عدد الزوار 255 التاريخ 15/08/2020
قال الله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر علىٰ غيبه أحدا * إلا من ارتضىٰ من رسول).
فكل مدع لعلم الغيب، أو مدعيه على الإطلاق لملك أو لنبي أو لولي؛ فقد خرج من حظيرة الإسلام.
لقد أبطلت الآية زعم من يدعي معرفة الغيب، كالكاهن والعراف والمنجم، ومن يدعيه عن طريق الأبراج والكف والفنجان والخط وغير ذلك.
قال قتادة: إن ناسا جهلة بأمر الله، قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة: من أعرس بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا. ومن ولد بنجم كذا وكذا، كان كذا وكذا. وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب. رواه ابن أبي حاتم.
أما معرفة المخفي، والذي أعلم الله أحدا من خلقه به، فقد يعرف ببعض الطرق والوسائل. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان، فقال: «ليس بشيء، فقالوا يا رسول الله، إنهم يحدثونا أحيانا بشيء فيكون حقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الكلمة من الحق يخطفها من الجني، فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة». متفق عليه.
قال الله تعالى: (ولٰكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر).
وثبت عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ «من سحر فقد أشرك». رواه النسائي.
وبإسناد قد جود عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة؟، فقال: هي من عمل الشيطان”. رواه أحمد وأبو داود، والنشرة حل السحر بسحر مثله.
وقال تعالى: (يؤمنون بالجبت والطاغوت). قال مجاهد: “الجبت”: السحر، و”الطاغوت”: الشيطان والكاهن.
وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة». رواه مسلم.
وعن أبي هريرة: “من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”. رواه أصحاب السنن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وجوده ابن حجر. وبإسناد قد جود عن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعا: “ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له؛ ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”. رواه البزار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا عدوى (أي بنفسها)، ولا طيرة ولا هامة ولا صفر”. متفق عليه. زاد مسلم: “ولا نوء ولا غول”. نهى عن اعتقادات أهل الجاهلية وتشاؤمهم.
وعن قبيصة مرفوعا: (إن العيافة، والطرق، والطيرة من الجبت). رواه أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان.
قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط بالأرض. وثبت عن ابن مسعود مرفوعا: «الطيرة من الشرك». رواه الترمذي وصححه، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه.
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن، وذكر: “الاستسقاء بالنجوم”. رواه مسلم.
وعن زيد بن خالد في الحديث القدسي، قال الله: “من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب”. متفق عليه.
وثبت عن ابن عباس مرفوعا: “من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد”. رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه.
قال الله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولٰئك هم الكافرون)، و(فأولٰئك هم الظالمون)، و(فأولٰئك هم الفاسقون). يطلق على من استبدل أحكام الشريعة بغيرها أنه كافر وظالم وفاسق، ومن فعل ذلك في القضايا المعدودة عن ظلم وهوى وطمع، فهو كفر أصغر، ليس بكفر ينقل عن الملة، يقال فيه: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.
ومن اعتقد أن أحكام الشريعة أو بعضها لا تصلح لهذا العصر، أو أن غيرها أفضل وأنسب، أو استباح الحكم بغير ما أنزل الله؛ فذلك الكفر.
والحكم على المعين بالكفر مرجعه إلى أهل العلم، فهم الذين يعرفون هل هذه المعصية من نواقض الإسلام أم لا، وهل توفرت في المعين شروط التكفير أم لا، وهل انتفت عنه موانع التكفير، كالجهل والإكراه أم لا.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما». متفق عليه.
قال الله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)، وقال تعالى: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه).
للتوحيد واجبات ومكملات ومضادات ونواقض، فمن تلك الواجبات: البراءة من الشرك وأهله، ومن تلك النواقض: موالاة الكافرين ومظاهرتهم على المسلمين.
وعن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله». رواه أبو داود. قال العلقمي: إسناده حسن.
وعن جرير بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين». رواه أبو داود والترمذي والنسائي موصولا ومرسلا، وقد صحح.
وعن مجاهد: (وجعلها كلمة باقية في عقبه)؛ قال: لا إله إلا الله.
بقلم فضيلة الشيخ المحدث: علي بن عبد الله النمي حفظه الله