عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020
الأنساك ثلاثة، وأفضلها القران لمن ساق الهدي؛ لأنه حجة النبي – ﷺ -، يليه التمتع؛ لأمره – ﷺ – الصحابة به، ثم الإفراد.
وللقارن والمفرد تغيير النسك إلى تمتع، ولو بعد الطواف والسعي، وللمعتمر أن يدخل الحج على العمرة قبل أن يبدأ الطواف، والمرأة إذا حاضت بعد الإحرام بالعمرة، وخشيت فوات الحج، أدخلت الحج على العمرة؛ لتصبح قارنة.
وليس للمتمتع والقارن التحول إلى الإفراد.
وعند الميقات: تفعل كما سبق في صفة العمرة، ثم تلبي بنسك من هذه الأنساك الثلاثة، فإن نويت التمتع، فقل: (لبيك عمرة)، وإن نويت القران، فقل: (لبيك عمرة وحجا)، وإن نويت الإفراد، فقل: (لبيك حجا)، وإن كنت نائبا، فانو بقلبك، ويستحب أن تقول: لبيك – وتسمي النسك – عن فلان.
والمتمتع يأتي بالعمرة كاملة، وقد تقدمت كيفيتها، ويتحلل الحل كله، فتباح له جميع محظورات الإحرام.
والقارن والمفرد إن شاءا لم يذهبا للطواف والسعي، ويأتيان بهما بعد رمي الجمرة الكبرى.
وإن شاءا قدما السعي عند وصولهما مكة، لكن يطوفان طواف القدوم أولا، ويسن فيه الاضطباع والرمل، ثم يسعيان؛ لأن السعي لا بد أن يتقدمه طواف، ولا يحلق القارن والمفرد، فإن حلقا تحول الإحرام إلى عمرة، وأصبح الحج تمتعا، أو يكفر بفدية، ولهما تحويل الحج إلى عمرة، ثم يحرمان بالحج، إلا من كان معه هدي، فلا يحل حتى يذبح هديه.
وفي اليوم الثامن (التروية) ضحى، تحرم بالحج من مكانك الذي أنت نازل فيه، وتصنع كما صنعت في الميقات، إن كنت متمتعا، وتهل بالحج، “لبيك حجا”، وتصلي بمنى الصلوات الخمس في أوقاتها قصرا دون جمع، فإذا أصبحت اليوم التاسع، وطلعت الشمس، فاذهب إلى عرفة ملبيا ومكبرا، واجمع فيها العصر مع الظهر قصرا، بأذان واحد وإقامتين، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وموقف النبي – ﷺ – عند الصخرات، أسفل جبل الرحمة.
واجتهد في الدعاء؛ لأفضلية دعاء يوم عرفة، وارفع يديك، والأفضل أن تكون متوجها إلى القبلة، راكبا إن تيسر. ولتكثر من قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
فإذا غربت الشمس فادفع إلى المزدلفة بسكينة، والحج عرفة، فلا بد من الوقوف بها ولو قليلا، ليلا أو نهارا، فإذا وصلت مزدلفة جمعت العشاء والمغرب، ومن شهد صلاة الفجر بمزدلفة في أول وقتها، أدرك مزدلفة، وإذا صليت الفجر فاذكر الله حتى تسفر، والأفضل عند المشعر الحرام، وهو جبل صغير، عليه المسجد المبني الآن.
وقبيل طلوع الشمس، انطلق إلى منى ملبيا، وبعد طلوع الشمس، استقبل جمرة العقبة، جاعلا القبلة عن يسارك، ومنى عن يمينك، واقطع التلبية، وارم الجمرة بسبع حصيات كحصى الخذف، بقدر الحمصة، ولو قد رمي بها، والمطلوب أن يغلب الظن بأنها وقعت في المرمى، وقل مع كل حصاة: “الله أكبر”.
والضعفة لهم أن ينفروا من المزدلفة بعد منتصف الليل، وقيل أكثره، فيرموا الجمرة حال وصولهم.
ثم انحر الهدي في الحرم، منى أو مكة، وهو واجب على المتمتع والقارن، ويستحب للمفرد، ويسن الأكل منه، ومن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج؛ أيام التشريق، وسبعة إذا رجع، وأهل مكة لا هدي عليهم.
ثم احلق شعرك أو قصره، والحلق أفضل، وتقصر المرأة قدر أنملة، وبالرمي والحلق يحصل التحلل الأول، ثم تتطيب استحبابا، وتتوضأ وجوبا؛ لتطوف طواف الإفاضة – سواء كنت متمتعا، أو قارنا، أو مفردا – وهو ركن، وتسعى سعي الحج، إن كنت متمتعا، أو كنت قارنا، أو مفردا، ولم تسع مع طواف القدوم، ويستحب للسعي الطهارة.
وأعمال يوم العيد يسن ترتيبها، وإن قدمت بعضها على بعض؛ فلا حرج.
ثم ترجع إلى منى؛ لتبيت بها وجوبا، إلا أن لا تجد فيها مكانا، فتبيت خارجها، فإذا أصبحت يوم الحادي عشر رميت بعد الظهر، والرمي بالنهار أولى من الليل، وترمي الجمرات الثلاث؛ الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى، كل واحدة بسبع حصيات، قائلا: “الله أكبر”، واستحبوا أن تكون الجمرة الصغرى والوسطى بينك وبين القبلة.
ويسن أن تتقدم بعد أن ترمي الأولى، وتقف لتدعو طويلا، رافعا يديك، مستقبل القبلة، ثم ترمي الوسطى كذلك، وتتقدم آخذا ذات الشمال، وتقف لتدعو على نحو ما سبق، ثم ترمي الكبرى، جاعلا منى عن يمينك، والقبلة عن شمالك، ولا دعاء عندها.
ثم تبيت في منى، فإذا أصبحت اليوم الثاني عشر، رميت بعد الزوال على النحو السابق، ثم إن شئت التعجل، خرجت من منى قبل غروب الشمس، فإن غربت عليك وأنت في منى، وجب عليك المبيت، إلا أن يمنعك من الخروج قبل الغروب عذر كالزحام، وإلا تأخرت كما تأخر النبي – ﷺ -، فتبيت بمنى ليلة الثالث عشر، فإذا زالت الشمس رميت الجمرات الثلاث على نحو ما تقدم، ولا بأس أن تؤخر الرمي إلى آخر يوم؛ لعذر شرعي، كالمرض والمشقة البالغة، فترتب رمي الأيام؛ تبدأ برمي أول يوم، ثم تعود لترمي لليوم الثاني، ثم للثالث.
وتأخير الرمي إلى الليل، أو جمعه في آخر يوم، ثم الرمي بلا ضرر؛ أولى من التوكيل، ولا ينوب في الرمي إلا من كان حاجا العام نفسه، فيرمي عن نفسه الجمرات الثلاث، ثم يرمي عمن وكله، فإن شق ذلك عليه، بدأ بنفسه فرمى الصغرى، ثم رمى عمن وكله، وفعل كذلك في الوسطى والكبرى.
فإذا عزمت على السفر فوادع وجوبا بالطواف سبعة أشواط.
واعلم أن الرمل والاضطباع إنما هو في طواف العمرة وطواف القدوم.
وأن كل طواف بعده ركعتان.
وليس على الحائض والنفساء طواف وداع.
ومن أخر طواف الإفاضة كفاه عن طواف الوداع، ولو سعى بعده.
وأن أهل مكة في الجمع والقصر في الحج مثل الآفاقيين، على قول من قال: إن سبب ذلك النسك، لا على قول من قال: إن سببه السفر.
والله أعلم.
بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله