عكس. انظر حاشية الدمياطي ص 4، شرح العبادي ص 32 - 34، الأنجم الزاهرات ص 97.
(4) اختلف العلماء في العلم هل يحدّ أم لا؟ فقال جماعة منهم: العلم لا يحدّ لعسره، وهو قول إمام الحرمين الجويني في البرهان والغزالي وغيرهما، وقال الإمام الرازي: العلم لا يحدّ لأنه ضروري.
وقال أكثر العلماء: العلم يحدّ، وهذا قول إمام الحرمين في الورقات وفي التلخيص. ...
انظر البرهان 1/ 119 - 122، التلخيص 1/ 108 - 109، المستصفى 1/ 25، شرح العضد 1/ 46، شرح الكوكب المنير 1/ 60 - 61، الإحكام 1/ 11، المفردات ص 343، الحدود ص 24، المسودة ص 575، المنخول ص 36 فما بعدها، المحصول 1/ 1/99 - 102، البحر المحيط 1/ 47، التعريفات ص 82، بيان معاني البديع 1/ 1/123 فما بعدها.
(1/79)
 
 
هو به في الواقع، كإدراك (1) الإنسان بأنه حيوان ناطق (2).
 
[تعريف الجهل وأقسامه]
والجهل (3) تصور الشيء، أي إدراكه على خلاف ما هو به (4) في الواقع (5)، كإدراك الفلاسفة أن العالم وهو ما سوى الله تعالى قديم.
وبعضهم وصف هذا الجهل بالمركب (6)، وجعل البسيط عدم العلم
بالشيء، كعدم
_________
(1) في " ب " لإدراك.
(2) انظر ما أورد على تعريف العلم من اعتراضات والجواب عنها في شرح العبادي ص 34 - 37، حاشية الدمياطي ص 4 - 5.
(3) الجهل في اللغة خلاف العلم. المصباح المنير 1/ 113.
(4) عرّف إمام الحرمين الجويني الجهل في البرهان 1/ 120 بقوله (الجهل عقد يتعلق بالمعتقد على خلاف ما هو به). وانظر تعريف الجهل اصطلاحاً في الحدود ص 29، البحر المحيط 1/ 71، شرح الكوكب المنير 1/ 77، التعريفات ص 43، المحصول 1/ 1/104، حاشية البناني على شرح جمع الجوامع 1/ 161، الكليات ص 350، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 1/ 545.
(5) هذا تعريف الجهل المركب.
(6) أطلق جماعة من العلماء على ما سبق الجهل المركب لأنه مركب من جهلين أحدهما: عدم العلم، والثاني: اعتقاد غير مطابق، فصاحب الجهل المركب جاهل بالحكم وجاهل بأنه جاهل، ولذلك قيل:
جهلت وما تدري بأنك جاهل ... ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري
وقيل أيضاً:
قال حمار الحكيم يوماً ... لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط ... وصاحبي جاهل مركب
(انظر حاشية الدمياطي ص 5، الأنجم الزاهرات ص 99، التحقيقات ص 127، شرح العبادي ص 39، شرح الكوكب المنير 1/ 77، شرح تنقيح الفصول 63.)
(1/80)
 
 
علمنا بما تحت الأرضين (1)، وبما في بطون البحار (2).
وعلى ما ذكره المصنف لا يسمى هذا (3) جهلاً (4).
 
[تعريف العلم الضروري]
والعلم الضروري (5) ما لم (6) يقع عن نظر واستدلال (7)، كالعلم الواقع بإحدى (8) الحواس الخمس الظاهرة، وهي (9)
_________
(1) في " ب " الأرض.
(2) انظر تعريف الجهل البسيط في البحر المحيط 1/ 72، التعريفات ص 43، حاشية البناني على شرح المحلي 1/ 161 - 162، شرح العبادي ص 39.
(3) ليست في " ج ".
(4) أي إن تعريف إمام الحرمين للجهل إنما هو للجهل المركب، وبناءً على ذلك لا يسمى عدم العلم بالشي جهلاً إذ لا يصدق عليه تصور الشيء لانتفاء تصوره مطلقاً. انظر شرح العبادي ص 39 - 40.
(5) قال أبو الوليد الباجي: وصف هذا العلم بأنه ضروري، معناه أنه يوجد بالعالمِ دون اختياره ولا قصده. الحدود ص 25.
(6) في " ج، هـ " لا.
(7) انظر تعريف العلم الضروري في شرح الكوكب المنير 1/ 66، البحر المحيط 1/ 58، الإحكام 1/ 12، المنخول ص 42، التعريفات ص 83، الكليات ص 610، 2/ 532، بيان معاني البديع 1/ 1/137.
(8) في " ب " بأحد وهو خطأ.
(9) في " ب " التي هي حاسة، وفي " المطبوعة " التي. ...
(1/81)
 
 
السمع والبصر واللمس والشم والذوق (1) فإنه يحصل بمجرد الإحساس بها (2) من غير نظر (3) واستدلال.
 
[تعريف العلم المكتسب]
وأما العلم (4) * المكتسب (5) فهو الموقوف على النظر والاستدلال (6)، كالعلم بأن العالم حادث (7)، فإنه موقوف على النظر (8) في ** العالم وما نشاهده (9) فيه من التغير (10)، فينتقل من تغيره إلى حدوثه.
_________
(1) ورد في " المطبوعة " أو التواتر، وفي " و" أو بالتواتر.
(2) ليست في " ج "، وفي " ب " بها لا.
(3) في " ج " ولا.
(4) في " و" والعلم.
* نهاية 3/أمن " أ ".
(5) العلم المكتسب يسمى أيضاً العلم النظري لأنه يقع بنظر واستدلال. وانظر تعريف العلم المكتسب في الإحكام 1/ 11، شرح الكوكب المنير 1/ 66، بيان معاني البديع 1/ 1/137، إرشاد الفحول ص 5، التعريفات ص 83، الحدود ص 25.
(6) في " ب " نظر واستدلال، وفي " و" ما يقع عن نظر واستدلال.
(7) قوله (العالم حادث) أي وجوده مسبوق بالعدم.
(8) في " ج " على النظر في النظر.
** نهاية 2/ب من " ج ".
(9) في " ب " يشاهد، وفي " هـ " نشاهد.
(10) في " ج " تغيره.
(1/82)
 
 
[تعريف النظر]
والنظر (1) هو الفكر (2) في حال المنظور فيه (3) ليؤدي إلى المطلوب (4).
 
[تعريف الاستدلال]
والاستدلال (5) طلب الدليل (6) ليؤدي إلى المطلوب فمؤدى النظر
_________
(1) يطلق النظر في اللغة معنى الانتظار، وبمعنى الرؤيا بالعين، وبمعنى الرأفة والرحمة، وبمعنى المقابلة، وبمعنى الفكر والاعتبار بالبصيرة. انظر لسان العرب 14/ 191، الصحاح 2/ 830، المفردات ص 497، بيان معاني البديع 1/ 1/116، الكليات ص 904، المفردات ص 497.
(2) الفكر هو حركة النفس في المعقولات، أو هو حركة النفس من المطالب إلى المبادئ ورجوعها منها إليها. انظر التحقيقات ص 135، شرح العبادي ص 44، التعريفات ص 99، الكليات ص 697، المفردات ص 384، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 3/ 52.
(3) عرّف إمام الحرمين النظر في البرهان 1/ 126 بقوله (أنه تردد في أنحاء الضروريات ومراتبها) وعرفه في التلخيص 1/ 123 بقوله (هو الفكر الذي يطلب به معرفة الحق في ابتغاء العلوم وغلبات الظنون)، وانظر في تعريف النظر اصطلاحاً الإحكام 1/ 10، شرح الكوكب المنير 1/ 57، شرح تنقيح الفصول ص429، البحر المحيط 1/ 42، إرشاد الفحول ص 5، المحصول 1/ 1/105، شرح العضد 1/ 46، نهاية الوصول 1/ 10، بيان معاني البديع 1/ 1/116.
(4) أي من علم أو ظن. انظر حاشية الدمياطي ص 5.
(5) في "ج" واستدلال.
(6) عرّف إمام الحرمين الاستدلال في التلخيص 1/ 119 بقوله (فإن قيل فما الاستدلال؟ قيل هو يتردد بين البحث والنظر في حقيقة المنظور فيه وبين مسألة السائل عن الدليل. وانظر تعريف الاستدلال اصطلاحاً في الحدود ص 41، التعريفات ص 12. ...
(1/83)
 
 
والاستدلال واحد (1) فجمع المصنف * بينهما في الإثبات والنفي تأكيداً (2).
 
[تعريف الدليل]
والدليل (3) هو المرشد إلى المطلوب، لأنه علامة عليه.
_________
(1) قول الشارح (فمؤدى النظر والاستدلال واحد) أي ما يؤديان إليه ويفيدانه واحد وهو علم المطلوب أو ظنه فأحدهما يغني عن الآخر، فجمع المصنف بينهما في الإثبات بقوله فهو الموقوف على النظر والاستدلال، وفي النفي بقوله ما لم يقع عن نظر واستدلال لأجل التأكيد. انظر شرح العبادي ص 46.
* نهاية 2/أمن " ب ".
(2) في " هـ " تأكيد.
(3) الدليل لغةً ما يستدل به، والدليل الدال. انظر لسان العرب 4/ 394.
وتعريف الدليل الذي ذكره إمام الحرمين هنا إنما هو تعريفه لغةً، وقال الجرجاني: الدليل في اللغة هو المرشد وما به الإرشاد. التعريفات ص 55.
وأما الدليل اصطلاحاً فهو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري. والمطلوب الخبري يشمل القطع والظن وهذا مذهب أكثر الفقهاء والأصوليين. وقال أبو الحسين البصري وبعض المتكلمين: ما أفاد القطع يسمى دليلاً وما أفاد الظن يسمى أمارةً.
وانظر في تعريف الدليل اصطلاحاً التلخيص 1/ 115، الحدود ص 38، الإحكام 1/ 9، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 124 - 125، شرح العضد 1/ 36، شرح الكوكب المنير 1/ 52، المعتمد 1/ 10، المحصول 1/ 1/106، البحر المحيط 1/ 35 - 36، تيسير التحرير 1/ 33، نهاية الوصول 1/ 9، شرح العبادي ص 48.
(1/84)
 
 
[تعريف الظن]
والظن (1) تجويز أمرين أحدهما أظهر (2) من (3) الآخر (4) عند المجوز.
 
[تعريف الشك]
والشك (5) تجويز أمرين لا مزية لأحدهما (6) على (7)
_________
(1) الظن في اللغة يستعمل بمعنى الشك واليقين إلا أنه ليس بيقين عيان إنما هو يقين تدبر، ومن استعماله بمعنى اليقين قوله تعالى (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) سورة البقرة آية 249، أي يوقنون، وانظر لسان العرب 8/ 271، المصباح المنير 2/ 386، الكليات ص 588.
(2) في " هـ " الأظهر.
(3) ليست في " ج ".
(4) انظر في تعريف الظن اصطلاحاً اللمع ص 48، الحدود ص 30، التعريفات ص 77، بيان معاني البديع 1/ 1/137، تيسير التحرير 1/ 26، شرح العضد 1/ 61، المحصول 1/ 1/101، البحر المحيط 1/ 74.
(5) الشك في اللغة خلاف اليقين، قال الفيومي: (فقولهم خلاف اليقين هو التردد بين شيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر قال الله تعالى (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) قال المفسرون أي غير مستيقن وهو يعم الحالتين. وقال الأزهري في موضع من التهذيب: الظن هو الشك وقد يجعل بمعنى اليقين، ففسر كل واحد بالآخر وكذلك قال جماعة، وقال ابن فارس: الظن يكون شكاً ويقيناً) المصباح المنير 1/ 320.
(6) في " ب " أحدهما.
(7) في " ب " عن. ...
(1/85)
 
 
الآخر (1) عند المجوز، فالتردد في قيام زيد ونفيه على السواء شك، ومع رجحان الثبوت أو الانتفاء (2) ظن (3).
_________
(1) انظر تعريف الشك اصطلاحاً في اللمع ص 48، التعريفات ص 68، الحدود ص 29، شرح العضد 1/ 1/61، شرح الكوكب المنير 1/ 74، المحصول 1/ 1/101، بيان معاني البديع 1/ 1/137، إرشاد الفحول ص 5، الكليات ص 528.
(2) في "ب" والانتفاء.
(3) والمرجوح المقابل للراجح هو الوهم عند الأصوليين. انظر شرح العضد 1/ 61، المحصول 1/ 1/101، شرح الكوكب المنير 1/ 74، 76، البحر المحيط 1/ 80، إرشاد الفحول ص5.
(1/86)
 
 
[تعريف أصول الفقه باعتباره عَلَمَاً]
وأصول الفقه (1) الذي وضع فيه هذه الورقات (2) طرقه، أي طرق الفقه على سبيل الإجمال كمطلق الأمر والنهي وفعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والإجماع والقياس والاستصحاب، من حيث البحث عن أولها بأنه للوجوب والثاني بأنه للحرمة والباقي بأنها حجج وغير ذلك مما سيأتي مع ما يتعلق به بخلاف طرقه على سبيل التفصيل نحو {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (3) {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} (4) (وصلاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الكعبة) كما أخرجه * الشيخان (5).
_________
(1) ورد في " المطبوعة " وعلم أصول الفقه.
(2) عرّف إمام الحرمين أصول الفقه بأنه الأدلة في كتابيه البرهان 1/ 85 والتلخيص 1/ 106 وتعريفه في الورقات موافق لما في البرهان والتلخيص وهو يفيد أن أصول الفقه باعتباره علماً هو نفس الأدلة وعلى هذا أبو إسحاق الشيرازي والإمام الرازي والآمدي وابن قدامة وغيرهم، وعرّفه ابن الحاجب والبيضاوي بأنه العلم بالأدلة، وذهب الزركشي إلى أنه لا خلاف بين القولين لأنهما لم يتواردا على محل واحد. انظر تفصيل ذلك في البحر المحيط 1/ 24 - 25، اللمع ص 52، الإحكام 1/ 7، المحصول 1/ 1/94، الإبهاج 1/ 19، روضة الناظر 2/ 7، مختصر المنتهى 1/ 18، الوصول إلى الأصول 1/ 51، نثر الورود 1/ 33.
(3) سورة البقرة الآية 43.
(4) سورة الإسراء الآية 32.
* نهاية 3/ب من " أ ".
(5) رواه البخاري في كتاب الصلاة، صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 2/ 46، وقد رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه، ورواه مسلم أيضاً، صحيح مسلم مع شرح النووي 3/ 451.
والشيخان هما البخاري ومسلم. والبخاري هو محمد بن إسماعيل بن المغيرة، أبو عبد الله البخاري، الإمام الحافظ المحدّث صاحب الجامع الصحيح المشهور بصحيح البخاري، وله كتاب الأدب المفرد، وكتاب التاريخ وغير ذلك، توفي سنة 256 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 12/ 371، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 67، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 212.
ومسلم هو مسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسين الإمام الحافظ المحدّث صاحب الصحيح وله كتاب العلل، وكتاب الكنى، وكتاب أوهام المحدثين، توفي سنة 261 هـ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 12/ 557، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 89، البداية والنهاية 11/ 36.
(1/87)
 
 
والإجماع على أن لبنت الابن السدس مع بنت الصلب حيث لا عاصب (1) لهما (2).
وقياس الأرز على البر في امتناع بيع بعضه ببعض، إلا مثلاً بمثل يداً بيد، كما رواه مسلم (3).
واستصحاب الطهارة لمن شك في بقائها، فليست من أصول الفقه (4) وإن ذكر بعضها في كتبه تمثيلاً.
وكيفية الاستدلال بها (5)
_________
(1) في " هـ " معصب.
(2) انظر المغني 6/ 273 حيث نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك.
(3) روى مسلم عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، صحيح مسلم بشرح النووي 4/ 198.
(4) هذه من طرق الفقه وليست من طرق أصول الفقه كما أشار الشارح حيث إن طرق أصول الفقه إجمالية كلية وطرق الفقه تفصيلية فرعية.
(5) ورد في " و" (وما يتبع ذلك ومعنى قولنا كيفية الاستدلال بها يعني ترتيب الأدلة في التقديم والتأخير وما يتبع ذلك من أحكام المجتهدين) وقد وردت هذه الزيادة أيضاً ضمن المتن في شرح الأنجم الزاهرات، ويظهر لي أنها ليست من أصل الورقات حيث لم ترد في أي من نسخ شرح المحلي ولا شرح التحقيقات ولا شرح العبادي ومما يؤكد ذلك أن المارديني صاحب الأنجم الزاهرات لم يشرح هذه العبارة ولم يتنبه محققه لذلك. انظر الأنجم الزاهرات ص 105، التحقيقات ص 145، شرح العبادي ص 50 - 51، حاشية الدمياطي ص 6.
(1/88)
 
 
أي بطرق (1) الفقه من حيث تفصيلها (2) عند (3) تعارضها لكونها ظنية (4) من تقديم الخاص على العام (5) والمقيد على المطلق وغير ذلك.
وكيفية الاستدلال (6) بها تجر إلى صفات من يستدل بها وهو المجتهد.
فهذه الثلاثة * هي الفن المسمى بأصول الفقه لتوقف الفقه عليه.
_________
(1) في " هـ " طرق. ...
(2) قوله (تفصيلها) أي تعيينها وتعلقها بحكم معين. انظر شرح العبادي ص 55، حاشية الدمياطي ص 6.
(3) في " ج " عن.
(4) إنما وقع التعارض فيها لكونها ظنية لأن التعارض لا يقع في القطعيات، انظر المصدرين السابقين.
(5) في " ج " العالَم وهو خطأ.
(6) في " ب " الإستدال وهو خطأ.
* نهاية 3/ب من " ب ".
(1/89)
 
 
[أبواب أصول الفقه]
وأبواب أصول الفقه (1) أقسام الكلام والأمر والنهي والعام والخاص ويذكر فيه المطلق والمقيد والمجمل والمبين والظاهر، وفي بعض النسخ (2) والمؤول (3) * وسيأتي.
والأفعال (4) والناسخ والمنسوخ والإجماع والأخبار والقياس والحظر والإباحة وترتيب الأدلة وصفة المفتي والمستفتي وأحكام المجتهدين.
_________
(1) ورد في " و" ومن أبواب أصول الفقه.
(2) قول الشارح (وفي بعض النسخ والمؤول) لفظة المؤول وردت في بعض نسخ الورقات دون بعض، فلم ترد في نسخة "ص" ولكن إثباتها هو الصواب لأن إمام الحرمين ذكر المؤول فيما بعد لذا قال الشارح (وسيأتي)، أي المؤول في كلام المصنف فالمناسب التصريح بعدِّه هنا كغيره. وانظر شرح العبادي ص 57، حاشية الدمياطي ص 7.
(3) في " ب " والأول وهو خطأ.
* نهاية 3/أمن " ج ".
(4) ورد في " و" والأقوال وزيادتها خطأ.
(1/90)
 
 
[أقسام الكلام باعتبار ما يتركب منه]
فأما أقسام الكلام (1) فأقل ما يتركب (2) منه الكلام اسمان نحو زيد قائم أو اسم وفعل نحو قام زيد (3) أو فعل وحرف (4) نحو ما قام.
أثبته بعضهم ولم يعد الضمير في قام الراجع إلى زيد * مثلاً لعدم ظهوره (5).
والجمهور على عدِّه (6) كلمة (7).
_________
(1) قسّم إمام الحرمين الكلام بثلاثة اعتبارات: الأول: باعتبار ما يتركب منه. الثاني: باعتبار مدلوله. الثالث: باعتبار استعماله. وسيأتي تفصيل ذلك.
والكلام عند النحاة هو المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام. التعريفات ص 98، وقال ابن عقيل: الكلام المصطلح عليه عند النحاة عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها.
وأما الكلام في اصطلاح اللغويين فهو اسم لكل ما يتكلم به مفيداً كان أو غير مفيد. انظر شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 14 - 15، المحصول 1/ 1/236، بيان معاني البديع 1/ 1/521، شرح مختصر الروضة 1/ 547، الإحكام 1/ 72، شرح العضد 1/ 125.
(2) في " ب " تركب، وفي " ج " يترب وهو خطأ.
(3) لا خلاف بين العلماء أن أقل ما يتركب منه الكلام اسمان أو اسم وفعل كما قال إمام الحرمين، وانظر شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 14، شرح الكوكب المنير 1/ 117.
(4) ليست في " و".
* نهاية 4/أمن " أ ".
(5) لأن الضمير المستتر إنما هو صورة عقلية لا تحقيق له في الخارج. انظر شرح العبادي ص 58، حاشية الدمياطي ص 7.
(6) في " ب " هذه وهو خطأ.
(7) اختلف العلماء هل يتركب الكلام من فعل وحرف نحو ما قام، فأثبته بعضهم كما قال الشارح وعليه مشى إمام الحرمين وهو قول عبد القاهر الجرجاني أيضاً.
وذهب الجمهور إلى عدم إثباته، قال الآمدي (ولا يتركب الكلام من الاسم والحرف فقط ولا من الأفعال وحدها ولا من الحروف ولا من الأفعال والحروف) الإحكام 1/ 72، وانظر التحقيقات ص 150، شرح مختصر الروضة 1/ 549 - 550، الأنجم الزاهرات ص 108، شرح الكوكب المنير 1/ 117، الكليات ص 756 - 758.
(1/91)
 
 
أو اسم (1) وحرف (2)، وذلك في النداء نحو يا زيد وإن كان المعنى أدعو أو (3) أنادي (4) زيداً (5).
_________
(1) في " ب " قام وهو خطأ.
(2) في " ج " حروف وهو خطأ.
(3) في " ج " و.
(4) في " ب " نادي.
(5) يرى إمام الحرمين أن الكلام يتركب من اسم وحرف لأن حرف النداء بمعنى أدعو، وقوله هذا على خلاف مذهب جمهور العلماء، انظر المصادر السابقة في هامش رقم (7).
(1/92)
 
 
[أقسام الكلام باعتبار مدلوله]
والكلام ينقسم إلى أمر ونهي نحو قم ولا تقعد.
وخبر (1) نحو جاء زيد.
واستخبار وهو الاستفهام (2) نحو هل قام زيد؟ فيقال: نعم أو لا.
[وينقسم أيضاً (3)
إلى تمنٍ (4)] (5) ...
_________
(1) سيأتي تعريف الأمر والنهي والخبر في كلام المصنف إن شاء الله.
(2) قال الجرجاني (الاستفهام استعلام ما في ضمير المخاطب وقيل هو طلب حصول صورة الشيء في الذهن فإن كانت تلك الصورة وقوع نسبة بين الشيئين أو لا وقوعها فحصولها هو التصديق وإلا هو التصور) التعريفات ص 12.
(3) قول إمام الحرمين (وينقسم أيضاً إلى تمنِ وعرض وقسم) هذه العبارة لم ترد في بعض نسخ الورقات كنسخة " و"، وقد أشار صاحب التحقيقات إلى ذلك بقوله (وفي بعض النسخ قوله: وتمنٍ وعرض وقسم) التحقيقات ص 158.
وقد ذكر العبادي توجيه هذا التقسيم بقوله (وينقسم الكلام أيضاً كما انقسم إلى ما تقدم وإنما أعاد الفعل مع أن ما قبله وما بعده تقسيم واحد فكان ينبغي أن يقتصر على قوله وإلى تمنٍ ... الخ، إشارة إلى أن منهم من اقتصر على تقسيمه إلى ما تقدم وأنه يزاد عليه انقسامه أيضاً إلى هذه المذكورات كما يدل على ذلك كلام البرهان وهذا من دقائق هذه المقدمة) شرح العبادي ص 61، ويقصد بالمقدمة الورقات.
وكلام البرهان الذي أشار إليه العبادي هو ما قاله إمام الحرمين في أقسام الكلام الأمر والنهي والخبر والاستخبار ثم اعترض على ما زاده المتأخرون على هذه الأقسام ثم ارتضى إمام الحرمين تقسيم الكلام إلى طلب ويشمل الأمر والنهي، وخبر ويشمل التعجب والقسم، والاستخبار ويشمل الاستفهام والعرض والتنبيه ويشمل التلهف والتمني والترجي والنداء. انظر البرهان 1/ 196 - 198. ...
(4) التمني هو طلب حصول الشيء سواء كان ممكناً أو ممتنعاً. التعريفات ص 35، وانظر
شرح العبادي ص 61، حاشية الدمياطي ص 7.
(5) ما بين المعكوفين ليس في " و".
(1/93)
 
 
نحو ليت الشباب يعود (1).
وعرض (2) نحو (3) ألا تنزل عندنا.
وقسم (4) نحو والله لأفعلن كذا.
_________
(1) ورد في " هـ " يوماً.
(2) ليست في " و". والعرض من العَرَض، قال الجوهري (وعرضت عليه كذا وعرضت له الشيء أي أظهرته له وأبرزته إليه) الصحاح 3/ 1082
(3) ليست في " ب "
(4) ليست في " و". والقسم هو اليمين. الصحاح 5/ 2011
(1/94)
 
 
[أقسام الكلام باعتبار استعماله]
[ومن وجه آخر (1) ينقسم إلى حقيقة ومجاز.
 
[تعريف الحقيقة]
فالحقيقة (2) ما بقي في الاستعمال] (3) على موضوعه.
وقيل ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة (4)، وإن لم
_________
(1) وهو باعتبار الاستعمال.
(2) الحقيقة لغةً مشتقة من الحقّ والحقّ هو الثابت اللازم، ويقال أيضاً حقيقة الشيء أي ذاته الثابتة اللازمة. لسان العرب 3/ 256 - 258، تاج العروس 13/ 81 - 83.
(3) ما بين المعكوفين ليس في " ج "، وعبارة (في الاستعمال) لم ترد في " و".
(4) عرّف إمام الحرمين الحقيقة في التلخيص 1/ 184 بقوله (فإذا قلنا هذه العبارة حقيقة في هذا المعنى، فمعناه أنها مستعملة فيما وضعت في أصل اللغة له) والتعريف الأول ذكر نحوه الغزالي وابن الحاجب وابن السبكي وابن النجار وأبو عبد الله البصري والجرجاني وغيرهم وأما التعريف الثاني فقال عنه الإمام الرازي بأنه أحسن ما قيل في حدّ الحقيقة، ونسبه لأبي الحسين البصري، فهو مختار أبي الحسين والإمام الرازي والآمدي والبيضاوي وغيرهم.
وانظر تعريف الحقيقة اصطلاحاً في المستصفى 1/ 341، الإحكام 1/ 26، شرح المحلي 1/ 300، شرح العضد 1/ 138، المعتمد 1/ 16 - 17، التعريفات ص 48، فتح الغفّار 1/ 117، فواتح الرحموت 1/ 203، شرح ابن ملك على المنار ص 370، المحصول 1/ 1/397، إرشاد الفحول ص 21، البحر المحيط 2/ 152، نهاية السول 1/ 196، شرح الكوكب المنير 1/ 149، وقد فصلت الكلام على تعريف الحقيقة اصطلاحاً في رسالتي الحقيقة والمجاز في الكتاب والسنة ص 3 - 16.
(1/95)
 
 
يبق على موضوعه
كالصلاة في الهيئة (1) المخصوصة، فإنه لم يبق على موضوعه (2) اللغوي، وهو الدعاء بخير (3).
والدابة لذات الأربع كالحمار، فإنه لم يبق على موضوعه (4)، وهو كل ما يدب على الأرض (5).
 
[تعريف المجاز]
والمجاز (6) ما تجوز أي تعدي به عن موضوعه (7) هذا على المعنى (8) الأول للحقيقة.
_________
(1) نهاية 4/أمن "ب".
(2) في "ج" موضعه وهو خطأ.
(3) قال الإمام النووي (الصلاة في اللغة الدعاء هذا قول جماهير العلماء من أهل اللغة والفقه وغيرهم وسميت الصلاة الشرعية صلاةً لاشتمالها عليه) تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/179، وانظر المصباح المنير 1/ 346، أنيس الفقهاء ص 67.
(4) في "ج" موضعه وهو خطأ.
(5) التعريف الثاني للحقيقة يشمل الحقيقة الشرعية والعرفية عامةً كانت أو خاصة، فهذه تسمى حقيقة وإن لم تبق في الاستعمال على أصل ما وضعت له. انظر شرح العبادي ص 65 - 66.
(6) المجاز مشتق من الجواز وهو العبور والتعدي. لسان العرب 2/ 416، تاج العروس 8/ 34
وقد عرّف إمام الحرمين المجاز في التلخيص 1/ 185 بقوله (ما استعمل في غير ما وضع له في أصل وضع اللغة)، وبمثل تعريفه للمجاز في الورقات عرّفه أبو عبد الله البصري كما في المعتمد 1/ 17، وأبو إسحاق الشيرازي في اللمع ص 59.
(7) في " ج " موضعه وهو خطأ.
(8) في " ب " معنى.
(1/96)
 
 
وعلى الثاني هو ما استعمل (1) في غير ما اصطلح عليه من المخاطبة (2).
_________
(1) في " ج " يستعمل.
(2) انظر تعريف المجاز اصطلاحاً في المستصفى 1/ 341، المحصول 1/ 1/397، الإحكام 1/ 28، شرح العضد 1/ 141، فتح الغفّار 1/ 18، حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 305، شرح تنقيح الفصول ص 44، فواتح الرحموت 1/ 203، شرح الكوكب المنير 1/ 154، بيان معاني البديع 1/ 1/211، معراج المنهاج 1/ 219، وقد فصلت الكلام على تعريف المجاز اصطلاحاً في رسالتي الحقيقة والمجاز في الكتاب والسنة ص 76 - 81.
(1/97)
 
 
[أقسام الحقيقة]
والحقيقة إما (1) لغوية (2) بأن وضعها أهل اللغة (3) كالأسد للحيوان (4) المفترس.
وإما شرعية (5) بأن وضعها الشارع كالصلاة للعبادة المخصوصة (6).
وإما عرفية (7)
_________
(1) ورد في " و" إما أن تكون.
(2) الحقيقة اللغوية هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة. انظر المحصول 1/ 1/409، الإحكام 1/ 27، البحر المحيط 2/ 158، إرشاد الفحول ص 21، شرح الكوكب المنير 1/ 149، بيان معاني البديع 1/ 1/210، الحقيقة والمجاز في الكتاب والسنة ص 16.
(3) في " ج " الفقه وهو خطأ.
(4) في " ج " الحيوان.
(5) الحقيقة الشرعية عرّفها الإمام الرازي بأنها اللفظة التي استفيد من الشرع وضعها للمعنى. المحصول 1/ 1/414، وانظر أيضاً الإحكام 1/ 27، المعتمد 1/ 24، شرح تنقيح الفصول ص 23، البحر المحيط 2/ 158، شرح الكوكب المنير 1/ 150، بيان معاني البديع 1/ 1/210، الحقيقة والمجاز ص 17.
(6) اختلف الأصوليون في وقوع الحقيقة الشرعية، فأنكر وقوعها القاضي أبو بكر الباقلاني وابن القشيري، وأثبت وقوعها جمهور الأصوليين، انظر تفصيل ذلك في شرح المحلي 1/ 302، البرهان 1/ 175، شرح تنقيح الفصول ص 43، إرشاد الفحول ص 22، فواتح الرحموت 1/ 222، حاشية الجرجاني على شرح العضد 1/ 165، المسودة ص 561، الإحكام 1/ 27، المحصول 1/ 1/414، معراج المنهاج 1/ 221، الحقيقة والمجاز ص 20 فما بعدها.
(7) انظر في الحقيقة العرفية العامة والخاصة المحصول 1/ 1/410، الإحكام 1/ 22، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 2/745، المعتمد 1/ 27، شرح الكوكب المنير 1/ 150، البحر المحيط 2/ 156، الحقيقة والمجاز ص 72 - 74.
(1/98)
 
 
بأن وضعها أهل العرف العام
كالدابة (1) لذات الأربع كالحمار، وهي لغة لكل ما يدب على (2) الأرض.
أو (3) الخاص (4) كالفاعل للاسم المرفوع (5)
_________
(1) نهاية 4/ب من " أ "
(2) ليست في "ج".
(3) في " ج، هـ " و.
(4) العرف الخاص هو المنسوب لطائفة معينة كالنحاة. انظر شرح العبادي ص 70، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 2/ 493.
(5) في " أ، ب، ج " المعروف.
(1/99)
 
 
عند النحاة.
وهذا التقسيم ماشٍ على التعريف الثاني للحقيقة دون الأول القاصر على اللغوية.
 
[أقسام المجاز]
والمجاز إما أن يكون بزيادة أو نقصان أو نقل أو (1) استعارة، فالمجاز بالزيادة (2) مثل قوله تعالى {ليَسَ كَمِثْلِهِ شيىء} (3)، فالكاف زائدة (4) وإلا فهي بمعنى مثل فيكون له تعالى مثل وهو محال، والقصد بهذا الكلام نفيه.
والمجاز بالنقصان (5) مثل قوله تعالى {وَاسألِ القَرْيَةَ} (6)
_________
(1) في " ج " و.
(2) انظر تفصيل الكلام على المجاز بالزيادة في البرهان 2/ 274، التلخيص 1/ 186، شرح المحلي 1/ 317، الإبهاج 1/ 35، المعتمد 1/ 13، شرح العضد 1/ 167، شرح الكوكب المنير 1/ 169.
(3) سورة الشورى الآية 11.
(4) هذا على قول المثبتين للمجاز في القرآن الكريم وهم أكثر العلماء، ونفاه آخرون منهم أبو بكر بن داود الظاهري، وابن القاص من الشافعية، وابن خويز منداد من المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، ومن المحدثين العلامة محمد الأمين الشنقيطي، انظر تفصيل ذلك في رسالتي الحقيقة والمجاز في الكتاب والسنة ص 116 - 135.
وقد أجاب نفاة المجاز عن قوله تعالى: (ليَسَ كَمِثْلِهِ شيىء) أنه لا مجاز زيادة فيها، لأن العرب تطلق المثل وتريد به الذات، فهو أسلوب من أساليب اللغة العربية، وهو حقيقة في محله كقول العرب مثلك لا يفعل هذا، يعنون لا ينبغي لك أنت تفعل هذا. انظر منع جواز المجاز في المنزّل للتعبد والإعجاز ص 253.
(5) انظر تفصيل الكلام على المجاز في النقصان في البرهان 2/ 274، المحصول 1/ 1/400، المستصفى 1/ 342، البحر المحيط 2/ 208، شرح الكوكب المنير 1/ 175، الإبهاج 1/ 307
(6) سورة يوسف الآية 82.
(1/100)
 
 
أي أهل (1) * القرية (2).
وقَرُب صدق تعريف المجاز على ما ذكر بأنه استعمل نفي مثل المثل في نفي المثل وسؤال القرية في سؤال أهلها (3).
والمجاز بالنقل (4) كالغائط فيما يخرج من الإنسان نقل إليه عن حقيقته وهي المكان المطمئن [من الأرض] (5) تقضى فيه الحاجة بحيث لا يتبادر منه (6) عرفاً إلا (7) الخارج (8).
والمجاز بالاستعارة (9) كقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ
_________
(1) في " و" أي أهلها.
* نهاية 3/ب من " ج ".
(2) وقد أجاب نفاة المجاز عن قوله تعالى (واسأل القرية) من وجهين: الأول: إن إطلاق القرية وإرادة أهلها من أساليب اللغة العربية.
الثاني: إن المضاف المحذوف كأنه مذكور لأنه مدلول عليه بالاقتضاء، وتغيير الإعراب عند الحذف من أساليب اللغة العربية أيضاً، منع جواز المجاز في المنزّل للتعبد والإعجاز ص 252.
(3) قارن ما قاله الشارح هنا بما قاله في شرحه على جمع الجوامع 1/ 318 - 319.
(4) انظر تفصيل الكلام على المجاز بالنقل في المعتمد 1/ 13، الإبهاج 1/ 307، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 317، البحر المحيط 2/ 209، التحقيقات ص 180، الأنجم الزاهرات ص 114، شرح العبادي ص 75.
(5) ما بين المعكوفين ليس في " ب ".
(6) ورد في " ب " إلى الذهن.
(7) في " هـ " لا، وورد في " أ، ب " بعدها كلمة إلى وزيادتها خطأ.
(8) انظر لسان العرب 10/ 145، المصباح المنير 2/ 457.
(9) انظر تفصيل الكلام على المجاز بالاستعارة في البحر المحيط 2/ 200، الإبهاج 1/ 302، المحصول 1/ 1/451، شرح العبادي ص 76، حاشية الدمياطي ص 9، التحقيقات ص 181، الأنجم الزاهرات ص 114.
(1/101)
 
 
أَنْ يَنْقَضَّ} (1) أي يسقط فشبه ميله إلى السقوط [بإرادة السقوط] (2) التي هي من صفات الحي دون الجماد (3).
والمجاز المبني على التشبيه يسمى استعارة (4).
_________
(1) سورة الكهف الآية 77.
(2) ما بين المعكوفين ليس في " ب ".
(3) وقد أجاب نفاة المجاز عن قوله تعالى: (جداراً يريد أن ينقضّ) بأنه لا مانع من حمله على حقيقة الإرادة المعروفة في اللغة، لأن الله تعالى يعلم للجمادات ما لا نعلمه لها، كما قال تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) سورة الإسراء الآية 44، وقد ثبت في صحيح البخاري حنين الجذع الذي كان يخطب عليه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وثبت في صحيح مسلم أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال (إني أعرف حجراً كان يسلم عليَّ في مكة ... ) فلا مانع من أن يعلم الله من ذلك الجدار إرادة الانقضاض. منع جواز المجاز ص 252.
(4) الاستعارة مجاز علاقته المشابهة. انظر شرح العبادي ص 76، التعريفات ص 13، حاشية الدمياطي ص 9.
(1/102)
 
 
[تعريف الأمر وبيان دلالة صيغة إفعل]
والأمر (1) استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه على سبيل * الوجوب (2)، فإن كان الاستدعاء من المساوي سمي (3) التماساً أو (4) من الأعلى (5) سمي سؤالاً (6) **، وإن لم يكن (7) على سبيل الوجوب بأن جوز (8)
_________
(1) الأمر لغةً نقيض النهي، انظر لسان العرب 1/ 203، تاج العروس 6/ 31.
* نهاية 4/ب من " ب ".
(2) عرّف إمام الحرمين الأمر في البرهان 1/ 203 بقوله (الأمر هو القول المقتضي بنفسه طاعة المأمور بفعل المأمور به) ونقله الغزالي في المستصفى 1/ 411.
وعرّفه إمام الحرمين في التلخيص 1/ 242 بقوله (هو القول المتضمن اقتضاء الطاعة من المأمور لفعل المأمور به)، واعترض على هذا التعريف الإمامان الفخر الرازي والآمدي، انظر المحصول 1/ 2/19، الإحكام 2/ 140. وانظر تعريف الأمر اصطلاحاً في اللمع ص 64، التبصرة ص 17، قواطع الأدلة ص 95، نثر الورود 1/ 172، المنخول ص 102، فتح الغفّار 1/ 26، أصول السرخسي 1/ 11، شرح العضد 2/ 77، تيسير التحرير 1/ 337، التوضيح 1/ 149 - 150، معراج المنهاج 1/ 295، نثر الورود 1/ 172.
(3) في " ب " يسمى.
(4) في " هـ " و.
(5) في " ج " أعلى.
(6) أي إذا كان الاستدعاء من أدنى لمن هو أعلى منه يسمى سؤالاً أو دعاءً. انظر حاشية الدمياطي ص 9، شرح العبادي ص 78، الأنجم الزاهرات ص 116.
** نهاية 5/أمن " أ ".
(7) ورد في " ج " وإن لم يكن الاستدعاء.
(8) في " ج " جواز.
(1/103)
 
 
الترك فظاهره (1) أنه ليس بأمر أي (2) في الحقيقة (3).
وصيغته (4) الدالة عليه إفعل (5) نحو اضرب وأكرم واشرب، وهي عند الإطلاق والتجرد عن القرينة (6) الصارفة عن (7) طلب الفعل تحمل عليه أي على الوجوب (8)
_________
(1) في " ج " فظاهر.
(2) ليست في " ج ". ...
(3) أي أن ظاهر كلام إمام الحرمين يفيد أن الاستدعاء إن لم يكن على سبيل الوجوب فلا يعد ذلك أمراً، فيخرج الندب عن كونه مأموراً به وهذا قول الكرخي والجصاص والسرخسي وغيرهم.
وقال أكثر الأصوليين المندوب مأمور به، انظر تفصيل ذلك في التبصرة ص 36، المستصفى 1/ 75، فواتح الرحموت 1/ 111، تيسير التحرير 2/ 222، شرح العضد 2/ 5، كشف الأسرار 1/ 119، أصول السرخسي 1/ 14.
(4) في " هـ " والصيغة.
(5) قال الإسنوي (ويقوم مقامها - أي إفعل - اسم الفعل والمضارع المقرون باللام) شرح الإسنوي على المنهاج 1/ 254، وانظر التمهيد للإسنوي ص 266، الإبهاج 2/ 16، البحر المحيط 2/ 356، شرح العبادي ص 80، حاشية الدمياطي ص 9.
(6) قال الجرجاني (القرينة في اللغة فعيلة بمعنى الفاعلة مأخوذ من المقارنة، وفي الاصطلاح أمر يشير إلى المطلوب) التعريفات ص 93.
(7) في " هـ " على.
(8) هذا ما قرره إمام الحرمين هنا في الورقات وفي البرهان 1/ 216، وهو مذهب جمهور الأصوليين أي أنها تفيد الوجوب، وأما في التلخيص 1/ 244 فذكر إمام الحرمين أن صيغة إفعل مترددة بين الدلالة على الإلزام والندب والإباحة والتهديد.
انظر تفصيل ذلك في اللمع ص 26، المنخول ص 105، 134، الإحكام 2/ 144، المحصول 1/ 2/64، تيسير التحرير 1/ 341، مختصر ابن الحاجب 2/ 79، شرح الكوكب المنير 3/ 39، فتح الغفّار 1/ 31، وفي المسألة أقوال أخرى انظرها في المصادر السابقة.
(1/104)
 
 
نحو: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (1)، إلا ما دل الدليل (2) على أن المراد (3) منه الندب أو الإباحة [فيحمل عليه] (4) أي على الندب أو الإباحة.
مثال الندب {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (5)، ومثال الإباحة {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (6)، وقد أجمعوا (7) على عدم وجوب الكتابة (8) والاصطياد.
_________
(1) سورة البقرة الآية 43.
(2) قال الدمياطي (الاستثناء منقطع لأن ما دلّ الدليل على صرفه عن الوجوب ليس مجرداً) حاشية الدمياطي ص 9، وجوز صاحب التحقيقات أن يكون الاستثناء متصلاً إن خصّ الدليل بالمنفصل، لأن ما فيه القرينة المنفصلة داخل في المجرّد عن القرينة المتصلة. التحقيقات ص 187
(3) في " ج " الماد وهو خطأ.
(4) ما بين المعكوفين ليس في " ص، المطبوعة "، وهذه العبارة من متن الورقات كما في جميع نسخ الشرح وشرح العبادي، " ط "، " و". وهو الموافق لما في الأنجم الزاهرات والتحقيقات
(5) سورة النور الآية 33. والمكاتبة معاقدة عقد الكتابة وهي أن يتواضعا على بدل يعطيه العبد نجوماً في مدةً معلومة فيعتق به، طلبة الطلبة ص 161، تفسير القرطبي 12/ 244. والمكاتبة مندوبة كما قال الشارح وهو مذهب الجمهور، لأن القاعدة العامة في الشريعة أن المالك حرّ التصرف في ملكه.
(6) سورة المائدة الآية 2.
(7) دعوى الشارح الإجماع على عدم وجوب الكتابة فيها نظر فقد نقل القول في الوجوب عن عمر بن الخطاب وابن عباس واختاره الطبري وهو قول أهل الظاهر، انظر تفصيل ذلك في البرهان 1/ 261، الإحكام 2/ 142، المحلى 8/ 219 - 224، تفسير القرطبي 12/ 245.
(8) في " ج " الكتاب وهو خطأ.
(1/105)
 
 
[هل الأمر يقتضي التكرار؟]
ولا يقتضي التكرار على الصحيح (1)، لأن ما قصد به من تحصيل المأمور به (2) يتحقق بالمرة الواحدة، والأصل براءة الذمة مما زاد (3) عليها،
إلا إذا (4) دل الدليل على قصد التكرار، فيعمل به كالأمر بالصلوات الخمس (5)، والأمر بصوم رمضان (6).
ومقابل الصحيح أنه يقتضي التكرار (7)،
_________
(1) وهو اختيار إمام الحرمين في البرهان 1/ 299، وقد أخطأ من نسب إلى إمام الحرمين أنه اختار في البرهان التوقف، انظر تفصيل ذلك في التلخيص 1/ 299 - 300 الهامش، تفسير النصوص 2/ 291 - 293. ومذهب جمهور الأصوليين هو ما قرره إمام الحرمين هنا، انظر تفصيل ذلك في التبصرة ص 41، الإحكام 2/ 155، المحصول 1/ 2/162، أصول السرخسي 1/ 20، المستصفى 2/ 2، كشف الأسرار 1/ 123، تيسير التحرير 1/ 351.
(2) ليست في " ب ".
(3) في " ب " يزاد.
(4) في " المطبوعة " ما.
(5) كما في قوله تعالى (وأقيموا الصلاة) سورة البقرة الآية 43، فقد دلّ الدليل كحديث ليلة المعراج على تكرارها في كل يوم وليلة، انظر صحيح البخاري مع الفتح 2/ 6، حاشية الدمياطي ص 9.
(6) كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ... فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة الآيات 183 - 185، فقد دلّ الدليل على تكراره في كل رمضان من كل عام كما في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (صوموا لرؤيته ... ) رواه البخاري ومسلم، صحيح البخاري مع الفتح 5/ 25، صحيح مسلم بشرح النووي 3/ 155.
(7) وهذا قول جماعة من العلماء منهم الإمام أحمد في رواية وهو قول أكثر أصحابه كما نقله ابن النجّار، وهو قول أبي إسحاق الإسفرايني كما نقله عنه إمام الحرمين في البرهان والآمدي في الإحكام، ونسبه الغزالي في المنخول لأبي حنيفة والمعتزلة ونسبه القرافي إلى مالك وفي المسألة أقوال أخرى. انظر تفصيل ذلك في البرهان 1/ 224، الإحكام 2/ 155 المنخول ص 108، المسودة ص 5، شرح الكوكب المنير 3/ 43، المحصول 1/ 2/62، أصول السرخسي 1/ 20، البحر المحيط 2/ 385، فتح الغفّار 1/ 31، إرشاد الفحول ص 94، شرح العضد 2/ 79، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 376، المعتمد 1/ 57، شرح تنقيح الفصول ص 130، شرح مختصر الروضة 2/ 374 - 375، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/266، العدة 1/ 264.
(1/106)
 
 
فيستوعب (1) المأمور بالمطلوب ما يمكنه من زمان (2) العمر (3)، حيث (4) لا بيان لأمد المأمور به، لانتفاء مرجح (5) بعضه على بعض.
_________
(1) في " ب " فيستوهب وهو خطأ.
(2) في " ج " زمن.
(3) هذا احتراز عن أوقات الضرورة كالنوم والأكل وغيرهما، انظر حاشية الدمياطي ص 9.
(4) ليست في " ج ".
(5) في " ج " الراجح.
(1/107)
 
 
[هل الأمر يقتضي الفور أم لا؟]
ولا يقتضي الفور (1)، [لأن الغرض منه إيجاد الفعل من غير اختصاص بالزمان الأول دون الزمان الثاني] (2).
وقيل يقتضي الفور (3)، وعلى ذلك بني (4) قول من قال (5) يقتضي * التكرار.
_________
(1) وعلى هذا أكثر الأصوليين وصححه إمام الحرمين في التلخيص 1/ 324 إلا أن إمام الحرمين في البرهان على خلاف ذلك، حيث اختار الوقف إلا أن يقوم الدليل على ما أريد به من فور أو تراخي فقال (فذهب المقتصدون من الواقفية إلى أن من بادر في أول الوقت كان ممتثلاً قطعاً فإن أخر وأوقع الفعل المقتضي في آخر الوقت فلا يقطع بخروجه عن عهدة الخطاب، وهذا هو المختار عندنا) البرهان 1/ 232، وهو اختيار الغزالي في المنخول ص 111.
انظر تفصيل المسألة في التبصرة ص 52، المعتمد 1/ 120، الإبهاج 2/ 58، المحصول 1/ 2/189، التمهيد للإسنوي ص 287، أصول السرخسي 1/ 26، المسودة ص 34، تيسير التحرير 1/ 356 المستصفى 2/ 9، شرح الكوكب المنير 3/ 48، إرشاد الفحول ص 99، الإحكام 2/ 165، شرح تنقيح الفصول ص 129، العدة 1/ 282.
(2) ما بين المعكوفين ليس في " المطبوعة، ص " ولم يرد أيضاً في التحقيقات انظر ص 194.
(3) وهذا قول أبي الحسن الكرخي من الحنفية وبعض الشافعية كالصيرفي وأبي حامد ونقل عن الإمامين مالك وهو ظاهر كلام أحمد، ونسب كثير من الأصوليين هذا القول لأكثر الحنفية وفي ذلك نظر، بل هو مذهب أبي الحسن الكرخي فقط، وفي المسألة أقوال أخرى. انظر تفصيل ذلك في أصول السرخسي 1/ 26، المغني للخبازي ص 40، كشف الأسرار 1/ 254، تيسير التحرير 1/ 356، شرح تنقيح الفصول ص 128، العدة 1/ 281، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/295، الوصول إلى الأصول 1/ 148، تفسير النصوص 2/ 346 فما بعدها.
(4) ليست في " ب "، وفي " ج " جرى، وفي " هـ " يحمل.
(5) في " هـ " يقول، وورد في " ب، ج " إنه.
* نهاية 5/ب من " أ ".
(1/108)
 
 
[ما لا يتم الواجب إلا به]
والأمر بإيجاد الفعل أمر به وبما لا يتم (1) الفعل إلا به (2)، كالأمر (3) بالصلاة (4) أمر بالطهارة المؤدية إليها، فإن الصلاة * لا تصح بدون (5) الطهارة (6).
_________
(1) ورد في " و" ذلك.
(2) هذه المسألة المعروفة عند الأصوليين بمقدمة الواجب ويقولون ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب.
ومقدمة الواجب تنقسم إلى قسمين:
مقدمة وجوب وتسمى مقدمة تكليف وهي ما يتوقف وجوب الواجب عليه سواء كانت سبباً أو شرطاً مثال السبب دخول الوقت للصلاة ومثال الثاني الاستطاعة للحج.
ومقدمة وجود وتسمى مقدمة صحة وهي ما يتوقف وجود الواجب عليه مثل الوضوء بالنسبة للصلاة.
ومقدمة الوجوب تحصيلها ليس واجباً على المكلف أما مقدمة الوجود فتحصيلها واجب على المكلف إن كانت تحت مقدوره كالوضوء بالنسبة للصلاة.
وأما إن لم تكن تحت قدرته فليست واجبة عليه كحضور أربعين لصحة الجمعة عند من يشترط ذلك العدد. وخلاف الأصوليين في مقدمة الوجود فقط. انظر تفصيل الكلام على مقدمة الواجب في البرهان 1/ 257، التلخيص 1/ 290، المستصفى 1/ 71، الإحكام 1/ 110، تيسير التحرير 2/ 215، الإبهاج 1/ 109، شرح تنقيح الفصول ص 160، شرح العضد 1/ 244، شرح الكوكب المنير 1/ 358، المسودة ص 60، التحقيقات ص 196 - 200، الأنجم الزاهرات ص 122، العدة 2/ 419، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/398، أصول الفقه للزحيلي 1/ 67، الحكم التكليفي ص 141.
(3) في " ج " كأمر.
(4) في " المطبوعة " فإنه.
* نهاية 4/أمن " ج ".
(5) في " هـ " بدونها.
(6) ليست في " هـ ".
(1/109)
 
 
[خروج المأمور عن عهدة الأمر]
وإذا فُعِلَ بالبناء للمفعول، أي المأمور به (1)، يخرج المأمور عن العهدة (2)، أي عهدة الأمر. ويتصف الفعل بالإجزاء (3).
_________
(1) ليست في " هـ ".
(2) في " و" عن عهدة الأمر.
(3) الإجزاء عند الأصوليين يعني أمرين الأول امتثال المكلف للأمر بالإتيان به على الوجه الذي أمر به الشارع، والثاني سقوط القضاء.
وقد اتفق الأصوليون على أن المكلف إن فعل ما أمر به على الوجه الصحيح تحقق الإجزاء.
ووقع الخلاف في الإجزاء بالمعنى الثاني، فما قرره إمام الحرمين هو مذهب جمهور الأصوليين، وفي المسألة قول آخر وهو أن فعل الأمر لا يدل على سقوط القضاء ولا بد من دليل آخر وهو قول القاضي عبد الجبار ومن تابعه من المعتزلة، انظر تفصيل المسألة في البرهان 1/ 255، التلخيص 1/ 376، الإحكام 2/ 175، اللمع ص 85، المستصفى 2/ 12، المحصول 1/ 2/414، المعتمد 1/ 99، شرح العضد 2/ 90، المنخول 1/ 117، المحصول 1/ 2/414، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/393، العدة 1/ 300، مفتاح الوصول ص 397، المسودة ص 27. ...
(1/110)
 
 
[الذي يدخل في الأمر والنهي وما لا يدخل]
الذي يدخل في الأمر والنهي [وما لا يدخل] (1) هذه ترجمة. يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون (2)، وسيأتي الكلام (3) في الكفار. (4) والساهي (5) ...
_________
(1) ما بين المعكوفين ليس في " هـ "، وورد في " المطبوعة " (تنبيه من يدخل في الأمر والنهي ومن لا يدخل).
(2) والمؤمنات أيضاً، والمقصود بالمؤمنين والمؤمنات البالغون العاقلون منهم وهذا باتفاق العلماء، انظر التحقيقات ص 205.
(3) ليست في " ج ".
(4) في " المطبوعة " وأما.
(5) الساهي أصله السهو والسهوة وهو نسيان الشيء والغفلة عنه وذهاب القلب عنه إلى غيره كما قال ابن منظور في لسان العرب 6/ 414.
والسهو والغفلة والنسيان بمعنى واحد عند كثير من العلماء. انظر شرح الكوكب المنير 1/ 77. وقال الباجي (والسهو الذهول، معنى السهو أن لا يكون الساهي ذاكراً لما نسي وهو على قسمين: أحدهما أن يتقدمه ذكر ثم يعدم الذكر فهذا يصح أن يسمى سهواً ويصح أن يسمى نسياناً. والقسم الثاني لا يتقدمه ذكر فهذا لا يصح أن يوصف بالنسيان وإنما يوصف بالسهو والذهول) الحدود ص 30 - 31.
وانظر تفصيل الكلام في أن الساهي غير مكلف في البرهان 1/ 15، التلخيص 1/ 139، كشف الأسرار 4/ 276، التوضيح 2/ 176، المغني للخبازي ص 373، المرآة ص 329، بيان معاني البديع 1/ 2/810، فتح الغفّار 3/ 88، المستصفى 1/ 84، التمهيد للإسنوي ص 112.
(1/111)
 
 
والصبي (1) والمجنون (2)، غير (3) داخلين في الخطاب، * لانتفاء التكليف عنهم (4). ويؤمر الساهي بعد ذهاب السهو عنه بجبر خلل السهو، كقضاء ما فاته من الصلاة، (5) وضمان ما أتلفه من المال (6).
_________
(1) انظر تفصيل الكلام على أن الصغير غير مكلّف في التلخيص 1/ 144، أصول السرخسي 2/ 341، كشف الأسرار 4/ 271، التوضيح 2/ 168، شرح الكوكب المنير 1/ 499، المرآة ص 328، المغني للخبازي ص 371، فتح الغفّار 3/ 85، التقرير والتحبير 2/ 172.
(2) الجنون من عوارض الأهلية السماوية وهو معنى يقتضي انعدام آثار العقل وتعطيل أفعاله وهو قسمان: أصلي وعارض، انظر تفصيل الكلام على ذلك في بيان معاني البديع 1/ 2/800، كشف الأسرار 4/ 264، التوضيح 2/ 167، تيسير التحرير 2/ 259، المرآة ص 326، مباحث الحكم عند الأصوليين ص 276، أصول الفقه لأبي زهرة ص 339.
(3) ورد في " المطبوعة " فهم غير.
* نهاية 5/أمن " ب ".
(4) أي لانتفاء شرط التكليف وهو العقل والفهم ولارتفاع قلم التكليف عنهم، انظر الأنجم الزاهرات ص 126.
(5) في " ج " الصلوات.
(6) هذا جواب على اعتراض بأن الساهي لو لم يكن مكلفاً لما وجب عليه سجود السهو ودفع قيمة ما أتلفه، فأجاب الشارح بأن سجود السهو وضمان ما أتلف لا يكون حال السهو وإنما بعد ذهاب حال السهو فإنه حينئذ يكون مكلفاً، انظر الأنجم الزاهرات ص 126، التحقيقات ص 206. ...
(1/112)
 
 
[هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟]
والكفار مخاطبون بفروع الشرائع (1) وبما لا تصح (2) إلا به وهو الإسلام (3) لقوله تعالى [حكاية عن الكفار] (4)
{ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (5) وفائدة خطابهم بها عقابهم عليها إذ (6) لا تصح منهم (7) ...
_________
(1) في " المطبوعة " الشريعة.
(2) ورد في " و" الشرائع.
(3) وهذا مذهب جمهور الأصوليين، ونقل عن الإمامين الشافعي ومالك وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول جماعة من الحنفية منهم الكرخي والجصاص وهو مذهب المعتزلة أيضاً وفي المسألة أقوال أخرى منها:
- أنهم غير مكلفين وهو قول أكثر الحنفية.
- أنهم مكلفون بالمنهيات دون المأمورات، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو قول بعض الحنفية - أنهم مكلفون بالمأمورات دون المنهيات.
انظر تفصيل المسألة في البرهان 1/ 107، التلخيص 1/ 386، المستصفى 1/ 91، المعتمد 1/ 294، الإحكام 1/ 144، التبصرة ص 80، شرح العضد 2/ 12، كشف الأسرار 4/ 243، فواتح الرحموت 1/ 128، أصول السرخسي 1/ 73، التوضيح 1/ 213، تيسير التحرير 2/ 148، المحصول 1/ 2/400، التمهيد للإسنوي ص 127، شرح تنقيح الفصول ص 166، شرح الكوكب المنير 1/ 504، بيان معاني البديع 1/ 2/754، مرآة الأصول ص 74، الضياء اللامع 1/ 368، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/376، المسودة ص 46.
(4) ما بين المعكوفين ليس في " أ، ب ".
(5) سورة المدثر الآيتان 42 - 43.
(6) في " ج " إذا وهو خطأ.
(7) ورد في " هـ " في.
(1/113)
 
 
حال الكفر لتوقفها (1) على النية المتوقفة على الإسلام ولا يؤاخذون بها بعد الإسلام ترغيباً فيه (2).
_________
(1) في " ج " لتواقفها وهو خطأ.
(2) أي أن الكفار الأصليين - من عدا المرتد - إذا أسلموا لا يؤاخذون بالتكاليف التي تركوها قبل دخولهم في الإسلام، لأن الإسلام يجب ما قبله، وترغيباً لهم في دخول الإسلام، انظر حاشية الدمياطي ص 10.
(1/114)
 
 
[هل الأمر بالشيء نهي عن ضده؟]
والأمر بالشيء نهي عن ضده (1).
 
[النهي عن الشي أمر بضده]
والنهي عن الشيء أمر بضده (2)،
_________
(1) هذا ما قرره إمام الحرمين هنا في الورقات، وأما في البرهان 1/ 252 فقد قال (إن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن أضداده).
وما ذكره إمام الحرمين هنا هو مذهب أكثر الأصوليين وبه قال أتباع المذاهب الأربعة.
وفي المسألة أقوال أخرى، انظر تفصيل ذلك في التلخيص 1/ 411، التبصرة ص89، المستصفى 1/ 52، المنخول ص 114، أصول السرخسي 1/ 94، المحصول1/ 2/334، تيسير التحرير 1/ 363، البحر المحيط 2/ 416، الإحكام 2/ 170، فواتح الرحموت 1/ 97، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 386، شرح الكوكب المنير 1/ 51، المسودة ص 51، المرآة ص 81، التمهيد لأبي الخطاب 1/ 1/406، إرشاد الفحول ص 101.
(2) ذهب إمام الحرمين في البرهان إلى خلاف ما قرره هنا في الورقات بأن النهي عن الشيء أمر بضده، وأما في البرهان 1/ 254 - 255 فقال (فأما من قال النهي عن الشيء أمر بأحد أضداد المنهي عنه فقد اقتحم أمراً عظيماً، وباح بالتزام مذهب الكعبي في نفي الإباحة ... ومن قال الأمر بالشي نهي عن الأضداد أو متضمن للنهي عن الأضداد وليس النهي عن الشيء أمراً بأحد الأضداد - من حيث تفطن لغائلة الكعبي - فقد تناقض كلامه، فإنه كما يستحيل الإقدام على المأمور به دون الانكفاف عن أضداده، فيستحيل الانكفاف عن المنهي عنه دون الاتصاف بأحد الأضداد، ولا يمتنع وجوب شيء من أشياء فهذا نجاز المسألة).
وفي المسألة أقوال أخرى انظر المعتمد 1/ 108، شرح العضد 2/ 85، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 388، أصول السرخسي 1/ 94 - 96، شرح الكوكب المنير 3/ 54،
شرح تنقيح الفصول ص 135، فواتح الرحموت 1/ 97، تيسير التحرير 2/ 363، إرشاد الفحول ص 102.
(1/115)
 
 
فإذا قال له (1): اسكن كان ناهياً له (2) عن التحرك، أو لا تتحرك، كان آمراً له بالسكون.
 
[تعريف النهي]
والنهي استدعاء [أي طلب] (3) الترك بالقول (4) ممن هو دونه على سبيل الوجوب (5)، على وزان ما تقدم في حد الأمر.
_________
(1) ليست في " ج ".
(2) ليست في " أ ".
(3) ما بين المعكوفين ليس في " أ ".
(4) في " ج " لقول وهو خطأ.
(5) انظر تعريف النهي اصطلاحاً في اللمع ص 85، المستصفى 1/ 411، شرح العضد 2/ 94، أصول السرخسي 1/ 278، كشف الأسرار 1/ 256، الإحكام 2/ 187، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 390، فواتح الرحموت 1/ 395، شرح الكوكب المنير 3/ 77، فتح الغفّار 1/ 77، الإبهاج 2/ 66، نهاية الوصول 2/ 415، مفتاح الوصول ص 412.
(1/116)
 
 
[النهي يدل على فساد المنهي عنه]
ويدل النهي المطلق شرعاً على فساد المنهي عنه (1) في العبادات، سواء نهي (2) عنها لعينها [كصلاة الحائض (3) وصومها (4) أو لأمر لازم لها
كصوم
_________
(1) هذا مذهب جماهير الفقهاء والأصوليين من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وأهل الظاهر، وبه قال بعض المتكلمين. وعند عامة المتكلمين لا يقتضي النهي الفساد، واختاره إمام الحرمين في التلخيص 1/ 502 وفي البرهان 1/ 283، وفي المسألة أقوال أخرى انظر تفصيل ذلك في التبصرة ص 100، المعتمد 1/ 84، تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد ص 285، المحصول 1/ 2/486، المستصفى 2/ 24، أصول السرخسي 1/ 80، تيسير التحرير 1/ 376، الإحكام 2/ 188، المسودة ص 80، فواتح الرحموت 1/ 396، إرشاد الفحول ص 95، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 393، كشف الأسرار 1/ 257، المنخول ص 126، 205، شرح العبادي ص 93، التمهيد للإسنوي ص 292، الأنجم الزاهرات ص 132، التحقيقات ص 214، مفتاح الوصول ص 418.
(2) في " هـ " أنهي.
(3) روى البخاري بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فسألت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: (ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ... ) صحيح البخاري مع الفتح 1/ 437، ورواه مسلم أيضاً، صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 16.
(4) وردت أحاديث كثيرة في أن الحائض لا تصوم وإنما تقضي الصوم فمن ذلك ما رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وفيه ( ... أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) صحيح البخاري مع الفتح 1/ 422، وروى مسلم من حديث معاذة عن عائشة ( ... قد كنَّ نساء رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحضن فأمرهن أن يجزين) أي يقضين، صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 24، وغير ذلك من الأحاديث.
(1/117)
 
 
يوم النحر (1) والصلاة في الأوقات المكروهة (2).
وفي المعاملات إن رجع (3) إلى نفس العقد كما في بيع الحصاة (4).
أو لأمر داخل (5) فيه (6) كبيع الملاقيح (7).
_________
(1) ومثله صوم يوم الفطر ففي الحديث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر) صحيح البخاري مع الفتح 5/ 144، صحيح مسلم بشرح النووي 3/ 208
(2) كالصلاة بعد الفجر وبعد العصر كما ثبت في الحديث عن أبي هريرة أن النبي ... - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس) روه البخاري، صحيح البخاري مع الفتح 2/ 200، وروى مسلم بإسناده عن عقبة بن عامر ... - رضي الله عنه - قال
(ثلاث ساعات كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيَف - أي تميل - للغروب حتى تغرب) صحيح مسلم بشرح النووي 2/ 433، وانظر مفتاح الوصول ص 421، الفروق 2/ 183، التمهيد للإسنوي ص 294.
(3) في " هـ " يرجع.
(4) روى مسلم بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال (نهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر) قال الإمام النووي (أما بيع الحصاة ففيه ثلاث تأويلات: أحدها أن يقول: بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة، والثاني أن يقول: بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي بهذه الحصاة، والثالث أن يجعلا نفس الرمي بالحصاة بيعاً فيقول: إذا رميت هذا الثوب بالحصاة فهو مبيع منك بكذا) صحيح مسلم مع شرح النووي 4/ 121.
(5) في " هـ " دخل.
(6) في " هـ " فيها.
(7) وهو بيع ما في بطون الأمهات، روى مالك عن سعيد بن المسيب أنه قال (لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة) وفسر مالك الملاقيح بأنه بيع ما في ظهور الجمال، الموطأ 2/ 507، وانظر الاستذكار 20/ 96 - 100، ورواه البيهقي عن سعيد مرسلاً أيضاً، سنن البيهقي 5/ 341.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة) رواه الطبراني في الكبير وهو حديث ضعيف. ومثله عن أبي هريرة رواه البزار وهو ضعيف كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 104، إلا أن الشيخ الألباني صحح الرواية عن ابن عباس في صحيح الجامع الصغير 2/ 1166.
(1/118)
 
 
أو لأمر خارج عنه لازم له كما في بيع درهم بدرهمين، فإن كان غير لازم له (1)، كالوضوء بالماء المغصوب مثلاً، وكالبيع وقت نداء الجمعة (2) لم يدل على الفساد خلافاً لما يفهمه كلام المصنف (3)] (4).
_________
(1) ليست في " هـ ".
(2) كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة الجمعة الآية 9، وانظر العدة 2/ 441، مفتاح الوصول ص 442، التمهيد للإسنوي ص 294.
(3) وذلك لأن كلام إمام الحرمين يدل على أن النهي يدل على فساد المنهي عنه مطلقاً، ومذهب الشافعية والحنفية أن النهي هنا لا يدل على الفساد وخالفهم المالكية في المشهور عندهم والحنابلة وأهل الظاهر، فقالوا النهي يدل على الفساد فالبيع وقت النداء غير صحيح، انظر أصول السرخسي 1/ 81 المسودة ص 83، الاختيار 2/ 26، أحكام القرآن لابن العربي 4/ 1805، شرح تنقيح الفصول ص 173.
(4) ما بين المعكوفين ساقط من " ج ".
(1/119)
 
 
[معاني صيغة الأمر]
وترد [أي توجد] (1) صيغة الأمر * والمراد به أي بالأمر الإباحة (2) كما تقدم (3).
أو (4) التهديد (5) نحو {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (6).
أو التسوية (7) نحو (8) {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} (9).
_________
(1) ما بين المعكوفين ليس في " أ، ج ".
* نهاية 6/أمن " أ ".
(2) انظر تفصيل ذلك في التلخيص 1/ 261، التمهيد للإسنوي ص 266، أصول السرخسي 1/ 14، كشف الأسرار 1/ 107، المحصول 1/ 2/95، المعتمد 1/ 49، المستصفى 1/ 417، الإحكام 2/ 142، فواتح الرحموت 1/ 372، المنخول ص 132، التحقيقات ص 220، الأنجم الزاهرات ص 133، شرح الكوكب المنير 3/ 17 فما بعدها.
(3) سبق في كلام المصنف والشارح أن صيغة الأمر ترد للندب، انظر ص
(4) في " ج " و.
(5) بعض الأصوليين سماه التقريع، وبعضهم سماه التوبيخ، انظر التوضيح 1/ 152، أصول السرخسي 1/ 14، كشف الأسرار 1/ 107، الإحكام 2/ 143 التبصرة ص 20، المحصول 1/ 2/59، التحقيقات ص 220، المنخول ص 133، شرح الكوكب المنير 3/ 23.
(6) سورة فصلت الآية 40.
(7) أي التسوية بين شيئين، انظر البرهان 1/ 315، المستصفى 1/ 418، كشف الأسرار 1/ 107، الإحكام 2/ 143، المنخول ص 133، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 374، المحصول 1/ 2/60، فواتح الرحموت 1/ 372، شرح الكوكب المنير 3/ 27.
(8) ليست في " أ ".
(9) سورة الطور الآية 16.
(1/120)
 
 
أو (1) التكوين (2) نحو {كُونُوا قِرَدَةً} (3).
_________
(1) في " ب " و. ...
(2) وسماه بعض الأصوليين التسخير، وبعضهم سماه كمال القدرة، انظر فواتح الرحموت 1/ 372، المحصول 1/ 2/61، المستصفى 1/ 418، الإحكام 2/ 143، التبصرة ص 20، كشف الأسرار 1/ 107.
(3) سورة البقرة الآية 65.
وقد اكتفى المصنف والشارح بذكر أربع معان لصيغة الأمر وهنالك صيغ أخرى كثيرة أوصلها بعض الأصوليين إلى خمس وثلاثين معنى ومعظمها كالمتداخل كما قال الغزالي في المستصفى 1/ 419، ومنها الإكرام والامتنان والدعاء والتسوية والاحتقار وغيرها، وانظر شرح الكوكب المنير 3/ 17 - 38، إرشاد الفحول ص 97، المحصول 1/ 2/57 - 61. كما أن المصنف والشارح لم يذكرا معاني صيغة النهي وقد استدركها على المصنف المارديني في الأنجم الزاهرات ص 135 - 136، وابن قاوان في التحقيقات ص 222 - 224.
(1/121)
 
 
[تعريف العام]
وأما العام (1) فهو ما عم شيئين فصاعداً من غير حصر (2)،
من قوله عممت زيداً وعمراً بالعطاء، وعممت جميع الناس بالعطاء أي شملتهم به، ففي العام شمول (3).
_________
(1) العام في اللغة من عمَّ وهو بمعنى الشمول، يقال عمَّهم الأمر يعمهم عموماً شملهم، ويقال عمَّهم بالعطية أي شملهم، انظر لسان العرب 9/ 406، تاج العروس 17/ 507، المصباح المنير 2/ 430.
وأما تعريف العامّ اصطلاحاً فقد عرّفه إمام الحرمين في التلخيص 2/ 5 بقوله (العام هو القول المشتمل على شيئين فصاعداً)، وهذا قريب من تعريفه المذكور هنا في الورقات، وانظر اللمع ص 87، الحدود ص 44، المعتمد 1/ 203، الإحكام 2/ 195، المحصول 1/ 2/513، أصول السرخسي 1/ 125، المستصفى 2/ 32، المسودة ص 574، شرح الكوكب المنير 3/ 101، إرشاد الفحول ص 112، فواتح الرحموت 1/ 255، شرح العضد 2/ 99، شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 398، مفتاح الوصول ص 486.
(2) قول الشارح (من غير حصر) احتراز عن أسماء العدد كمئة وألف، فإنها عمّت شيئين فصاعداً لكن مع الحصر، انظر شرح العبادي ص 99، التحقيقات ص 225.
(3) أي أن للعموم شمول استغراقي.
(1/122)
 
 
[صيغ العموم]
وألفاظه (1) الموضوعة له أربعة (2): الاسم الواحد المعرف بالألف (3) واللام (4)، نحو {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَءَامَنُوا} (5).
واسم الجمع ال